يغلب على الناس الخوف من المذلة، مذلة تسلط الغير او مد اليد للغير، أو الشعور بالنقص بشيء دون الناس، ويعيش الناس حريصين على ان تظل سمعتهم طيبة، واسمهم لا يناله عيب أو خزي، وهذا الأمر مما فطر عليه الناس . تأملت في الآية التي بالغ القرأن في جزاء من أحسن بقوله(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ..) وتابعت مفهوم القتر والذلة في كتب التفسير، فوجدت ان القتر ضيق العيش الذي يؤدي الى المذلة، والمذلة اسم لكل حالة تشعر الآدمية بالنقص، ومنها القتر قلة ذات اليد، وهنا عطف العام على الخاص. يخطى الكثير في مفهوم الكرامة الانسانية وآلية الحفاظ عليها، ويتكأ البعض على الشجاعة والاقدام، والبعض يتصف بالكرم ليغطي على كل عيب يقدح في كرامته، وهناك من ضاقت عليه الحياة وتعمد الانطواء حتى لا يهان ولا يشعر بالنقص، مما انعكس سلبا على نفسيته، كل ما سبق طرق للحفاظ على الكرامة، لكن الطرق الحقيقية ترجع للاستحياء من الله ، وعدم هتك الستر معه، فالله يغار وغيرة الله انتهاك محارمة، ثم البناء على هذا الأساس بتزكية النفس بالعلم والعمل الحلال الطيب والصبر على ذلك. حالة الفقر وقلة ذات اليد وانسداد الأفق والقهر السياسي وحالة الركود والفشل الاقتصادي تجعل الكرامة الانسانية معرضة للابتذال، ويتهاوى الناس سقوطا في بيع كرامتهم على مستويات واتجهات مختلفة،ومما يؤثر قديما ( تموت الحرة ولا تأكل بثدييها) وقد ماتت كثير من النساء فداء للحرية وعاش الكثير بائعا لكرامته تارة بهوى وتارة بإكراه الحياة. استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من قهر الرجال وغلبة الدين والعجز، وكل هذه المعاني ابتلاءات صعبة لانها تمس مفهوم الكرامة التي تسعى البشرية للحفاظ عليها. التسلط السياسي، وغياب هامش الحرية، وكبت الناس عن قول الحق والدفاع عن بعضهم يضعف مفهوم الكرامة العامة، ويجعل فئام من المجتمع تتزلف وتبيع شرفها وكرامتها، ويقف القليل في دائرة القهر وتستمر المعاناة..