موسم انتخابي، لكن من لا يجرؤ على خوض غماره يحوله إلى مجلس تأبين يتباكى فيه على الديمقراطية والحريات وحقوق المرأة.. وحتى على من نهب وأحرق المدن في يوليو الماضي. ومثلما عاد إخوة يوسف بقميص أخيهم وهم يبكون، فإن لكل عصر «إخوة يوسف» ولكل موسم «ذئب» يقيد السياسيون باسمه الجرائم، ويعلقون على مخالبه سوء أفعالهم .. بالأمس القريب كان هناك من يجهر باستعداده لإعلان الجهاد ضد من يقول إن للمرأة حقاً في التعليم والخروج من بيتها إلى المدرسة.. بل وضد من يدخل داره موزاً أو جزراً غير مهشم لئلاً يراود الشيطان إحداهن سوءاً فيه.. لكنهم اليوم عادوا يتباكون أن ذئباً غريباً أتى بكل ذلك في غفلة منهم، وأن لعنة من الله ستحل بذلك الذئب الذي سلب المرأة حقوقها. بالأمس القريب كان لنا في القرية موسم لتكفير اليهود والنصارى.. وياويل لمن صعد منبر الجمعة ولم يختم خطبته بالدعاء بالويل والثبور والإبادة لليهود والنصارى.. لكنهم اليوم عادوا يعتصمون أمام بوابة السفارة الأمريكية ويدعون البيت الأبيض للتدخل السريع في اليمن لإصلاح شأنها.. فثمة ملاك طاهر في ذلك البيت يعد بالعدل والإحسان وتحرير أمة الإسلام من شرور أهلها وأنظمتها.. فهذه المرة عاد إخوة يوسف يبكون آثام الذئب الأعظم ويحدثون شعبهم عن براءة الحمل الأمريكي الوديع! بالأمس كان إخوة يوسف يبكون على من ينهب المال العام ويبدد ثروات الشعب، لكنهم اليوم عادوا يتباكون على من لقي حتفه وهو يحرق مؤسسات الدولة، وينهب الممتلكات العامة ويخرب حتى الأشجار والحدائق، ويطلق النار على كل جندي وقف على أبواب تلك المنشآت ليحميها من مخالب اللصوص والمخربين.. فقد عاد إخوة يوسف بفتوى جديدة تقضي بحكم القصاص على كل من يدافع عن مال عام، أو ممتلكات مواطنين.. فذلك هو بعض شرائع الغاب ودساتير قطعان الذئاب التي لا سيادة فيها إلا لصاحب المخلب الأكثر ضراوة ووحشية! موسم انتخابي، أم موسم بكاء.. كل يأتي بقميص ملطخ بدم كذب ويلقي بجرمه على ذئب هنا وذئب هناك، كما لو أن العالم كفيف وأصم لا يرى ولا يسمع ما يجرى حوله، ولا يعرف ما الذي فعله إخوة يوسق وكيف أباحوا قتل الأمريكيين أمس وباتو يتباكون عليهم اليوم.. وكيف كفروا وهدروا دماء «العلمانيين» و«الماركسيين» وغيرها حتى جاؤوهم اليوم يبكون ويدعون أن ذئباً أفتى بقتلهم ونهب ديارهم وتشريدهم خارج الأوطان. أي موسم هذا الذي يدافعون به عن حريات نهب المدن وإحراقها.. وتيباكون فيه على إخماد الفتن وقمع الإرهاب، وتجفيف مستنقعات الدجل والتخلف. أي موسم هذا الذي يقتل هؤلاء السياسيون فيه أنفسهم نحيباً على حريات الصحافة وانتهاك حقوق الصحافيين.. وها هي اليوم صحفهم تفضح بكاءهم الزائف.. فرئيس تحرير « الاشتراكي نت» يستقيل، وصحفيو «الوحدوي نت» يضربون منذ سبعة أيام وصحافيو «الصحوة» بدأوا إضرابهم أمس.. وجميعهم يحتجون لأن «الذئب» أكل حقوقهم وصادر مستحقاتهم وانتهك إنسانيتهم.. لله دره من «ذئب» لم يسلم أحد من فكيه!