بات مستقبل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس السابق علي صالح، على حافة الانهيار والتفكك بمختلف قواه السياسية والعسكرية، بفعل ضربات "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية التي حشرته في زاوية ضيقة شديدة التعقيد. وأوقفت "تراقص صالح على رؤوس الثعابين"، بحسب وصفه لحكم اليمن، بعدما ذاب الحزب في مشروع جماعة "أنصارالله" (الحوثي) الانقلابي، وفقاً لخصوم الطرفين. يرى سياسيون يمنيون أن مستقبل حزب صالح غامضاً، ولن يكون سوى مجرد حزب صغير مكمل لجماعة الحوثي في الفترات المقبلة، لقبوله أن يكون واجهة سياسية للجماعة، والأهم من ذلك تسليمه عوامل قوة الحزب السياسية والعسكرية لمسلحي الجماعة، التي جعلت منها هدفاً لضربات تحالف"عاصفة الحزم" في مختلف محافظات البلاد، بينما قلل آخرون من تأثير العاصفة على حزب المؤتمر لخبرته السياسية التي ستمكنه من التكيف مع الظرف الراهن. مصير مجهول من جانبه، علق الكاتب والمحلل السياسي رشاد الشرعبي أن" حزب المؤتمر اليمني، بات مصيره مجهول، ما لم يبادر الشرفاء من قياداته الوطنية بالتخلي عن صالح وحليفه الحوثي ومشروعهما اللاوطني، لبعث الروح من جديد في الحزب تمكنه من العودة إلى مساره الصحيح، الذي طرح فكرته الرئيس الشهيد الراحل إبراهيم الحمدي في سبعينيات القرن الماضي، وأسسه وانحرف به علي عبد الله صالح". وقال الشرعبي في حديث خاص ل"عربي21" إن "محاولة الرئيس السابق على صالح استثمار الحزب لصالح بناء نظام عصبوي أسري لحكم اليمن، حرف بوصلته السياسية عن مسارها الصائب، ليتحول في فترة من الفترات إلى حزب لشخص الحاكم ونجله ورغباتهما ومصالحهما الرامية في احتواء أطياف سياسية أخرى بالترغيب والترهيب"، على حد قوله. وأوضح أن "التقاء مصالح على صالح وجماعة الحوثي وحليفهما إيران، استمر في أداء دور غير وطني لعرقلة التسوية السياسية وإفشال المبادرة الخليجية، ساهم في توفير غطاء سياسي لتمدد الحوثية المسلح، وبالتالي الانقلاب على شرعية المؤسسات الرسمية في البلاد، على حسب وصفه. وتابع السياسي الشرعبي: "مع اندماج قوات صالح في مشروع الحوثي التوسعي، عجل هذا التوجه من القضاء على ترسانته العسكرية التي كان صالح يستقوي بها عبر ضربات "عاصفة الحزم". وفق تعبيره غموض يلف مستقبل صالح من ناحيته، أكد رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب أن "حزب المؤتمر الشعبي العام ارتبط بالرئيس السابق وهو واجهته السياسية، ومع تحوث تيار صالح صار حزب المؤتمر ذراعا سياسيا لتنظيم ديني طائفي أي جماعة الحوثي، وهذا ما أفقده القدرة على أن يصبح تيارا معبرا عن المجموع الوطني، بعدما حاصر نفسه في إطار الأيديولوجية الخمينية التي وضعت مستقبله على المحك". بحسب غلاب لكنه قال في حديث خاص ل"عربي21": إن "مستقبل على عبدالله صالح السياسي بعد تحالفه مع الحوثية أصبح غامضاً، بعدما صار مشكلة للداخل والخارج ومعضلة سياسية غير قابلة للحل، إلا بإنهاء دوره من أي عملية سياسية قادمة"، على حد قوله. وتبعا لذلك، يبقى الحزب في مأزق معقد، نظرا لاعتماده كليا على شخص صالح ولتركيبته المتناقضة من حيث القوى التي تعمل بداخله والتي زادته تعقيدا بعد سيطرت الجناح الحوثي عليه".وفق تعبيره وتوقع غلاب أن "يتحول حزب صالح إلى حزب صغير مكمل للحركة الحوثية وواجهة سياسية لها، تنتهي بتفككه وربما نهايته، خصوصاً إذا تمكنت القوى الوطنية اليمنية من إعادة لملمة نفسها في إطار كتلة تاريخية جديدة لتوليد إطار جامع في الفترة المقبلة". وأشار رئيس مركز الجزيرة للدراسات إلى "دور صالح الفوضوي في تغيير تركيبة القوة في اليمن من خلال إعادة دمج قوته بالحوثيين وتسليم كل مدخلات القوة التي أمتلكها أثناء حكمه للبلاد، لتنظيم ديني متطرف مرتبط بالأجندة الإيرانية"، منوها بأن "هذا الإجراء من صالح كان انتحارُ سياسي له ولحزبه". على حسب وصفه تأثيرات العاصفة محدود في هذا السياق، قلل المحامي والمحلل السياسي وضاح المودع من تأثير"عاصفة الحزم" على حزب المؤتمر الذي يترأسه صالح، وذلك لخبرته الطويلة في العمل السياسي باليمن، والتي جعلته يتكيف مع هكذا ظروف، واتخاذ مواقف بطريقة براجماتية، تقلل من هامش تداعيات ضربات حزم، بل ستمكنه من الاستفادة منها ليمسك بالعصا من المنتصف". وأكد في حديث خاص ل"عربي21" أنه "لا يمكن بأي من الأحوال لكل قريب من حزب صالح، الاقتناع بتحوله إلى جزء من الحوثيين، بحسب ما يروج لذلك خصوم صالح". لكن التوصيف الأقرب للواقع، أن حزب المؤتمر الشعبي العام تقاطعت مصالحه مع مصالح الحوثي، وتحديداً في ظل وجود خصم مشترك، وأهداف مشتركة، في شراكة تتسم بالتمدد والانكماش فضلاً عن البرجماتية (الواقعية والنفعية)، وفق تعبيره. ورأى المحامي المودع أن "ثمة ملامح كثيرة تؤكد أن العلاقة بين حزب الرئيس السابق علي صالح وجماعة الحوثي لن تستمر طويلا، وأن خريفا أسود ينتظر نهاية تحالفهما"، حسب وصفه. ‘لى ذلك، دمّر طيران تحالف عربي وإسلامي تقوده الرياض تحت مسمى "عاصفة الحزم"، عدد من ترسانة القوات الموالية للرئيس السابق علي صالح، والتي كانت تساند جماعة "أنصارالله "الحوثيين ، في توسعهم المسلح في مختلف المدن اليمنية، وضرب خصومهما السياسيين.