إنتقد تقرير برلماني عُرض على البرلمان تمهيداً لمناقشته، قيام الحكومة بتمويل العجز الأكبر في الموازنة من خلال الإصدار النقدي، إذ أدى إلى زيادة الكتلة النقدية من العملة المحلية وترتب عليه زيادة في الطلب الكلي للسلع والخدمات التي تشكل الواردات الجزء الأكبر منه، وبالتالي إرتفع الطلب على الدولار. وأكد تقرير اللجنة الخاصة المكلفة بدراسة تطورات سعر صرف العملة الوطنية أن التوسع الكبير في الإنفاق العام وبالأخص التجاري، وعدم سلامة السياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزي في الفترة الأخيرة سواءً من حيث التوقيت أو الآثار التي أعطتها للمتعاملين في السوق،تنامي العجز في ميزان المدفوعات في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تراجع حصة الدولة من العائدات النفطية المصدر بصورة حادة إلى 2مليار دولار في 2009، وضعف الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الوطني. . كانت عوامل مباشرة في تدهور سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار. وأشار تقرير اللجنة المكلفة في نهاية الشهر الماضي بتقصي حقائق تدهور سعر صرف العملة، والتي بلغ إلى (225) ريال للدولار إلى أن حجم الإنفاق التجاري، الذي حقق عجزاً قياسياً في الموازنة العامة للدولة وصل في 2009إلى(54) مليار ريال وبنسبة 9% مقارنة ب(3، 8%) لعام 2008م وما يعادل (220)مليار ريال لنفس العام. واعتبر التقرير- الذي حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- قيام البنك المركزي بخفض سعر الفائدة التأشيري إلى مستوى أدنى من التضخم وبصورة عشوائية، قد جعل المودعين في الجهاز المصرفي يقومون بكسر ودائعهم بالريال والتوجه إلى سوق الصرف لشراء الدولار، وكذا كان الأمر بالنسبة للمستثمرين في أذون الخزانة، كما اعتبر عدم توفير احتياجات البنوك التجارية من النقد الأجنبي قد سارع في زيادة الطلب على الدولار وتسبب في تدهور سعر صرف العملة المحلية، وأن ضعف تدخل آلية المركزي في سوق الصرف وتأخره في هذا الجانب كان من أبرز الأسباب. وكشف التقرير عن تناقص في حجم الاحتياطيات الخارجية للبلاد من النقد الأجنبي، أرجعها إلى أسباب ارتفاع قيمة الواردات من السلع والخدمات، والتي بلغت 9مليار دولار مع نهاية العام 2009ممقارنة ب(6. 7مليار دولار) للعام 2006. وكذا انخفاض تدفق الاستثمارات الخارجية وانخفاض تحويلات المغتربين بسبب الأزمة المالية العالمية وعدم استقرار الأوضاع الداخلية، وهو ما أثر بشكل سلبي على ميزان المدفوعات مع انخفاض قيمة الصادرات النفطية وأدى إلى انخفاض الاحتياطات الخارجية للمركزي من النقد الأجنبي بمبلغ (1. 1)مليار دولار. وأوضح التقرير بأن ارتفاع فاتورة دعم المشتقات النفطية المستوردة من الخارج والتي تراوحت بين (48-49مليار ريال) شهرياً، وتنامي موارد النقد الأجنبي الموجهة لاستيراد المشتقات النفطية من الخارج عبر شركة مصافي عدن خلال الفترة المنصرمة من العام الجاري والتي بلغت حوالي (476)مليون دولار، قد شكل ضغطاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة وكذا ميزان المدفوعات. وأوردت اللجنة البرلمانية بعضاً من الحلول التي تقدمت بها الحكومة للجنة في الجوانب المالية والنقدية والنفطية والتجارية، غير أن اللجنة أكدت في توصياتها على ضرورة التزام الحكومة بتحقيق الاستقرار الاقتصادي، والسيطرة على عجز الموازنة وتمويلها من مصادر أمنة وحقيقية بعيدة عن تمويلها من الإصدار النقدية، وكذا مراجعة السياسة النقدية والائتمانية بحيث تكون فاعلة لتحقيق النمو الاقتصادي. وشددت التوصيات على ضرورة العمل على تنمية الموارد الغير نفطية، والاستفادة القصوى من المنح والقروض الخارجية المتاحة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وسد عجز الموازنة العامة للدولة، استكمال الإصلاحات الهيكلية في الجوانب المالية والإدارية، وتأهيل مصفاة عدن، وتنمية قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والثروة السمكية. إلى جانب ترشيد استهلاك المشتقات النفطية، وتحصيل الحكومة لمديونيتها لدى الغير، وتعزيز استقلالية المركزي كسلطة نقدية. كما أكدت اللجنة على أهمية استثمار المركزي للاحتياطات الخارجية من النقد الأجنبي، وتقديم مشروع قانون يفصل خزينة الدولة عن المركزي، وتنظيم أعمال الصرافة. وأكدت اللجنة على ضرورة التزام الحكومة بتوصيات المجلس المرفقة في الموازنة العامة للدولة، وعدم فرض أي زيادة في رسوم التعرفة الجمركية الإ بعد استكمال الإجراءات الدستورية، مشددة على الاستفادة القصوى من المنح والقروض الخارجية.