وأنت تسمع في أزقة تعز المتناثرة وشارعيها الوحيدين (جمال و26) الأصوات تتعالى بأغاني أيوب طارش عبسي والتي صاغها ملهم الأجيال ومعلم الوطنية الأول الشاعر عبدالله عبد الوهاب نعمان الفضول طيب الله ثراه. . ستتولد لديك قناعة تامة بأن الوطنية الصادقة والمعاني السامية للوحدة تجسدت فعلياً في قلوب المواطنين الذين رغم ما يعانون من تردٍ في الحياة المعيشية، إلا أنهم اقتطعوا وقتاً لبث الفرحة الكامنة في قلوبهم. . . في تعز لا عجب أن وجدت الأعلام الوطنية والأوسمة والنياشين وأضحت مصدر دخل للكثير من معدومي الدخل ومن أرهقتهم البطالة سنيناً، فالوطنية الصادقة الخالية من أي رتوش أو مجاملات ترسخت في أذهان أبناء تعز الذين نقشت في قلوبهم أشعار الفضول ذلك الحب بأحرف من نور، أصبح من المحال أن يكون حب الوطن هامشياً في قلوب التعزيين المواطنين طبعاً وليس المسئولين. . وحينها ستكون مجبراً أن تردد(هذه يومي فسيروا في ضحاها - فالضحى أشرق منها واكتساها. . ونسجنا شمسها ألويةً - تحتها سارت خطانا تتباهى. . وأتى الخير إلى هامتنا - لاثماً منا أنوفاً وجباها. . واستعار المجد من قاماتنا. . قامة لم يعطه طولاً سواها ). . . وإنهم يدركون تماماً بأنه ليس منهم من فرق أو يسكب النار في أزهارهم كي تحرق. . هم يعون تماماً بأن تعز هي من يعول عليها الحفاظ على المكاسب الوطنية والدفاع عنها وحمايتها ممن يحاولون النيل منها ، كون ذلك مسجلاً في تاريخ المحافظة الوطني الناصع، فهي من أنجبت الأحرار والثوار والمناضلين واحتضنت الكثير من اللقاءات الوحدوية. . . في تعز فرحة الوحدة تلمسها وتعيشها في معايشتك للناس الذين قد يستقطعون جزءاً من قوت يومهم لشراء أعلام وأوسمة يرفعونها، بينما غالبية المسئولين والذين أنعمت الوحدة عليهم بالكثير وأغدقتهم بكل ما يريدون يستكثرون شراء أعلام وطنية ترفرف فوق منازلهم العامرة من خيرات الوحدة. -- في تعز لا تستغرب إن سمعت صوت أيوب يطرب القلوب بكلمات الفضول والتي تصدر سواءً من الاستريوهات والسيارات أو نغمات التلفونات أو من أفواه الناس أنفسهم ، فهم أناس تجري الوطنية في دمائهم ورضعوها من أثداء أمهاتهم جيلاً بعد جيل. . في تعز يشعرك الناس بأن حب الوطن من الإيمان وأن الوحدة كنز ثمين لا يمكن النيل منه وذلك من خلال أحاديثهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم العفوية. . كيف لا وهم من عاشوا أفراح الوحدة قبل قيامها وذاقوا ويلات التشتت والتفرق سنوناً طويلة أكثر من غيرهم. . إن رأيت عاملاً لا يجد ما يسد قوت يومه واستبدل معداته بعلم وطني قل إن ذلك العامل من تعز. إن رأيت طفلا في السنوات الأولى من عمره يلوح لك بعلم وطني دون أن يميز بين ألوانه فقل ذلك طفل ولد في تعز، لأن الوطن مرسوم في قلبه. إن رأيت مريضاً ومرافقاً له لم يجد قيمة الدواء وتعلوه البسمة على شفاهه، أو يصيح مترنماً (قسماً لن ينال منك دخيل أو يبيع المكاسب العملاء ) فأيقن أنك لن تجد حالاً كهذا إلا في تعز. إن وجدت شارعاً محفراً. . كهرباء منقطعة لساعات. . و ماء لا يأتي إلا بعد شهور. ووجدت أناساً معالم الفقر مرسومة على قسمات وجوههم يتغنون باسم اليمن قل أنك في تعز وما عليك إلا أن تقول ( هاهُنا نحن وقد وحدنا. . وطن أصبح منا أثْمَنَا. . وغدت أصقاعه معبدنا. . لم ولن نعبد فيها وثنا. . أو يرى نخاس أرض أننا. . نأخذ الدنيا ونُعطي اليمنا ). إذا فشل اعتصام أو مسيرة أو مظاهرة تخريبية في تعز فلا تقول بأن أبناءها خانعون أو جبناء، بل يجب أن تقتنع بأنك في محافظة يقول جيلها( نحن رفض رافض إن مسنا. . ظلم ظلاّم بعيداً أو قريبا. . كم رفضنا ولبسنا رفضنا. . حللاً حمراً وإصراراً عجيبا. . نحن رفض أبداً لكننا. . نعشق الحق جليلاً ومهيبا ). إذا زرت محافظة ووجدت فيها ما يعكر صفوك ويثير خوفك على الوحدة من أن تفشل فما عليك إلا أن تزور تعز، فالأمل سيولد لديك من جديد، حينها يستوجب عليك أن تردد بكل ثقة ما قاله الفضول(إنه يوم عطائي. . فيه أغنيت تاريخي حياة ووجودا. . وبه مارست جودي. . وأطعتُ سماحاتي وبَرَّيت الجد ودا. . وبه مديت كفيَّا. . والحمت شطريّا. . وحطمت القيودا). ( إذا أحسست بنوع من التذمر وكره للوطن فاعلم بأن بك مرضاً خبيثاً لا يمكن معالجته إلا في تعز برشتة فضولية (شظفي مهما عتى لن أرهنا -شرف التاريخ في عرضي وأرضي -أي قهر تحته قد وهنا -فيه إصراري أو أذعن رفضي - ليلاقي فوق أرضي وطناً - آثمٌ في وطني بالإثم يمضي - عز أرضي كله فِيّا أنا - فهوانٌ كله إن هان بعضي ). في تعز تلمس الوحدة لدى جميع البسطاء والذين سيدفعون أغلى ما يملكون للحفاظ عليها.