أوقفوا هذا العار.. إعلان إسرائيلي غاضب ضد ''توكل كرمان'' بسبب تصريحاتها الجريئة عن حرب غزة    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    الإعلان عن مساعدات بريطانية ضخمة لليمن    موقف عامل يمني بسيط يرفع رؤوس اليمنيين في المملكة !!    عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    مليشيا الحوثي تواصل اختطاف خبيرين تربويين والحكومة تندد    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى الخمسون لاغتيال الرئيس كنيدي
نشر في عدن الغد يوم 21 - 11 - 2013

قبل خمسين عاما مضت سمع دوي طلقات رصاص، وكان نتيجة ذلك ان تركت مارينا أوزولد وقد باتت أرملة شابة لديها طفلان صغيران. ولكنها لم تحظ بأي تعاطف حيث كانت البلاد تعيش حالة حزن عام لوفاة رئيسها المحبوب. فقد كان زوجها الذي اغتيل هو أيضاً أحد أكثر الشخصيات البغيضة في التاريخ. وهو لي هارفي أوزولد قاتل الرئيس جون كنيدي.

وبعد مضي نصف قرن مازال وجهها المجهد الذي تغطيه التجاعيد، وعيناها الحادتان وقسماتها تشير إلى أنها ما زالت قادرة على التخلص من لعنة الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1963.

فمنذ ان ألقي باللوم على زوجها في اغتيال الرئيس كنيدي في ذلك اليوم في مدينة دالاس ظلت مارينا المولودة في روسيا تعيش حياة أقرب إلى العزلة، تعاني الشبهات التي لاحقتها، والكراهية، بل وحتى التهديدات بالقتل من أناس يعتقدون أنها كانت متآمرة معه في خطة وضعتها وكالة كي - جي - بي الاستخباراتية السوفيتية. فزوجها كان قد فر من الاتحاد السوفيتي ولجأ إلى أميركا.
ولكن مع اقتراب الذكرى الخمسين لتلك المأساة، خرجت مارينا الجدة التي بلغت الآن سن الثانية والسبعين إلى العلن، والتُقطت لها صور لأول مرة منذ 25 عاماً، تظهر فيها أثناء تسوقها في متجر وول مارت القريب من بيتها.

وهي تزوجت مرة أخرى وظلت تعيش في منطقة ريفية في ولاية تكساس، تبعد مسافة عشرين ميلاً من الموقع الذي اغتيل فيها الرئيس كنيدي، ويقال إن مارينا أوزولد بورتر تعاني مشاكل صحية، وتحاول تفادي الاهتمام الدولي بالذكرى الخمسين لاغتيال كنيدي.

كانت مارينا قد ابلغت في البداية لجنة تحقيقات القاضي وارين في قضية الاغتيال، انها تعتقد بأن زوجها، الذي كان في الرابعة والعشرين من عمره، مذنب بإطلاق النار على الرئيس.

ولكن بعد الاطلاع على حوالي اربعين الف كتاب ونظرية من نظريات المؤامرة التي تناولت عملية الاغتيال، غيرت رأيها وهي مثل اغلبية المواطنين الاميركيين تعتقد الآن ان هناك مؤامرة اغتيال معقدة وعملية تغطية اكثر تعقيداً. وهي تؤكد ان اوزولد جرى تلفيق التهمة له وتوريطه لكي يتحمل وزر مخططي عملية الاغتيال في وكالة الاستخبارات الاميركية والمافيا، كما تعتقد ان هواتفها ما زالت تخضع للتنصت، من قبل الاستخبارات، وانها ظلت تعيش في حالة خوف من التعرض الى الاغتيال من قبل جواسيس.

ويقول منتج الافلام الوثائقية كيا مورغان ان «مارينا لا تؤمن بكل تأكيد بالرواية الرسمية للحدث، فقد ظلت تردد ان لي هارفي اوزولد كان يحب الرئيس كنيدي»، وهو امر كشفته احدى صديقاتها المقربات.

.. الخوف على حياتها

ويضيف: «لقد امضت نصف قرن تخشى الاغتيال وظلت تحمل ذلك العبء المستمر على عاتقها، تخشى إما الاغتيال على يد الاستخبارات وإما على يد من يطلبون الثأر من قاتل الرئيس».

