الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سباق دولي على عدن.. ما الذي يريده الروس من عدن؟

عكست الزيارات الاخيرة التي قام بها سفراء امريكا وروسيا الى مدينة عدن حجم تزايد الصراع السياسي الكبير بين الدول الكبرى في منطقة مضيق باب المندب وجنوب اليمن.
ولسنوات طويلة ظلت جنوب اليمن واحدة من ابرز المناطق الهامة التي اثارت صراعا سياسيا كبيرا بين الدول الكبرى .
اكد السفير الامريكي خلال زيارته الى عدن وهي ربما الاول منذ عامين تأكيده على وحدة البلاد في اليمن ووجود تسوية سياسية شاملة في حين اكد السفير الروسي على ضرورة وجود تسوية سياسية يمنية شاملة.
وعلى خلاف السفير الامريكي اشار الروسي للقضية الجنوبية بالاسم وتعمد ذكر جنوب اليمن اكثر من مرة .
يبدو واضحا ان ثمة تنافس دولي سيعود الى الواجهة مجددا في اليمن عبر ملفات سياسية دولية ، روسيا التي يبدو انها انجزت مهمتها السياسية والعسكرية في روسيا في طريقها الى اليمن للتباحث حول ملفات سياسية هامة وايجاد موطئ قدم لها هناك .
قبل يوم من زيارة فلاديمير ديدوشكين الى عدن كان عيدروس الزبيدي وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي قد التقى بنائب وزير الخارجية الروسية في موسكو.
ورغم ان موسكو لم تقل شيئا جديدا فيما يخص النزاع السياسي والعسكري في اليمن الا ان حضورها النوعي الجديد في عدن ربما يعكس رغبة روسية جديدة لايجاد موطئ قدم لها في جنوب اليمن .
بعد يوم واحد من زيارة السفير الروسي لدى اليمن، فلاديمير ديدوشكين، مدينة عدن التي تصفها الحكومة اليمنية الشرعية ب"العاصمة المؤقتة"، توجّه السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تولر، أمس الخميس، إلى المدينة، مطلقاً تصريحات ضد الحوثيين ومحمّلاً إياهم مسؤولية تعطيل تنفيذ اتفاق استوكهولم. هذه الزيارة تكشف عن تسابق أطراف دولية فاعلة في اليمن، ولا سيما واشنطن وموسكو، على تسجيل حضور رمزي وفتح خطوط تواصل مع أطراف مختلفة، على الرغم من اختلاف وجهات النظر الأميركية عن الروسية تجاه حل الصراع في البلاد.
وحمّل السفير الأميركي ماثيو تولر، الحوثيين، مسؤولية تعثّر تنفيذ اتفاق الحديدة، قائلاً إن سلاحهم يمثل خطراً على دول أخرى في المنطقة. وقال تولر، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس مع رئيس الحكومة الشرعية معين عبد الملك، في عدن، "نشعر بإحباط بالغ لما نراه من تأخير ومماطلة من جانب الحوثيين في تنفيذ ما اتفقوا عليه في السويد، لكن لدي ثقة كبيرة في مبعوث الأمم المتحدة وفيما يقوم به". وأضاف "نحن مستعدون للعمل مع آخرين كي نحاول تنفيذ هذه الاتفاقات، ونرى ما إذا كان بوسع الحوثيين في الواقع إبداء نضج سياسي والبدء في خدمة مصالح اليمن، بدلاً من العمل بالنيابة عمن يسعون إلى إضعاف وتدمير اليمن". وأعلن تولر أنه "لم يفقد الأمل" في إمكانية تنفيذ الاتفاق في الحديدة، التي يحتشد على مشارفها آلاف المقاتلين المدعومين من التحالف السعودي-الإماراتي.
كما أشار السفير الأميركي إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع السلطات اليمنية لمنع تهريب الأسلحة من إيران وتعزيز المؤسسات الأمنية المحلية. وأضاف "كون أن هناك جماعات تملك أسلحة، من بينها أسلحة ثقيلة وحتى أسلحة يمكن أن تهدد الدول المجاورة، وأن هذه الأسلحة ليست خاضعة لسيطرة مؤسسات الدولة، فهذا خطر جسيم على المنطقة وكذلك على اليمن". وفي موقف لافت، أعلن أن واشنطن لا تدعم جماعات "تسعى إلى تقسيم اليمن"، وذلك في إشارة إلى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يحظى بدعم من الإمارات في جنوب اليمن ويتبنّى مطلب الانفصال.
