عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    عبدالملك الحوثي يكلف هذا القيادي بملاحقة قيادات حزب المؤتمر بصنعاء ومداهمة مقراتهم وما فعله الأخير كان صادما!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    محمد علي الحوثي: "غادري يا ميسون فهو الأفضل لش".. بمن يتغزل "الطبل"؟    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    مليشيا الحوثي تواصل اختطاف خبيرين تربويين والحكومة تندد    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبراء وطنيون وأجانب يستعرضون تجارب العدالة الانتقالية في مؤتمر الحوار الوطني 1-2
نشر في الاتجاه يوم 23 - 06 - 2013

استعرض عدد من الخبراء المحليين والأجانب تجارب العدالة الانتقالية في عدد من البلدان العربية والأجنبية، أمام فريق العدالة الانتقالية خلال المرحلة الأولى من عمل الفريق والتي استمرت على مدى شهرين.
حيث تناول الخبير الدولي الدكتور تشارلز فيلا الباحث الأول في معهد العدالة والمصالحة في مدينة كيب تاون، في محاضرته التي ألقاها في منتصف أبريل الماضي عدد من المواضيع المتعلقة بالعدالة الانتقالية .
وركز في محاضرته على أربعة محاور هي تجربة جنوب افريقيا وانتقالها من النزاع إلى الديمقراطية، وعرض نموذج العدالة الانتقالية الذي استخدم في جنوب افريقيا، ونقاط الضعف والمعوقات في تلك التجربة، والعلاقة بين ما يسمى النهضة الافريقية وبين ما يسمى اليوم الربيع العربي .
حيث أشار الدكتور تشارلز فيلا إلى أن جنوب افريقيا عاشت ثلاثمائة سنة من الاستعمار عانت خلالها من القتل الجماعي وتم إزالة السكان الأصليين من الخارطة من قبل أولئك الذين اصبحوا ساسة الاستعمار في البلاد "بريطانيا".
وقال :" فيما يخص التمييز العنصري كان ينظر إلى السود على أنهم على قدر منخفض ولم يستطيعوا أن يستفيدوا من الخدمات ونتج عن ذلك صراع حدث في جنوب افريقيا بين جماعة تكافح ضد سيادة "البيض" وهم من قاموا بالفصل العنصري, وعشنا أكثر من ثلاثمائة وخمسون عاماً من الاستعمار والفصل العنصري ولم يكن هناك دولة في العالم معرضة للانهيار أكثر من جنوب افريقيا".
وأضاف : " سأعطيكم فقط رقمين بين الأعوام 1990 1993م على مدى ثلاث سنوات فقط 145 ألف شخص أودعوا السجن, 14 ألف شخص تم قتلهم, وخلال السنتين والنصف التاليتين كان هنالك 4 آلاف شخص قتلوا أيضاً, يعني خلال الست السنوات 18 ألف شخص قتلوا بسبب أعمال العنف في أفريقيا".
وأضاف :" السيد منديلا سجن لمدة 27 عاما بسبب أعمال العنف ونحن نعرف ما هو العنف هو شيء سيء الى أبعد حد ".
وأكد الخبير الدولي أن بداية التحول الحقيقي كانت بالحوار، والمفاوضات هي التي انقذت افريقيا من حمام الدم، وأحيانا تكون المفاوضات هي أصعب شيء في العالم، وكيفية التحدث مع العدو هذا هو السؤال الذي ينبغي أن يطرح.
ولفت إلى ما قاله الفيلسوف الماني (هيجل) والذي وصف القيادة بقوله القائد دائماَ يمتاز بخطوة قبل الاخرين, ونحن نريد ذلك أن يكون القائد خطوة فقط قبل شعبة حتى يكون قريباً منهم فلو تقدم أكثر من خطوة سيكون بعيداً عن شعبة ولن يعرف ماذا يريدون, وإذا القائد لم يستطع سحب شعبه ورائه فهو ليس بقائد.
وقال :" فيما يتعلق بما حدث إبان الكفاح الذي حصل من أجل الفوز بقلوب الناس فإنه من الصعب إحضار المجتمع معكم إلى هنا ليس بأجسادهم وإنما بدعمهم وتأييدهم نحن فعلنا ذلك بعدة خطوات وأبرزها إيقاف العنف، تشكيل حكومة ديمقراطية، والذي ساعدنا في الوصول إلى الناس هو الإعلام (التليفزيون – الاذاعة – الصحف)".

ولفت إلى أهمية أن تعترف بالآخر قبل أن تبدأ عملك.
وقال :" هل تستطيع أن ترى عدوك، لو نظرت إليه في عينيه فلن تستطيع أن تبعد بصرك عنه أبدا، أنت تستطيع أن تعارضه وتختلف معه لكن أنت تراه أمامك فأنت معترف بوجوده، وهكذا بدأت التسوية في جنوب افريقيا".
وحول الخطوة التالية وهي آلية أو نموذج العدالة الانتقالية الذي لجأت إليه أفريقيا أوضح الخبير الدولي أنه كان لديهم حوار وطني، وبعدها كان هنالك نقاش وطني، ومن ثم تم هيكلة النقاش بطريقة معينة.
وحول لجنة الحقيقة والمصالحة أوضح أفاد بأنها وجدت ثلاث لجان، لجنة انتهاكات حقوق الانسان، لجنة العفو، لجنة التعويضات (المعالجات).
وقال الدكتور تشارلز " العدالة الانتقالية هي ما يمكن أن تقوموا به، فلن تستطيعوا محاكمة كل من ارتكب جرائم وبالتالي لن نقضي مائة عام قادمة في محاكمة أناس ارتكبوا أشياء، يجب عليكم القيام بأشياء أكثر من ذلك وأنا سأترك معكم ثلاث كلمات وهي المسامحة والعفو، المصالحة، الاتفاق".
