الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أخبار اليوم» تنشر نص إعلان صنعاء والبيان الختامي للمؤتمر القومي العربي
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 05 - 2008

بيان إلى الأمة صادر عن الدورة التاسعة عشر للمؤتمر القومي العربي
في صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية، وعشية الذكرى الثامنة عشر لقيام الوحدة اليمنية، الإنجاز الوطني والقومي البارز، وفي ظل ضيافة كريمة وحفاوة مميزة من اليمن، شعباً وأحزاباً وحكومة ورئيساً، انعقد المؤتمر القومي العربي في دورته التاسعة عشر في ظل ضغوط هائلة يتعرض لها الوطن العربي على كافة الصعد العالمية والإقليمية والمحلية. فعلى الصعيد العالمي مازال المشروع الإمبراطوري الأميركي يمارس- رغم ما تعرض له من نكسات- ضغوطاً هائلة لفرض هيمنته وسيطرته المطلقة على المنطقة كخطوة يراها ضرورية لتأمين استمرار هيمنته على النظام العالمي كله، مستخدماً في ذلك وسائل عديدة أهمها.
1- غزو أجزاء من الوطن العربي واحتلالها مباشرة، مثلما حدث للعراق، وترتب عليه تدمير الدولة، ونهب ثرواتها الحضارية والنفطية وتشريد ما يقارب من ربع سكانها في الداخل والخارج.
2- غزو واحتلال أجزاء أخرى من الوطن العربي بالوكالة، مثلما حدث في الصومال حينما تكفلت القوات الإثيوبية بهذه المهمة والتي أدت إلى إجهاض كل الجهود التي استهدفت إخراج الصومال من أزمته الطويلة بالإضافة إلى تدمير بنيته السياسية وتشريد شعبه.
3- تعميق الانقسامات والنعرات الطائفية والعرقية تطبيقاً لإستراتيجية معلنة في تفكيك أقطارنا العربية وإعادة تركيبها على أساس طائفي وعرقي، وهو ما تجلى بوضوح من خلال الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الأميركية العلنية وأجهزة استخباراتها السرية في تعميق وتكريس الأزمات المختلفة في العراق ولبنان وفلسطين والصومال والسودان.
4- تعميق الانقسامات بين الفصائل الوطنية خاصة في الدول العربية المحتلة للحيلولة دون قيام جبهة قادرة على مقاومة المحتل وتنفيذاً لسياساته في التقسيم الطائفي والعرقي والسياسي، وهو ما تجلى بوضوح من خلال السياسة الأميركية المتبعة في كل من العراق وفلسطين.
5- الاستمرار في مخطط إضعاف النظام العربي بكل مستوياته، وتفكيكه، واستبداله بنظام شرق أوسطي، يخدم المخططات الأميركية الصهيونية، وكان آخر مظاهر هذا الجهد العمل على شل مؤسسة القمة العربية، من خلال تعطيل عملية تطوير هذه المؤسسة، ومحاولة تعطيل الانعقاد الدوري لها، كما جرى مؤخراً.
وعلى الصعيد الإقليمي، ما يزال الكيان الصهيوني يصر رغم كل ما تعرض له من نكسات خلال السنوات الأخيرة على يد المقاومة في فلسطين ولبنان على ممارسة سياساته التوسعية وفرض رؤيته لتسوية تكرس هيمنته على المنطقة مستخدماً في ذلك وسائل عديدة أهمها.
1) الضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وسعيه المتواصل لاستئصالها وتدمير بنيتها التحتية، والعمل على تفجيرها من الداخل، والحيلولة دون قيام أي وحدة أو تنسيق بين أطرافها.
2) حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه، ومثال قطاع غزة هنا مثال صارخ يتجاوز كل الحدود، وكل القيم، وكل معايير الصراع، وارتكاب مجازر بشعة ضد السكان المدنيين وفق سياسة منهجية تصل إلى حد الإبادة الجماعية بهدف دفع الشعب الفلسطيني للتخلي عن خيار المقاومة والاستسلام لمشروع التسوية.
3) العمل على صهينة القدس وتهويد مقدساتها وتهجير أبنائها، وإدامة الاستيطان فيها وفي كل مناطق الضفة الغربية، والاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري، بالإضافة إلى العمل على إسقاط حق العودة باعتباره جوهر القضية الفلسطينية، التي تبقى القضية المركزية للأمة العربية، والجهود المتصاعدة لتكريس "يهودية الكيان" وما يستتبع ذلك من عمليات تهجير واسعة النطاق في عموم الأرض الفلسطينية، واعتبار الاحتفائية الصهيونية الدولية بالذكرى الستين للنكبة مدخلاً لتحقيق هذا الهدف.
4) العمل على نزع سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، بعد أن أثبت هذا السلاح جدارته في مواجهة مخططات التحالف الأميركي الصهيوني.
5) تعميق الانقسامات الطائفية واستخدامها وسيلة وذريعة لتعميق التناقضات الإقليمية خاصة بين إيران والدول العربية والعمل المركز وبأدوات مختلفة على إقناع الدول والشعوب العربية بأن إيران وليس المشروع الصهيوني، والأميركي هو مصدر التهديد الرئيس لأمن المنطقة.
