الإعلان عن مساعدات بريطانية ضخمة لليمن    عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    عبدالملك الحوثي يكلف هذا القيادي بملاحقة قيادات حزب المؤتمر بصنعاء ومداهمة مقراتهم وما فعله الأخير كان صادما!    محمد علي الحوثي: "غادري يا ميسون فهو الأفضل لش".. بمن يتغزل "الطبل"؟    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    مليشيا الحوثي تواصل اختطاف خبيرين تربويين والحكومة تندد    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترجمة خاصة بعدن الغد: "تاجر البندقية" للأديب العالمي ويليم شكسبير((الجزء الأول))
نشر في عدن الغد يوم 31 - 03 - 2013


تشارلز و ماري لامب و كتاب قصص من شكسبير


مقدمة المترجم:
د.طارق علي عيدروس السقاف
رئيس قسم اللغة الإنكليزية / كلية التربية / صبر

كانالأخوان تشارلز و ماري من عائلة فقيرة، ولكن الفتى تشارلز (1775 – 1834 ) كان قد تحصل على فرصةللتعليم أفضل من أخته الكبرى ماري ( 1764 – 1847 )، وكان أسلوبه في الكتابة أفضل ، وقد ساعدته وظيفته ككاتب في شركة مرموقة لتصدير البضائع من الهند في تحسين مستوى أسلوبه في الكتابة ، و نتيجة لمقالاته الأدبية والشخصية ذات المستوى الرفيع في الصياغة أصبح كاتبا معروفا. كما كان صديقا لعدد من الأدباء المشهورين في عصره مثل شاعر الرومانسية الأول الإنكليزي الكبير وليم وردزورث و كذلك الشاعر كالاردج. أما أخته ماري فقد كان من الواضح أنها مثقفة ثقافة غير عادية بالرغم من مستوى تعليمها المتواضع بالمقارنة مع أخيها. وقد عملت كخياطة للسيدات ، كما أنها كانت تعاني من بعض المشكلات العقلية بالوراثة التي سببت لها الكثير من المآسي ، ففي إحدى المرات إرتكبت ماري جريمة دون وعي منها وذلك لقتلها والدتها ، وقد عمل أخاها الكثير لمساعدتها ، فقد قرر بعد تلك الواقعة الأليمة أن يعتني بأخته و يتكفل بها و تعهد بأن يكون مسؤولا عن تصرفاتها وذلك حتى ينقذها من تمضية بقية حياتها في مستشفى للمختلين عقليا، وقد وفى تشارلز بوعده قائلا " إنها أختي وصديقتي ولن أتخلى عنها أبدا " .

جنب إلى جنب إشترك الأثنان في تأليف الكتب القصصية الخاصة بالشباب و كذلك الشعر ، ولكن أشهر كتاب عكفا على صياغته هو كتاب " قصص من شكسبير " عام 1807 م ، وهو عبارة عن مجموعة من المسرحيات للمسرحي الإنكليزي العظيم وليم شكسبير ولكنها بصورة قصصية أكثر تبسيطا من تلك اللغة التي دأب شكسبير على كتابتها قبل أكثر من خمسمائة عام و التي كانت – بالرغم من جمالها الآخاد – صعبة بالنسبة للقارئ العادي. ففي بداية القرن التاسع عشر برزت وبقوة فكرة عبقرية شكسبير وأنه أعظم شخصية أدبية في تاريخ الأدب العالمي كله وتتجلى عظمة هذه الشخصية الاسطورة بأنها في جميع أعمالها الأدبية تغوص و بعمق في أعماق الشخصية الإنسانية و تحلل هذه النفس تحليل أدبي مثير للدهشة ، وكان تشارلز من مؤيدي هذه الفكرة بل إنه كان يعتقد بأن عظمة شكسبير تتجلى بوضوح في الاثر العظيم التي تتركها أعمله لدى القارئ لمسرحياته أكثر من مشاهدها على المسرح و من هنا ظهرت الحاجة عنده لإعادة صياغة أعمال شكسبير بصورة قصصية سردية مبسطة حتى يطلع عليها العامة.

