يحتاج20,7 مليون شخص، أي حوالي ثلثي عدد السكان، إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية أو الحماية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ويعاني ما يقارب 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بينهم أكثر من 3 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضعة يعانون من سوء التغذية الحا . وفيما نزح أكثر من 2 مليون شخص جراء العنف، وارتفعت تكلفة الغذاء بنسبة 33 في المائة عما كان عليه قبل الأزمة، تم التعرف على أكثر من 450,000 حالة إصابة بالكوليرا في أقل من أربعة أشهر ولقي 1,900 شخص مصرعهم نتيجة لهذا المرض. ما سبق حقائق رئيسية عن اليمن توردها على الدوام تقارير دولية بينما تتحدث عن بلد تطحنه رحى الحرب كان يطلق عليه السعيدة، وبات اليوم يتصدر تقارير التصنيف الكارثية.. في خطابات المتصارعين ومؤججي الحرب، يجري الإجماع على كارثية الوضع ولا أحد منهم يعترف بأنه سبب في الوصول إلى هذا الوضع، بل يذهب كل واحد منهم إلى إخلاء مسؤوليته والرمي بالحمل على الطرف الأخر.. وهو ما يبرهن أن الكارثة التي حلت باليمن هي من صنع تجار الحروب.. بلد بدون ماء أحدث تقرير صادر عن الأممالمتحدة، يرسم صورة مأساوية للأوضاع الإنسانية في اليمن؛ فيذكر أن 15.7 مليون من السكان لا تتوفر لهم المياه النظيفة والصرف الصحي بسبب تعطل البنية التحتية أو تلفها، فيما لا يحصل 14.8 مليون على الرعاية الصحية الكافية. تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، الصادر منتصف أغسطس2017، يقول إن اليمن يعاني من تدهور شديد في الخدمات الصحية ونظم الصرف الصحي على خلفية الحرب المندلعة في البلاد منذ قرابة 3 أعوام. ويفيد بأن الأطفال وكبار السن هم الفئة الأشد تضررا من وباء الكوليرا المتفشي في البلاد، منذ أبريل/نيسان الماضي، الذي أودى بحياة 1971 شخص، علاوة عن إصابة 498 ألف. ويبين التقرير أن 30% من حالات الوفاة جراء المرض هم من المسنين و25% من الأطفال، فيما قدرت نسبة الأطفال المشتبه بإصابتهم بأكثر من 41% من إجمالي عدد المصابين. ويؤكد بأن أكثر من 60% من السكان في اليمن يواجه خطر انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 7 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ويتعرض مليوني طفل لسوء التغذية الحاد. الأكبر عالمياً وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أيضا منتصف أغسطس، أن عدد حالات الإصابة بوباء الكوليرا في اليمن تجاوز نصف مليون حالة، وأن حوالي ألفي شخص لقوا حتفهم بسبب الوباء. وأشارت المنظمة، في تقرير لها إلى "وجود 503,484 إصابة محتملة و1975 وفاة مرتبطة بتفشي الوباء، منذ 4 أشهر، في البلد الذي تمزقه الحرب". ووصف التقرير تفشي وباء الكوليرا في اليمن بأنه الأكبر في مجال الأوبئة المنتشرة حاليا في العالم. ولفت تقرير الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى أن "السرعة التي ينتشر فيها الوباء تراجعت بشكل ملحوظ منذ بداية يوليو/تموز"، لكنه حذر من أن "الوباء المنقول عبر المياه لا يزال يصيب 5 آلاف شخص يوميا". وأرجع انتشار وباء الكوليرا في اليمن لأسباب عدة، منها عدم توافر مياه الشرب النظيفة لحوالي 3 ملايين شخص اضطروا للنزوح عن ديارهم بسبب الاشتباكات المستمرة في البلاد منذ حوالي عامين. وقال تيدروس أدناهوم غيبريسوس، المدير العام ل"الصحة العالمية"، إن "موظفي الصحة في اليمن يعملون في ظروف مستحيلة". وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من أن عدد حالات الكوليرا في اليمن سيتجاوز ال600 ألف بنهاية العام الجاري. حكم بالموت ويقول المجلس النرويجي للاجئين، في أحدث تقرير له صدر منتصف أغسطس، أنه بعد مرور عام على إغلاق مطار صنعاء، توفي عدد من اليمنيين بسبب عدم تمكنهم من السفر للحصول على الرعاية الطبية المتخصصة، بحيث فاق ذلك عدد الذين قتلوا جراء الضربات الجوية. ووفقاً لبيانات وزارة الصحة في صنعاء، توفي 10,000 يمني الآن بسبب الظروف الصحية، حيث كانوا يسعون للحصول على العلاج الطبي في الخارج، ويتجاوز هذا