قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    مأساة في ذمار .. انهيار منزل على رؤوس ساكنيه بسبب الأمطار ووفاة أم وطفليها    أول جهة تتبنى إسقاط طائرة أمريكية في سماء مارب    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الخمسون )
نشر في أخبار اليوم يوم 20 - 09 - 2012


الإسلام دين السلام
الإسلام شريعة السلام ودين المرحمة ما في ذلك شك , لا يخالف هذا إلا جاهل بأحكامه أو حاقد على نظامه أو مكابر لا يقتنع بدليل ولا يسلم ببرهان , اسم الإسلام نفسه مشتق من صميم هذه المادة مادة السلام , والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم اسما أفضل من يكونوا المسلمين (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (الحج:78) .
وحقيقة هذا الدين ولبه الإسلام لرب العالمين (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:112) , (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (البقرة:131) , (وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:71) .
وتحية أهل الإسلام فيما بينهم السلام عليكم ورحمة الله بركاته وختام الصلاة عندهم سلام على اليمين وسلام على اليسار وسلام في الأمام إن كانوا يصلون خلف إمام كأنهم يبدءون أهل الدنيا من كل نواحيها بالسلام بعد أن فارقوها بخواطرهم لحظات انصرفوا فيها لمناجاة الله الملك العلام.
وقد نزل القرآن الكريم في ليلة كلها سلام تحف به ملائكة السلام (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ , لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ , تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ , سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (سورة القدر) .
وأفضل ما يلقى الله به عباده تحية السلام (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) (الأحزاب:44) .
وخير ما يستقبل الملائكة به الصالحين من عباد الله في جنة السلام (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ , سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد:23-24) , والجنة نفسها اسمها دار السلام (لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:127) , (وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (يونس:25) .
والله تبارك وتعالى اسمه السلام (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ) (الحشر:23)
ولن يتأخر المسلم عن الاستجابة لدعوة السلام ولن يردها أبدا (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ , وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (لأنفال:61-62) , (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ) (النساء:94) .
وليست في الدنيا شريعة دينية ولا نظام اجتماعي فرض السلام تدريبا عمليا واعتبره شعيرة من شعائره وركنا من أركانه كما فرض الإسلام رياضة النفس على السلام بالإحرام في الحج ، فمتى أهل المسلم به فقد حرم عليه منذ تلك اللحظة أن يقص ظفرا أو يحلق شعرا أو يقطع نباتا أو يعضد شجرا أو يقتل حيوانا أو يرمى صيدا أو يؤذى أحدا بيد أو لسان حتى ولو وجد قاتل أبيه وجها لوجه لما استطاع أن يمسه بشيء (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة:197) , فهو بهذا الإحرام قد أصبح سلما لنفسه سلما لغيره من إنسان أو حيوان أو نبات.
والإسلام دين الرحمة , فهي قرين السلام في تحية المسلمين , ونبي الإسلام إنما أرسله الله رحمة للعالمين , وشعار المسلم الذي يردده قبل كل قول أو عمل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) , والوصية بين المؤمنين الصبر والمرحمة (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ , أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (البلد:17-18) .
و آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول محمد "عليه الصلاة والسلام" وأعماله وتصرفاته كلها تدل على سمو منزلة الرحمة بين الأخلاق التي يأمر بها هذا الدين.
لقد فتحت أبواب الجنة وشملت مغفرة الله تعالى ومنته رجلا سقى كلبا يلهث يأكل الثرى من العطش. روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: (قال رسول الله "عليه الصلاة والسلام" في : "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج وإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملا خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله تعالى له فغفر له" قالوا يا رسول الله : وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر")
وفتحت أبواب النار لامرأة حبست هرة وقست عليها , روى البخاري ومسلم أن ابن عمر قال : قال رسول الله "عليه الصلاة والسلام" : (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).
ومن قبل أن تنشأ جمعيات الرفق بالحيوان في أوربا أو غيرها ، كان الرفق بالحيوان شعار الدين الإسلامي ووصية النبي "عليه الصلاة والسلام" لكل مسلم . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "عليه الصلاة والسلام": (لاتتخذوا ظهور دوابكم منابر إنما سخرها الله لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم) رواه أبو داود.
وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله "عليه الصلاة والسلام" في سفر فرأينا حمرة معها فرخان لها فأخذناها فجاءت الحمرة تعرش فلما جاء رسول الله "عليه الصلاة والسلام" قال: "من فجع هذه بولدها ، ردوا ولدها إليها" . ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال: "من أحرق هذه؟" قلنا نحن قال : "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار") أخرجه أبو داود أيضا.