وأضاف : " في أفريقيا بعض هذه الجرائم ارتكبت من قبل السود أنفسهم وبعضها ارتكبت باسم السود ودوافعها ليست سياسية وإنما إجرامية بحته في النظام الجديد والنظام القديم".. مشيراً إلى أن محكمة الجنايات الدولية أدانت 33 شخصاً كمرتكبي جرائم كبرى وكلهم أفارقة.
وتساءل الخبير الدولي، ماذا بشأن الجرائم التي تركبها اسرائيل؟! .. مؤكداً أن محكمة الجنايات الدولية ينبغي أن تعمل بشكل مختلف أو تلغى بالكامل.
وقال : " أعتقد أن الولايات المتحدة لم تصادق على إدانة أي شخص من دولة عظمى".
وحول الاعلام في جنوب افريقيا أشار إلى أنه كان متعدد، البعض منه أظهر نوعا من المسئولية والنزاهة، واستطاعت أفريقيا أن تكّون مدونة السلوك واستخدام الإعلام في مصلحة أهدافها.
فيما أشار إلى أن المعضلة التي واجهت جنوب افريقيا تمثلت في القضايا الاقتصادية وعدم تمكنهم من التعامل مع المظالم الاقتصادية التي حدثت.
وأشار إلى أن جنوب افريقيا ركزت على عدد من المواضيع والمبادئ ومنها أن قتال الأشخاص فيما بينهم يعني انتقاص طرف للآخر وهذا أمر مرفوض، إلى جانب مبدأ ( UBUNTU ) الذي يعني "أنا من خلالك أنت وأنت من خلالي أنا"، نحن بشر ومن خلال بعضنا البعض نستطيع أن نكمل الصورة ".
وبين أن عملية التعويضات مهمة جداً على المستوى المجتمعي أكثر منها على المستوى الفردي كبناء المدارس والمستشفيات وغيرها مما ينتفع به الناس ويسهل طريقة حياتهم .
وقال :" المراحل التي مررنا بها في جنوب افريقيا هي اتفاقية سلام, الاتفاق على الالتقاء, وأن نستمع إلى بعضنا البعض, فلا يمكن أن تعد الملاحظات دون أن تستمع للآخر بحوار صريح وليس بحوار غير صريح ولهذا ينبغي علينا أن نكون صادقين ".
وحول مصير القتلة وهل سيتم إعدامهم أفاد بأنه تم التوصل إلى نظام الحصانة فيما يتعلق بالفترة الانتقالية.
وقال :" الجيش والأمن أثناء المفاوضات في جنوب افريقيا كان تحت سيطرة النظام القديم في جنوب افريقيا "البيض"، وإذا عرف جنرالات الفصل العنصري أنهم سيذهبون إلى السجن لم يكونوا ليوافقوا على التفاوض وهذا هو الثمن الذي دفعناه من أجل السلام فينبغي أن نضحي بجزء من العدالة لكي نصل إلى ما نريد".
وأضاف :" هناك بعض القادة السود يعتقدوا أن البيض يجب أن يخرجوا من جنوب افريقيا لكننا استطعنا من خلال الحوار أن نوجد مستقبل أفضل، نحن اليوم في جنوب افريقيا أفضل بكثير مما كنا عليه في عام 1990م صحيح أنه لا زال لدينا الكثير من الصعوبات لكننا الآن أفضل بكثير من السابق".

وحول ماهية العدالة الانتقالية أوضح أنها إنشاء عملية انتقال من وضعنا اليوم إلى وضعنا في الغد، وتكون بأحد الخيارات إما أن يحاكم كافة النظام السابق، أو عقوبات لكل من كان في النظام السابق وذلك باستثنائهم من أي عمل مستقبلي في الدولة، أو بالحوار لكي نحاول أن نبني بلداً مشتركاً وهذا النظام الذي تبنيناه شمل العفو.
وقال الخبير الأفريقي الدكتور تشارلز فيلا :" 22 ألف لم يتم اختيارهم من قبلنا، وإنما نشرنا إعلان في الصحف والذين رغبوا في القدوم الينا جاءوا وتحدثوا الينا بإرادتهم، أما عن ال 1500 شخص الذين تم العفو عنهم, منح لهم العفو على أساس قانون موجود ومفسر من قبل مجموعة من القضاة في المحكمة العليا وهي مشكلة من جميع الفئات".
وأضاف :" هناك ثلاث كلمات أريد ان اقولها لكم، المسامحة فأنت لا تستطيع أن تجبر الاخرين، والمصالحة وهي أن تكون جاهز لتبني وتشترك مع الغير، والاتفاق، فنحن لا نطلب المسامحة أو المصالحة نحن نطلب الرغبة في العيش المشترك, نتعلم العيش مع بعضنا نعيش بشكل مشترك ومن ثم نتحدث مع الاخرين فزرع المحبة ليست من مهام السياسيين ".
وتابع قائلا :" البيض في جنوب افريقيا صوتوا للمرحلة الانتقالية لكي يعطوا تنازلات للمستقبل ولا يعيشون في الماضي، والتعويضات دفعت من قبل الحكومة وكنت أتمنى أن أرى الاشخاص الفاسدين هم من يدفعوا التعويضات".
واختتم الخبير الدولي الدكتور تشارلز فيلا محاضرته مخاطباً أعضاء فريق العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار الوطني الشامل:" في الأخير لازال لديكم طريق طويل للمستقبل، وعليكم أن تتنبهوا لكيفية مساركم في هذا الطريق، إذا أتى أحد إلى هنا من أجل الانتقام فهو في المكان الخطأ، فينبغي أن نجد مساراً واحدا يحقق العدالة, وإذا كنتم تريدون عفو ومسامحة أومحاكمة وانتقام هذا قراركم في الأول والأخير" .
الخبير الوطني الدكتور جعفر عبد الله خبير في العدالة الانتقالية في اليمن –استشاري معتمد لدى البرنامج الانمائي للأمم المتحدة – عميد كلية الحقوق جامعة عدن (سابقا) ألقى محاضرة أمام الفريق في ال 23 من أبريل الماضي.