وعلى الصعيد المحلي تعاني شعوبنا في كل الأقطار العربية دونما استثناء من تحالف قوى الفساد والاستبداد المسيطرة على السلطة والثروة، التي راحت تعمل على تعميق ثقافة التخلف والاستسلام، وتحاصر ثقافة المقاومة والنهوض، وتعمل على إجهاض فاعلية المجتمع المدني ومحاصرة مؤسساته، وتكريس حالة التبعية والاستسلام للمخططات الأميركية والغربية، وفي ظل هذا المناخ كان طبيعياً أن تنهار الخدمات التعليمية والصحية، وتتفشى البطالة والأمية ويشيع الفقر ويتسع حجم القوى التي تسقط تحت سقفه، وتسود المجتمعات العربية حالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي والطائفي مهددة وحدة كل قطر وتماسكه.
في إطار هذه الرؤية وبعد مناقشة مستفيضة لحال الأمة على مدى أربعة أيام متتالية في الجلسات العامة وفي اللجان المتخصصة خلص المؤتمر إلى ما يلي:
أولاً: لا مخرج للأمة العربية من حالة التردي الراهنة والمرشحة للانتقال من السيئ إلى الأسوأ إلا بإطلاق مشروع للنهضة تشارك في صنعه كل القوى الوطنية و القومية والإسلامية واليسارية المؤمنة بوحدة الأمة، والرافضة للاحتلال الأجنبي، وللتبعية والتخلف وللاستبداد ومنهج الفساد، والرغبة في إقامة مجتمعات حرة مستقلة وديمقراطية قادرة على الانطلاق والتنمية والمساهمة في صنع نظام إنساني عالمي جديد متعدد الأقطاب عادل يستطيع أن يصون حقوق الشعوب وخياراتها.
ويهيب المؤتمر القومي بكل النخب العربية وبمراكز البحث الوطنية في أن تضاعف من جهودها لصياغة نظرية للأمن القومي العربي وللتكامل السياسي والاقتصادي والخطوات العلمية لإنجازها.
ثانياً: يؤكد المؤتمر القومي العربي على أن المشروع الصهيوني- الأميركي هو مصدر التهديد الرئيس لأمن الأمة ولأمن المنطقة، ومقاومة هذا المشروع تشكل الحد الفاصل، ومعيار الفرز الحقيقي بين مختلف القوى، والنظم العربية، وتبرز هنا أهمية رفض مسار التسوية التي تمر في هذه المرحلة بمنعطف جديد وخطير ورفض أطروحاتها ومشاريعها، وقواها فلسطينية كانت أم عربية، كذلك يعلن المؤتمر رفضه لكل المحاولات الرامية لاستبدال هذا الخطر بمصادر تهديد أخرى حقيقية كانت أو وهمية.
ثالثاً: يود المؤتمر القومي لفت الانتباه إلى خطورة المخططات الداخلية والخارجية لإثارة الفتن بكل مستوياتها، عرقية وطائفية ومذهبية وجهوية، وإضعاف المجتمع المدني، وتفكيك عوامل التماسك الوطنية والقومية، وفي هذا الإطار يهيب المؤتمر بكل القوى الحية في المجتمع وبكافة المؤسسات الرسمية والشعبية المعنية في أن تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على اللغة العربية باعتبارها الوعاء الجامع للثقافة العربية والإسلامية والعمود الفقري للهوية القومية العربية، والعمل على استعادة دورها في كل مجالات العلوم والثقافة، وتفعيل حركة المجتمع المدني الوطني غير المرتبط بالتمويل الخارجي، والعمل على إيجاد دور فاعل لها في بنية جامعة الدول العربية وحفزه للتمثيل في مجالس ومنظمات الأمم المتحدة وتمكينه من لعب دور أكثر فاعلية على الساحة القومية والدولية.
والمؤتمر القومي العربي إذ يؤكد وقوفه إلى جانب كل عمل وحدوي في المغرب العربي وفي المشرق العربي، ويدعوا إلى تعزيز كل توجه وحدوي رسمياً كان أم شعبياً يؤكد وقوفه بحزم في مواجهة دعوات التقسيم والتفتيت التي تستنبتها القوى والنظم الغربية داخل مجتمعاتنا العربية بدعاوى عرقية تارة، وطائفية تارة أخرى، مستندة إلى ما تشيعه أجواء الاستبداد والفساد من ردود فعل في هذه المجتمعات، كما يدعو المؤتمر أقطار المغرب العربي إلى فتح الحدود فيما بينها ودعوة شعوب المغرب العربي للقيام بدورها الفاعل من أجل التقارب والتكامل وصولاً إلى الوحدة بين أقطارها على طريق وحدة الأمة العربية.
رابعاً: يؤكد المؤتمر على أن قضية الديمقراطية والحريات السياسية وحقوق الإنسان وهي جميعها إما مفقودة تماماً أو منتقصة بشدة في دولنا العربية، لم تعد تمثل ضرورة إنسانية واجتماعية فحسب، وإنما هي أيضاً تقدم معيار لصدق أي قوة أو جماعة أو نظام فيما تطرحه من شعارات، أو تعمل له من أهداف كما تمثل الشرط اللازم لخروج الأمة من أزمتها الداخلية، وتجاوزها إمكانية الانفجار الداخلي الذي باتت مؤشراته شديدة الوضوح في أكثر من قطر، ويؤكد المؤتمر على أهمية النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في صيانة وحدة المجتمع وسلامته الداخلي، وفي هذا الإطار يطالب المؤتمر الأنظمة العربية بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي ومن بينهم أعضاء المؤتمر القومي العربي، وأهمية تفعيل دور المرأة العربية في مختلف وجوه الحياة في المجتمع العربي، وتمكينها من القيام بدورها بما يوفر للأمة قوة رئيسة مازالت غائبة عن معظم شؤون الحياة وفعالياتها، ويوجه المؤتمر في هذه المناسبة تحية خاصة إلى المرأة العربية المجاهدة في فسلطين ولبنان والعراق والصومال وكافة ساحات المواجهة و المقاومة.
