*في زحمة هموم ومتاعب الحياة يشعر المرء بحاجة ماسة بل وضرورية إلى لحظة خلوه وحوار هادئ مع النفس ووقفة تأمل ومراجعة يختزل في تلك اللحظة القصيرة من الزمن ما تختزنه ذاكرته وما قد تؤثر عليه من أحداث ومواقف في حاضره وما يرنو ويحلم بتحقيقه في مستقبله القادم وقد يكون هذا الاختزال لمواقف من الفرح والسعادة والنجاح في حياته الشخصية أو المهنية أو أحزان وآلام عاشها في حياته. وفي لحظة الاختزال هذه يطيب له استعراض شريط من الذكريات يستأنس بها ويعيش معها اجمل لحظات حياته ويتداعى إليها بشوق كبير وحنين وتوق عظيم، ومن الذكريات ما تبقي خالدة حية في النفس ومحفورة في الذاكرة والوجدان لا تنسى أبدا ولا يمحوها غبار الزمن ، ذكريات تكون قد ثبتت نفسها في أذهاننا وسكنت في الأفئدة وأقامت فيها وأبت أن تغادرها عندئذ لا يكون للمرء من خيار عدا ان يعيشها فهي وقتذاك تغدو جزءاً هاماً من مكونات شخصيته ووجدانه ومكوناً بارزاً له بالغ الأثر في مشاعره و عواطفه الإنسانية . وعطاءاته المهنية المثمرة والايجابية في الحياة ..
تكثفت وتفاعلت هذه المشاعر والخواطر في نفسي في لحظة حوار وهدوء مع النفس وتأمل لأجمل شريط تختزنه ذاكرتي .. وترتبط محتويات ذلك الشريط بمرحلة البداية .. لحظة الدخول إلى بلاط صاحبه الجلالة _ الصحافة _ فكانت صحيفة 14 أكتوبر _ المدرسة- التي تتلمذت فيها وتعلمت على أيادٍ خيرة أساتذتها أبجديات العمل الصحفي وأحاطوني بالحب والرعاية والاهتمام والتوجيه المهني اللازم ودفئ الحياة وتزودت من الرواد الأوائل بعصارة خبراتهم وعشت معهم أروع وأحلى صور المعايشة وتعرفت عن قرب عن همومهم ومعاناتهم اليومية وأدركت أنها المهنة . مهنة البحث عن المتاعب ولكنها المتاعب الممزوجة بالمتعة والحرص كل الحرص على شرف وقدسية الكلمة ومصداقيتها وستظل ذكريات أول مبنى للصحيفة .. (المدرسة) الكائن في منطقة الخليج الأمامي( الرزمت) بمدينة كريتر ( قصر البراق ( تفعل فعلها في نفسي . لا يمكن نسيان لحظة الفرح والسعادة التي غمرتني عندما استلمت في عام 1974م رسالة (دعوة حضور ) إلى مبنى الصحيفة حينذاك كنت لا زلت طالباً على مقاعد الدراسة الثانوية ( في الصف الأول ثانوي في ثانوية الشعب ) وبكل مشاعر الرضا والارتياح سلمني الأستاذ التربوي القدير المرحوم فيصل حاتم الذي كان وقتذاك مديراً لثانوية الشعب التي عشت فيها أحلى سنوات الدراسة بل أجمل سنوات العمر كله حين تفتحت ونمت لدي موهبة الكتابة بألوانها المختلفة .. والتقينا في مبنى الصحيفة مجموعة من الطلاب ومن محافظات مختلفة واستمعنا في اللقاء إلى حوار مفعم بالإرشادات والتوجيهات من الأستاذ القدير سالم محمد باجميل رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير الصحيفة والأستاذ القدير محمد عمر بحاح مدير التحرير والأستاذ القدير محبوب علي سكرتير التحرير وفي اللقاء تم اعتماد مجموعة محررين مساهمين بعد تقييم لما نشرته لهم الصحيفة من كتابات متنوعة ( أخبار /تحقيقات/ تعليقات رياضية/ قصائد / قصص .... الخ) وأتذكر تلك الكوكبة الجميلة من الزملاء والزميلات الأحبة الذين رافقتهم مسيرة البداية منهم ( حسين محمد ناصر // أبين و علي سعيد بن طالب // أبين نادرة عبد القدوس و عبدالله عبدالاله و كمال الدين محمد و عبد الرحمن السقاف ونجاة الغابري وآخرين) . وتم منحنا بطاقات صحفية لاعتمادنا وبالرجوع إلى أرشيفي الخاص في مكتبتي المنزلية المتواضعة عثرت على بطاقتي التي تحمل رقم 336وكانت أول بطاقة أضعها في جيبي حيث لم أتجاوز حينذاك السن القانونية لحصولي على بطاقة إثبات الهوية الشخصية وكانت بطاقة صحيفة 14 أكتوبر هي البطاقة الشخصية وهي شهادة الميلاد الحقيقي إذا جاز لي التعبير.(مرفق صورة طبق الأصل لبطاقتي الصحفية طي المقال) وتشجيعاً من هيئة تحرير الصحيفة وتقديراً من مجلس ادر برئاسة الأستاذ القدير الصحفي والإعلامي المخضرم سالم محمد باجميل أطال الله في عمره ومتعه بدوام الصحة والسعادة تم اعتماد صرف مبلغ خمسة عشر دينار شهرياً مكافآت تشجيعية مشروطة بمواصلتنا للدراسة . ختاماً وبهذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوبنا جميعاً ذكرى تأسيس صحيفتنا الغراء صحيفة 14 أكتوبر يسرني التوجه بكل مشاعر الحب والوفاء والعرفان والاحترام والامتنان للأساتذة الأفاضل الرواد الأوائل الذين أسهموا في تربيتي وغرسوا روح حب العمل الصحفي مقرونةً بالإخلاص والصدق والبذل والعطاء دونما كلل أو ملل لأولئك الذين علموني معاني العشق الحقيقي للمهنة الإعلامية وحب الناس وكيفية نكران الذات وكيف للمرء ان يحترق ويذوب كالشمعة المضيئة في سبيل إضاءة الطريق وإسعاد الآخرين والى جميع زملائي الأحبة الذين يواصلون مسيرة وديموية العطاء الإعلامي الصادق و الناجح .. لهم جميعاً باقة ورد وحب وتقدير واصدق واجل الأمنيات القلبية ولعله من الضروري في سياق هذه الكتابة الخاصة بالمناسبة الغالية أن اذكر أسماء بعض الأساتذة الرواد الأوائل الذين تتلمذت على أيديهم وبرفقتهم وبصحبتهم المفيدة والدافئة الأساتذة الأفاضل هم :
(واثق شاذلي/محمد عبدالله مخشف /عبد العزيز احمد مقبل/المرحوم جعفر عيدروس /المرحوم سالم عمر حسين /المرحوم محمد محمود البيحي /المرحوم محمد عبد الله فارع /المرحوم علي فارع سالم شيباني /المرحوم علي محمد الضحياني /المرحوم شكيب عوض سعد/المرحوم المطبعي محمد باذيب /محمد عمر بحاح /محبوب علي /فضل عوزر /سعيد عولقي أطال الله في أعمارهم.)
وربما لا يتسع هذا الحيز الصحفي المتاح لي لذكر أسماء بقية تلك الكوكبة الإعلامية اللامعة في دنيا الصحافة اليمنية والعربية .
وكل عام و صحيفتنا الغراء 14 أكتوبر في تقدم وتطور ورقي وجميع الزملاء والزميلات الكرام في خير وعافية ونجاح مهني دائم .