هذا الحراك الأميركي جاء في موازاة معاودة الدبلوماسية الروسية حضورها يمنياً، وهذه المرة من بوابة عدن والجنوب، بعد أن كانت، حتى أواخر عام 2017، الدبلوماسية الوحيدة الفاعلة في العاصمة صنعاء، وذلك في ما بدا مسعى منها لفتح خطوط تواصل مع الأطراف المختلفة، بما فيها "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يقوم وفد من رئاسته بزيارة إلى موسكو للمرة الأولى.
وشهدت الأيام القليلة الماضية، حراكاً دبلوماسياً روسياً، شمل زيارة هي الأولى في الشهور الأخيرة، للسفير الروسي لدى اليمن، فلاديمير ديدوشكين، يوم الأربعاء الماضي، إلى مدينة عدن، حيث عقد لقاءً مع رئيس الوزراء معين عبد الملك، وأعلن خلاله اعتزام موسكو إعادة تجهيز وترميم قنصليتها في مدينة عدن. كما ناقش جملة من التطورات المرتبطة بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وعموم الأوضاع في البلاد.
وبدا واضحاً من خلال التوقيت، أن الزيارة تحمل العديد من الرسائل، ترتبط أبرزها بدعوة موسكو وفداً من "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي إلى زيارتها، اعتباراً من الثلاثاء الماضي. وعقد الأخير، الأربعاء الماضي، لقاءات مع كل من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الروسي ليونيد سلوتسكي. وكشفت مجمل البيانات حول الزيارة، عن رغبة روسية في تسجيل حضور ومد خيوط علاقة مع مختلف الأطراف والاستماع لما تحمله من أفكار بشأن الوضع في البلاد.
وفي السياق، جاءت زيارة السفير الروسي إلى عدن، لتوصل رسالة مفادها بأن انفتاح موسكو على "المجلس الانتقالي"، لا يأتي على حساب العلاقة مع الحكومة الشرعية، إذ نقلت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية عن فلاديمير ديدوشكين تأكيده "دعم بلاده للشرعية اليمنية وحرصها على أمن واستقرار ووحدة اليمن"، علماً أن موسكو سبق أن وجّهت دعوات لزيارة وفد من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) إليها، وأكدت في الوقت نفسه دعمها للحكومة الشرعية، على نحوٍ يعزز الرغبة الروسية في إبقاء خطوط التواصل مع جميع الأطراف.
وحتى ديسمبر/كانون الأول 2017، كانت السفارة الروسية هي السفارة الوحيدة لدولة مهمة التي أبقت أبوابها مفتوحة في صنعاء خلال الحرب، الأمر الذي ساعدها على القيام بدورٍ في الاتصالات الدبلوماسية مع الحوثيين وحزب "المؤتمر الشعبي" آنذاك، قبل أن تغلق أبوابها عقب انهيار تحالف الأخيرين ومقتل الرئيس علي عبد الله صالح، لتسجل مجدداً حضوراً دبلوماسياً من بوابة عدن والجنوب.
من جهة أخرى، لا يمكن فصل دعوة موسكو، رئاسةَ "المجلس الانتقالي" ، إلى زيارتها، عن الزيارة التي قام بها وفد من المجلس إلى لندن للمرة الأولى بدعوة رسمية، بالتزامن مع الزيارة النادرة التي قام بها وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، إلى عدن، ليأتي بعدها حضور السفير الأميركي ماثيو تولر، في عدن، الأمر الذي يعكس سعى الدول الكبرى الفاعلة إلى التنافس في إثبات الحضور يمنياً.
ويُظهر الجانب الحكومي اليمني، نوعاً من التحسس والريبة من الجولات الخارجية ل"المجلس الانتقالي" ، الأمر الذي تجلّى في تصريح وزير النقل صالح الجبواني، والذي اعتبر، في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر"، أنه يجب أخذ هذه الجولات على محمل الجد، قائلاً إن قادة "الانتقالي يسافرون إلى تلك العواصم من أبوظبي"، وأضاف أن العلاقة مع الأخيرة ملتبسة، وأنه "آن للشرعية أن تتخذ موقفاً بتصحيح علاقتها بأبوظبي أو فض التحالف معها".