خامساً: إن المؤتمر القومي العربي يستشرف فشل المشروع الأميركي في تحقيق انتصار ناجز له في الوطن العربي وفي محيطنا الإسلامي، ويرى أن مأزق هذا المشروع صنعته قوى المقاومة العربية والإسلامية وما تزال، ويعلن وقوفه بوضوح، ودون أي ترد إلى جانب هذه القوى في مختلف أقطار الوطن العربي التي تعاني من الاحتلال، ومن العدوانية الإسرائيلية والأميركية، وإلى جانب فعاليتها وجهودها لتحقيق النصر، من فلسطين والعراق ولبنان، وصولاً إلى الصومال، ويدعو إلى حمايتها، وتعزيز قدرتها، وحفظ سلاحها، ووحدتها الذاتية، وذلك من خلال صيانة هذه الوحدة وتأمين استنادها إلى وحدة وطنية حقيقية وجبهة داخلية مقاومة فاعلة، كما يدعو إلى مقاومة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني وإلى تفعيل سلاح المقاطعة بكل أشكالها.
ويوجه المؤتمر التحية للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني، والأسرى والمعتقلين في سجون الغزاة وعملائهم في العراق، ويطالب بالإفراج الفوري عنهم وإيقاف المحاكمات الصورية المتواصلة.
سادساً: يؤكد المؤتمر القومي العربي حرصه على إقامة أفضل علاقات التعاون مع دول الجوار العربي وبالأخص: إيران وتركيا والعمق الأفريقي، على قاعدة المصالح والعوامل المشتركة الاقتصادية والثقافية والأمنية والسياسية، دون أي تجاوز أو عدوان أو افتئات على هذه المصالح والعوامل المشتركة، وفي هذه الإطار يتطلع المؤتمر إلى مقاربة عربية إيرانية لحل كل القضايا التي تثير الاحتكاك بين الأمة العربية وإيران، ومعالجة جريئة لكل الالتباسات الخطيرة التي تشكل دافعاً لهذا الاحتكاك، ونخص بالذكر هنا العراق، الذي يجب أن تبنى العلاقة فيه مع إيران، على قاعدة مقاومة المحتل، ورفض كل إفرازات الاحتلال ومؤسساته،وتوفير مستلزمات هزيمته، والالتزام بعروبة العراق ووحدته أرضاً وشعباً، وتوقف إيران عن كل الممارسات والسياسات والتدخلات في الشأن العراقي التي تتنافى مع هذا الالتزام وكذلك توقفها عن إثارة النعرات الطائفية والعرقية، وخاصة تبنيها للأحزاب الطائفية المساندة للاحتلال الأميركي والتي تعمل على تقسيم العراق على أساس طائفي.
ويعمل المؤتمر على إطلاق مسعى للحوار مع القيادة الإيرانية، ومع القوى الحية في المجتمع الإيراني من أجل تعزيز هذا الهدف، ولفتح السبل أمام ولادة تحالف شعبي، إيراني عربي، يساهم في تحرير المنطقة وحمايتها من كل عدوان.
وفي سياق حق الأمة في استعادة أراضيها المحتلة، يؤكد المؤتمر على دعمه الكامل لجهود استعادة مختلف الأراضي العربية المحتلة، ونخص بالذكر جزر الإمارات الشعبية الثلاث، وسبتة مليلة والجزر المتوسطية المغربية،وكذلك جزيرة مايوت "جزر القمر".
وفي إطار هذه الرؤية العامة لحال الأمة والمخاطر التي تحيط بها في هذه المرحلة، والتوجهات الرئيسة التي يعتمدها المؤتمر، أقرت الدورة التاسعة عشرة التقارير التفصيلية للجان التي شكلها المؤتمر وهي:
* تقرير اللجنة السياسية.
* تقرير لجنة العمل القومي المشترك.
* تقرير اللجنة الثقافية.
* تقرير لجنة الأمن القومي.
* تقرير لجنة الدبلوماسية العربية.
* تقرير لجنة العمل البرلماني العربي.
* تقرير اللجنة الاقتصادية.
* تقرير لجنة تطوير عمل المؤتمر القومي العربي.
* تقرير اللجنة المالية.
كذلك أقر المؤتمر التوصيات الملحقة بكل تقرير من هذه التقارير وأودعها الأمانة العامة للمؤتمر للعمل على إدخال التعديلات المقترحة عليها من طرف المؤتمرين والعمل على تنفيذها، كما أقر المؤتمر تكليف الأمانة العامة بإعداد مجموعة من القرارات المتصلة بالقضايا العربية الراهنة، وكذلك مجموعة من الرسائل الموجهة إلى الرؤساء والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني العربية تتضمن مواقف المؤتمر ورؤاه تجاه مختلف القضايا والمساحات التي عالجها.
واقر المؤتمر إلى جانب البيان الختامي إصدار "إعلان صنعاء"، الذي يتضمن رؤى المؤتمر لقضايا الأمة الرئيسة في هذه المرحلة
إعلان صنعاء
في الذكرى الستين لاغتصاب الحركة الصهيونية للجزء الأكبر من ارض فلسطين التي تمر بنا هذه الأيام، يُعيد المؤتمر القومي العربي إلى الذاكرة العربية أن الصراع العربي الصهيوني هو صراع على الوجود وليس صراعاً على حدود، ذلك أن الحركة الصهيونية، وبدعم من كل قوى الاستعمار العالمي، استهدفت فلسطين أرضاً وشعباً فاحتلت كامل الأرض وطردت الجزء الأكبر من الشعب من وطنه، حيث شرد في المنافي في مختلف الأصقاع والأقطار، ولذا فلا حل يعيد الحق إلى أصحابه إلا برفع شعار التحرير والعودة إلى التحرير الذي يعني تحرير كل الأرض الفلسطينية المحتلة، والعودة التي تعني عودة كل من طرد من أرضه إلى دياره وأرضه التي شرد منها وليس إلى أي مكان آخر.
