يُقال أن الطب مهنة تقربك من الله أكثر من أي شيء آخر إذا ما أتقنت أداء واجبك فيها، لستُ أعلم أين قرأتُ هذا، ولكن على أية حال يبدو الأمر منطقياً جداً، فهناك أرواح بشر بين يدي المطبب، وهناك جزم إلهي " ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعاً " . في وضع كهذا حيث اللادولة واللانظام سائدين ومع انهيار الكثير من القيم في المجتمع كنتيجة حتمية لهذا الوضع وفي عتمة كهذه ينبري لنا هناك أناساً صدقوا مع الله في خدمة عباده، ليزيلوا بعضاً من هذه العتمة، فيعملون بكل تفان وإخلاص فيما يوكل لهم من مهام ويزيدون فوقه بما ترتضيه ضمائرهم . الدكتور طارق مزيده أنموذجاً رائعاً لمثل هؤلاء المخلصون الذين يستحقون أن نفيهم بعضاً من قول ما يستحقونه فيهم . يمتاز الرجل بسعة علمه واطلاعاته وتعدد تخصصاته التي قلما تجتمع في شخص واحد، والأجمل من ذلك أن الرجل مشهود له بتواضعه وأخلاقه العالية ونجاحاته الفعلية وكأنه يجسد المعنى الحقيقي لمقولة كلما زاد الإنسان في علمه زاد في تواضعه. إن ما يزيدك احتراماً لهذا الرجل هو عمله الدأوب الذي يقوم به في خدمة جرحانا الأبطال على وجه التحديد والمرضى بشكل عام. يجري الدكتور طارق عمليات كثيرة للجرحى ( في مستشفى حكومي ) بمقابل شبه مجاني، ثم ينصرف لمتابعة ملف الجرحى بشكل عام . ذات مرة وصل جريح من الساحل الغربي وقد غُرس صاروخ حراري ( لم ينفجر ) في جسد الرجل محدثاً فجوة عميقة ومشهد مفزع، تحاشى المختصون إجراء عملية جراحية لهذا الجريح كون الصاروخ لازال منغرساً في أحشائه في مشهد مروع، ففر المختصون وتقدم طارق مزيده لها وأجرى العملية بنجاح كبير فطبب الجرح، وسحب المقذوف من جسد الرجل والذي كان بالإمكان أن ينفجر في أي لحظة . لازلت أتذكر ذلك المشهد الذي وصل إلينا بفيديو تداوله الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي ففزعنا من مشاهدته ونحن نبعد مئات الكيلو مترات لكن الدكتور طارق كان عند مستوى الحدث لا بل عند مستوى المجازفة إن صح التعبير . لم تكن هذه الحادثة سوى واحدة من نجاحات الدكتور طارق التي أبهرتنا جميعاً، وكم هي الحالات التي كتب لها التطبيب على يديه . أكتب هذا الكلام دون أن تربطني علاقة بالرجل، بل لا يعرفني هو، وقد لا يستحسن أن يكتب عليه أحد، ولكني أكتب كي نعطي كوادرنا الأنقياء بعضاٌ مما يستحقونه وسنكتب عن آخرين تحاشتهم أقلام التطبيل عما قريب .