ويُعد وزير النقل اليمني ثاني مسؤول تصدُر عنه تصريحات تطالب بتصحيح العلاقة مع الإمارات، أو إنهاء دورها في التحالف الذي تتصدره إلى جانب السعودية، خلال أقل من عشرة أيام، بعد التصريحات التي أطلقها محافظ المحويت اليمنية، صالح سميع، في مقابلة تلفزيونية، وأكد خلالها أنه يجب على الرئاسة اليمنية أن تتخذ قراراً إذا ما استمر جانب من التحالف في غيّه، وذلك في إشارة إلى الإمارات.
عودة الى ماقبل
في السابع من أيلول/سبتمبر الماضي، قال السفير الروسي في اليمن، فلاديمير ديدوشكين، للمراسلين إن جنوب اليمن هو منطقة مهمة في البلاد يجب تمثيلها كما يجب في تسوية سلمية محتملة.
وقد لاقت تصريحات ديدوشكين أصداء إيجابية لدى أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو حركة انفصالية استُبعدت من المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة حول اليمن. تعكس درجة الاهتمام الذي توليه روسيا لجنوب اليمن أهداف موسكو الجيوسياسية، واهتمامها التاريخي بالمنطقة، وتطلعاتها إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط. تعتبر روسيا بسط الاستقرار في جنوب اليمن شرطاً مسبقاً أساسياً لتحقيق هدفها المتمثل بالحصول على دائرة نفوذ في منطقة البحر الأحمر.
يُعبّر تركيز فلاديمير ديدوشكين في كلامه على الهواجس الفريدة في جنوب اليمن، عن نزعة أوسع نطاقاً في التعامل الروسي مع النزاع اليمني. في كانون الثاني/يناير 2018، أبدت وزارة الخارجية الروسية رسمياً اهتمامها بالتوسط من أجل وقف المواجهة بين الانفصاليين في جنوب اليمن وأنصار الرئيس اليمني الموجود في المنفى، عبد ربه منصور هادي.
وقد جاء عرض الوساطة الروسي بمثابة رد مباشر على العدوان العسكري الذي شنّته القوات الموالية لهادي ضد احتلال المجلس الانتقالي الجنوبي لمدينة عدن، عاصمة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
منذ أيلول/سبتمبر 2017، تقوم الحكومة الروسية أيضاً، بموجب عقد مبرَم مع حكومة هادي، بطبع الأوراق النقدية ونقلها بأمان من موسكو إلى عدن. لقد ساعد هذا العقد الحكومة اليمنية على تسديد رواتب موظفيها العسكريين وعناصرها الأمنيين في جنوب اليمن، ما حال دون حدوث انشقاقات للالتحاق بصفوف الميليشيات ، وساهم في التخفيف من وطأة أزمة السيولة في المنطقة التي تمزّقها الحرب.
كانت التطلعات الروسية في البحر الأحمر موضوع نقاش علني لأول مرة في كانون الثاني/يناير 2009، عندما أعرب مسؤول عسكري روسي عن اهتمام بلاده بإنشاء قاعدة عسكرية على مقربة من مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية، والذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.
يتجدّد الحديث عن بناء هذه القاعدة بصورة دورية باعتبارها هدفاً استراتيجياً روسياً بعيد المدى في اليمن. وقد دعا القائد السابق لسلاح البحرية الروسي فليكس غروموف إلى إنشاء قاعدة بحرية روسية على مقربة من الطرقات التجارية في خليج عدن في آب/أغسطس 2017، ووصفَ معهد الدراسات الشرقية في موسكو جزيرة سقطرى بأنها المكان المثالي لبناء قاعدة روسية في اليمن.
على ضوء هذه التطلعات، تمكّن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من كسب رضا واسع في موسكو بعدما تعهّد في آب/أغسطس 2016 بالسماح لروسيا ببناء قاعدة بحرية في البحر الأحمر. وفي بادرة تقدير للعرض الذي قدّمه صالح، عمد دبلوماسيون روس إلى تيسير الحوار بين صالح والسعودية على امتداد العام 2017، وقد أرسلت روسيا فريقاً من المسعفين الطبيين لمعالجة صالح خلال إصابته بوعكة صحية في تشرين الأول/أكتوبر 2017.
