لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    هدية من خامنئي.. شاهد لحظة العثور على "خاتم" الرئيس الإيراني متفحما وردة فعل فريق الإنقاذ: عويل مرتفع    رسميًا.. محمد صلاح يعلن موقفه النهائي من الرحيل عن ليفربول    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    في اليوم 227 لحرب الإبادة على غزة.. 35562 شهيدا و 79652 جريحا واستهداف ممنهج للمدارس ومراكز الإيواء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    غاتوزو يقترب من تدريب التعاون السعودي    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حافلة الهناء
نشر في الجمهورية يوم 24 - 03 - 2010

الكثيرون لايعلمون أن الأغنية ثقافة والنشيد أيضاً ثقافة وأن من شأن هذه الثقافة أن تهبط بذوق الإنسان إلى أسفل سافلين وذلك إذا فسدت كلماتها وخرجت عن إطار الحشمة وابتذلت معانيها وهبطت لغتها وتميع اداؤها وكذلك الكثيرون يجهلون أن المسرحية ثقافة والفيلم ثقافة وأن هذه المواد وماشابهها تشكل ثقافة الأجيال وتشارك في صياغة اذهان وأفكار وسلوك الشعوب من حيث نظرة هذه الشعوب للحياة وأن قدرة هذه الشعوب على معالجة أمورها ومواجهة مشاكلها يعتمد على ثقافتها.. كيف تكونت ومن أين أتت!؟
اعتدنا في كثير من الأحيان أن تبدأ الحافلة انطلاقها بآي من الذكر الحكيم بعدما يكون ركاب الحافلة قد استمتعوا بسماع الدعاء المعهود: (سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين)..لكن هذه الحافلة في هذا الصباح لم تفعل ذلك..
كانت الطريق طويلة والرحلة شاقة.. فأراد سائق الحافلة أن يسلي عن الركاب , فاختار أغنية ..ليس من شك في أنها أغنيته المفضلة، والدليل على ذلك أنه اخذ يتمايل فوق مقعد القيادة ثم يردد بإعجاب شديد كلمات ركيكة رديئة ذات معاني موبوءة مليئة بالسخف والبذاءة ومع ذلك فقد وجد من يتجاوب معه في ترديد كلمات الأغنية نفسها من بعض الشباب الذين اخذوا على عاتقهم أن يقلدوا حركات السائق في جنونه واستهتاره، ولم يكتف السائق ومعاونه باختيار الأغاني الهابطة التي يبدو أنه لم يكن في حوزتهم غيرها.. بل اخذوا يعرضون أفلاما سفيهة ومسلسلات سخيفة وبذيئة هندية وعربية وانجليزية وفرنسية خالية من الحشمة والاتزان أخذ البعض من ركاب الحافلة يصرخ ويحذر من وقوع حادث إذا استمر الحال على ذلك النحو من الطيش والنزق .. لكن بعض الشباب من فئة المراهقين اخذوا يقلدون السائق وقد شغفهم حباً وإعجاباً لأنه كان يترك عجلة القيادة ويتمايل بجسمه ويديه .. صرخت إحدى السيدات بوجل وبصوت غاضب (أنت ماعندك أخلاق ياهذا ولا عندك أي قدر من الحشمة والأدب وإلا ماسمحت لنفسك أن تعرض هذه الأفلام السفيهة والأغاني الهابطة.. ولكن الحجة مش عندك وإنما عند الوكالة التي وضعتنا تحت رحمة سائق مستهتر مثلك ووضعت أمثال هؤلاء الشباب المجانين تحت رحمة سائق أكثر منهم جنوناً، ثم التفتت نحو الشباب قائلة: لو كنتم وجدتم أمهات أو آباء قد أحسنوا تربيتكم ماتحولتم إلى قرود تقلدون سائقاً معتوهاً, ولو كنتم تملكون ذرة عقل واحدة لأدركتم أن حياتكم معرضة للخطر.. وإذا كنتم لاتشعرون بأن لكم قيمة في هذه الحياة فإن هناك آخرين يخافون على أنفسهم وعلى أطفالهم من خطر حادث فظيع يوشك أن يحل بنا إذا استمر سائق الحافلة يعرض علينا هذه الصور اللعينة ولايكاد يستقر فوق مقعده من كثرة ما يتهزهز.