ويقول مورغان ان مارينا تلقت سيلا من العروض لكي تبيع قصتها، من بينها عرض بمبلغ ثلاثة ملايين دولار قدمته احدى شبكات التلفزيون الاميركية. ولكن على الرغم من معاناتها وعيشها على ما تحصل عليه من الاعانة الاجتماعية، رفضت الاستفادة من هذا الامر في ذكرى مرور خمسين عاما على اغتيال كنيدي.

ولكن بعد الحديث مع اصدقائها وصديقاتها وجاراتها تقول مارينا انها ستحاول اخيراً تخليص دواخلها من الآلام التي ظلت تعانيها نتيجة «اسوأ يوم في حياتها».

تبيع خاتم زواجها

فقد باعت الآن خاتم زواج زوجها في مزاد بمبلغ 108 آلاف دولار، وهو خاتم محفور عليه «المنجل»، شعار صغير للمنجل والمطرقة كان قد اشتراه اوزولد من مدينة مينسك الروسية.

وكان اوزولد، الجندي في قوات المارينز السابق، قد فرّ الى الاتحاد السوفيتي عام 1959 حيث التقى طالبة الصيدلة مارينا بروساكوفا، وكانت في التاسعة عشرة من عمرها. وكان ذلك في حفل رقص بعد عامين من اقامته هناك. وتزوجا بعد ستة اسابيع فقط من ذلك اللقاء وعادا للاقامة في تكساس في يونيو عام 1961. وكانت تعرف القليل من اللغة الانكليزية وركزت جهدها على طفلتيها جون التي تبلغ الآن 51 عاما وراشيل 50 عاما.

وفي صبيحة يوم الاغتيال ترك اوزولد الخاتم في كوب كان موضوعا على طاولة على جانب السرير في غرفة نومهما. ومثل كل متعلقاته تم التحفظ عليه من قبل الاستخبارات. واعيد الى محام يمثل مارينا بعد ان ظل مفقوداً في الملفات حتى عام 2004.
وباعته مارينا في الشهر الماضي مع رسالة، وقالت فيها «في هذه الفترة من حياتي لا ارغب في الاحتفاظ بخاتم لي بسبب رمزيته، ورغبتي في نسيان الماضي المرتبط بيوم 22 نوفمبر 1963».

ولكنها ظلت تعاني لفترة طويلة. فحياتها وكذلك مسيرة التاريخ، تغيرا تماما عندما اطلق قناص النار على الرئيس الثالث والخمسين للولايات المتحدة عندما كان على متن سيارة مكشوفة ضمن موكب سيارات الرئاسة مع زوجته وحاكم ولاية تكساس جون كونالي وزوجته نيللي اثناء مرور السيارة امام مخزن كتب مدارس تكساس، حيث كان يعمل لي اوزولد.

الشبهة والشرطي
وبعد مضي 70 دقيقة فقط من انطلاق صوت الرصاصة، تم اعتقال اوزولد من قبل شرطة دالاس للاشتباه باغتياله لضابط الشرطة جاي - دي تيبت الذي يقال انه استوقفه واستجوبه في الشارع، لانه كان يشبه الوصف الذي بث عبر الاذاعة للمشتبه بتنفيذ عملية الاغتيال.

... والقاتل المتآمر
وقد وجهت الى اوزولد لاحقا التهمة بارتكاب الجريمتين. ولكن بعد يومين من ذلك اطلق صاحب ناد ليلي يدعى جاك روبي النار على ازولد وارداه قتيلا، وذلك اثناء نقله الى سجن المقاطعة.

وقال روبي في وقت لاحق انه كان قد تأثر كثيرا لوفاة الرئيس كنيدي ورغب في اراحة جاكي كنيدي من عناء المحاكمة واحزانها. غير ان عددا من الناس ظلوا يدعون منذئذ ان روبي الذي توفي في السجن اثر اصابته بمرض سرطان الرئة كان جزءا من مؤامرة أوسع.

كما ادعى تقرير لجنة القاضي وارين في عام 1967 ان اوزولد نفذ عملية الاغتيال وحده ولكن وبعد مضي 50 عاماً، نجد ان اغلبية الاميركيين يعتقدون انه كانت هناك مؤامرة وتغطية لعملية الاغتيال.