حيث أشار إلى أن الغاية الرئيسية من العدالة الانتقالية هي "الاستماع إلى الضحية " الذي يمثل الإطار المعني في قيادة عملية العدالة الانتقالية، والهدف الأساسي من العدالة الانتقالية بعد الاستماع إلى الضحية المنتهك حقوقه أو الضحايا المنتهك حقوقهم (المجتمع) هو إحضار المتهم الموجهة إليه التهمة، والاستماع للضحية أو للضحايا المنتهك حقوقهم سواء تعرضوا لتعذيب أواختفاء أومعاملات بشكل مباشر، و من ثم يقدر الضرر، وبعدها يتم احضار المتهم والاستماع لدفاعه.
واعتبر الخبير الوطني الدكتور شوطح أن الغاية الأساسية التي تليها هي جبر الضرر, وجبر الضرر يتم عن طريق التعويض المادي أو المعنوي، والتي تعد الغاية الاساسية من العدالة الانتقالية من خلال جبر الضرر ومن ثم اتخاذ الاجراءات المناسبة.
فيما أشار إلى أن الغاية الاساسية الثالثة هي المحاسبة وبما يعني أنه لا يمكن جبر الضرر اذا لم تتم المحاسبة.
وقال الدكتور جعفر شوطح :" يجب أن تأتي الضحية إلى الهيئة المناط بها مسئولية تطبيق التشريع المنظم للعدالة الانتقالية ومن ثم يتم تقدير مدى ما قدمه من معلومات تجاه حقه المنتهك أو حقوقه المنتهكة، وهذا كله يؤدي إلى كشف الحقيقة وبدون كشف الحقيقة لا يمكن أن يتم جبر الضرر".. لافتاً إلى أن الهدف من المحاسبة الوقاية من جرائم جديدة وعدم تكرار هذه الانتهاكات من قبل المتسبب.
وأشار إلى أن العدالة الانتقالية بشكل عام كعلم بدأت أولوياته بعد الحرب العالمية الثانية, بدأت بمحاكمات ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفي محاكمات طوكيو أرست القواعد، كما جرت أيضاً محاكمات بعض النازيين في بداية الستينيات، ثم تجربة اليونان بعد حكم عسكري استمر عدة سنوات وتم فيها العمل على المبادئ الاساسية بكشف الحقيقة بعد ذلك جاءت الارجنتين وهكذا دواليك بعض دول امريكا اللاتينية تحديداً تشيلي.
وأكد أن التجربة المميزة هي تجربة جنوب افريقيا بعد التوافق الوطني، ومن الشروط التي تمت بالنسبة للتوافق الوطني فيها قضية إنشاء لجان لكشف الحقيقة والمساواة أو كما تسمى تحديداً لجنه التحقيق والمصالحة.

وأشار إلى أن هنالك أيضا تجربتين هما يوغسلافيا و رواندا حيث حدثت في رواندا جرائم تم فيها قتل أكثر من ثمانمائة ألف شخص، فيما يشير البعض إلى أن القتلى وصلوا إلى المليون شخص وذلك نتيجة التعبئة الخاطئة التي حدثت من قبل بعض السياسيين.
وقال :" العدالة تتوخى مجموعة معايير التي تبدأ بتقوية الديمقراطية، فلا يمكن ان تنشأ ديمقراطية بمعنى أكاديمي ما لم تكشف الحقيقة، وكيف تتحدث عن الديمقراطية ولم تكشف الحقيقة ولم تجبر الضرر الذي تعرض له الضحية، بمعنى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال خاصة في الدول التي جرت فيها صراعات سياسية أو ما بعد الصراعات السياسية أن تبنى الديمقراطية على أكاذيب".
وأشار إلى أن قوانين العفو تتناقض مع العهود والإعلانات الدولية والاتفاقيات ذات العلاقة بانتهاكات حقوق الانسان.
وأكد أن العدالة الانتقالية ليست وصفه جاهزة، كما أنها ليست بنموذج معد سلفاً بحيث تطبق على جميع البلدان، فهي ترتبط بظروف كل بلد على حده، وإنما استطاع الباحثين والدارسين أن يجمعوا جمله من الآليات والمخالفات من مختلف المجتمعات لتكوين صورة واضحة عن العدالة الانتقالية بشكل عام.
وبين أن آليات تطبيق العدالة الانتقالية تتبلور في المحاكمات، البحث عن الحقيقة، جبر الضرر، الاصلاح المؤسساتي وهو الأساس فلا يمكن أن تعيد هيكلة العدالة ما لم تعيد هيكلة المؤسسات، وكذا النصب التذكارية.
وأشار الخبير الوطني الدكتور جعفر عبد الله شوطح إلى أن هناك ثلاثة أنماط من القوانين وهي قواعد وطنية، قواعد اقليمية، وقواعد دولية.
وقال :" هناك دول لم توقع على اتفاقيات دولية، ودول وقعت الاتفاقية ولم تصادق عليها وفي هذه الحالة فيما لو وقعت الدولة على اتفاقية ما، ولم ينظمها قانون خاص بها فتسمو القواعد الدولية على التشريع الداخلي، بعد ذلك نأتي الى الاتفاقيات الاقليمية الاتفاقيات الدولية التي تسمو على التشريع الوطني وتسمو على الاتفاقيات الاقليمية".
وأكد أن من مهام مؤتمر الحوار الوطني المصادقة على تقارير ذات العلاقة بالعدالة الانتقالية وفقاً للنظام الداخلي للمؤتمر.
فيما قدم الخبير الوطني البرلماني شوقي القاضي المنسق العام للمنظمة الوطنية لتنمية المجتمع - اليمن، عضو لجنة تقصي الحقائق حول المخفيين قسراً في مجلس النواب محاضرة عن المختفين قسراً في ال 24 من أبريل الماضي.