في تلك الفترة كان من النادر جدا أن تشاهد مسرحيات شكسبير دون تحوير أو تحريف، وبتالي فإن القصص التي كتبها كل من تشارلز و أخته ماري كانت قريبة جدا من المسرحيات الأصلية للمسرحي العظيم ، بل أنه في بعض الأحيان كانا يقومان بإقتباس عبارات من النص الأصلي ، وفي أحيانا أخرى يقوما بحذف بعض العبارات التي يريا بأنها معقدة و صعبة الفهم للجمهور. وهذه المسرحيات التي قاما بصياغتها و تحويلها إلى قصص كانت : العاصفة ، الليلة الثانية عشر ، وحلم ليلة صيف ، جعجعة بلا طحين ، كما تهواها ، تاجر البندقية ، ماكبث ، حكاية شتاء ، الملك لير ، ترويض الشرسة ، روميو و جولييت ، هاملت أمير الدانمراك وأخيرا عطيل.

يميز هذا الكتاب – حكايات من شكسبير- وبصورة مباشرة الشخصيات الخيرة من الشخصيات الشريرة ، بمعنى أنه يصور صراع الخير و الشر بصورة مباشرة بدلا من التركيز على تفاصيل دقيقة لما تفعله كل شخصية، كما أن شخصيات القصص موضوعة بصورة مباشرة للقارئ ولامجال فيها للتخمين فمثلا في قصة "تاجر البندقية" يتم وصف شخصية شايلوك اليهودي بصورة مباشرة مثل ( عديم الرحمة ، قاسي القلب ، و متحجر الفؤاد ) بينما وصف بطل القصة التاجر أنطونيو بجميع صفات الطيبة و الكرم ، كما أن طريقة وصف شخصية اليهودي شايلوك و ما يقابلها في شخصية التاجر أنطونيو إنعكاس لعلاقة اليهود بالمسيحيين في ذلك العصر التي صورها شكسبير ببراعة فائقة.

كما أنه من الطريف القول بأن بعض شخصيات هذا الكتاب تخدع الشخصيات الأخرى بطرق عديدة ، منها مثلا أن تتظاهر شخصية بصفات بعيدة عن صفاتها الحقيقية كما في ( تاجر البندقية ، كما تهواها ، الليلة الثانية عشر ) ، وفي أحيانا أخرى عن طريق خطة جماعية لمجموعة شخصيات تخدع شخصيات أخرى كما في ( جعجة بلا طحين ) ، وفي أحيانا أخرى تستخدم فيها السحر إما عن طريق قوى بشرية كما هي الحال في شخصية بروسبيرو في ( العاصفة ) أو عن طريق قوى خارقة غير بشرية في سبيل الخير كما في ( حلم ليلة صيف ) أو في سبيل الشر كما في ( ماكبث ). كما أن بعض نهايات قصص هذا الكتاب تنتهي نهاية سعيدة و بعضها الآخر ينتهي بنهاية مأساوية ، ولكن في جميع الأحوال تظهر الحقيقة جلية في نهاية كل قصة و تمتاز أيضا بعودة الحق و العدل ، وهذه من ضمن أهداف تشارلز و ماري لامب أثناء كتابتهما لقصص هذا الكتاب الرائع بحيث ارادا أن يعلما الشباب - من خلال هذا الكتاب- أنه مها طغى الخداع و ساد الغش في المجتمع فإن الحق و العدل سوف ينتصرا في النهاية.

و بدوري سأحاول – إنشاء الله – ترجمة قصص هذا الكتاب برؤية مختلفة حتى يتسنى للقارئ معرفة طبيعة فكر هذا المسرحي النابغة شكسبير، وأتمنى من الله أن تنال ترجمتي إعجاب القارئ واستمتاعه.