ساد الهدوء والوجوم الحافلة ,وتوقف السائق عن التمايل والهزهزة قال أحد الشباب: معكِ حق يا والدة , لقد وجدنا رب البيت (السائق) بالدف ضارباً فكان من شيمتنا الرقص ونسينا أننا لسنا في بيوتنا وإنما فوق حافلة يمكنها في غمضة عين أن تحولنا جميعاً إلى أشلاء متناثرة أو أكوام من اللحم لاحياة فيها أو أجساد تصرخ وتئن وتتألم من شدة الألم..
ألجمت المفاجأة السائق ومعاونه فظلا صامتين لبعض الوقت وعندما وافت الجرأة معاون السائق قال: لابد أن تعلموا أن السائق من خيرة السائقين وأمهرهم في القيادة وإذا كان جسمه يتهزهز ويتمايل فإن عينيه وعقله على الطريق.
انتفض واحد من الركاب من مكانه وأخذ يومئ بيده وهو في حالة انفعال وهو يقول (مخاطباً معاون السائق) إن ماتقوله غير صحيح فالبصر والعقل يتبعان مواضع التأثر في الإنسان وقد كان السائق في حال تأثر طائش ونزق وقد كان على وشك أن يتسبب في حدوث كارثة محققة عند المنحنى الذي مررنا به لولا أن سائق السيارة التي قابلناها كان صاحياً ومركزاً ومنتبهاً فاستطاع أن يتفادى الصدام بهذه الحافلة ,بينما كان هذا السائق المعتوه يتهزهز غير مدرك وغير عابئ بمخاطر الطريق، مع ذلك فإنني أوافق الأخت المتحدثة بأن هناك كان سوء اختيار من إدارة هذه الخطوط لمثل هذا النوع من السائقين فيبدو أنهم ينظرون عند الاختبار فقط للطول والعرض واللياقة البدنية ولا يعطون أي قدر من الأهمية للتربية وحسن الخلق أو للكفاءات العقلية والسلوكية.. قال السائق وقد امتقع لونه وبح صوته وغارت عيناه في محجريهما وجفت شفتاه من شدة التقريع والتوبيخ بعد أن كانتا قبل قليل ينعمان بالرطوبة والبلل قال: رأيت بعضكم قد التزم السكوت فأغراني ذلك في أنكم راضون عني وعندما وجدت بعض الشباب يفعلون مثلما أفعل ظننت أنني اعمل على تسليتكم .. قالت الحجة (كرامة) وهي المرأة التي كان لها فضل تغيير الموقف المشين إذ كانت أول المتحدثين على ماسمعت قائله: يبدو أن هذه الوكالات المسئولة عن النقل البري أن أصحابها لايهمهم شيء سوى تحقيق الربح بأي وسيلة كانت ,لأنهم لم يُرزقوا الضمير الحي الذي يجعلهم يستشعرون المسئولية تجاه الناس ,لم يخطر ببالهم أن هذه المواد التي يعرضونها على شاشة الحافلة يمكنها أن تدمر الأخلاق وتسيء إلى السلوك وتوجد جيلاً من المشوهين خلقياً , إذا لم يجدوا من يحسن توجيههم وإرشادهم وزرع قيم الفضيلة في تفكيرهم.. ولو كان أصحاب هذه الوكالات يملكون الوازع العقدي والديني والوطني ماخسرهم ذلك شيئاً ,بل كانوا يكسبون خير الدنيا وثواب الآخرة.. ولكن مع الأسف فإن الوازع الديني والوطني مثل الأخلاق العليا لاتباع ولاتشترى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.