حيث أشار إلى أن التعريف العلمي للإخفاء القسري وفقاً للاتفاقية الدولية لمناهضة الإخفاء القسري ديسمبر 1992م :" يطلق على الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية، ويتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".
وأشار إلى أنه تم اقتراح طلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول المخفيين قسراً في البرلمان في ال 26 نوفمبر 2012 م، وكان الفضل في ذلك للشباب الذين قاموا ب " ملامح الوجوه في الشوارع " الذين كان لهم أثر إيجابي على البرلمانيين، وفي 8 ديسمبر 2012م انعقد لقاء تشاوري تم فيه استدعاء منظمات وأهالي المخفيين قسراً".
وبين أنه وحتى الان لم تستقبل اللجنة سوى خمسين حالة أو أقل، وقد تم تصميم استمارة بالاستفادة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية .. لافتا إلى محدودية دور الإعلام فيما يخص عمل اللجنة .
وبين أن اللجنة معنية بتقديم تقرير إلى قاعة المجلس عن الحقائق التي وصلت إليها ويقرر المجلس ما يريد، ومجلس النواب يقتصر دوره برفع تقرير للحكومة .. مؤكداً أن أعضاء مؤتمر الحوار باستطاعتهم تقديم أكثر من مجلس النواب من خلال الدفع بالحكومة والبرلمان للمصادقة على اتفاقية مناهضة الإخفاء القسري المكونة من 45 مادة.
وقال :" جملة من المقترحات التي يعول على فريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والقضايا ذات البعد الوطني القيام بها إزاء هذه القضية وأبرزها مطالبة الحكومة بالمصادقة على اتفاقية مناهضة المخفيين قسراً، والمطالبة بالإفراج عن بقية المعتقلين فلا نقاش إلا بعد أن يفرج عنهم والكشف الفوري عن المخفيين وهو ما يستدعي زيارة كافة المعتقلات في سجون الأمن السياسي والقومي ووزارة الداخلية والنيابة العامة وكافة الجهات".
وقال :" أنا أتحدث عن قضية إنسانية لا تؤدلج ولا تسييس لأنها إنسانية بامتياز, ومن المهم أيضا جبر الضرر وهو أعم وأشمل من التعويض كونه يتضمن التعويض، ويعطي الضحية حق اللجوء إلى القضاء وإثبات القضية أو الجريمة التي ارتكبت بحقه، فقد وسع الأمر فيندرج فيه التعويض ويعطي الضحية حق اللجوء إلى القضاء وإثبات القضية أو الجريمة التي ارتكبت بحقه، وتقديم الجناة إلى العدالة، ويضمن عدم تكرار ما حدث من انتهاكات، وإصدار قوانين وتشريعات ويعطى القانون سيادة".
وأكد على ضرورة إغلاق المعتقلات الخاصة في الوزارات والأجهزة ولدى المشايخ والتي يجب أن تزال ويصبح مكان التوقيف قانونياً ومعروفاً للجميع, وتفعيل وتطوير دور القانون والقضاء والمجتمع المدني, ومنح الضحايا امتيازات خاصة تعويضية.
واستعرض أبرز الاستخلاصات التي شملها تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة بتقصي الحقائق حول المخفيين قسراً.
وقال :" كانت المحطات أو أشهر المحطات بحسب ما جاء إلينا ضمن الخمسين الشخص للأعوام 1986 1978 1994 2011 م هذه كانت مشهودة وواضحة وأيضا حالة في 2004 ، وكذا في 2007 م ، هناك عدد من الجهات قابلت رئيس الجمهورية وقدمت له التقارير الخاصة بالمخفيين قسراً ومنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، المجلس العام لمعتقلي الثورة الشبابية الشعبية السلمية، المرصد لحقوق الإنسان، منظمة هود، وغيرها من الجهات".
فيما ألقى الخبير الدولي دراجان بوبو فيتش كبير خبراء مشروع دعم العدالة الانتقالية – برنامج الأمم المتحدة الانمائي محاضرة أمام الفريق في ال 24 من أبريل الماضي حول آليات العدالة الانتقالية، وبرنامج جبر الضرر، والعدالة الجنائية.
حيث عرف العدالة الانتقالية بأنها عملية تهدف إلى مساعدة المجتمعات للتصالح مع ماضيها الذي اتسم بمستوى كبير من الظلم كانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وغير ذلك، للوصول إلى مجتمعات عادلة، أي الاعتراف بوجود الظلم وإدراك حجم المعاناة والتمكين من تحقيق تحول سياسي وكذلك اقتصادي واجتماعي مما يساعد على التأسيس لسلام دائم وللديمقراطية ويضمن عدم تكرار ذلك الظلم.
واستعرض ما وصفها بالتركة الموروثة من انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة الأنظمة المستبدة في أمريكا الجنوبية والوسطى: الأرجنتين، تشيلي، البيرو، السلفادور غواتيمالا.. وفيإفريقيا : جنوب إفريقيا، أوروبا : جمهورية التشيك، هنغاريا، ألمانيا الشرقية، اليونان.
كما استعرض التركة الموروثة من جرائم الحرب في أفريقيا في كل رواندا، ليبيريا، سيراليون، وفي آسيا في تيمور الشرقية، كمبوديا.. وفي أوروبا بيوغسلافيا السابقة ، والتركة الموروثة من النازيين في ألمانيا، فرنسا.
وأشار إلى أن الدول المتقدمة التي لها "نقاط سوداء" تشوب ماضيها : كندا، استراليا، الولايات المتحدة الأمريكية، والتي خلفت تركة ثقيلة من انتهاكات حقوق الإنسان والظلم و الحاجة الملحة للعدالة.