وروى ابن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه نهى عن ركض الفرس إلا لحاجة وأنه كتب إلى صاحب السكك ألا يحملوا أحدا بلجام ثقيل ولا ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة وكتب إلى حيان بمصر أنه بلغني أن بمصر إبلا نقالات يحمل على البعير منها ألف رطل فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعرفن أنه يحمل على البعير اكثر من ستمائة رطل.
وإنما سمي الفسطاط "مصر القديمة" بذلك لأن فسطاط عمرو بن العاص حين الفتح اتخذت من أعلاه حمامة عشا لها فلم يشأ عمرو أن يهيجها بتقويضه فتركه وتتابع العمران من حوله فكانت مدينة الفسطاط.
وما ذلك كله إلا أثرا من آثار الرحمة التي يشيعها الإسلام في نفوس المؤمنين ، فهو ولا شك دين الرحمة ، وهو ولا شك دين السلام.
وإذا كان الإسلام دين السلام ودين الرحمة فما موقفه من فكرة الحرب والقتال والجهاد ؟ وهل انتشر بالسيف كما يقول عنه كثير من خصومه الذين لم يعرفوه أو تعمدوا أن يتجاهلوه؟ وهل انفرد دون غيره من الأديان بمشروعية القتال؟ هذه هي رؤوس الموضوعات التي سنعالجها مختصرة في هذه الكلمات التالية.
الإسلام والحرب
أ الحرب ضرورة اجتماعية :
القاعدة الأساسية التي وضعها الإسلام للحياة هي ولا شك الطمأنينة والسلام والاستقرار ، ولكن الإسلام مع هذا دين يواجه الواقع ولا يفر منه ، وما دامت في الدنيا نفوس لها أهواء ونوازع ومطامع ، وما دام هناك هذا الناموس الذي يطبق على الأفراد والجماعات على السواء ، ناموس تنازع البقاء ، فلابد إذن من الاشتباك والحرب ، وحين تكون الحرب لردع المعتدي وكف الظالم ونصرة الحق والانتصاف للمظلوم تكون فضيلة من الفضائل وتنتج الخير والبركة والسمو للناس ، وحين تكون تحيزا وفسادا في الأرض واعتداء على الضعفاء تكون رذيلة اجتماعية وتنتج السوء والشر والفساد في الناس . ومن هنا جاء الإسلام يقرر هذا الواقع ويصوره ، فيقول القرآن الكريم: (وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة:251) , كما يقول في آية أخرى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ , الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج:40-41) .
وبذلك كانت أولى نظرات الإسلام إلى الحرب أنها ضرورة اجتماعية أو شر لا بد منه إلا لما يرجى من ورائه من خير على حد قول الشاعر العربي:
والشر إن تلقه بالخير ضقت به ذرعا وإن تلقه بالشر ينحسم
والناس إن ظلموا البرهان واعتسفوا فالحرب أجدى على الدنيا من السلم
ب أغراض الحرب في الإسلام :
وفى الوقت الذي يقرر الإسلام فيه هذا الواقع يحرم الحرب ويسمو بها ولا يدعو إليها أو يشجع عليها إلا لهذه الأغراض الأساسية السامية العالية الحقة:
1 - رد العدوان والدفاع عن النفس والأهل والمال والوطن والدين , وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190) , وكانت أول آية من آيات القتال نزلت وفيها الإذن به قول الله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج:39) ، وفى الآية الثالثة: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ ..) (النساء:75) , وروى مسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (جاء رجل إلى النبي "عليه الصلاة والسلام" فقال: يا رسول الله أرأيت إن عدي على مالي؟ قال: "فانشد بالله" ، قال: فإن أبوا علي؟ قال: "فانشد بالله" ، قال: فإن أبوا علي؟ قال: "فانشد بالله" ، قال فإن أبوا علي؟ قال : "فقاتل ، فإن قُتِلت ففي الجنة ، وإن قَتَلتَ ففي النار").
وروي أبو داود و الترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعد بن يزيد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله "عليه الصلاة والسلام" يقول: (ن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد).
وروى البخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله "عليه الصلاة والسلام" يقول: (من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد).
2 - تأمين حرية الدين والاعتقاد للمؤمنين الذين يحاول الكافرون أن يفتنوهم عن دينهم وفى ذلك يقول القرآن الكريم (يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (البقرة:217) , ويقول في آية أخرى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ) (البقرة:193) .
