لعبة كرة القدم لعبة جميلة تعتمد على التكنيك والتكتيك والمناورة والمنافسة واللعب الجماعي، ولها عشاق ومحبون كثيرون، إضافة إلى أن لها أرباح وخسائر مادية ومعنوية..الرياضة مهمة، لأنها تهندس البدن. وإن الروح الرياضية لو سادت فإنها تصفّي الروح من الضغينة وتجعل المنافسة ممتعة. في الأسبوع الماضي استضافت بلادنا الدورة العربية للرياضة المدرسية ولو عملنا احصائية عن الميزانية التي رصدت لهذه الدورة وقارنا ذلك بماهو مخصص للصحة المدرسية، فسنقف أمام خلل في التفكير لدى القيادة التربوية وهذا يقودنا إلى حقيقة تتمثل في رغبة القيادات التربوية في تعميم ثقافة الجهل وثقافة الدعاية المؤقتة والآنية على حساب الثقافة الفنية والأدبية وثقافة الوعي والارتقاء بالمستوى الحسي والجمالي للطلاب. أنا لست ضد الرياضة، على العكس من ذلك فقد تقدمت بمقترح سنة 1996م لوزير التربية والتعليم حينذاك الدكتور/ يحيى الشعيبي لإدراج حصة الرياضة ضمن الجدول المدرسي كما اقترحت عليه الاهتمام بالمنشآت الرياضية ضمن المدارس. ومن يقوم بجولة هذه الأيام داخل المدارس في عواصم المحافظات يجد مبان تصلح لان تكون سجوناً وليست مدارس إضافة إلى انه لاتوجد مدرسة في طول البلاد وعرضها تمتلك ملعباً رياضياً فمن أين إذاً جاء المنتخب المدرسي ؟ إن التربية والتعليم تتعرض لتدمير مركّز ومدروس، فقد انحسرت حصة الرياضة من الجدول المدرسي وألغيت الملاعب المدرسية وانحسر المسرح المدرسي وحصة الرسم وغير ذلك من المناشط. وفي ضوء ماسبق تكمن الكارثة، فالصحة المدرسية ألغيت من المدارس وكان يمكن ان نعيد لها الاعتبار إذا ماوفرنا ذلك المبلغ الذي انفق على الدورة العربية لصالح الصحة المدرسية.. إننا بحاجة إلى لفت الانتباه للشواغل الصحية المهملة ومحاولة ابراز الحاجة إلى إعادة الاعتبار للصحة المدرسية ولانعني هنا الجانب الطبي فحسب بل تبني نموذج للصحة الاجتماعية بوصفها أوسع نطاقاً من الصحة البدنية. هناك نسبة كبيرة من المشاكل الصحية التي يواجهها القطاع المدرسي تستجيب لأشكال الرعاية الوقائية، بمافيها زيادة الوعي وتغيير السلوك. يمكن للصحة المدرسية ان تعمل على تغيير انماط السلوك الضارة بالصحة، ومعالجة طيف واسع من المشاكل الصحية الموجودة والمحتملة. ومن المهم أن نتذكر ان نظم الرعاية الصحية لاتعمل في فراغ، فكفاءتها وفعاليتها يحددهما الكثير من العوامل، أهمها وجود قيادة تربوية لديها إلمام بصناعة المستقبل. نحن بحاجة إلى تربية توظف من أجل التغيير، وليس من أجل التسطيح وإفراغ التربية من محتواها. نحن بحاجة إلى تربية تعلم طلابها التفكير والنقد والتساؤل، ومنحهم الفرصة للوصول إلى مايشاؤون من معلومات وتمكينهم من فهم بيئتهم وذواتهم ومجتمعهم بشكل واضح. والسؤال الذي يطرح نفسه : هل يمكن إعادة النظر في الصحة المدرسية من أجل مساعدة الطلاب على الحفاظ على صحتهم ومنحهم الوعي القادر على دمجهم في المجتمع ليقوموا بدورهم التاريخي الذي يجب أن يقوموا به في مسيرة حياتهم. وربما كان من بين الخطوات الضرورية لذلك التكامل والتفاعل بين توأم العقل والبدن. وعلى هذا الأساس، لابد من مراجعة النظام التربوي الحالي من منظور توفير رؤية تكاملية بين المحتوى العلمي للنشاط المدرسي وروافد التثقيف الأخرى، كإدخال دراسات ومواد ثقافية وفنية نوعية مختلفة ضمن مناهج التدريس، وإدخال النشاط الفني كالمسرح والموسيقى والتشكيل والرياضة، ضمن الأنشطة التعليمية الرسمية.والتنسيق بين المؤسسات العاملة في حقل الثقافة والرياضة والصحة وبين التربية والتعليم بهدف توفير الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة المتنوعة في مختلف مجالات العملية التعليمية. أصبح من الملفت للنظر العبء الكبير لاعتلال الصحة في الوسط الطلابي فحوالي خمس الطلاب يعانون من مرض أو إعاقة. وهناك علاقة طردية بين التعليم والصحة، فانخفاض مستويات التعليم يؤدي إلى ضعف في إدارة الشئون الصحية وإلى غياب الوعي للمخاطر السلوكية على الصحة، وهنا يمكن للصحة المدرسية أن تلعب دوراً في التوعية والوقاية المصممة لتغيير أنماط السلوك الضارة بالصحة، ومعالجة طيف واسع من المشاكل الصحية. تعد الصحة عاملاً مهما في تحقيق الرفاه للناس، ممايحتم على المجتمعات المتحضرة والمتقدمة أن تسعى نحو الاهتمام بالرعاية الصحية الأساسية وتعد المدرسة هي اللبنة الأولى في تحقيق الوعي الأولي بقيمة الصحة، كما أنها اللبنة الأولى للاهتمام بالمبدعين في مختلف المجالات الرياضية والفنية وغير ذلك . فعندما توجد رياضة حقيقية في المدرسة لاشك أن الأندية الرياضية ستكون قوية وعندما توجد حصة للفن والمسرح سنجد مسرحاً قوياً وفنوناً تشكيلية متقدمة. وأخيراً نقول : قد يأخذ الفريق المدرسي اليمني الكأس وتحتفل التربية بالنصر، لكن ماجدوى ذلك في ظل غياب الملعب المدرسي والرياضة المدرسية وما جدوى ذلك وهناك أكثر من مليوني طالب وطالبة مهددون بأمراض بدنية ونفسية !