العدد عدد القتلى المثير للقلق والذي يقارب 9,000 شخص قتلوا بفعل الهجمات العنيفة. وحسب التقرير أدت القيود التي فرضها التحالف على المجال الجوي اليمني إلى إغلاق مطار صنعاء الدولي رسمياً أمام الرحلات التجارية في 9 آب/ أغسطس 2016، مما أدى إلى ترك العديد من اليمنيين من دون وسائل نقل آمنة داخل البلاد أو خارجها. وقبل تصاعد النزاع في اليمن، كان ما يقدر بنحو 7,000 يمني يسافرون إلى الخارج من خلال مطار صنعاء الدولي لتلقي العلاج الطبي في البلاد، وهو عدد ازداد بشكل كبير بعد تصاعد العنف في أوائل عام 2015، كما ورد في التقرير. وقال معتصم حمدان، مدير المجلس النرويجي للاجئين في اليمن: "إن الحرمان من إمكانية السفر قد أطلق حكماً بالموت على آلاف اليمنيين المصابين بأمراض يمكن النجاة منها، فيما عدا الغارات الجوية والكوليرا، فإن الحرب في اليمن تدمر حياة اليمن على جميع الجبهات"، وتضرر ما يقارب نصف مليون شخص يتشبه بإصابتهم بالكوليرا منذ نيسان/ابريل من هذا العام، حيث يكافح النظام الصحي الهش أصلاً في اليمن لتلبية الاحتياجات الصحية الأساسية. وأضاف حمدان: "بدون الوصول إلى السفر التجاري الآمن، فإن اليمنيين متروكون بدون أية وسيلة تؤمن وصولهم إلى الرعاية الطبية الهامة، والنتيجة مدمرة؛ فآلاف النساء والرجال والأطفال الذين كان من الممكن إنقاذهم قد فقدوا أرواحهم الآن". ومنذ تصاعد النزاع في اليمن في آذار/مارس 2015، أسفرت الهجمات العنيفة عن وقوع أكثر من 45.000 إصابة، وتدمير البنية التحتية. لم يتقاضَ 1.2 مليون من موظفي الخدمة المدنية اليمنيين رواتبهم المعتادة لمدة تصل إلى سنة، مما تسبب في بطء انهيار الخدمات العامة وتصعيد سريع لأكبر أزمة إنسانية في العالم. وقال حمدان: "تتعثر الخدمات العامة في اليمن تحت ضغوط الحرب: ومئات الآلاف من الأشخاص هم جرحى، أو يعانون من المرض أو بحاجة الى خدمات، ولكن هناك انخفاضاً كبيراً في الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتهم". وأضاف "من المهم جداً إعادة فتح جميع قنوات الحركة الجوية المحلية والدولية حتى يتمكن اليمنيون من الحصول على المساعدة وحتى تتمكن المساعدات من الوصول إلى اليمنيين". من صنع تجار الحروب وحث إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص للأمين العام لليمن الأطراف على الموافقة على إجراءات تهدف إلى المحافظة على مؤسسات الدولة وتدفق المساعدات الإنسانية ودفع رواتب الموظفين والحد من تهريب السلاح. وفي إحاطته المقدمة لمجلس الأمن الدولي، عن الوضع في اليمن بتاريخ 19 أغسطس، والتي تتضمن مقترحين، قال ولد الشيخ أحمد عبر دائرة تليفزيونية من عمّان أن "المقترح المطروح يهدف بشكل أساسي إلى ضمان استمرار عمل ميناء الحديدة دون انقطاع وبشكل آمن كونه الشريان الأساسي للاقتصاد اليمني. ويشتمل المقترح على خطة عملية ترتكز على تسليم الميناء إلى لجنة يمنية مكونة من شخصيات عسكرية واقتصادية تحظى بقبول واسع وتعمل تحت إشراف وإرشاد الأممالمتحدة. وستعمل اللجنة على الحد من تهريب السلاح وضمان أمن وسلامة الميناء؛ عملياته وبنيته التحتية، كما ستعمل على ضمان التدفق السلس للمواد الإنسانية والبضائع التجارية من خلال الميناء إلى كافة أرجاء اليمن وتحويل إيرادات الميناء لدعم استئناف دفع الرواتب للموظفين المدنيين. وأضاف المبعوث الدولي أنه يعمل مع الفرقاء على إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، ليتمكن الجرحى والمرضى والطلاب من السفر ولتيسير عمليات الاستيراد والتصدير وتحسين وضع المواطن اليمني. ودعا كافة الأطراف إلى الانخراط بشكل إيجابي مع مطالب ممثلي المجتمع المدني في تعز بإعادة فتح الطرقات منها وإليها لتسهيل حركة اليمنيين والمؤن الإنسانية والتجارية. وأشار إلى أن هاتين المبادرتين ستشكلان خطوة مهمة لبناء الثقة بين الأطراف، ومرحلة أولى نحو تجديد وقف الأعمال القتالية على المستوى الوطني واستئناف المباحثات من أجل حل شامل وكامل. وفي حديثه عن الوضع الإنساني في اليمن، قال إسماعيل ولد الشيخ أحمد: "باختصار، يعصف الموت باليمنيين جواً وبراً