3- حماية الدعوة حتى تبلغ إلى الناس جميعا ويتحدد موقفهم منها تحديدا واضحا , وذلك أن الإسلام رسالة اجتماعية إصلاحية شاملة تنطوي على أفضل مبادئ الحق والخير والعدل وتوجه إلى الناس جميع كما قال الله تبارك وتعالى لنبي الإسلام محمد "عليه الصلاة والسلام" : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (سبأ:28) , فلا بد أن تزول من طريقها كل عقبة تمنع من إبلاغها ولا بد أن يعرف موقف كل فرد وكل أمة بعد هذا البلاغ ، وعلى ضوء هذا التحديد تكون معاملة الإسلام وأهله للناس: فالمؤمنون إخوانهم , والمعاهدون لهم عهدهم , وأهل الذمة يوفى لهم بذمتهم , والأعداء المحاربون ومن تخشى خيانتهم ينبذ إليهم فإن عدلوا عن خصومتهم فيها وإلا حوربوا جزاء اعتدائهم حتى لا يكونوا عقبة في طريق دعوة الحق أو مصدر تهديد وخيانة لأهلها لا إكراها لهم على قبول الدعوة ولا محاولة لكسب إيمانهم بالقوة (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة:256) ، والآيات والأحاديث ناطقة بذلك مفضلة إياه في مثل قول الله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) (لأنفال:58) , (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:74) , وقوله تعالى (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29) ،وقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) (النساء:76).
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "عليه الصلاة والسلام": (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله).
4 - تأديب ناكثي العهد من المعاهدين أو الفئة الباغية على جماعة المؤمنين التي تتمرد على أمر الله وتأبى حكم العدل والإصلاح وفى ذلك يقول القرآن الكريم: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ , أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (التوبة:13) , ويقول: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات:9).
5 - إغاثة المظلومين من المؤمنين أينما كانوا والانتصار لهم من الظالمين , وفى ذلك يقول القرآن الكريم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (لأنفال:72) .
ج تحريم الحرب لغير ذلك من الأغراض:
فكل ما سوى هذه الأغراض الإنسانية الإصلاحية الحقة من المقاصد المادية أو النفعية فإن الإسلام لا يجيز الحرب من أجلها بحال من الأحوال وذلك واضح كل الوضوح في إضافة الإسلام القتال أو الجهاد دائما إلى سبيل الله فلا تزد واحدة من هاتين الكلمتين في بحث من البحوث الإسلامية إلا مقرونة بهذا السبيل , على أن القرآن الكريم قد صرح بتحريم كل قتال لغير هذه الأغراض المشروعة وأكدت هذا التحريم أحاديث النبي محمد "عليه الصلاة والسلام" وسجل التاريخ ذلك لأصحابه الذين لم يريدوا بقتالهم شيئا أبدا إلا وجه الله وتحقيق المقاصد المتقدمة كلها أو بعضها وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (النساء:94) , ويقول: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ , لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:67-68) .
وأخرج الخمسة عن أبى موسى رضي الله عنه قال: (سئل رسول الله "عليه الصلاة والسلام" عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله").
وأخرج أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رجلا قال: يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغى عرضا من الدنيا فقال: "لا أجر له" ، فأعاد عليه ثلاثا كل ذلك يقول: "لا أجر له").
ولقد تأثر أصحاب النبي حتى الأعراب منهم بهذا السمو في الغرض من القتال حتى روى النسائي عن شداد بن الهادي رضي الله عنه (أن رجلا من الأعراب جاء فآمن بالنبي ثم قال: أهاجر معك , فأوصى النبي "عليه الصلاة والسلام" به بعض أصحابه فكانت غزاة غنم النبي فيها شيئا فقسم وقسم له فقال: ما هذا. فقال "قسمته لك" قال: ما على هذا اتبعتك ولكنى اتبعتك على أن أرمى إلى ههنا - وأشار بيده إلى حلقه بسهم - فأموت فأدخل الجنة فقال: "إن تصدق الله يصدقك" فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو فأتى به النبي محمولا قد أصابه سهم حيث أشار فقال النبي: "أهو هو؟" قالوا: نعم قال: "صدق الله فصدقه" ثم كفن في جبة النبي ثم قدمه فصلى عليه فكان مما ظهر من صلاته: "اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا وأنا شهيد على ذلك").
وصحف التاريخ فياضة بمثل هذه الزهادة منهم في عرض الحياة الدنيا وغنائم الفتح وأن غرضهم من الجهاد لم يكن شيئا إلا إعلاء كلمة الله وحماية دعوته في الناس.