وبين أن الهدف العام أن تتصالح المجتمعات مع ماضيها المتسم بالظلم .. لافتاً إلى أن أهداف العدالة الانتقالية على المدى القريب والبعيد تتمثل في المساءلة و المحاسبة على ما تم اقترافه من إجحاف، وإنشاء سجل تاريخي عن الماضي يتميز بالمصداقية والموضوعية، والاعتراف بالمعاناة وإيصال صوت الضحايا، وكذا جبر الضرر المادي والمعنوي، وإعادة أعمار المؤسسات، إلى جانب إعادة الوفاق.
وتطرق الخبير الدولي دراجان بوبو فيتش إلى منظمات المجتمع المدني و المؤسسات الممثلة للضحايا والقوانين التي تمثل الحماية لحقوق الانسان فيما يخص اليمن والمتمثلة في القانون الدولي والمحلي إلى جانب الالتزامات.
حيث أشار إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضمن حق الإنسان في الحياة والحرية والأمن، حق الإنسان في المساواة أمام القانون وحقه في التساوي في حماية القانون، حق الإنسان في العلاج المنصف للضرر، فيما أكد الميثاق العالمي بشأن الحقوق المدنية والسياسية على حق الإنسان في الحياة والحرية والأمن، وحق الإنسان في المساواة أمام المحاكم، وحق الإنسان في العلاج المنصف للضرر.
وأشار أيضاً إلى المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن رقم 2014 و 2051 .
وبين فيما يخص الالتزامات إلى ضرورة أن تلتزم الدول بإجراء تحقيق سريع ومحايد في انتهاكات حقوق الإنسان وأن تتعرف على الضحايا وكذلك المنتهكين، وتلتزم الدول بملاحقة ومحاكمة ومعاقبة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومن خلال إجراءات عادلة، كما تلتزم الدول بتقديم الاسترضاء والمعالجات القانونية الكافية يتعين على الدول اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية الكفيلة بمنع تكرار انتهاكات حقوق الإنسان الإصلاحات المؤسسية و إجراء الفحص والتدقيق.
وحول العدالة الجنائية أشار الخبير الدولي دراجان بوبو فيتش إلى ضرورة ضمان إجراءات محايدة وعادلة من أجل تأسيس المسئولية الجنائية الفردية والحقيقة القضائية، وتحقيق قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والعمل على عدم تكرار ما حدث، وتسليط الضوء على المتهمين بارتكاب الجرائم، وكذا محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم.
وأشار إلى جملة من التحديات التي تواجه تطبيق العدالة الانتقالية أبرزها الافتقار للقدرة اللوجستية والمالية والفنية، وكذا عدم وجود مؤسسات متخصصة، والافتقار للهيكل القانوني الذي يفي بالغرض، إلى جانب الفساد, والضغوط الشعبية، وعدم الشفافية، وأن المستهدفين من عامة الناس ليس لديهم المعرفة الكافية بعمل هذه المحكمة، وكذا وجود مساحة للتلاعب فضلا عن عدم وجود إستراتيجية مناسبة لإتاحة المعلومات لعامة الناس وكذا مؤسسات باهظة.
أما ما يخص الجوانب الإيجابية من تطبيق العدالة الانتقالية فقد أشار إلى عدد من المزايا أبرزها أن تتحمل الدولة مسئوليتها عن الجرائم التي ارتكبتها، وإمكانية تحقيق العدالة أمام مؤسسات القضاء المحلية على المستوى الفردي والجماعي والسياسي،ىوكذا العلاقة المباشرة بين المؤسسات القضائية والضحايا / الشهود، إلى جانب الوثائق المتوفرة أو التي يمكن الوصول إليها، وإجراء المحاكمات باللغة المحلية، والقدرات الفنية والمالية واللوجستية، والتمكين من إجراء المحاكمات خاصة لما وصفها ب "الرؤوس الكبيرة"، وكذا الدعم الدولي، والعمل دون ضغوط شعبية.
وأشار إلى أهمية إنشاء طرق تأسيس الحقائق عن الماضي من خلال لجان التحقيق بالمعنى الشامل أو لجان التحقيق بالمعنى المحدد، والجهات الاجتماعية التاريخية، والجهات المعنية بالمنهجية, والجهات الدولية اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الدولية بشأن المفقودين وجهات أخرى، وكذا معهد المفقودين والنشاط المدني" .
وحول لجان تقصي الحقائق أفاد بأنها تتمثل في لجان مستقلة غير قضائية معنية بالتحقيق، جهات وقتية، جهات رسمية مكلفة من الدولة، وجهات تنشئها وتشغلها الدولة المعنية.
مبيناً ضرورة أن تركز اهتمامها حول الضحايا، وأعمال الانتهاكات الكبرى التي حدث في فترة محددة ماضية "في الماضي الحديث الذي يقع ضمن نطاق التطبيق"، وتحدد نوع الجريمة وتقدم مجالاً واسعاً من الأسباب والعواقب للانتهاكات التي حدثت.
وأشار إلى أن لجان تقصي الحقائق ليست بديلا عن الإجراءات والمحاكمات الجنائية، وليست ضمان للعفو العام من حيث التعريف، وليست جهات دائمة تراقب وضع حقوق الإنسان وتحقق في الانتهاكات الحالية لحقوق الإنسان.
وقال :" كما أنها ليست أيضاً بديلا عن جهات أسستها منظمات غير حكومية، وجهات تحقق في مسائل متنوعة تتعلق بالفترة الانتقالية (الفساد أو الجريمة المنظمة)، وكذا ليست بديلا عن لجان تاريخية تتعامل مع أحداث قديمة جدا أو جهات تحقق فقط في جريمة أو جرائم محددة حدثت في فترة محددة".