الشاعر و المسرحي الإنكليزي الكبير وليم شكسبير:

ولد وليم شكسبير في 26 إبريل عام 1564 م في مدينة تدعى ستراتفورد أبون آفون بإنجلترا. وكان إبوه قد وفد إليها من قرية سنترفيلد طلبا للرزق ، فاشتغل حينا بالزراعة و بالتجارة حينا آخر.وأغلب الظن أن شكسبير دخل مدرسة القرية الإبتدائية ودرس فيها اللاتينية و بعض الإغريقية و الفرنسية ، وألم كذلك بالأدب الكلاسيكي القديم في لغتيه الأصليتين أو مترجما. إضافة إلى أن الذي يقرأ مسرحيات شكسبير بإمعان يجد أثر الكتاب المقدس واضحا وجليا فيها، مما يدل على دراسة عميقة لهذا الكتاب.

ونظرا للظروف الصعبة التي مر بها والده ، فقد أضطر إلى إرغام وليم على ترك الدراسة ليساعده في تحمل أعباء المعيشه ، وعلى هذا فإن شكسبير لم يكد يخرج من المدرسة حتى تلقته مدرسة الحياة ، فانطلقت روحه على سجيتها وكانت لاتفوته أية عروض مسرحية ، ولا شك أنه أعجب وداوم على مشاهدة التمثيل بما فيه من روائع العبر و جميل المناظر ، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في تكوينه بعد ذلك. كما كانت للطبيعة آثار بالغة على نفسه ، خاصة أن بلدته كانت تحيط بها جنات فاتنة من الحدائق الغناء المليئة بالأشجار و المروج الخضراء حتى لنجد أثر ذلك في كثير من كتاباته المسرحية ، فالطبيعة و مدرسة الحياة كان لهما أكبر الأثر في تكوينه و صياغته بالإضافة إلى مالديه من إستعداد فطري لفن كتابة المسرح.

وفي عام 1586 م إنتقل شكسبير إلى لندن وظل مجهولا بها حتى عام 1592 ، ولم يعرف تماما ماذا كان وضعه قبل ذلك التاريخ ، أي منذ قدومه إلى لندن. ثم بدأ إسمه بالظهور كشاعر يذكر بالثناء خاصة عندما عاونه صديقه " ريتشارد فيلد " في نشر أول تباشير أعماله الشعرية " فينيس وأدونيس " عام 1593 وبعد ذلك بعام نشر قصيدة " لوكريس ".وبدأ شكسبير يوالي تغذية المسرح بكتاباته ، و مقارعة الأدباء و مناظرتهم خاصة في حانة " مرميد " التي كانت من أقدم النوادي الأدبية في إنكلترا. واستطاع أن يشق طريقه إلى المسرح .... وذاع صيته ، وارتد عليه ذلك بالدخل الوفير حتى أستطاع أن يسدد ديونه و يعيش حياة مستقرة..... ثم عاد أخيرا إلى بلدته وأهله بعد أن حقق مكانة أدبية رفيعة ، و هناك لم ينقطع عن الكتابة بل أستمر يتعامل مع المسرح إلى أن توفي في 23 أبريل عام 1613 م .

ترك لنا شكسبير مايقارب ستة وثلاثين عملا مسرحيا تنقسم إلى ثلاثة أنواع : الكوميدي والتراجيدي "المأساوي" و التاريخي .على أن أهم ما يميز ذلك الكاتب العظيم هو قدرته الفريدة على التغلغل داخل النفس البشرية إلى أقصى حد ، و التعبير عنها في يسر و سهولة ، كما أن لديه قدرة فائقة على الجمع بين المضحك و المحزن في آن واحد و الموازنة بينهما مادامت الحياة لاتتورع عن الجمع بينهما في صعيد واحد وزمان واحد. وهذا ما جعل أعماله العظيمة تستمر قرونا من الزمن.

تاجر البندقية:The Merchant Of Venice
الجزء الأول:

كان التاجر أنطونيو من أحد أبناء مدينة البندقية ، و كان محبوبا بين الناس. كما كان لديه العديد من السفن التجارية التي كانت تجوب بحار العديد من البلدان. و كانت جميع هذه السفن – أثناء أحداث هذه القصة – في البحر. و كان لأنطونيو صديق عزيز يدعى بسانيو. و عندما توفي والد بسانيو، ترك له ثروة طائلة و لكن بسانيو لم يكن حريصا على هذه الثروة فبددها كلها وأصبح معدما و مثيرا للشفقة. و ذات يوم أخبر بسانيو صديقه أنطونيو بأنه يحب بورشيا ، و هي سيدة جميلة و غنية تعيش في مدينة بيلمونت القريبة من البندقية. و قد توفي والد بورشيا تاركا لها كل ثروته، لهذا كانت غنية جدا ،و كان بسانيو يشعر بالحزن لأنه لا يستطيع طلب يدها للزواج بينما هو معدم ، و كان يعلم بأن هناك الكثير من الشبان الأغنياء سوف يذهبون إلى بيلمونت لطلب يدها، لذا طلب بسانيو من صديقه أنطونيو أن يقرضه مبلغ ثلاثة آلاف من الدوكات( وهي العملة المتداولة في البندقية في ذلك الوقت) فرد عليه صديقه أنطونيو بأنه لا يملك هذا المبلغ في الوقت الحالي لأن كل بضائعه و تجارته لا تزال في البحر و قال له " إنني أنتظر وصول سفني ، حاول أن تبحث عن شخص آخر يقرضك المال بضمانتي و سوف أعطيك هذا المال حتى تستطيع السفر إلى بيلمونت و تتزوج بورشيا و سوف أدفع لهذا الشخص حال وصول سفني".

ذهب بسانيو للشخص الذي يقرض المال و كان يدعى شايلوك ، ذلك اليهودي المرابي الذي يحب المال حبا جما، فكان يقرض المال للتجار و بعدها يستعيد منهم أكثر مما أقرضهم، لذا كان شايلوك ممقوتا من تجار البندقية، و كثيرا ما حذر أنطونيو التجار من شايلوك و التعامل معه. و بالمقابل كان شايلوك يكره أنطونيو كثيرا ولكنه لم يكن ليظهر هذه المشاعر. و عند وصول بسانيو إليه طالبا منه القرض بضمانة أنطونيو قال له بسانيو " إن أنطونيو شخص طيب و يقرض ماله للمحتاج دون ربا " ، و عندما طلب بسانيو الثلاثة آلاف من الدوكات لثلاثة أشهر ، أدرك شايلوك بأنه أخيرا سينال من أنطونيو و سيكون تحت رحمته ، فقال لنفسه " لن أغفر لأنطونيو، لن أهنأ حتى أنتقم منه". و عندما التقى شايلوك بأنطونيو قال له " إنك لا تحب طريقة جمعي للمال من الآخرين ، و كنت تدعوني مرارا و تكرارا بالكلب و تعاملني على هذا الأساس، و الآن تأتي طالبا قرضا لصديقك بضمانتك. هل للكلب نقود ؟ هل يمكن للكلب أن يقرض إنسانا ثلاثة آلاف من الدوكات؟ هل لي أن أدين لك و أشكرك على معاملتك لي ككلب؟ و هل أقرضك المال ؟". و لكن أنطونيو لم يكن آسف لذلك ، فقال له " إن أقرضتني المال، فلا تقرضني كصديق، و لكن أقرضني المال كعدو.

و إذا لم أستطع الدفع لك تستطيع أن تقاضيني" ، فقال له شايلوك " أريد أن أكون صديقك و لننسى الماضي و سأقرضك المال" ، بعدها تظاهر شايلوك بالمرح قائلا لأنطونيو ضاحكا " ما رأيك أن نقوم بلعبة، إذا لم تدفع المال خلال نهاية الشهر الثالث فيجب عليك أن تعطيني رطلا من لحمك" فضحك أنطونيو بدوره ووافق على هذه اللعبة و لم يدر بخلده بأن شايلوك كان يعني ما قاله. و لكن كان بسانيو قلقا على صديقه من هذه اللعبة الخطيرة قائلا لصديقه أنطونيو " أعتقد بأن شايلوك سينفذ ما قاله. لا أريدك أن تقترض المال من شايلوك". فرد عليه أنطونيو قائلا " لا تخف، ستصل سفني خلال شهرين و ستكون محملة بالكثير من البضائع و المال". لذا اقترض أنطونيو المال من شايلوك اليهودي و أعطاه لبسانيو. وفي بيلمونت، وقبل وفاة والد بورشيا، كان والدها يفكر بطريقة تمكن ابنته من أن تتزوج بالرجل المناسب لها ففكر قائلا " إنني قلق لأن كثيرا من الشبان يريدون الزواج من ابنتي لثروتها، لذا سأترك ثلاثة صناديق صغيرة ، واحد مصنوع من الذهب وآخر من الفضة و ثالث من الرصاص، و الشخص الجدير بابنتي سيختار الصندوق المناسب".