كما أن تعهّد صالح ببناء القاعدة هو أحد الأسباب التي دفعت بروسيا إلى الاحتفاظ بسفارة لها في العاصمة صنعاء التي يحتلها الحوثيون، إلى حين حدوث القطيعة بين صالح والحوثيين في أواخر العام 2017.
فيما تحتفظ روسيا بعلاقات إيجابية مع مجموعة واسعة من الفصائل في جنوب اليمن – مثل الحزب الاشتراكي اليمني الذي يشكّل الجناح السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، والحراك الجنوبي – تبقى موسكو على يقين من أن أحد هذه الفصائل في جنوب اليمن سوف يُعيد إحياء اقتراح صالح عن إنشاء القاعدة.
وتكتسب القاعدة المحتملة أهمية متزايدة بالنسبة إلى المصالح الجيوسياسية الروسية، لأن موسكو تعتبر جنوب اليمن بوّابة لممارسة نفوذ واسع في القرن الأفريقي.
تقوم الخطة الروسية لتوسيع النفوذ الروسي شرق أفريقيا، على عروض لإقامة منشآت عسكرية، وزيادة روابط التجارة الثنائية مع بلدان المنطقة. وبغية تسليط الضوء على الالتزام الروسي المتنامي حيال القرن الأفريقي، أعلن وزير الخارجية الروسي، في الثالث من أيلول/سبتمبر، عن نية بلاده إنشاء مركز لوجستي على مقربة من مرفأ روسي أساسي في إريتريا. والهدف من هذا المركز هو زيادة حجم التجارة الروسية بالمنتجات الزراعية والمعادن في منطقة البحر الأحمر. كذلك تستكشف روسيا إمكانية إنشاء قاعدة بحرية في أرض الصومال، الأمر الذي من شأنه أن يعزّز وصول موسكو إلى ميناء بربرة الاستراتيجي في الصومال.
على ضوء هذه المشاريع، تعطي روسيا قيمة كبيرة لإنشاء قاعدة عسكرية في جنوب اليمن، لأنه من شأنها أن تربط هذه المنشآت بشبه الجزيرة العربية.
المنافع الاستراتيجية التي يُحتمَل أن تحققها روسيا من توسيع نفوذها في جنوب اليمن هي التي تدفع بها إلى ممارسة جهود دبلوماسية تصب في هذا الاتجاه. تحاول موسكو ردم الهوة بين دعم حكومة هادي لدولة وحدوية وبين رغبات حلفائه في الائتلاف، مثل أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني عبد الرحمن السقاف ورئيس وزراء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً، حيدر أبو بكر العطاس، بتوسيع مشاركة جنوب اليمن في عملية تسوية النزاع.
تُقدّم روسيا نفسها في صورة الوسيط الذي يتمتع بالصدقية في هذا النزاع، فيما تُبقي على علاقات وثيقة مع المسؤولين في حكومة هادي، وتحتفظ بالروابط غير النظامية التي بنتها خلال الحرب الباردة مع السياسيين اليساريين في جنوب اليمن.
لقد تمكّنت موسكو من نزع فتيل التشنجات بين حكومة هادي وشركائها في جنوب اليمن، وركّزت جهودها على التواصل مع المسؤولين المصطفّين إلى جانب السقاف في حضرموت، المحافظة الأكبر في اليمن.
فيما يتخوّف أبناء حضرموت المناصرون لقيام حكم ذاتي في اليمن من عداء المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه الحزب الاشتراكي اليمني، شجّعت روسيا هؤلاء المسؤولين على العمل ضمن المؤسسات اليمنية والمتعددة الأطراف لتعزيز قدرتهم التفاوضية. تنظر موسكو إلى القرار الذي اتخذه مؤخراً القوميون اليمنيون الجنوبيون في حضرموت برفض مفهوم المجلس الانتقالي الجنوبي عن تشكيل "العربية الجنوبية" أو "جنوب الجزيرة العربية"، بأنه نجاحٌ ملموس قادت إليه هذه المحادثات غير الرسمية.