وحول المستحق لجبر الضرر أفاد بأن الضحايا هم أشخاص تعرضوا للضرر بشكل فردي أو جماعي سواء أكانت جسدية أو عقلية، أو معاناة إنسانية، أوخسارة اقتصادية أو إضرار بحقوقهم الأساسية من خلال تصرفات أو إهمال شكل انتهاكاً جسيماً لقانون حقوق الإنسان العالمي، أو سبب مخالفة خطيرة للقوانين الإنسانية الدولية وأيضا للقوانين المحلية إذا كانت مقبولة .. مبيناً أن كلمة "ضحية" تشير إلى عائلة مباشرة أوشخص أو أشخاص مباشرين تعرضوا للضرر عند تدخلهم لمساعدة الضحايا في محنتهم أو في منع التضحية.
أما دور منظمات المجتمع المدني أفاد بأنها تتمثل في المساعدة القانونية المجانية، وتقديم الرأي القانوني وتمثيل الضحايا أمام المحاكم وطرق أخرى.
فيما أشار إلى أن تقديم الخدمات النفسية الاجتماعية تتمثل من خلال الدعم النفسي الاجتماعي للشخص الذي تعرض لصدمة، والعلاج بواسطة شغل وقت المريض، والمسرح، وبرنامج المساعدة والمساعدة الذاتية، وإشراك الضحايا المتعرضين لصدمات نفسية في أنشطة رياضية واجتماعية ثقافية متنوعة ،وضمان الاسترضاء عن ذلك الظلم، ومنع الإنكار، التحريف، التجاهل، وحماية القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمساهمة في عدم تكرار ما حدث، والنصب التذكارية والتماثيل، والبطولات "الملاحم البطولية، الأعمال التعريفية بالأعمال و الشخصيات البطولية، والتصنيف إلى المجرم والضحية، والنموذج الحديث، ومهمة تربوية لتحفيز حوار اجتماعي مفتوح وواسع الانتشار عن الماضي وغير ذلك.
الخبير الوطني وزير الشؤون القانونية الدكتور محمد أحمد المخلافي ألقى محاضرة أمام الفريق في 13 مايو الماضي عن مفهوم العدالة الانتقالية و الإطار الموضوعي والزمني للعدالة الانتقالية، والمعايير الدولية لها، والمعايير المتوفرة في مشروع القانون اليمني ومدى موائمتها للمعايير الدولية.
حيث أشار إلى أن البلاد العربية مرت بحقبة تاريخية بائسة من الاستبداد وتسيد أنظمة تسلطية مكنت قلة قليلة من المواليين للحاكم الفرد وعائلته من احتكار السلطة والثروة وإقصاء المجتمع عن القرار والشراكة في السلطة والثروة وبالتالي أهدرت حقوق الانسان وكبلت حرياته وتوقفت التنمية, وفي ذات الوقت تعمقت الكراهية وثقافة الثأر والانتقام.
وأوضح أن رد الفعل الايجابي للمواطن العربي اليوم هو الفعل الثوري من أجل التغيير, وفي البلدان الأكثر حيوية وثورية التي أهدرت طاقتها بالتسلط وإمكانياتها بالفساد كتونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وغيرها من أقطار الوطن العربي.
وأشار إلى أنه يجري الآن في تونس واليمن الاعداد لآليات تحقيق العدالة الانتقالية وجوهر ذلك يكمن في تحقيق التسامح و العدل و إن اختلفت الوسائل والأساليب.
وبين أن العدالة الانتقالية من خلال تسميتها يتبين أنها تطبق في فترة انتقالية إما من نظام تسلطي أو ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي أو من حالة المواجهات المسلحة والحروب إلى السلم.
وقال :" هذه العملية هي عملية لمعالجة مشكلة الانتقال الديمقراطي وإيجاد رضى أو قبول مجتمعي في هذا الانتقال وتوفير شروطه، باعتبارها إحدى الوسائل التي تحقق الانتقال الديمقراطي".
وبين أن مهمة مؤتمر الحوار الرئيسية تتمثل في توفير شروط الانتقال الديمقراطي ومن ثم العدالة الانتقالية التي تشكل عنصراً جوهرياً في هذا الأمر، من خلال مجموعة من الإجراءات تتخذها الدولة لإنهاء تجاوزات انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي أدت إلى وجود انقسام مجتمعي وضحايا، وإلى وجود رغبة في الثأر أو الانتقام أو الخوف من الماضي، وهذه العملية مهمتها إنهاء هذه الرغبة أو الخوف وجعل الماضي ليس مصدراً للقلق ولزعزعة المستقبل.
ولفت وزير الشؤون القانونية إلى أن تجربة العدالة الانتقالية حديثة جداَ ولا تتجاوز عقد التسعينيات.. مؤكداً أن هذه التجربة حققت غايتها وأوجدت قدراً عالياً من التسامح في البلدان التي تمت فيها، والتي كان السكان لا يقبلون بالجلوس مع بعضهم، أو في بلدان شهدت ديكتاتوريات وظلم عنيف.
وأشار إلى أن جنوب أفريقيا إحدى الدول التي طبقت قانون العدالة الانتقالية وجعلت التفرقة العنصرية تتحول إلى تعاون وعمل مشترك وإلى دعم النظام الديمقراطي وهي من أشهر التجارب الماثلة أمامنا .. مستعرضاً عدد من التجارب في دول شهدت صراعات سياسية وديكتاتوريات وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وبين أن الإطار الموضوعي للعدالة الانتقالية يتمثل في أربعة معايير طبقت في كل البلدان، مع اختلاف التطبيق من بلد إلى آخر جزئياً، وتتمثل العناصر الأربعة في الكشف عن الحقيقة والعدل وحفظ الذاكرة الوطنية وعدم تكرار الانتهاكات .
ولفت إلى أن الكشف عن الحقيقة تحقق أكثر من غاية ومنها شفاء جروح الضحايا من خلال الاستماع إليهم، والاستماع إلى أهالي الضحايا، والاستماع إلى الشهود، وكذا حماية المنتسبين للأجهزة والجماعات المشتبه بارتباكها انتهاكات، إلى جانب الاستماع إلى المشتبه بهم إما عبر الاعتراف بالذنب أو طلب العفو.
