ضمن العلوم والمعارف التي علّمها المسلمون الأوروبيين علم "المنهج" وهو العلم الذي كان مفتاح النهضة في أوروبا وفي العالم. هذا ما حققه كبار المفكرين من المستشرقين الأوروبيين والأمريكيين، كما فعل «وول ديورانت» في موسوعته «تاريخ الحضارة» وصاحب كتاب «شمس العرب تسطع على الغرب» وآدم متز في كتابه «الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري» وآخرون. والمعلوم أن الحضارة الإسلامية ازدهرت في الأندلس، ثم انتقلت إلى أوروبا والأمريكيتين فيما بعد، مما دفع بحركة استشراقية استمرت حتى الآن، تمثلت في الإرساليات أولاً ثم إنشاء المعاهد والجامعات ومراكز الدراسات. كان المنهج العربي الإسلامي هذا قد انبثق عن دواعٍ ضرورية، الغرض منها تنقية الحديث الشريف من الزيادة والنقصان والتقوّل والافتراء على سيد المرسلين خدمة لأهداف لا دينية، بل محض تضليل وتدجيل. فكان «مصطلح الحديث» أجرومية المنهج العربي المسلم، كآلية علمية يميز فيها الباحث الغث من السمين، ولايزال العربي المسلم يفخر بهذا العلم المبتكر الذي لم يكن لأية أمة من الأمم في التاريخ الإنساني!!. ولقد ألّف في مصطلح الحديث كثير من العلماء نظماً ونثراً، باعتباره من أسس المحفوظات التي ينبغي أن يقف عليها المثقف المسلم. وربما يكون من المناسب أن نضرب مثلين اثنين من هذا المصطلح لنتبين نموذجاً من نماذج الدقة والتحري والجدية في البحث. فالحديث المتواتر: هو الذي رواه جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب، وهو أعلى مراتب الحديث. أما الآخر فهو الحديث المنقطع؛ الذي انقطع فيه ذكر الصحابي، كأن يروي الحديث تابعي عن رسول الله.