على الرغم من أن هذه الانتكاسة لم تدفع بالمجلس الانتقالي الجنوبي إلى التخلي عن سياساته العسكريتارية، إلا أن روسيا تعتقد أنه بإمكانها فصل مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي عن جناحه السياسي.
سوف يُتيح هذا التمييز لموسكو منح اندفاعة لأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي الذين يسعون إلى تعزيز الحكم الذاتي لمنطقة جنوب اليمن ضمن حكومة هادي، وإضعاف الانفصاليين المتشددين الذين يريدون إنشاء دولة مستقلة في جنوب اليمن من شأنها أن تعزل الفصائل الموالية للروس من أروقة السلطة.
ومن أجل تسهيل هذا التقسيم، تواصلت موسكو مع المسؤولين في الحراك الجنوبي المهتمين بالتوصل إلى تسوية سياسية، مثل فؤاد راشد، نائب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحراك، والشيخ حسين بن شعيب، رئيس الهيئة الشرعية الجنوبية.
وقد فسّرت موسكو قرار المسؤولين بالقبول بالشروط المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي 2216، الذي يُكرّس مبدأ عدم تقسيم اليمن، والموافقة على العمل من أجل نبذ العنف السياسي – فسّرته موسكو إذاً بأنه نصر كبير لاستراتيجيتها الدبلوماسية. تعتقد روسيا أن التآزر المتنامي في وجهات النظر بين الأعضاء المعتدلين في المجلس الانتقالي الجنوبي وبين الحزب الاشتراكي اليمني سوف يؤدّي إلى عزل العناصر الأكثر تشدداً في المجلس الانتقالي الجنوبي، ويُتوَّج بتسويةٍ للنزاع بعيداً من تقسيم اليمن وفق ما كان سائداً قبل عام 1990.
يساهم تمكين روسيا للمعتدلين في المنظمات القومية في جنوب اليمن ودعمها لتمامية الأراضي اليمنية، في تعزيز هيبتها الإقليمية، إذ يُتيح لموسكو أن تحافظ على مصالحها في جنوب اليمن، فيما تُبقي على علاقات جيدة متوازنة مع كل من السعودية وإيران. ومع تعبير السعودية ضمناً عن غضبها من الجهوزية الإماراتية لتحدّي شرعية هادي ، من شأن الجهود التي تبذلها موسكو لكبح الاندفاعات العسكريتارية للمجلس الانتقالي الجنوبي أن تلقى استحساناً في الرياض.
قد تؤدّي هذه السياسة إلى زيادة الاحتكاك مع الإمارات التي تدعم مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي، وتعتبر أنه من شأن قيام دولة مستقلة في جنوب اليمن أن يسمح لها بالحصول على قاعدة لبسط نفوذها في القرن الأفريقي. بيد أن روسيا تعتقد أن الإمارات ستعتبر أن تعزيز تمثيل اليمن الجنوبي في حكومة هادي هو تسوية مقبولة تصون المصالح الجوهرية لأبو ظبي.
كذلك تُشكّل الجهود الروسية لتحويل المجلس الانتقالي الجنوبي من لاعب عسكري إلى لاعب سياسي، إقراراً بالمصالح الإيرانية، نظراً إلى أن مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي رفعوا التحدّي في وجه الاحتلال الحوثي لمدينة الحديدة المرفئية المحورية. بما أن الحفاظ على علاقات إيجابية مع كل من الرياض وطهران سوف يساعد روسيا كي تصبح "وسيطاً نزيهاً" في نزاعات الشرق الأوسط التي تتدّخل فيها القوتان العظميان، أي السعودية وإيران، فإن تدخل موسكو بصورة أكبر في جنوب اليمن يندرج تماماً في إطار استراتيجيتها الإقليمية الأوسع نطاقاً.
على الرغم من أنه لا يزال على الجهود الروسية لتسهيل بسط الاستقرار في جنوب اليمن أن تتجاوز إطار التصريحات البلاغية ومبادرات التحكيم غير الرسمية، إلا أن اهتمام الكرملين المتزايد بهذه المنطقة واضح للعيان.
إذا تمكّنت روسيا من تيسير الحوار في جنوب اليمن وتشجيع الأمم المتحدة على منح الجناح السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي مقعداً إلى طاولة المفاوضات، فسوف تنجح في التحول إلى لاعب مهم في نزاع إقليمي أساسي إضافي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.