وبين أن العدالة هي العنصر الثاني من المعايير وتشمل العدالة الجنائية وجبر الضرر مادياً أو معنوياً، فيما يشمل العنصر الثالث حفظ الذاكرة الوطنية عبر رسم صورة الماضي بما يضمن عدم تكرار المآسي عبر النصب التذكارية ووسائل عدة أخرى، وكذا حفظ الضحايا في الذاكرة.
وأوضح الدكتور المخلافي أن العنصر الرابع يشمل عدم التكرار وهو المهم وبما يضمن عدم تكرار الصراعات وبالتالي عدم تكرار الانتهاكات.. مشيراً إلى أن مؤتمر الحوار الوطني يناط به اقتراح الخطوات والتدابير اللازمة لإزالة أسباب الصراعات ومنع حدوث انتهاكات في المستقبل، إلى جانب تحديد الخطوات الخاصة بتمكين الفئات الضعيفة، واقتراح خطوات للإصلاح المؤسسي، و إجراءات وخطط لحفظ الذاكرة الجماعية .
وتطرق إلى أن الغاية النهائية من إصدار مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية .. مبيناً أنها تتمثل في استكمال المصالحة السياسية بمصالحة مجتمعية هدفها إرضاء المجتمع وقبوله بالمصالحة عن طريق إنصاف الضحايا أو أهاليهم والمجتمع بمختلف فئاته وأطيافه السياسية والاجتماعية وصولاً إلى تحقيق السلم الاجتماعي والسلام .
وقال :" موضوع الخلاف الرئيسي في مشروع قانون العدالة الانتقالية في اليمن كان متمثلاً في الإطار الزمني والذي تضمن عدد من المقترحات شملت تحديده بفترة الجمهورية اليمنية وما قبل ذلك لا يكون التطبيق تلقائياً، إلى جانب مقترحات أخرى ترى بأن يشمل القانون كل انتهاكات حقوق الإنسان، في حين أن هناك من يطرح فترات زمنية متعددة، وهذه آراء قطاعات واسعة من التيارات السياسية، فيما اقتصر الطرف الآخر إلى المطالبة بالاقتصار على 2011م وكان هذا هو رأي المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه" .
وأضاف :" المشروع الذي أحاله مجلس الوزراء إلى رئيس الجمهورية كان يتضمن التطبيق التلقائي منذ عام 1990م وغير التلقائي لما قبلها، ونتيجة للنقاشات مع رئيس الجمهورية بهذا الشأن ورأي الأمم المتحدة تم استبدال الإطار الزمني بإطار موضوعي يتمثل في إيجاد شهود لكي يطبق القانون على الوقائع التي تعتبر انتهاكات حقوق الإنسان، ومن ثم نصت المادة الرابعة من آخر مشروع على أن تنطبق العدالة الانتقالية على كافة انتهاكات حقوق الإنسان بشرط أن يكون الضرر قائم ومستمر وأن لا يكون قد سبق جبر الضرر الضحايا".
وتابع :" هذا يعني أن الهيئة لا تطبقه تلقائياً لأنه يحتاج إلى تقديم الوقائع وإثبات أن أثرها مستمر ومازال الضرر قائماً على الضحايا أو أهاليهم أو على المناطق وغير ذلك".
وأشار إلى أن المشروع الذي ذهب إلى مجلس النواب وتم الاعتراض عليه كان متضمناَ اقتصار العدالة الانتقالية على 2011م رغم أن العدالة الانتقالية مهمتها إزالة آثار الماضي وأن لا تجعل الآثار التي ترتبت على انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة في المستقبل وأن توجد في إطار المجتمع .
وبين أن العنصر الثاني الوارد حوله خلاف في هذا المشروع هو ما يتمثل بالإصلاح المؤسسي .
وقال :" الإصلاح المؤسسي مهمته إعادة هيكلة الدولة وأجهزتها المختلفة بما يزيل الأسباب التي مكنت المسؤولين السابقين في الأجهزة ذات العلاقة من انتهاكات حقوق الإنسان وهذا ما هو وارد في المشروع المحال من مجلس الوزراء، في حين أن المشروع المحال إلى مجلس النواب تم أخذ صيغة تختلف عن ذلك وهو تحديث الإدارة وهذا لا تعنى به العدالة الانتقالية".. موضحاً أن رئيس الوزراء أبلغ أعضاء مجلس الأمن لدى زيارتهم إلى اليمن بأن رئيس الجمهورية سيقوم بسحب المشروع الموجود لدى مجلس النواب وإحالة المشروع الذي أحيل إليه بعد الاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء حول المسائل الخلافية.
كما قدم وزير الشئون الدكتور محمد المخلافي إيضاحات أمام فريق العدالة الانتقالية حول مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، ومبررات إعداد مشروع القانون قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني.
وقال الوزير المخلافي :" تلك المبررات تتعلق بقانون العفو والذي تم إحالته إلى مجلس النواب من قبل الحكومة ولم يكن محل توافق وجرى سحبه، ثم جرى التوافق عليه بين الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، وحينها كان هناك رأي أن يصدر قانون للعدالة الانتقالية ويشمل في طياته العفو، وأن لا يكون هناك قانون مستقل بالعفو لأن الأساس هو إيجاد مصالحة وطنية والمدخل إليها هو قانون للعدالة الانتقالية وكان هذا الأمر قبيل الانتخابات الرئاسية، وكان هناك قلق بأن لا يهتم طرف من الأطراف بالانتخابات الرئاسية وتكون تلك الانتخابات حالة خلافية وليست توافقية ".
وأضاف :" هناك من أصر على أن يجري إصدار قانون العفو باعتباره محدود المواد بعكس قانون العدالة الانتقالية الأشمل الذي يحتاج إلى وقت طويل للمناقشة حينها جرى الاجتماع على أن يصدر قانون العفو ثم يليه مباشرة صدور قانون العدالة الانتقالية مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا القانون لن يكون التشريع النهائي وأن مؤتمر الحوار سيتخذ قرارات تحتاج إلى تشريع".
