العدل هو ميزان قامت عليه الخليقة كلها، وبه يدبر الله شئون هذا الكون وجعله على الناس تكليفا قطعيا ملزما لا تفاوض حوله "إن الله يأمر بالعدل والإحسان". والعدل هو تصرف نصنعه نحن وهو بإمكان أي إنسان ويلزم كل إنسان في ظل الظروف.. وهو قيمة فاضلة تحمله النفوس الفاضلة وبهم تقوم الحياة الفاضلة. وأنت مأمور أن تعدل مع نفسك "إن لنفسك عليك حقا". وأن تعدل مع أهلك "ولأهلك عليك حقا". وأن تعدل مع الكل "لا تظالموا". إن الدول والأمم والحضارات تبقى مع العدل وتهلك بالظلم، وهذه سنة كونية إلهية مكتوبة: "وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"، وقال "أهلكناهم لمّا ظلموا". هؤلاء الأقوياء والأغنياء والملوك والدول والقوى والحضارات عبر التاريخ.. هذه السنة جرت عليهم، وإذا حقت فيهم على قوتهم وجبروتهم فالمؤسسات والحركات والتنظيمات أضعف بكثير. إن أي ظلم إذا حصل ثم فشا وتحول إلى ظاهرة صار فسادا عاما، وهنا نقطة النهاية لفرد أو جماعة أو أسرة أو فئة أو طائفة أو تنظيم مهما بلغ في إمكاناته. إن العدل هو أساس البقاء والحب والسلام والانضباط، أما أن يرى الفرد ترقيات وعلاوات وتعيينات مجاملات وعطاءات للبعض وغيرهم لم يحظ بشيء منها فسيدرك أنها لم تخطئه لأنها لم تستهدفه أصلا أو توجه إليه. لأن الخطأ المتكرر بكثرةٍ عمدٌ محض عند الله وعند خلقه في المجتمع وفي القضاء والمؤسسات رسمية وأهلية. إذاً سيصل إلى هذا الاستنتاج ومعه حق، فهل سيطيع أو ينضبط! ماذا تنظر منه بالله عليك! ولهذا قعَّد الإسلام قانونا هو "العدل أو العزل".