الجاسوسة البريئة
وفي اعقاب عملية اطلاق النار تم اعتقال مارينا ووضعت في حجز انفرادي، حيث حقق معها عملاء من مكتب التحقيقات الفدرالي، ووجهت اليها اتهامات بأنها جاسوسة روسية، وتمت تبرئتها بعد 18 شهراً من اي تورط في العملية،
وتزوجت جارها كينيث بورتر وشعرت براحة كبيرة لانه بات في مقدورها استخدام اسم زوجها بدلاً من اوزولد. ولدى الزوجين ابن في السابعة والاربعين يدعى مارك، وهما يعيشان في بيت صغير بالقرب من مدينة روكويل في تكساس.
وظلت مارينا تعمل لعدة سنوات في متجر محلي من دون ان يعرفها الناس، ولقد ظلت تعاني قلة الدخل طوال حياتها، وتعيش هي وزوجها الآن على راتب تقاعد الضمان الاجتماعي، وبعد مخاوف في البداية بات الزوجان يجدان القبول والترحاب ضمن المجتمع الصغير الذي يعيشان فيه. وبالرغم من ان مارينا قامت برحلات عديدة لزيارة مدينتها في روسيا، فانها عازمة على الحصول على الجنسية الاميركية.

إصرار على براءة زوجها

وفي الذكرى الخامسة والعشرين لاغتيال الرئيس كنيدي ظهرت مارينا على شاشة احدى المحطات التلفزيونية، حيث غيرت القصة الاولية التي روتها، واصرت على القول انه لم تكن هنالك ادلة دامغة لادانة زوجها بتلك الجريمة، ولكنها لا ترغب الآن في المشاركة في الذكرى الخمسين، ويقول صديقها مورغان انه يخشى ان هذا الامر بدأ يؤثر سلباً في صحتها «انني اخاف عليها، فقد اصيبت باضطراب قلة المناعة بسبب التوتر، وجعلها ذلك تصاب بالمرض وفي بعض الاحيان بالكاد تستطيع المشي.

وهي مصابة بالكحة المستمرة وتشعر بالالام في كل جسدها وبالم حاد في المعدة وظلت تتردد كثيراً على المستتشفى، وتعد الذكرى تذكيراً لها بما حدث ويشتد التركيز عليها، وتجد في كل يوم شخصا ما يود الحديث اليها حول اوزولد».

ويضيف «انها تعاني من الناحية المالية، وانه امر مذهل الا تحاول البتة مشاركة الناس حكايتها للحصول على مكاسب مالية، فقد عرض عليها مبلغ 3 ملايين دولار ولكنها رفضت ذلك».

ويقول مورغان ان متعتها الوحيدة هي اسرتها، وابنتها الكبرى جون سيدة اعمال ولديها طفلان، وابنتها راشيل لديها درجة جامعية في العلوم الطبية، وابنها مارك بورتر يعيش مع زوجته وابنه في مدينة روبيس سيتي في تكساس، ومارينا ام جيدة ربت ثلاثة ابناء حققوا النجاح.



رواية طبيبي الطوارئ للحظات الأخيرة في حياة كنيدي
ما زالت ذكريات د. روبرت ماكليلاند حول اليوم الذي اغتيل فيه الرئيس جون كنيدي، خصوصاً المنظر الحزين للسيدة الاولى وهي تودع زوجها الوداع الاخير، راسخة في ذهنه.

ود. ماكليلاند احد طبيبين ما زالا حيين كانا ضمن الفريق الطبي الذي حاول انقاذ الرئيس بعد اصابته بجروح خطيرة، اثر اطلاق النار عليه في مدينة دالاس بولاية تكساس في 22 نوفمبر 1963.

عملية بيدين عاريتين
يقول د. ماكليلاند، الذي يبلغ حاليا 84 عاما، «لقد كان امراً مفزعاً ان ارى الرئيس كنيدي مستلقياً على ظهره فوق نقالة، واضواء غرفة العمليات الباهرة تتلألأ على رأسه المدمى، وما زلت اذكر ذلك المشهد كما لو أنه حدث بالامس،

لقد كان لون وجهه يميل الى الرمادي، وكانت عيناه مفتوحتين، ورأسه مغطى بالدماء، ولم يكن امامي وقت لارتداء قفاز او تنظيف يديّ وفركهما، وقمت بالعملية بيديّ العاريتين».

