قال بصوت مرتفع: "يجب أن يحترموا معتقداتنا". و أضاف، برفع أحد حاجبيه، بطريقة فيها خبث: "مش هم يقولوا انهم يحترمون معتقدات الآخرين. خلاص لازم يحترموا معتقداتنا ولا يسيئوا لنا". ثم ذهب، و يذهب كل يوم إلى المسجد، و يفعل مثله و عددهم بالملايين، الفعل ذاته، و يرددون بعد الإمام: "اللهم رَمّل نساءهم ويَتِّم أطفالهم، و اجعل أموالهم و نسائهم غنيمة لنا". إنه خطاب لا إنساني، يكرره المسلمون، بطريقة عجيبة، ليس لعقود؛ بل و لقرون. و يريدون من الله أن ينفذه.
دعكم من ذلك الآن. هل السخرية من ناس يعبدون البقر، يأتي في سياق احترام معتقدات الآخرين؟ هل السخرية من ناس يعبدون الحجر يأتي في سياق احترام معتقدات الآخرين؟ ايراد أمثلة كثيرة عن [التضاد في مفهوم الاحترام المتبادل للمعتقدات] أكثر من أن تحصى. تم طعن إمراتين محجبتين في فرنسا بلا سبب إلا لكونهما محجبتين (حتى و إن أتى الطعن، في حقيقة الأمر، كرد فعل عكسي، انتقامي، لذبح معلم فرنسي من قبل شاب شيشاني مسلم بحجة انه أساء إلى معتقده الديني).
حسناً.. لنترك المختلف معنا جانباً الآن. لنسأل وحسب: - هل المسلمون متفقون في ما بينهم؟ - ما الذي يحدث بين السنة و الشيعة؟ - ما الذي يحدث بين السلفية و الصوفية؟ - هل تتذكرون قصة الفرقة الناجية الوحيدة وما عداها في النار؟ - هل تتذكرون "سلمان رشدي" و "فرج فودة" و "عمر باطويل" ؟ - هل تتذكرون ابن رشد؟ - هل أحصى أحدكم عدد الفتاوى التي تبيح قتل المختلف، المُغاير؟ - هل تتذكرون فتاوى حربي 1994 و 2015 ؟! - أليس الشعار الكارثة : "دم الجنوبي على الجنوبي حرام" يثير الضحك والبكاء في آن ؟
ألم يحن الوقت بعد لنضع يداً على جرح ما نعيشه لنعيش جميعنا بسلام؟ و إذا لم يحن الوقت بعد؟ فمتى موعده؟ يقول الكاتب المصري خالد منصور:" هناك حوارات ومراجعات للذات وفهم للسياقات يتعين القيام بها كلها من أجل تحليل دقيق ومفيد بشأن أعمال العنف التي يقوم بها جهاديون ومهووسون إسلاميون من مدارس وخلفيات مختلفة، هذه التحليلات المتأنية يمكنها أن تساعد في خلق سياسات عامة رشيدة ورأيٍ عام أكثر استنارة فيما يتعلق بهذه الظواهر". عن نفسي لطالما كان موقفي محدداً، واضحاً، و لا يحتمل أي لبس:" تأسيس دولة مدنية حديثة حاضنة للناس كل الناس بغض النظر عن معتقداتهم الدينية و السياسية و الفكرية أو ألوانهم أو أجناسهم أو أعراقهم أو لأية أسباب أخرى".