و كانت بورشيا و خادمتها المخلصة نريسا تتحدثان عن الشبان الذين أتوا ليفوزوا ببورشيا، و بعدها أتى خادما إلى غرفتها قائلا " لقد أتى أمير من أفريقيا يا سيدتي" فعرضت بورشيا الصناديق الثلاثة للأمير الذي بدوره نظر إليها متأملا و قرأ ما هو مكتوب على كل صندوق، ففي الصندوق الذهبي كان هناك الكلمات التالية " من يختارني سيجد ما يتمناه كثير من الناس" و كانت الكلمات التالية على الصندوق الفضي " من يختارني سيجد كثيرا مما يتمناه " ، أما في الصندوق الأخير الرصاصي فكانت الكلمات التالية " من يختارني يجب أن يضحي و يجب أن يكون مستعدا لخسارة كل ما يملك ". قالت بورشيا للأمير " إن صورتي في أحد هذه الصناديق الثلاثة و عليك أن تختار إحداها التي تحتوي على صورتي، و الآن ماذا تختار؟" فقال الأمير بعد أن قرا الكلمات على كل صندوق بتمعن " كل الناس في العالم تتمنى الذهب، و كل الناس تأمل في الفوز بقلب بورشيا، لذا أختار الصندوق الذهبي". أخذ الأمير المفتاح من بورشيا و فتح الصندوق الذهبي ولم يجد صورة بورشيا فيه و لكنه أيضا كان مندهشا عندما رأى جمجمة و قطعة من الورق مكتوبا عليها " ما كل ما يلمع ذهبا"، فذهب الأمير و هو حزين و كانت بورشيا سعيدة برؤيته خارجا. بعدها أتى أمير فرنسي و كان مغرورا فاختار الصندوق الفضي قائلا " أنا شخص عظيم و أتوقع أن أحصل على كل ما أتمناه" ففتح الصندوق الفضي و لكن لم يجد صورة بورشيا وإنما صورة شخص أبله كما كان هناك أيضا قطعة من الورق مكتوبا عليها " هناك كثيرا من الحمقى الذين يملئون هذا العالم" فأنصرف الأمير الفرنسي آسفا.

بعدها أتى الخادم مرة ثانيه إلى بورشيا قائلا " هناك شاب من البندقية أتى ليجرب حظه للفوز بقلبك " ، و بالطبع كان هذا الشاب هو بسانيو، و كان بصحبته العديد من الخدم يدعى أحدهم جرتشيانو وكان صديقا لبسانيو. و قد وقعت بورشيا في حب بسانيو، فقالت له " أرجو أن تنتظر يوما أو يومان قبل أن تختار، فإن اخترت الصندوق الخطأ فلن أراك ثانية، كم تمنيت إخبارك عن الصندوق المطلوب و لكني وعدت والدي بأن لا افعل ذلك" فقال بسانيو " لا ، دعيني أجرب حظي، دعيني أختار فأنا لا أستطيع الانتظار". نظر بسانيو إلى الصندوقين الذهبي و الفضي ، ففكر قائلا " أن الأشياء الجميلة المظهر ، ليست دائما جميلة الجوهر. إن الصندوق الرصاصي لا يعد بإعطائي شيئا، فهو يخبرني بأني يجب أن أكون مستعدا للتضحية بكل ما أملك للشخص الذي أحبه، و بما أنني أحبك و مستعد للتضحية لأجلك فأنا أختار الصندوق الرصاصي" ، ففتح الصندوق الرصاصي فوجد بداخله صورة بورشيا، فقرأ بعدها ما هو مكتوب في الورقة التي تقول " إن كنت سعيدا بهذه النتيجة فاستدر باتجاه السيدة الواقفة أمامك و قبلها ، ففرح بسانيو كثيرا واستدار و قبّل بورشيا قائلا بسرور " سيدتي العزيزة، هل تقبليني زوجا لك ؟ " فقالت له بورشيا بفرح غامر " كم تمنيت أن أكون أجمل مما أنا عليه ألف مرة و أغنى مائة ألف مرة مما أنا عليه الآن لأكون ملكك ، أنني أقبل أن أكون زوجتك و كل ثروتي هي ملك لك".