وبحراً وكذا الأمراض والأوبئة التي شهدت معدلات غير مسبوقة.. ومن لم يقتله داء الكوليرا، يعاني حتماً من نتائج الكوليرا السياسية التي أصابت اليمن والتي مازالت تُعيق مساره نحو السلام". وقال إن الطريق نحو السلام واضح والمقترحات العملية للسير فيه جاهزة بما يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة وبناء الثقة بين الأطراف. وأضاف: "أن ما ينقص في هذه المرحلة هو برهنة أطراف النزاع، دون أي تأخير أو تبرير أو تسويف، نيتها الحقيقية بإنهاء الحرب وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية". وذكر المبعوث الأممي بأن "إلقاء اللوم على الأممالمتحدة أو على المبعوث أو المجتمع الدولي لا يصنع السلام، والتأجيل والتبرير والتهويل الإعلامي لا ينهي الحروب إنّما يزيد من عمق الشرخ الحاصل.. فمَدَاميكُ البيت الصلبة تبنى مِن الداخل كما تبنى الأوطان والمؤسسات بالشراكة والتكامل بين مختلف الأطياف وبمراعاة مطالب الناس من الشمالِ إلى الجنوب على أُسس ودساتير تحمي المواطنين، كل المواطنين، شباباً وأطفالاً رجالاً ونساءً من كافة التوجهات الفكرية والسياسية". وأضاف ولد الشيخ أحمد أن من يريد السلام يخلق الحلول ولا يفتش عن المبررات، مشيراً إلى أن هناك العديد من تجار الحروب في اليمن الذين لا يريدون السلام. ودعا إلى العمل مع الفرقاء اليمنيين والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني إلى أن يتم تغليب لغة السلام والتوصل إلى اتفاق سياسي يعيد الأمن للبلاد والاستقرار إلى الشعب اليمني الذي لا يستحق أقل من ذلك. كارثة مروعة للمرة العاشرة خلال عامين قدم ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إحاطة عن اليمن إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 19 أغسطس، قال فيها إن معاناة اليمنيين متواصلة بلا هوادة. وقبل انتهاء ولايته في آخر الشهر الحالي، أعرب أوبراين عن حزنه العميق لعدم تحقيق أي تحسن ملحوظ رغم جهوده الحثيثة مع فريقه لوضع حد للكارثة المروعة التي صنعها البشر وكان يمكن تجنبها في اليمن. وقال أوبراين "اليوم يواجه ملايين الأشخاص في اليمن مأساة ثلاثية: شبح المجاعة، وأكبر تفش للكوليرا في عام واحد في العالم، والحرمان اليومي والظلم بسبب صراع وحشي يسمح العالم باستمراره فيما كان من الممكن منعه وتجنبه ومعالجته.. إن المأساة الإنسانية متعمدة ووحشية، إنها سياسية وبالإرادة والشجاعة غير المتوفرتين الآن، يمكن وقفها، حيث يعاني 17 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، ويواجه 7 ملايين خطر حدوث المجاعة". وشدد أوبراين على ضرورة تذكر أن تلك الأرقام تمثل بشرا ومعاناة هائلة، وآباء لا يستطيعون إطعام أسرهم وأطفالا يخضعون لخطر سوء التغذية أو الأمراض. وتحدث عن طفلة في السادسة من العمر، اضطرت أسرتها إلى النوم في جحر في الأرض ليلا خوفا من القصف الجوي قرب منزلهم. وقال إن حالة تلك الطفلة، التي كانت تعاني من سوء التغذية، تدهورت أثناء اختبائها مع أسرتها. وبعد عدة جولات من العلاج، وفيما كانت تتعافى أصيبت بالإسهال المائي الحاد ولقيت حتفها بعد خروجها من المستشفى بوقت قصير. وأضاف: "من أجل هذه الطفلة البريئة وغيرها الكثيرين، يجب ألا تحجب الأرقام المروعة لهذه الأزمة حقيقة أن كارثة اليمن من صنع البشر بشكل كامل، وإنها نتيجة مباشرة للسياسات والأساليب والأفعال المتعمدة من قبل الأطراف ووكلائها الأقوياء في الصراع". وقال منسق الأممالمتحدة للإغاثة الطارئة، الذي زار اليمن ثلاث مرات منذ توليه منصبه في عام 2015، إن العمل الإنساني وحده لا يمكن ولا يجب أن يحل محل القطاعات العامة أو التجارية في اليمن، ولا يستطيع حل الأزمة. وشدد المسؤول الدولي على عدد من المطالب هي: ضمان فتح جميع الموانئ، البرية والبحرية والجوية، للمدنيين بما في ذلك أمام الحركة التجارية، والتأثير على أطراف الصراع لاحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ودفع راتب الموظفين، وتعزيز المساءلة، والمطالبة بالوقف الفوري للأعمال العدائية، والعودة إلى المفاوضات والتسوية السياسية.