تزدحم علامات تعجب عديدة في ذاكرتي، حينما أرى هذا الاذلال والعجز يتمدد خاصة في عدم الإيفاء بأبسط متطلبات الخدمات وشؤون الحياة في المناطق (المحررة) والخاضعة لسلطة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليًا والمحظية باسناد ودعم - حاتمي - من التحالف الذي تقوده منذ خمس سنوات المملكة العربية السعودية.. أصبح حال المواطن في مناطق سلطة الشرعية مكدر وميؤس، فلم يعد احدًا ينتظر بشارة تغيير للأفضل أو نصر مؤزر من حرب العام الخامس للقضاء على التمدد الحوثي المدعوم من إيران - كما تقول جبهة وآلة الإعلام الشرعي - بقدر اتساع انشغال عامة الناس بذواتهم والانغماس بهمومهم وثقل معيشتهم وقساوة أحوالهم التي يكابدها يوميًا، بعد نكبة الحرب المشؤومة، ومنها اختلال الخدمات من انقطاع الكهرباء وشحة المياة وطفح المجاري وانتشار الأمراض وارتفاع الأسعار وغياب الراتب وفوضى وعشوائية وبلطجة وإقصاء وتخبط وانفلات لا يخفيه عين راصد او بصير، فقد وجدت السلطات المحلية التي تعمل في الميدان نفسها في وجه غليان ثائر ومزاج غير راضي عن ادائها في المقابل يعتصرها ويستنزف طاقاتها تنهكها ملفات معقدة وأخري ملغمة حتى انها اضحت تتحمل وحدها عبئ الفشل ووزر التقصير ، الذي هو في الأساس من صنيع الحكومة المقيمة في الرياض والذي يفترض أن يكون بيدها مفاتيح الحل والعقد بوصفها آمرة للرعية، لكنها هي الأخرى اتضح إنها مخنوقة كما يبدو بالبند السابع. حضرموت هذه البلدة الطيبة المسالمة لم تكن بمعزل عن هذا الوضع الكارثي الموجع على الرغم أنها متعففة من ادران الصراعات والفوضى وليس لها صلة ب "لعبة" الحرب ومآسيها ، إلا أن معاناة أهلها من تردي أوضاع الخدمات ومنها الكهرباء أشد وأمر، إضافة إلى التدهور الأمني المفجع في الوادي ومسلسل أراقة دماء الأبرياء جهارا نهارا، وعلى مرآى ومسمع الأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومية والتحالف معًا .. وهذا الواقع المؤلم والمذل يقع تبعاته على رأس السلطة المحلية، ويوصلها مرارًا وتكرارًا العتاب واللوم والنقد اللاذع والجارح - احيانًا- ووسمها بالتقصير، وهي - في الحقيقة - فاقدة الإمكانيات.. مسلوبة القرار.. مشلولة الحركة.. متداخلة الأهواء.. مثقلة بالالتزامات.. ماسورة بالازدواج.. مكبلة بالمحاذير ..فلم تعد حضرموت الأنموذج المثالي الذي يمكن أن يحتذى به بعد ان فشل جهودها ملف الخدمات ومنها - بالطبع - الكهرباء، وإدارة الأزمات كمواجهة جائحة كورونا أو نكبة السيول الأخيرة.. لقد صدقت حضرموت مع التحالف على نية من الصفاء والنقاء في حربها على الإرهاب واستطاعت في فترة وجيزة ومحددة أن تطهير أرضهم من رجس أعتى تنظيم إرهابي، وتشرع بعد ذلك - مباشرة - في تطبيع الحياة وفتح ذراعها لمعانقة الأمن والاستقرار وأن تسهم بدور كبير في رفد وتحريك المنظومة الاقتصادية للبلاد وأن تكون ملاذا أمنًا للعيش الكريم دون نزعات شيطانية أو تصنيف أو غلو أو استعلاء.. لكنها لم تحصد مقابل ذلك إلا الخذلان والجحود من الشرعية اليمنية، والغبن والتجاهل من التحالف الذي أدار ظهره لحضرموت ولم يوفيها حقها ولم يوليها قدرها من الاهتمام لا أمنيًا ولا خدميًا ولا اقتصاديًا .. فلماذا تجزي حضرموت جزاء سنمار يا تحالف ..