يصادف يوم غداً ال 27 من أبريل الذكرى ال 25 لأعلان الحرب على الجنوب في صيف 1994وأحتلاله عسكرياً من قبل الجيش اليمني والمليشيات القبلية والجماعات الأرهابية المساندة له، والتي أعلنها الرئيس الهالك علي عبدالله صالح في مهرجان بميدان السبعين في صباح ال27 من أبريل وسرعان ما أندلعت بعدها المواجهات في عمران وذمار ضد القوات الجنوبية المتواجدة هناك، لتلحق بها الفتوى الشهيرة التي أحلت دماء الجنوبيين وأعتبرت قتالهم جهاد لأعلاء كلمة الدين. تحل هذه الذكرى في هذا العام والحرب – في جزئها الثاني - مازالت مستمرة ولعامها الخامس في العديد من مناطق الجنوب ومناطق التماس التي تسطر فيها قوات المقاومة الجنوبية أروع الملاحم البطولية في مواجهة عنجهية وصلف الجيش اليمني ومليشياته المدعومة أيرانياُ. تحل هذه الذكرى وشعبنا يتذكر مرارة هذه الحرب المشؤومة ويعيشها في نسختها الثانية والاخير أن شاء الله بعد أن تمكنت قواتنا من دحر قوات العدو الى ماوراء الحدود في الكثير من المناطق الحدودية بأستثناء منطقة سيئون التي مازالت تعيش تحت سيطرة الجيش اليمني ومليشيات الأخوان المسلمين والتي تبدوا ملامح تحريرها في الافق القريب لتلتحق بركب المناطق الجنوبية المحررة وتتنفس نسيم الحرية والأنعتاق. ورغم مرارة تلك الحرب المشؤومة التي حولت الحلم الجميل لأبناء الجنوب الى كابوس أرهق الشعب لعقود من الزمن وجرعة ويلات الفقر والجوع والمرض، وجعلت من الجنوب غنيمة للقادمين من كهوف الشمال، ومن ثرواته قوت للغزاة، ومن دماء أبناءه وسيلة يتضرع بها الغزاءة للتقرب الى الله ونيل الجنة، ألا أن ثورات الشعوب لا يمكن أخمادها وصوت الحقيقة لا يمكن أخراسه وروح الحرية في نفوس أبناء الشعب الجنوبي العربي الاصيل لا يمكن قتلها، وعدالة السماء لن تغيب وأن تأخرت. فها نحن اليوم رغم المعاناة والألم الذي تعيشه عدن وأخواتها إلا أن الوضع في صنعاء أصبح أكثر مأساوية وبشاعة ومن مارس الظلم بالامس يجني ثماره اليوم رغم الألم الذي نشعر به تجاه معاناة المدنيين في تلك المناطق نظراً لأنسانيتنا وأخلاقياتنا وأن كانت قلوب الكثير منهم تحمل الحقد وتتمنى الدمار لنا ولمناطقنا بسبب التعبئة الخاطئة والخطاب الديني المزيف الذي تم تضليلهم بها خلال عقود من الزمن.
تحل علينا اليوم هذه الذكرى ونحن نشاهد الكثير من المواقف والعبر التي ينبغي أن يتعلم منها الطغاة والجبابرة وكل من تسول له نفسه أستعباد الشعوب ونهب ثرواتهم وسلب هويتهم؛ فأين هو صالح اليوم وعلي محسن وال الاحمر والحوثي والقشيبي والزنداني واليدومي وغيرهم الكثير من طغاة العصر ودجالين السياسة بعبائة الدين؟؟؟ تحل هذه الذكرى والجيش الذي غزو به الجنوب قد أصبح وبالاً وخنجراً مسموماً في أجسادهم فقتل البعض منهم وشرد البعض الاخر، تحل هذه الذكرى وقد سقطت هيبة القبيلة التي لعقود من الزمن كان مشائخها ووجاهاتها يقتاتون على ثروات الشعب، تعود هذه الذكرى ومهندسها الهالك علي عبدالله صالح يرقد في ثلاجته مضرجاً بدماءه للعام الثاني ولم يتمكن مساعديه من دفنه، في حين بطانته سيئة الصيت من ساسة وعسكريين و دجالين بأسم الدين بين قتيل ومشرد ومعتقل... سبحانك ربي ما أعدلك فأنت الحق الذي لا يقبل الظلم.