ولما كان الخطر الصهيوني يهدد الوطن العربي بأكمله بإقامة كيان عنصري أجنبي في قلبه ليفصل شطريه في آسيا وأفريقيا، ويشكل حاجزاً وعائقاً يمنع أية محاولات لإقامة الدولة العربية التي تتطابق حدودها مع حدود الأمة، فإن مهمة مواجهته هي واجب عربي بامتياز، لا يجوز لأي نظام عربي أن يتخلى عنه، وأن نضال الشعب العربي في فلسطين يشكل رأس الحربة في النضال العربي العام الهادف لتحرير كل فلسطين، وكما أن الشعار الذي يجب أن يرفع في كل وطن محتل هو إنهاء الاحتلال ورحيل قواه، كما هو الحال في العراق الآن، فإن الشعار الصحيح الذي يجب أن يتبناه النضال العربي الفلسطيني هو شعار التحرير وإنهاء الاحتلال، بديلاً عن شعار الدولة المستقلة، التي لا يمكن لها أن تقوم إلا عبر مفاوضات، يفرض فيها العدو الصهيوني ومن يدعمه من القوى الاستعمارية مواصفات كيان هش لا يحقق التحرير ولا العودة ولا يسمح للشعب العربي المشرد بتقرير مصيره على ارض وطنه.
وإذ يتابع بقلق بالغ الممارسات الصهيونية في تهويد الأرض وإذلال الشعب العربي في فلسطين واستمرار محاولات تشريده وإبادته، فإنه يسجل استنكاراً للحصار المفروض على قطاع غزة ويحمل الحكومات العربية وفي مقدمتها الحكومة المصرية مسؤولية رفع هذا الحصار وتوفير كافة متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة، وخاصة الكهرباء والمنتجات النفطية والمواد الغذائية والطبية، من خلال إنشاء صندوق تابع لجامعة الدول العربية يتولى تمويل كل هذه الاحتياجات، وتحرير القطاع من قيود ربطه القسري القائم بالكيان الصهيوني.
إن الأمة العربية تواجه الآن واقعاً مأساوياً سياسياً واقتصادياً وأمنياً امتدت آثاره إلى تهديد الهوية القومية الحضارية للأمة، هذا الواقع يأتي محصلة لموجة مكثفة من مصادر التهديد العالمية والإقليمية من ناحية ومن مصادر أخرى للأسف على المستويين القومي "والقطري" من ناحية أخرى، تحديات بهذا المستوى وواقع عربي بهذا السوء يصعب مواجهتها دون إستراتيجية عربية شاملة للمواجهة قادرة على استنهاض كافة مصادر القوة في الأمة وذخيرتها وخبراتها التاريخية مع مثل هذا النوع من التحديات والمخاطر، فبقدر خطورة ومستوى التحديات يجب أن تكون إستراتيجية المواجهة شاملة هي الأخرى وعلى المستوى نفسه من الجدية والقوة.
يأتي في مقدمة هذه التهديدات ما يمثله المشروع الإمبراطوري الأميركي المتحالف مع المشروع الصهيوني، الذي لا يرمي فقط إلى تفكيك النظام القومي العربي واستبداله بنظام إقليمي بديل منعدم الهوية، يلعب فيه الكيان الصهيوني دور القوة الإقليمية العظمى، بما يعنيه ذلك من إهدار لكل نضالات الأمة من أجل وحدتها ومن أجل تحرير أجزائها المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين، لكنه يرمي بالإضافة إلى ذلك، إلى تفتيت الدولة القطرية العربية من خلال الدعوات لإعادة ترسيم الخرائط السياسية وتقسيم ما سبق تقسيمه من ارض العرب أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى عبر العمل على تقسيم الدول العربية إلى دويلات تابعة على أسس عرقية أو طائفية، أو مذهبية، على نحو ما يجري تنفيذه في العراق منذ الاحتلال الأميركي في عام 2003م.
ولا يقل خطورة عن هذا التهديد ذاك التطابق بين إنتاج استقطاب طبقي اجتماعي سياسي جديد على الصعيد العالمي تجسيداً لسياسة العولمة وانطلاق الرأسمالية المتوحشة لفرض سيطرتها، متجاوزة كل الحدود التقليدية للدول، ومعتمدة على سياسة التدخل القسري في الشؤون الداخلية، وبين إنتاج استقطاب طبقي سياسي جديد داخل الدول العربية، ومثلما تم تقسيم العالم إلى مجتمعات "وليس دول" غنية مسيطرة ومجتمعات أخرى فقيرة مسيطر عليها، يجري فرض استقطاب طبقي اجتماعي- سياسي داخل الدول العربية بين طبقات تحتكر السلطة والثورة وطبقات فقيرة محرومة ومعزولة ومهمشة ومسيطر عليها والأهم من هذا هو ذلك التلاقي، الذي يصل إلى درجة التحالف، بين قوى الهيمنة الرأسمالية الخارجية التي يقودها المشروع الإمبراطوري الأميركي وحليفه الصهيوني، ويبن القوى المسيطرة على السلطة والثورة داخل الدول العربية التي تمارس الاستبداد والفساد.
