خمسةُ أيامٍ فقط تفصلنا عن جولة الحوار بين أبناءِ البيتِ اليمني الواحد، وهو موعدٌ لا شك يترقبه الجميع ويعوّلون عليه كثيراً للخروج بالبلد من دائرة التأزيم والمناكفات إلى فضاءٍ رحبٍ وواسع من التماسك والتآزر وتوحيد الصفوف ، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على تكريس الممارسة الديمقراطية الحقيقية والتفرغ للبناء والتنمية والتركيز على بناء الإنسان باعتباره المرتكز الأساس في النهوض بالمجتمع وازدهاره . ومع أن المسؤولية الوطنية تقعُ على عاتقنا جميعاً والظروف الراهنة تستدعي تهيئة الأجواء لإنجاح الحوار ، فإني لن أقف عند بعض الردود الانفعالية حيال الدعوة التي أطلقها فخامة الأخ رئيس الجمهورية منتصف الشهر الماضي ، وسأكتفي ومن باب النصيحة الأخوية الصادقة بدعوة رفقاء وليس فرقاء العمل السياسي إلى تحمُّلِ مسؤولياتهم أمام الوطن والشعب لإنجاح الحوار عن طريق تدعيم الإيجابيات والوقوف أمام السلبيات بحرص وتجرد، وأن يجعلوا من خلافاتهم الحزبية هي الاستثناء خاصة وأن كثيراً من العيون قد أضحت مفتوحة على البلد بموقعه الاستراتيجي وأصبح مطمعاً للكثير من القوى. فالحوار هو الطريقةُ المُثلى لفتح النوافذ الموصدة وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتقويم الاعوجاج بين الشركاء, كونه سيقودُهم إلى الطريق القويم ويفتح الآفاق أمام وجهات النظر المختلفة لاختيار الأنجع والأصلح منها . كما أنَّهُ البديلُ للعنف والصراع, لذلك فإن الكثيرين يُطلقون عليه لغة العقلاء أو لغة الأسوياء لا سيما وأن الهدف منه هو إيجادُ مساحة يستطيع المتحاورون من خلالها التعامل والتفاهم حول القضايا المطروحة للنقاش . وبما أننا نحن اليمانيين المعنيون بهذا الحوار ، فكل ذلك يقودُنا إلى التأكيد على أنه ليس من مصلحة طرف إضعاف آخر أو تهميشه ، فكلٌ طرف رديفٌ للآخر والوجهُ الآخرُ له ، لذلك فأيُّ شروطٍ مسبقة لا تصب في خدمة الحوار ، ما يعني تقديم المُهم على الأهم ، وهو باعتقادي التقاءُ الجميع على طاولة واحدة والبحث في الأولويات من خلال التقييم المنطقي والموضوعي للواقع بهدفِ الوصول إلى نتائج مرضية . كما ينبغي لنا جميعاً الإدراكُ بأن التراخي والتهاون في قضايا تمسُّ الوطنَ ونسيجَهُ الاجتماعي لن تخدمَ أحداً وستنعكسُ سلباً على مستقبل أجيالنا ، لذلك فالابتعاد عن الأهواء والنظر إلى المصلحة العليا أمور ضرورية وأساسية لإنجاح الحوار . أخيراً .. نحنُ أمامَ فرصة حقيقية لوضع أيدينا في أيدي بعضنا واتشاح وسام الحكمة الذي منحنا إياه أشرف الخلق عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة ، إذا أردنا توريثه لأجيالنا ، ونؤكد للعالم أجمع أن الحكمة يمانية وستظل إن شاء الله ، فبالوفاق نعيدُ السعادة إلى قلوب أبناء شعبنا الأوفياء ، ونزيح الصورة القاتمة التي رسمها الإعلام الخارجي عن بلدنا وأثَّرت سلباً على اقتصادنا ومواردنا ، ونثبت للعالم أجمع أن اليمن السعيد سيظل سعيداً بفضل الله وحكمة أولي الألباب من قياداته ومسؤوليه في السلطة والمعارضة . [email protected]