ها نحن اليوم نقتسم المعاناة شمالاً وجنوباً بما حل بالبلاد من دمار بفعل هولاء الطغاء ولعل ذلك عقاباً للبعض بسبب الصمت ومساندتهم للظلم الذي مارسه النظام بحق الجنوبيين وبعض المسحوقين شمالاً، ولكن هل سيعي أخوتنا في الشمال حجم الظلم والمأساة التي ألحقوها بالجنوب بعد ما حل بهم من دمار؟ هل سيعتذرون ويتعلمون دروسا وعبر من الحقبة الماضية؟؟. لقد أعتذرت تلك الاحزاب الشمالية التي أدرات الحرب على الجنوب فيما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني عن جرائمها بحق الجنوب ولكن سرعان ما لحقت الأعتذار بحرب أخرى أنتهكت فيها كل القيم الأنسانية ودمرت كل شيء جميل في وطننا الحبيب وكانت بمثابة طعنات لتقطيع جسد الوحدة الميت فعلا بسبب حرب عام 1994.
أن الأعتذار الحقيقي للجنوب وتكفير الذنوب المرتكبة في حق ابناء هذا الشعب العربي الأصيل تكمن في القناعة بعدم التفكير في العودة اليه لأحتلاله وسحب ما تبقى من مليشيات ومعسكرات وترسيم الحدود وتعويض الشعب الجنوبي عن ما لحق به من دمار اثناء الحقبة المظلمة من أحتلالهم له وتقديم كبار قادة تلك الحرب والمفتيين بأباحة دماء الجنوبيين الى محاكم عادلة لينالوا جزائهم فيما أقترفوه. أن هكذا مواقف ليس بالسهل أتخاذها الا عند توفر درجة عالية من الوعي لدى الشعب وقراءة دقيقة في واقع لعنة الجنوب التي تلاحق صنعاء منذ سنوات وتذيقها من نفس الكأس الذي اذقته عدن لعقود، وهو مالم يتوفر بعد عند الكثير من عامة الشعب في الشمال والجماعات الدينية التي صعدت مؤخراً على الساحة شمالاً، وكذلك القيادات المأزومة لتلك الاحزاب التي تآمرت على الجنوب في الماضي وفي مقدمتها حزبي المؤتمر والاصلاح (شريكي الغدر بحلم الوحدة).
وبهذه المناسبة المشؤمة التي غدر فيها ساسة الشمال وقواة القبلية والدينية بحلم الجنوبيين العظيم المتمثل في الوحدة اليمنية على سبيل الوحدة العربية، ينبغي على قوات المقاومة الجنوبية الباسلة والمجلس الأنتقالي الجنوبي وجميع القوى الجنوبية الحية شحذ الهمم وبذل المزيد من الجهود لوحدة الصف الجنوبي في مواجهة محاولات الغزاة للعودة الى الجنوب ولتحرير ما تبقى من أراضي جنوبية تحت سيطرة الأحتلال اليمني المتمثل بالحوثيين في مكيراس والأخوان المسلمين في سيئون. كما ينبغي عليهم قراءة التأريخ والاستفادة من الماضي فيما يتعلق بعمليات الغدر والخيانة التي تبديها القوى الشمالية تجاههم وما يتعرضون له أثناء مساندتهم لقوات التحالف العربي في دعمها لبعض القوى اليمنية في تحرير بعض الاراضي الشمالية والتي كان آخرها تسليم الصيادي للكثير من المناطق المحررة شمالاً للحوثيين لينالوا من بوابة جنوبنا الحبيب مدينة الضالع الباسلة. أن مشاركة الجنوبيين في القتال خارج الحدود الجنوبية ينبغي أن لا يكون له من هدف أكثر من وجود مناطق آمنة كوقاية لمواطنينا من قذائف العدو. كما ينبغي التذكير هنا للمغرر بهم من أبناء شعبنا الجنوبي والواهمين بمشروع الأقلمة بأن من غدر بحلم الوحدة بالامس لا يمكن الثقة فيه والشراكة معه في أي مشروع مستقبلي قادم وينبغي أن نكون أكثر نضجاً وقراءة للتأريخ والمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين. وفي الاخير نترحم على شهداء جنوبنا الحبيب في معركتي غزو الجنوب 1994 و 2015 والشفاء للجرحى والنصر لجنوبنا الحبيب.