هذا التحالف بين قوى الهيمنة العالمية التي يجسدها المشروع الإمبراطوري الأميركي الجديد وقوى الاستبداد والاحتكار السياسي الاقتصادي في الداخل العربي ليس وليد تطورات عالمية فقط ولكنه أيضاً وليد تطورات عربية، على مستوى كل دولة عربية وعلى مستوى النظام العربي ككل، فالنظام الرسمي العربي أخذ يفقد قدراته على الصمود مع نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي عندما وقعت مصر "معاهدة السلام" مع الكيان الصهيوني عام 1979م، وبعد أن تنبئ النظام الرسمي العربي " السلام" كخيار إستراتيجي أوحد وبدأ مسلسل التنازلات والخضوع للاملاءات الأميركية.
هذا الخضوع تحول إلى تبعية صارخة بعد حرب الخليج الثانية عام 1991م وقبول الدول العربية بمشروع مؤتمر مدريد وما أسفر عنه من "معاهدات سلام" جديدة مع الكيان الصهيوني، وجاء الغزو الأميركي للعراق عام 2003م ومشاركة أنظمة عربية في دعم وتسيير سبل نجاح هذا الغزو، ليؤدي إلى مزيد من انكشاف النظام الرسمي العربي وعجزه عن القيام بمسؤولياته الدفاع عن الأمة وحماية مصالحها.
وارتبط بهذا الواقع الاقتصادي الاجتماعي العربي واقع سياسي لا يقل سوءا، أصبحت فيه "الدولة التسلطية" هي المسيطرة على مقاليد السلطة والثروة وفرضت معادلة احتكار السلطة وتجريف بنية العلم العربي عبر ممارسات مؤسسات سياسية فاسدة حالت في بعض الأحيان دون قيام تعددية سياسية حقيقية، وأدت في أحيان أخرى إلى قيام تعددية سياسية مشوهة، فرضت معادلة أو لعبة سياسية قائمة على قاعدة وجود حزب أو عائلة أو قبيلة حاكمة تسعى إلى أن تظل حاكمة وإلى الأبد، ووجود أحزاب معارضة تعارض فقط وقبلت أن تظل معارضة وإلى الأبد، وقد سقط أغلبها تحت ضغوط الترهيب والغواية التي تمارسها السلطات الحاكمة والتي استطاعت من خلالها أن تنتزع هذه الأحزاب من قواعدها الشعبية، وتجعلها مجرد أدوات مزيفة لتجميل الوجه القبيح للدولة التسلطية والمعادلة السياسية المشوهة لمجمل العمل السياسي، وشاهد زور على فرض شرعية مزيفة لهذه الدولة التسلطية الحاكمة في أغلب الدول العربية سواء كانت ملكية أو جمهورية، التي هي الوجه الحديث والمعاصر للدولة المستبدة، والتي تسعى إلى الاحتكار الفعال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع لمصلحة الطبقة أو القبيلة أو العائلة الحاكمة، وهي خلافاً لكل أشكال الدولة المستبدة السابقة، تحقق هذا الاحتكار عن طريق اختزال المجتمع المدني وتحويل مؤسساته إلى تنظيمات تضامنية تعمل كامتدادات لأجهزة الدولة، كما أنها خلافاً لكل أشكال الدولة المستبدة الأخرى، تخترق النظام الاقتصادي وتسيطر على مقاليد الثروة أما بالمصادر أو بالفساد، وتعتمد اعتماداً مفرطاً على الأجهزة الأمنية لدرجة توريط الجيوش في مهمة فرض الأمن الداخلي لحماية النظام الحاكم وفرض استمراريته بالترويج لمعادلة "الاستمرار والاستقرار" أي أن استمرار هيمنة النظام الحاكم هو الضمان الأفضل للاستقرار الذي هو البديل المباشر للفوضى التي تحرص على أن تجعلها قرينة لدعوة التغيير لمصادرة هذه الدعوة واعتبارها ومن يقومون بها المصدر الأساسي لتهديد الاستقرار أي تهديد الشرعية القائمة التي من خلالها تتمكن هذه القوى الحاكمة من ترسيخ سيطرتها على الحكم.
لذلك لم يكن غريباً أن ينعكس هذا الاستقطاب الداخلي في الدولة العربية بين قوى حاكمة مستبدة مسيطرة على الثروة، وبين قوى شعبية تعاني الحرمان الديمقراطي والاقتصادي، مع استقطاب آخر إقليمي، فرضه المشروع الأميركي بين محور للاعتدال أفرزته جلياً تحالف الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006م يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن متحالف مع الولايات المتحدة "6+2+1"، حيث تم ضم نظام الحكم العميل في العراق إلى هذا المحور بطلب من وزيرة الخارجية الأميركية، ومحور آخر للشر يضم سوريا وإيران ومنظمات المقاومة العربية، حزب الله في لبنان وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين.
محور الاعتدال العربي هذا هو المتحمس لها يسمى ب"مبادرة السلام العربية" والمتمسك بشعار السلام هو الخيار الإستراتيجي للعرب، وغير المستعد للبحث عن خيارات أخرى بديلة أو الإفصاح عن دعم المقاومة التي باتت توصف بالإرهاب، وهو الذي شكك في النصر الذي حققته المقاومة الإسلامية في لبنان صيف 2006م على إسرائيل المدعومة أميركا، تحت ذريعة أن حزب الله حزب طائفي شيعي وأنه مدعوم من إيران، وهو ذاته المحور الذي مازال متورطاً في جريمة فرض الحصار على قطاع غزة، وهو نفسه الذي التقى مع وزيرة الخارجية الأميركية "كونداليزا رايس" في الكويت، وأبدى استجابة مستترة لدعوة إرسال سفراء عرب إلى بغداد لمواجهة ما تسميه واشنطن بالنفوذ الإيراني في العراق، وهو لنفوذ ذاته الذي كان للأميركيين الدور الأكبر في إفساح المجال له من خلال فتح الباب له لدخول العراق والمشاركة في تدمير الدولة العراقية، واليوم يطالبون الدول العربية بخوض الصراع ضد إيران في العراق حماية للمشروع الأميركي ذاته.
