الحرية والمواطنة المتساوية والعدل والعيش الكريم وغير ذلك من آمال الشعب اليمني والتي قدم لها قرابين وضحايا وشهداء منذ منتصف القرن الماضي وحتى الثورة الشبابية الشعبية _كأقرب حقبة_أضحت بعيدة المنال ,والتفاؤل الذي رافق الثورة الشبابية مال لبث أن تحول الى نذير شؤم بأيام حالكات ووضع أكثر سوأ من ذي قبل. القمع والانفلات الأمني والبطالة والتوريث والفساد والتبعية والتدخلات الاقليمية في الشأن اليمني كانت سبب سخطنا وغضبنا على الرئيس السابق وفريق إدارته ,وكانت شعارات الثوار والاحزاب وموضوعات منتدياتها واجتماعها ,فماذا وجدنا في الرئاسة والحكومة الانتقالية ؟
ظهرت أبين وشبوة بدلا عن سنحان ومقولة, والاصلاح بديلا عن المؤتمر وصفقات وابتزاز وتقاسم للوظيفة العامة.
أما الحالة العامة فهي كما هي مع زيادة في التدهور الاقتصادي وزيادة نسبة البطالة وتوسع الانفلات الأمني وارتفاع درجة الجريمة والاختطافات والتقطع على الطريق العام وداخل المدن.
ظهور ابن الرئيس كلاعب فاعل في القرارات والملفات الداخلية والخارجية، عقد صفقات مع الاصلاح لتمرير تعيينات قيادات عسكرية تابعة لأحد أطراف أحداث 86 مقابل قبولمرشحين للإصلاح في مناصب كبيرة كمدير مكتب الرئاسة والسماح للإخوان بتجنيد عشرات الآلاف من أعضائهم في الداخلية والجيش..كل ذلك العبث وغيره لن يكون إلا سجلامخزيا في تاريخ المرحلة وأمام الشعب الذي غيبه ضعفه وقلة حيلته .
المشكلة ليست في عجز الرئيس وإمعية رئيس الحكومة وخيبة أعضائها فقط ,فنحن كمواطنين سبب رئيسي في كل ما يحدث !! صحيح أن نسبة كبيرة وعيها السياسي ضعيف ,وحقيقي أن مجتمعنا زراعي بنسبة70% من السكان ولا تأتي أمور السياسة في أولوياته, لكن وجود الحياة المستقرة والأمن والتعليم والصحة والعدل والمساواة هي محور العيش الكريم وطلب الجميع ,ولا شيء من ذلك في متناول 90%من اليمنيين.
الطائرات الأمريكية تقتلنا, القوات السعودية تحتل أرضنا وتمتهن أبنائنا لديها, المخابرات القطرية تعقد صفقات مع القاعدة في بلدنا, الآلاف من شبابنا يرسلون إلى الموت في سوريا.
ماذا بقي بعد حتى نتأكد أن حياتنا سيئة وأوضاعنا مملة وأرواحنا لا تساوي إلا رصاصة من بندقية حارس شيخ تافه؟؟
نموت يوميا وبكل الوسائل غرقا في عرض البحر وبسقوط الطائرات على رؤوسنا وبحوادث السير, وبرصاصات المشائخ ومركباتهم, وبالسرطان وتليف الكبد والفشل الكلوي والى آخر تراتبية وسائل الموت.
بضع مئات يتقاذفون بأرواحنا ويتحكمون في مصائرنا ويصادرون باطن الأرض وظاهرها. لسنا في أجندتهم إلا أدوات للامتطاء وبيادق تصل بهم إلى الكرسي والملك, أو رعية في حوش شيخ نقطف له رؤوسا أو نوطنه أرضا ملك ليتيم أو عاجز.
وسيظل تغيير الحال من المحال ما لم يدرك المزارع والمثقف والموظف والجندي وكل مكونات المجتمع أن حياتهم وحياتنا مملة وغير آدمية فنعمل لحياة أكرم وأفضل ,أو ننتظر حماقة الموت . (أن تحيا من أجل أن تموت ليس شيئا مسليا أبدا, ولكن أن تحيا وأنت تدرك أنك ستموت قبل فوات الأوان فهذا شيء أحمق تماما) تشيخوف