في البدء ،وحول ولادة شجرة الأرز جاءت اسطورة فرعونية عن الصراع بين الخير والشر،فالأرز الذي يعني الشجرة والغابة والطبيعة العذراء والخصب ،يمثل الخير كما كان يمثله أوزيرس.. تقول الأسطورة : إن الإله الشرير «ست» هو أخ للإله «أوزيرس» وقد حكم الأخوان «أوزيرس» و«إيزيس» مصر وعرفا بعدلهما وكسبا محبة شعبهما،وذات مرة دعاهما «ست» : إلى وليمة، وعند حضورهما أخرج صندوقاً كان قد حضَّره سراً،وجعل أطواله على مقاسات أخيه «أوزيرس» زاعماً بأنه أحضره هدية للذي تكون مقاساته ملائمة له. وعندما جرّب «أوزيرس» الصندوق أقفله «ست» عليه ،وألقاه في نهر النيل حيث جرفته المياه إلى البحر الأبيض المتوسط وأصبح «ست» حاكماً لمصر ،أما الأمواج المتلاطمة فقد أوصلت الصندوق إلى ساحل مدينة «جبيل» اللبنانية،ومن فوق الصندوق الذي يحوي جسد «أوزيرس» الميت ،وفي تلك البقعة من شاطئ البحر،نبتت شجرة جميلة ضخمة باسقة، هي شجرة الأرز المقدسة. ثم ومن تلك اللحظة غدت لبنان وشجرة الأرز صنوان لا ينفصلان فإذا ذكر لبنان ذكرت شجرة الأرز فهي موطنه الأصلي،تزين شعاره، وتتوسط علمه الوطني ،ورمز العظمة والخلود. ولكن للأسف الشديد وفيما يشهده اليوم لبنان الشقيق من أحداث وصراعات واغتيالات وحرائق ،تعود هذه الأسطورة من جديد.. يعود الإله الشرير «ست» مكشراً انيابه،وحاملاً لأصابع الديناميت ليفرق بين الاشقاء..ويعيث في الأرض خراباً...ودماراً...وكأن لبنان مايكفيه ماتعرّض له من أكثر من عدوان اسرائيلي..ومجزرة قانا الأولى والثانية..ومن حرب أهلية...!!! لبنان اليوم على شفا حفرة من نار... وكرسي الرئاسة الشاغر يتحدث عن مأساة..وكلما انفتح باب للحوار والتفاهم سرعان ما انغلق ،وأطل «ست» بوجهه القبيح...!!! لبنان الجميل أرضاً ..وانساناً وابداعاً ونسيجاً اجتماعياً يتعايش محبة وعطاء تريد له قوى الشر الانجرار إلى الصراع والحرب والاحتكام إلى لغة فوهات البنادق...!! وبين صراع الشر والخير هذا على تراب لبنان الغالي تبقى شجرة الأرز واقفة ...وشامخة....ومذكرة أنه بالخير وحده. تمضي لبنان إلى العلا...ومصاف المجد...وتأبى أن تموت..لأن في موتها اطفاء وإخماد لضوء الشمس..والفرح ..والتعايش..وتغييب لصوت العقل والحكمة.. فرجاءً لاتدعوا شجرة الأرز تموت...ولاتسقطوا أوراق أغصانها.. رجاء لاتدعوا شجرة الأرز تموت..وتفسحوا المجال إلى «ست» جديد لاتطيقه لبنان...!