وتابع :" لو رجعتم إلى قانون العفو ستجدون أنه منصوص فيه أن تضع الحكومة مشروع أو مشاريع قوانين للعدالة الانتقالية وكان مأخوذ بعين الاعتبار أن هذا تشريع أولي وستأتي التشريعات التالية كنتيجة من نتائج مؤتمر الحوار الوطني، وبطبيعة الحال نحن نأخذ بعين الاعتبار أن قرارات مؤتمر الحوار الوطني ملزمة للدولة وملزمة للعملية التشريعية القادمة".
وأشار وزير الشئون القانونية إلى أن المبرر الثاني لإصدار مشروع القانون قبل انعقاد المؤتمر يتمثل في التقديرات بأن صدور القانون قبل انعقاد المؤتمر يخلق أجواء إيجابية خاصة لدى الفئات المتضررة من الصراعات السياسية والضحايا وأهالي الضحايا لاسيما عندما تكون المتضررة "مناطق" في اليمن.
وقال :" أردنا أن يأتي مؤتمر الحوار الوطني وهناك مناخ إيجابي وشعور بأن هناك جدية لحل مشكلات الماضي وتجاوز انتهاكات الحقوق والحريات السابقة، إلى جانب مساعدة المؤتمر لتحديد اتجاهات في القانون كون مؤتمر الحوار سيقوم بوضع محددات لتحقيق العدالة الانتقالية وهذه المحددات تضمنتها المادة 16 وكان من ضمنها أن هيئة الانصاف والمصالحة ستقدم للمؤتمر تقرير متطلبات العدالة الانتقالية وتقرير عن الاحتياجات التي ستقف أمام الهيئة لتقوم بتطبيق القانون وتقرير عن حجم المشكلات المتعلقة بالعدالة الانتقالية".
وأكد أهمية تهيئة الأجواء في مساعدة المؤتمر ليتخذ قرارات فيها الكثير من الوضوح فيما يتعلق بحالة الاختفاء القسري والآثار التي ترتبت على الصراعات في المناطق.. لافتا إلى أهمية أن يستفيد الفريق من هذه المادة لوضع محددات للعدالة الانتقالية.
وأشار إلى أن السبب الثالث في إعداد مشروع القانون هو الاستفادة من الحماس الدولي في دعم العدالة الانتقالية وتقديم الدعم سيما في ظل مخاوف من أن يتحول هذا الدعم من اليمن إلى بلد آخر.
وأكد وزير الشئون القانونية على أهمية ما سيخرج به فريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والقضايا ذات بعد الوطني من محددات للعدالة الانتقالية والتي سيتم تقديمها إلى الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار، مشيراً إلى أهمية الوقوف أمام المسائل الخلافية من مشروع القانون وإيجاد الحلول الملائمة لها.
وقال :" بالنسبة لعلاقة العدالة الانتقالية بالمصالحة الوطنية، فنحن حينما أعدينا مشروع القانون العدالة وجدنا أن المصالحة الوطنية لها شقان، الأول سياسي وسوف يتحقق من خلال الوفاق الوطني الذي سيحدد رؤية المستقبل وإيجاد القواسم المشتركة بين قوى المجتمع المختلفة ومصالحه المختلفة، وإيجاد رؤية للدولة القادمة والنظام السياسي القادم وشكل نظام الحكم، وإيجاد حلول حقيقية للمشكلة التي أدت إلى الانقسامات التي نعيشها سوء كانت انقسامات سياسية أو مجتمعية أو جهوية، وهذه المصالحة تتحقق من خلال النتائج الكلية لمؤتمر الحوار الوطني".
وأضاف :" أما الشق الآخر فهو الشق السياسي المجتمعي وهو إيجاد مصالحة مع أفراد المجتمع وبين أفراد المجتمع وهذا ما تطرق إليه مشروع القانون، ومن ثم فإن العدالة الانتقالية تحقق جزء من المصالحة السياسية".
واستطرد قائلا:" تحقيق العدالة الانتقالية يسهم في أن تكون هناك مساهمة فعلية لتحقيق المصالحة السياسية ولهذا جاء تقديم العدالة الانتقالية على المصالحة السياسية باعتبارها جزء منها وبتحققها سيتم تحقق جزء من المصالحة الوطنية أيضاً".
وحول الخلاف في الإطار الزمني أفاد وزير الشئون القانونية بأنه تم إعادة النظر في هذه المادة والاعتماد على الاطار الموضوعي من خلال أن كل الضحايا مشمولين في قانون العدالة الانتقالية، وسيقاس توفر الحق من عدمه من خلال وجود ضرر قائم ومستمر وبالنسبة للتطبيق ويتم على مراحل ابتداء من الأحدث فالأسبق أي من 2011م ومن ثم ما قبله وأعطي للهيئة ترتيب هذه المراحل وقد تعود إلى 2007م ثم 1994م ثم إلى ما قبل الجمهورية اليمنية بمراحلها المختلفة حيثما توفرت إمكانيات لتوفير ظروف تطبيق العدالة الانتقالية.
وأوضح بخصوص ما يتعلق بالضرر المستمر بأن مشروع القانون لم يعرفه ولكنه ترك المجال للهيئة لتحديد هذا الضرر المستمر لأنه لا يستطيع القانون أن يحيط بدائرة الضرر المستمر.
واستعرض عدد من الأمثلة ومنها حالة الاختفاء القسري الذي يعد ضرراً مستمراً أياً كان الزمان الذي قد مر على الأشخاص الذين اختفوا قسراً ومن الضرورة أن يجري تحديد مصير هؤلاء إذا كانوا قد قضوا بأن يسلم رفاتهم إلى أهاليهم وغي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.