د إيثار السلم كلما أمكن ذلك والتشجيع عليها:
فالمسلم لا يحارب إلا مكرها على القتال بعد استنفاد وسائل المسالمة جميعا , وحين تلوح بارقة أمل في السلم يوجب عليه الإسلام أن ينتهزها وألا يدع الفرصة تفلت من يده وعليه أن يعمل على إطفاء نار الحرب ما استطاع إلى ذلك سبيلا , وفى ذلك يقول القرآن الكريم: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (لأنفال:61) ، وروى أبو داود عن الحارث بن مسلم عن أبيه قال: (بعثنا رسول الله "عليه الصلاة والسلام" في سرية فلما بلغنا المغار "أي مكان المغارة" استحثثت فرسي فسبقت أصحابي فتلقاني أهل الحي بالرنين فقلت لهم: "قولوا لا إله إلا الله تحرزوا" فقالوها فلامني أصحابي وقالوا: حرمتنا الغنيمة فلما قدمنا على رسول الله "عليه الصلاة والسلام" أخبروه بالذي صنعت فدعاني فحسّن لي ما صنعت ثم قال لي "أما إن الله قد كتب لك لكل إنسان منهم كذا وكذا من الأجر" وقال: "أما إني سأكتب لك بالوصاة بعدي" ففعل وختم عليه ودفعه إلي").
ه الرحمة في الحرب ومراعاة أعلى آدابها الإنسانية:
فإذا كانت الحرب ولا بد فإن المسلم يضرب فيها أروع المثل على الرحمة والتفضل ومراعاة أعلى آدابها الإنسانية فإذا رجحت كفة المسلمين على أعدائهم وظهرت الغلبة لهم فإن عليهم بحق القرآن أن يكفوا عن القتل ويكتفوا بالأسر ليمنوا على الأسير بعد ذلك بحريته أو يفتدوا به مثله من أساراهم فيحسنوا إلى إنسانين من عباد الله وفى ذلك يقول القرآن الكريم: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) (محمد:4) , وأما الرقّ فسيأتي تفصيل الكلام عنه في بحث آخر ، وحسبنا الآن أن نقول إنه معنى من معاني الرحمة التي شرعها الإسلام في الحرب فأبدل حكم الإعدام وهو القتل بحكم السجن المؤبد وهو الرق بعد الأسر ثم جعل لهذا السجن بعد ذلك عدة منافذ يستطيع الأسير فيها أن يسترد حريته بكل سهولة لا يبيح الإسلام الرق بحال من الأحوال إلا في هذا الموقف والذي تتجسم فيه معاني الرحمة والإحسان.
والمسلم فئ قتاله ، لا يغدر ولا يفجر ولا يفسد ولا يتلف ولا ينهب مالا ولا يقتل امرأة ولا طفلا ولا شيخا كبيرا ولايتبع مدبرا ولا يجهز على جرحى ولا يمثل بقتيل ولا يسيء إلى أسير ولا يتعرض لمسالم أو رجل دين ولا يقصد أن يضرب وجها أو يقتل صبي.
أخرج أبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله "عليه الصلاة والسلام" : (أعف الناس قِتلة أهل الإيمان). وأخرج البخاري عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال: (نهى رسول الله "عليه الصلاة والسلام" عن النهبى والمثلة).
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "عليه الصلاة والسلام": (إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه).
وأخرج أبو داود عن أبى يعلى قال: (غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتى بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا بالنبل فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال: "سمعت رسول الله "عليه الصلاة والسلام" ينهى عن قتل الصبر فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها" فبلغ ذلك عبد الرحمن فأعتق أربع رقاب).
وأخرج الستة ، إلا النسائي ، عن ابن عمر قال: (وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله "عليه الصلاة والسلام" فنهى رسول الله "عليه الصلاة والسلام" عن قتل النساء والصبيان).
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن بريدة رضى الله عنه قال : (كان رسول الله "عليه الصلاة والسلام" إذا أمّر الأمير على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا").
وكانت هذه الوصية شعار الخلفاء والأمراء ، يوصون بها دائما قواد الجيوش حين يبعثون بهم إلى القتال , أوصى أبو بكر أسامة رضي الله عنه فقال: (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة , ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه , ولا تقطعوا شجرة مثمرة , ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا للأكل ، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قوم فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل
العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقا) , ثم قال: (اندفعوا باسم الله).
فهل رأت الساحات والميادين أرق من هذه الأفئدة وألين من هذه القلوب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.