وعلى المستوى الإقليمي توجد مصادر أخرى للتهديد بسبب تعارض المصالح بين المشاريع القومية الإستراتيجية لدول الجوار الرئيسة في ظل غيبة المشروع القومي العربي القادر على التفاعل الإيجابي مع هذه المشاريع.
إن غياب المشروع القومي العربي يؤدي إلى تحول ذلك التعارض في المصالح القومية إلى صدام يترتب عليه تهديد المصالح العربية القومية، خصوصاً مع عجز النظام العربي الرسمي عن مواجهة أطماع بعض هذه الدول في الأراضي والمياه العربية.
كل هذا يحدث في ظل غيبة كاملة لمشروع عربي قادر على مواجهة التحديات الدولية والإقليمية في ظل انفراط عقد النظام العربي القائم الذي بات مخترقاً وبعنف ومستعداً في أحيان كثيرة لأن يتحالف مع الأعداء، وأن ينخرط في مشروع الاستقطاب الإقليمي بين محوري "الاعتدال والشر" وأن يفرط ضمن هذا استعداد في ثوابت الأمة وأهدافها العليا في الاستقلال الوطني والقومي والوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إن مسلسل التفريط في مصالح الأمة وأهدافها العليا من جانب النظام العربي الرسمي الراهن تتجلى الآن بشكل صارخ في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال، تفريط يتستر وراء مظاهر العجز على نحو ما تكشف أثناء أزمة المعابر في قطاع غزة، التي كان فيها هذا النظام أكثر من متواطئ، وعلى نحو ما يتكشف يومياً في ظل الأزمة السياسية اللبنانية، كما ويتجلى بشكل صارخ في العراق حيث يتستر النظام العربي على جرائم الاحتلال، كما يتستر على منظومة المعاهدات والتحالفات التي تسعى إدارة جورج بوش الأميركية لتوقيعها مع النظام العميل في العراق وحكومته برئاسة نوري المالكي لفرض هيمنة أميركية كاملة على العراق سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً.
إن كل تلك التحديات التي تواجه الأمة العربية وتهدد مصالحها القومية وأهدافها العليا، تستلزم أن تواجه بإستراتيجية عربية قادرة على تحمل أعباء تلك المواجهة، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون الاتفاق على مشروع قومي للنهضة قادر على المقاومة والبناء معاً، بشرط أن يسعى وأن يحدد القوى الفاعلة صاحبة المصلحة في هذا المشروع القادر على تحمل مسؤولياته كاملة.
هذا المشروع القومي يجب أن تنهض به حركة تحرر عربية شعبية في تكوينها أي مرتكزة على القوى الشعبية صاحبة المصلحة في المشروع ومؤسساتها الجماهيرية المختلفة من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني وحركات شعبية متنوعة مؤمنة بأهداف المشروع وقادرة على إنجازه عبر حركات تحرر وطنية داخل الأقطار العربية، ويمكن لهذه الحركة أن تضم كافة القوى والتيارات القومية والإسلامية واليسارية والوطنية الليبرالية، شريطة الإيمان بوحدة الأمة العربية، والعمل بإخلاص من أجل إقامة دولة الأمة لمواجهة المشروع الأميركي الصهيوني، الذي لا تقوى على مواجهته ودحره سوى قوى الأمة العربية مجتمعة، مع إعلان رفض كل مشاريع الهيمنة الأجنبية على وطننا التي ترفع شعار تقسيم دولة إلى دول معتدلة وأخرى متطرفة، مما يؤدي إلى تمزيق وحدة الأمة أرضاً وشعباً، واستبدال أعدائها الحقيقيين بأعداء وهميين.
إن المشروع يجب أن يكون قادراً على بناء "مجتمع الكفاية والعدل والحرية" وامتلاك القدرات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية الكفيلة بصون وحماية الأمن القومي العربي وتحرير الأراضي العربية المغتصبة والمحتلة، فضلاً عن امتلاك القدرات الذاتية للتحديث والتطور والتجديد الحضاري التي تمكن الأمة من التخلص من كل قيود التخلف والتراجع وامتلاك قدرات النهوض والتقدم وتحقيق وحدتها المأمولة.