ففي ذلك اليوم انطلق د. ماكليلاند الى غرفة عمليات الطوارئ رقم واحد في مستشفى باركلاند ميوموريال في دالاس، بعد سماعه النبأ المفزع بأن موكب الرئيس كنيدي تعرض لاعتداء.


ثوب جاكي من شانيل
يتذكر كيف انه اثناء محاولة شق طريقه عبر ازدحام صفوف رجال الشرطة والاستخبارات والعاملين في المستشفى، رأى جاكي زوجة الرئيس تجلس على كرسي خارج غرفة العمليات، وكانت بدلتها الصوفية الوردية من تصميم شانيل مغطاة بالدماء.

وحال دخوله الى غرفة العمليات، انضم اليه د. كينيث سلاير، والتحق بهما بعدها جراح مساعد. وقد حاز د. سلاير لاحقا شهرة بأنه احد اهم الاختصاصيين في مجال علاج الجمجمة والوجه في العالم
.
جمجمة متفجرة
وفي سيرته الذاتية التي صدرت اخيراً، قال د. سلاير ان الاولوية كانت تتركز على جعل الرئيس يتنفس، وذلك من خلال ادخال انبوب عبر الحلق الى داخل الرئتين. ويتذكر ان «كل الجانب الايمن من جمجمة الرئيس كنيدي انفجر، وان معظم الجانب الايمن من دماغه تضرر، والمتبقى كان مكشوفاً بفتحه في الجمجمة».

واضاف «لم يتمكن الفريق من ايصال الانبوب عبر انف الرئيس، واضطررنا بدلا من ذلك التركيز على جرح صغير احدثته الطلقة في عنق الرئيس كان يسحب الهواء عبرها. وعن طريق توسيع حجم الجرح، تمكنا اخيراً من ادخال انبوب التنفس الى رئة الرئيس.

وبالرغم من ان اياً منا لم يقل ذلك، فقد كان مؤكداً مسبقا لدى كل منا ان أي خطوات اضافية قد نقوم بها لمساعدة الرئيس لا جدوى من ورائها».

مفارقة مؤسفة
وقال «لقد كانت الاصابة مميتة تماما، ولكن على الرغم من أن دماغه قد تضرر ضررا بالغاً، فإن قلبه ظل ينبض، كما ان جسده استمر في استنشاق الهواء بطريقة لا ارادية. وكان مريضنا مصاباً اصابة قاتلة، وهو رئيس الولايات المتحدة، وكنا ملتزمين بمحاولة كل اسلوب علاجي يمكن تصوره لانقاذه».

ويضيف د. سلاير: لقد كانت هناك مفارقة مؤسفة هي ان شجاعة الرئيس كنيدي الطيار ابان الحرب العالمية الثانية والاصابات التي عانى منها من المحتمل ان تكون قد انهت حياته.

ويقول «بدأنا في قطع ملابسه عن جسده، واتذكر دهشتي عندما رأيت حجم وسماكة الرباط الذي كان يرتديه حول صدره وبطنه. وكنت اعرف ان الرئيس كان يعاني من اصابة في الظهر اثناء خدمته العسكرية في الحرب العالمية الثانية، وقد شكّل الرباط اعاقة لعملنا أكثر مما تصورت».

واضاف «اثناء قطعي الرباط الذي كان يلتف حوله بصورة محكمة مثل كورسيه بأداة قطع ذات شفرة حادة، كان من الصعب تصور انه يستطيع الحركة اثناء ارتدائه ذلك الرباط. وبدا لي انه من الواضح ان الاصابة التي تلقاها في الحرب كانت اكثر خطورة والما مما كان معروفا عن العلن.