و بعدها أخرجت خاتما من إصبعها و أعطته إياه قائلة " خذ هذا الخاتم ، فإذا أضعته أو أعطيته لأحد آخر يكون هذا نهاية حبنا " ، فأجاب بسانيو " إذا غادر هذا الخاتم إصبعي ، فإن روحي ستغادر جسدي" ، و عندما كان بسانيو و بورشيا يتحدثان عن حبهما ، أتى خادم بسانيو و صديقه جرتشيانو مع خادمة بورشيا المخلصة نريسا ، فقالت نريسا " نتمنى لكم السعادة في زواجكما ، لقد قررنا أنا و جرتشيانو الزواج أيضا". و بمجرد استعداد الأربعة لمراسيم الزواج ، و صل ثلاثة أصدقاء من البندقية إلى بيلمونت حاملين معهم رسالة من أنطونيو، ففتح بسانيو الرسالة و بدأ بقراءتها. نظرت بورشيا لوجه بسانيو وهو يقرأ الرسالة فتأكدت بأن شيئا رهيبا كان قد حدث ، فسألت بسانيو قائلة " إنني نصفك الآن فيجب علي مشاركتك همومك، أخبرني ممن هذه الرسالة و ما هو مضمونها ؟ " فقرا بسانيو الرسالة " عزيزي بسانيو، لقد تاهت كل سفني في البحر، وأنا الآن لا أملك أي مال لذا لا أستطيع دفع المال لشايلوك ، و هو مصر على أخذ رطل من لحمي، فإن فعلت ذلك فإنني حتما سأموت، لذا إنس موضوع المال الذي أقرضتك إياه ، و كل ما أتمناه هو أن أراك قبل أن أموت ". فطلبت بورشيا من بسانيو الذهاب حالا إلى صديقه و لكنها أردت أن يتزوجها أولا قبل ذهابه، حتى يتسنى له أخذ مالها ليدفعه لشايلوك حتى يحل صديقه من وعده، و بمجرد زواجه منها ، اتجه بسانيو إلى البندقية ليرى صديقه أنطونيو. و عندما ذهب بسانيو و جرتشيانو، فكرت بورشيا بطريقة لإنقاذ أنطونيو ، لذا قررت الذهاب إلى البندقية، و كان لبورشيا صديقا مخلصا كان قاضيا مشهورا فطلبت منه أن يعرها ملابسه الخاصة بالقضاء ، فلبست ملابس القضاة متنكرة و تظاهرت بأنها قاض. كما تنكرت الوصيفة نريسا بزي مساعد القاضي ، بعدها توجهت الاثنتان صوب البندقية. أما في البندقية فكان شايلوك غاضبا جدا من أنطونيو و كان أحد أصدقاء أنطونيو قد هرب مع ابنة شايلوك ليتزوجا لانهما كانا يحبان بعضهما و لكن شايلوك رفض زواج ابنته اليهودية من رجل مسيحي، كما أن ابنة شايلوك قد أخذت بعضا من مال والدها أثناء هروبها، فكان شايلوك غاضبا جدا و جرى في شو راع و أزقة البندقية يصيح بأعلى صوته مناديا ابنته بأن تعود إليه، وكان كل أطفال البندقية يجرون خلفه و هم يضحكون و يصرخون قائلين " مجوهراته ، ابنته و نقوده ". و عندما سمع شايلوك بأن سفن أنطونيو قد تاهت في البحر ، بدأت عليه السعادة و الظفر و قد تأكد تماما بأنه الآن يستطيع أن يقتل أنطونيو انتقاما منه.

_ انتهى الجزء الأول_


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.