إن المشروع النهضوي العربي القادر على مواجهة التحديات وبناء المستقبل هو مشروع صنع المستقبل العربي ذاته في مواجهة المعضلات والتحديات الستة الأساسية الراهنة: الاحتلال والتجزئة والتخلف والاستغلال والاستبداد والجمود الحضاري، من خلال تحديد الأهداف والمهام النضالية القادرة على مواجهات هذه التحديات والمعضلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم: هف التحرر والاستقلال الوطني والقومي لمواجهة حالة الاحتلال والخضوع للهيمنة الأجنبية التي تتفاقم بوتيرة متزايدة والحرية والديمقراطية لمواجهة الاستبداد الداخلي الذي تجسده الدولة التسلطية المتحالفة مع قوى الهيمنة الخارجية، والعدل القانوني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي لمواجهة الظلم والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والاحتكار السياسي للسلطة، والتنمية المستدامة القادرة على تحقيق مجتمع الكفاية لمواجهة التخلف والتبعية والنضال المتجدد والمتواصل من أجل تحقيق الوحدة العربية يبقى هو الرد الحاسم ليس فقط لمواجهة التجزئة التي فرضت على الأمة في عقود طويلة مضت من الخارج، ولكن أيضاً لمواجهة مشروع إعادة التقسيم الذي يسعى المشروع الإمبراطوري الأميركي الصهيوني الذي فرضه على الوطن العربي بالتعاون مع أطراف داخلية منعدمة الولاء الوطني والقومي، ارتضت أن تكون بؤراً للعمالة الأجنبية ومرتكزات للتبعية والهيمنة، أما التجدد الحضاري والتحديث المتواصل وتحرير الفكر العربي من انغلاقه وجموده وانفتاحه الحر على كل مصادر التنوير والثقافة الحرة، فهو الكفيل بمواجهة كل قيود التعثر والتأخر التاريخي وحماية الهوية القومية العربية من كل محاولات شطبها واستبدالها بهويات طائفية أو عرقية أو نزعات شعوبية بغيضة تؤدي إلى فرض خطط إعادة التقسيم الراهن.
إن تحقيق هذه الأهداف يستلزم أولا وضع إستراتيجية واضحة ترتكز على تحديد ما يمكن تسميته ب"هدف الاختراق" أي الهدف النموذجي الذي يمكن من خلاله الانطلاق لبدء مشروع النهضة والقادر على جذب الأمة وتمكينها من تحقيق باقي الأهداف عبر سلسلة من المهام النضالية المتداخلة فيما بينها، ويستلزم ثانياً السعي لامتلاك القدرات والآليات والأدوات اللازمة للبدء في تحقيق وإنجاز المشروع النهضوي بأهدافه الستة.
ويستلزم ثالثاً الأخذ بالاعتبار على أهمية تفعيل النظام الرسمي العربي حيثما كان ذلك ممكناً، إذ أن تفعيل هذا النظام في ظل التحديات الراهنة يعتبر ضمانة لبقاء الدولة العربية القطرية المعرضة للتمزيق والتفتيت، ويستلزم رابعاً الأخذ في الاعتبار خصوصيات بعض الدول العربية التي قد لا تتلاءم مع أولويات النضال في أقطار عربية لاعتبارات تكتيكية، إن التوافق حول هدف الاختراق التحقيق المشروع النهضوي العربي ضرورة قومية إستراتيجية، لكن الواقع العربي يفرض التلازم بين مجمل الأهداف النضالية للأمة وتأسيس الآليات اللازمة لتحقيقها وفي مقدمتها حركة التحرر الشعبية العربية.
إن المقاومة بكافة أشكالها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية يجب أن تكون هدف الاختراق لتحقيق المشروع العربي النهضوي، ولكن هذه المقاومة تستلزم توافر العديد من الشروط لإنجاحها، وفي مقدمتها الإصلاحات السياسية والديمقراطية وتأمين حقوق الإنسان وحقوق المواطنة التي كفلتها الدساتير الوطنية والشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
ويلاحظ المؤتمر أن الاستبداد الذي تمارسه الأنظمة العربية الحاكمة على شعبها ومنعه من المشاركة في صنع القرار السياسي، هو الذي يضعف قدرة هذه الأنظمة على مواجهة الضغوط الأجنبية الرامية إلى فرض التبعية على هذه الأنظمة ويدفعها بالتالي للإعلان والرضوخ لهذه الضغوط، بدعوى عدم القدرة على المواجهة، علماً بأن النظام الذي يستدعي شعبه للاحتماء به من هذه الضغوط لا يمكن أن يخذله شعبه ومن لا يحميه شعبه لا يمكن أن تحميه أية قوة في الوجود، ولذا فإن المؤتمر القومي العربي يتوج بالنداء إلى جميع القادة العرب لكي يمكنوا أبناء شعبهم من ممارسة الحريات العامة التي كفلتها معظم دساتير هذه الدول، ولكن على الورق وليس لأغراض التطبيق، لأنه لا سبيل لتأمين استقرار أي نظام إلا بموافقة الشعب والتفافه حول هذا النظام ولا يمكن لشعب مستعبد من قبل حكامه في الداخل أن يتمكن من مواجهة عدو خارجي.
وإذ يعي المؤتمر كافة التحديات التي تواجهه الأمة فإنه على يقين من أنها في مجملها تشكل ارتسامات مشهد متكامل من تلك التحديات التي تتجسد في هجمة أميركية صهيونية تعبر عن نفسها بما يحدث من احتلال وعدوان وتهديد، على نحو ما هو قائم في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال، فإنه يؤكد على أن المقاومة هي الرد الإستراتيجي على كل أشكال هذه التحديات وأن الأمة العربية مطالبة بتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لهذه المقاومة للوصول إلى أهدافها في التحرير والنصر.
في العراق: يؤكد المؤتمر أن الاحتلال هو السبب الرئيسي لكل ما ابتلي به العراق ولا يزال، من تهديد لهويته العربية وتمزيق لنسيجه المجتمعي ووحدته واستقلاله الوطني وإذكاء لنعرات عرقية وطائفية ومذهبية ونهب منظم لثوراته وتبديد لتراثه الحضاري، وإن لا سبيل للخلاص من كل ذلك إلا بالإنهاء الفوري للاحتلال من خلال دعم المقاومة العراقية المسلحة الباسلة بكافة أطيافها القومية والإسلامية و الوطنية والانخراط في مصالحة وطنية شاملة على قاعدة إزالة احتلال وتوكيد عروبة العراق ووحدة كيانه أرضاً وشعباً وضمن مشروع وطني ديمقراطي.
