"لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل" هذا الحديث الصحيح عند قراءته بالنظر العادي لا يحصل التعمق في مستنبطاته ومسائله، فدعونا نرحل إلى أعماق هذا النص النبوي. إننا من جهة سنلحظ هذا التوظيف الحكيم للجزئيات الإيجابية للمحاسن، للمميزات في الأشخاص. ماذا سيصنع هذا القول؟ إنه حقا لن يمر سريعا على أذنك وأنت تسمع تنمية وإشادة بخبراتك وميزاتك.. سيتحول هذا إلى حافز كبير لك، إنه ينبهك إلى ما فيك من الطاقات التي قد تشارك أنت والمجتمع في تحجيمها وتحطيمها. بل سيتحول إلى لفت انتباه لك أن تكف عن النظر إلى الغير والتحسر على النفس جراء هذا التصرف الذي أصبح عند كثير كدوام رسمي في دوامات عدم الرضى عن النفس وما فيها ومط العنق إلى الآخر، هذا جانب هام جدا من عمق دلالات النص. وثم وجهة أخرى لو أمعنت النظر.. من هذا الذي يقول ولمن؟ إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائد الدولة والقوات المسلحة وأمين الله على شرعه، إنه يقول لأحد أصحابه. يا له من سمو قيادي رئاسي رسمي، إنه رغم انشغاله بالدولة وشئونها بالدعوة ونشرها بالمجتمع وحاجياته بتوفير الأمن الغذائي والأمن الشامل والسياسات الداخلية والخارجية والتواصل المحلي والإقليمي والدولي مع العالم وزعمائه وقياداته لإبلاغ هذا الدين، إنه يهتم بجزئيات شخصية، إنه الآن يشيد بصوت لأحد أصحابه. هذه هي الحقيقة التي تغذي السمع والطاعة والالتزام والوفاء، تغذي التلاحم والانسجام وروح الإبداع والإنتاج. إيها الفضلاء.. صدقوني إن الكثير والكثير من الإيجابيات نمر عليها مرور المغشي بغشاوة عازلة عن الرؤية في أولادنا وأهلينا ومجتمعنا من الطلاب والباحثين، في الجنود والجيش، في ذواتنا وفي سائر أمورنا. وقد لا نكتفي بهذا بل نغرق أنفسنا في زراعة لغة الحطمة التي أثمرت البطالة والعجز والكسل والفشل والفساد في أوطاننا وسوف تفهم كثيرا من نواتج هذا حين يسعف الزعماء والقيادات أنفسهم إلى الخارج حال الوعكات.. وحينما لا يثقون بالإنتاج المحلي "سوى القات"، حينما يحققون مع مخترع بتهمة التآمر أو يهمشون عقولا، أو يبتعثون أبناء الأصدقاء التائهين في دوائر البلادة والغباء ولا يعبئون بأبناء الشعب من النابغين والمبدعين. أيها الإخوة: إن النص عميق الدلالات، انظروا مثلا إلى دور الصوت في الجيش، إنه يمثل قوة لواء مسلح بقوة ألف شخص، إذاً الإعلام والتوجيه والإرشاد.. ماذا يساوي، وأين دوره!؟