الفساد يظل فسادا، لا يمكن أن نفرق بين فساد شمالي وفساد جنوبي، وفساد أبيض وآخر اسود. مرحلة الحراك الشعبي الجنوبي يعتبر من أبهى وأزهى مرحلة مرت على الجنوب، كان الجميع في خندق واحد، كان الجميع يذم الفساد ويرفضه، لان مصدره بكل بساطة قوى شمالية متنفدة عاثت فسادا بطول البلاد وعرضها، فكان سببا في ثورة شعب. ولكن بعد عام 2015م تغيرت أمور كثيرة، وجرى السيل في الوادي وأخذ معه كلما وجده في طريقه، الا الأشجار الباسقة الثابتة في الأرض، فإنها ظلت واقفة كما كانت، لا يغيرها الواقع الجديد ولم تهرول كما هرول الكثير، بعد عام 2015م ظهر الفساد على نطاق واسع، ولكن هذه المرة لم يجد ذلك الإجماع كما كان أيام الحراك الجنوبي، بل أخذ الفساد ألوان متعددة وتحت يافطات وشعارات وطنية، ورجال يدعون تمثيل الجنوب، فكان هناك جمهور كثير مؤيد ومبارك لهذا الفعل القبيح، تحت حجة عدم شق الجبهة الداخلية! وأنها مجرد إشاعات تقف خلفها قوى الشر الأحمرية الإخوانية!، لذلك صمت الكثير من عقلاء القوم حتى لا يصنفوا مع هذا البعبع، ونامت الأقلام النظيفة على رصيف الوطن المنهك، وارتفعت أصوات البلهاء يتغنون بإسم الوطن الموعود ويقودون المجتمع إلى المجهول والطريق المسدود. ذموا الفساد أين كان مصدره، وأين كان فاعله، لا تنظرون إلى خلفية الفاسد الحزبية، ولا المناطقية، ولا الجهوية، فقط ارفضوا الفساد لأنه كفيل باسقاط الوطن الذي قدم قوافل من الشهداء والجرحى والمفقودين، لأجل قيام دولة العدل والنظام والقانون والدستور.