بعد أن تأكد لنا في سطور سبقت ؛ أن العقلاء هم الذين لايقولون بالصدفه في وقائع وأحداث جرت وتجري في شئون حياتهم ، وإنما هي أقدار تتدافع قدر بقدر..! بعد أن تأكد لنا ذلك ؛ دعونا نقف مع التاريخ وقفة تأمل واستفادة من عبرة التي رسم معالمها أفذاذ صنعوا لها أمجاداً لا يزال بعضنا يستعيد ذكرياتها ويتغنى بها إلى حد الهوس ، وبعض آخر يريد أن يحيا تحت انقاضها، وآخرون منا لاهم لهم إلا إهالة تراب الأنكار حتى لا يرى لها أثر ملموس في شأنه الخاص والعام ..! ولأن أمتنا_بكل شعوبها_ تعيش حالة من القلق في حاضرها لكثرة مآسيها، وأرتال المؤامرات التي تتقاطر عليها من كل حدب وصوب ، والتى تكيد لها وتحاول أن توهن من عزيمتها وتعيق نهضتها ؛ فإنها أحوج ما تكون لقراءة التاريخ ، لِتَعْلم أن ماقد مضى في بعض منعطفات خط السير في قافلة الحياة كان اسوأ حالاً مما هي فيه اليوم وأكثر سوداوية مما يحيط بها من حولها..! لقد مرَّ على أمتنا حين من الدهر كادت فيه أن تتلاشى من جغرافية الحياة الكريمة ، ومن مظاهر العزة التي ترغم الآخرين على احترامها..! لقد مرت أمتنا في أطوار الخور والخنوع حداً أغرى أمما من خارج محيطها للإندفاع نحو السيطرة على مقاليد أمورها الدنيوية ، وأجهدوا أنفسهم _في كرات عديدة_ لاختراق أسوار دينها وعقيدتها، من خلال حثالة ممن نافقوا في اوساط شعوبها ومجتمعاتها..! لقد كانت أمتنا في بعض منحنيات التاريخ تكبو ، ولكنها كانت سرعان ماتغادر منعرجات الضعف ، وتنهض من عثراتها لتشارك من جديد في صناعة التاريخ وحياكة أمجاده..! لقد مرَّ بأمتنا وشعوبها حين من الدهر اسوأ مما نحن في حاضرنا، فلا نبتئس ولا ندع اليأس يتسلل إلى قلوبنا وعقولنا، ولا إلى سلوكنا ومواقفنا..! إن علينا أن ننظر إلى عبر التاريخ كدارسين لسننه ، وباحثين ومتعمقين للنظر في سلبيات شكلت بأدائها ذلاً وهوانا وانكفاءاً على الذات ؛ وإيجابيات سطرت عزاً وبأساً شديداً وأمجاداً لم ولن تُمحى من ذاكرة الحياة..! إن علينا أن نعى أنه عندما نقف أمام أبواب التاريخ فإنه لا يعنى أن نعيش الماضي _ فهذا أمر مستحيل بلا نقاش ولا مماراة_ بل لنعرف خط سير أمتنا وَمَنْ حولها في كل حين من تاريخها ، ولكى نرسم ملامح شخصيتها في حاضرنا، ونشير إلى معالم شخصيات مستقبل أجيال تأتى من بعدنا..! فالتاريخ_كما نفهمه_هو تفصيل لمراحل الحياة في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ونحن البشر نخطُّ سطوره ، ونرسم على صفحاته وقائع خطونا على ذرى مفاخره ، أوفى سفوح التخلف والإنحدار..! ولناء لقاء نستكمل فيه موضوعنا بإذن الله .. * رئيس الهيئة العليا للإصلاح - من صفحته على الفيسبوك