ويطالب المؤتمر الدول العربي بوقف اعترافها وتعاملها مع الحكومة العملية التي أقامها الاحتلال في العراق، ودعم وإسناد المقاومة العراقية لتحقيق أهدافها ورعاية المصلحة العراقية الشاملة.
وإذ يثمن المؤتمر مساندة إيران لقوى المقاومة في كل من لبنان وفلسطين، بما تمثله من مقاومة لمشروع الهيمنة الأميركي- الإسرائيلي على غرب آسيا، كمنطلق لبسط هيمنته الشاملة على أوراسيا- جائزة القرن- فإنه ينظر بعين الاستنكار لمجمل الممارسات الإيرانية في العراق التي استغلت أجواء الاحتلال الأميركي له لتغلب مصالحها القومية الضيقة على ما يمكن أن يشكل أرضيه مقبولة لمصالح مشتركة بينها وبين الأمة العربية، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وعدم المساهمة في تذويب هويته العربية، وتمزيق كيان الدولة والمجتمع فيه، لأن ذلك إذا نجح، لا قدر الله، لن تتوقف آثاره السلبية عند حدود العراق بل ستمتد لتطال بمفاعيلها السلبية إيران، التي لن تكون بمنأى عن هذه الآثار السلبية، وهي النتائج التي لا مصلحة للعرب ولا للإيرانيين فيها، وعلى إيران أن تدرك جيداً أن تبوأها المكانة الإقليمية والدولية التي تسعى إليها لا يمكن أن يتحقق إذا لم تقم علاقاتها مع الدول العربية، وفي مقدمتها العراق، على أساس من احترام المصالح المشتركة للجانبين العربي والإيراني، وإن احترام هذه المصالح يؤدي حتماً إلى بناء علاقات عربية - إيرانية على أسس سليمة، وبدلاً من أن تقوم هذه العلاقات على التناحر والتصادم فإن من مصلحة الجانبين أن تقوم على التفاهم واحترام كل جانب لسيادة الجانب الآخر،مما يفتح الباب لقيام الانسجام بين مصالح الجانبين الذي قد يتطور إلى تحالف لمواجهة التهديد والمشترك لهما المتمثل في السياسات الأميركية- الصهيونية، ولا مدخل لكل ذلك إلا باحترام وحدة العراق وهويته العربية وسلامته الإقليمية ونبذ كل السياسات التي تهدف لتمزيق وحدته الكيانية والمجتمعية.
وأخيراً فإن المؤتمر يستنكر بوضوح أية مساهمة لأية دولة عربية في المخطط الأميركي الصهيوني الداعي لضرب إيران والذي يحض الكثير من الدول العربية على أن تكون ضمن الأدوات المنفذة لتحقيق أهداف هذا المخطط،تحت شعار مقاومة الإرهاب، الذي تتبناه السياسة الأميركية بدون تمييز بين الإرهاب الحقيقي الذي تمارسه في الكثير من مناطق العالم وبين المقاومة الوطنية المشروعة لهذا الإرهاب الأميركي- الصهيوني.
وفي لبنان: يؤكد المؤتمر حرصه على تأمين الوحدة الوطنية اللبنانية على قاعدة حماية المقاومة والحفاظ على عروبة لبنان وأن لا يكون مقراً وممراً للمخططات الأجنبية، ويدين المؤتمر كل الضغوط الأجنبية والعربية التي تتآمر على المقاومة وعلى الوحدة الوطنية اللبنانية.
في السودان: يؤكد المؤتمر حرصه على وحدة السودان أرضاً وشعباً ويدين كل محاولات العدوان والتمزيق التي يتعرض لها من مختلف الأطراف الدولية والإقليمية الطامعة في ثروات السودان وترابه الإقليمي، ويدعو المؤتمر إلى حل كافة الإشكالات والخلافات بين مختلف الأطراف عبر مشروع وطني ديمقراطي يؤمن المشاركة السياسية الفعالة والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان.
في الصومال: يتعرض الصومال ومنذ أمد طويل لعدوان أميركي- أثيوبي يستهدف تمزيق وحدته الوطنية واحتلال أراضيه واقتطاع أجزاء واسعة منها، لذلك فإن المؤتمر القومي العربي يؤكد مسؤولية النظام الرسمي العربي في التصدي لكل هذه المخططات وتقديم كل أنواع الدعم الرسمي و الشعبي للمقاومة الصومالية الباسلة لتحقيق أهدافها في مواجهة العدوان الواقع على هذا ابلد العربي وتأمين الوحدة الوطنية فيه.
في العلاقة مع دول الجوار.
يؤكد المؤتمر حرصه على إقامة أفضل العلاقات التعاونية مع دول الجوار العربي وعلى الأخص كل من إيران وتركيا وإثيوبيا على قاعدة المصالح المشتركة بين الأمة العربية وبين كل منها، دون تجاوز أو عدوان أو افتئات على هذه المصالح والحقوق.
في الإعلام العربي: ولما كان للإعلام الدور الأكبر في التواصل بين الأفراد والجماعات، فإن المؤتمر يؤكد بقوة على ضرورة تبني إقامة فضائية عربية، كمشروع استثماري عربي يفتتح القوميون عملية الاكتتاب به، على أن يستكمل ذلك يفتحه لاكتتاب شعبي عربي، لتكون أداة فعالة في نقل رسالة المؤتمر إلى الجماهير العربية في كل مكان، ولتكون الوسيلة لنشر وت. عميق الوعي العربي الشعبي بالأبعاد المختلفة للمشروع العربي النهضوي الذي يتبناه المؤتمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.