وقد ابقى ذلك الرباط جسمه في وضع مستقيم وواضح، مما كان يعني انه كان هدفاً ظاهراً لطلقات الرصاص اللاحقة. وإذا لم يكن مرتدياً لذلك الرباط فلربما كان قد نجا». وبالمقارنة، فإن حاكم ولاية تكساس جون كونالي الذي كان يجلس في سيارة الليموزين ذاتها مع الرئيس في ذلك اليوم من أيام شهر نوفمبر عام 1963، سقط إلى الأسفل عندما اصابته طلقة الرصاص، ونجا من الموت.

ووضع الفريق الطبي حقنة تغذية في الذراع اليمنى للرئيس، وأعطوه كمية هائلة من الدم، وقاموا بتدليك قلبه وحقنه بالاستيرويد. وكان الرئيس يعاني مرض اديسون، وهو خلل نادر يصيب غدد الادرينالين، وادخلوا أنابيب إلى صدره، ولكن لم يحدث أي تقدم في حالته.

لا أمل
وقال الدكتور سلاير «لقد بذلنا جهداً جباراً وظللنا نقترح لبعضنا البعض كل الأساليب التي مازال في مقدورنا محاولتها، ولكن كنا جميعاً ندرك انه لم يعد هناك أي أمل».

وقد عمل الأطباء لمدة 12 دقيقة في محاولة انقاذه غير ان مؤشر القلب على شاشة المراقبة ظل ثابتاً. وخلال تلك الفترة كانت السيدة الأولى تدخل إلى غرفة العمليات وتخرج منها.

وقال الدكتور سلاير «لقد ظلت تقف في وضع مستقيم من دون أن تحتاج إلى مساعدة، وكان وجهها يعبّر عن الصدمة والحزن البالغين».

وفي تمام الساعة الواحدة بعد الظهر كانت كل شاشات المراقبة الموصولة بجسد الرئيس تشير في خطوط مستقيمة إلى توقف كل وظائفه، وأعلن الدكتور كيمب كلارك، رئيس قسم جراحة الأعصاب بالمستشفى وبصوت هادئ، وان كان مهزوزاً، «أيها السادة، لقد توفي الرئيس كنيدي».

السيدة الأولى
وأخليت الغرفة، ولكن الدكتور سلاير ظل بها يقف عند رأس طاولة إجراء العمليات في الوقت الذي دخلت فيه إلى الغرفة السيدة الأولى وقس واتجها نحو الجثمان.

ويقول الدكتور سلاير «كنت واقفاً جوار طاولة العمليات واقتربت منها مسز كنيدي، وأتذكر انها نظرت إليّ وكأنها تطلب الإذن بالاقتراب منه. وهززت رأسي وشاهدتها وهي تقترب من جثمان الرئيس. وانحنت عبر جسده للوصول إلى يده اليسرى، وأخرجت خاتم الزواج، ووضعته في احدى أصابعها، وبعدها أمسكت بكل بساطة بيد زوجها تودعه الوداع الأخير». وأضاف «كنت ما أزال أقف جوار طاولة العمليات وقد انتابني عدم الإحساس وعدم تصديق ما أراه أمامي، وعندها دخل بضعة رجال إلى الغرفة يحملون تابوتاً خشبياً وضعوا فيه جثمان الرئيس وحملوه إلى الخارج معهم».

أخذت خاتم الزواج
غير أن الدكتور ماكيلاند يتذكر تلك اللحظة بطريقة تختلف قليلاً، مشيراً إلى أن السيدة الأولى بجانب أخذها لخاتم زوجها، وضعت خاتمها في يده وكانت متماسكة، إذ لم تكن تبكي أو ظهرت عليها أي بوادر عدم تمالكها لنفسها أو أي شيء من قبيل ذلك.

واضاف «لقد كانت تقف هناك في وقار وتماسك وهدوء، وسارت ببطء إلى نهاية طاولة العمليات، حيث كانت قدما الرئيس تظهران خارج الغطاء الذي غطي به. ووقفت هناك للحظة، وانحنت وقبلت قدمه وبعدها سارت إلى خارج الغرفة. وكانت تلك آخر مرة نراها».

وكانت زوجة الدكتور ماكيلاند أرسلت بدلته الملطخة بدماء الرئيس إلى محل للتنظيف الجاف، ولكنه احتفظ بقميصه الأبيض الذي به بقع من دم الرئيس كما هو، وقال لانه «يريد ان يتذكر ذلك دائماً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.