سوف أظل أكرر أن من أبرزمشكلات العالمين العربي والإسلامي هو مشكل المصطلح ومفهومه، فهناك اضطراب مصطلحي مفهومي، إذ اختلطت الدلالات إلى درجة أن شيئاً لم يعد محملاً بدلالته، فالوطنية أصبحت خيانة، وقصد السفارات الأجنبية أصبح واجباً من أجل الوطن، مع أنه حتى عقدين من الزمن كان خيانة لا يطهرها إلا الدم... وبينما كانت الوحدة في الإطار الوطني والقومي أمراً يجتمع عليه الشيوعيون الأمميون والاشتراكيون المعتدلون والإسلاميون المتطرفون والوسطيون والقوميون بلباس جمال أو بمسوح عفلق، فإن هذه الوحدة ينبغي أن يعاد فيها النظر ليكون الانفصال وعلى أحسن الأحوال الكونفدرالية أو الفدرالية. ماذا جرى ياقوم، ومن هذه المصطلحات: المعارضة، فبينما تعني وجهة نظر وايجاد بديل أكثر منهجية وعلمية وموضوعية، فإنها أصبحت تعني الآن : لماذا يفسدون هم ولا نفسد نحن، أو على الصحيح الراجح، لماذا ينهب أولئك ثروات الوطن ولا ننهب نحن، وكنا نحتاج من الحكومة الرشيدة أن تطلع الجماهير على الأرقام وهي فلكية ولا شك لزعماء غالبية الزعامة (المعارضية)!!! نحن بأمس الحاجة لنقف على مصطلحات محددة ومن خلال منهج علمي دقيق لنستطيع التمييز بين الأشياء.. وما يطرحه الراهن الآن من مصطلحات يأتي مصطلح ( ولي الأمر) و(الرعية ) و(الراعي ) و(الحكم الإسلامي)....الخ. وفي تراثنا الفقهي الإسلامي مايحدد هذه المصطلحات بشكل واضح ودقيق، نظرية وممارسة، وقد وقفنا على البيان الأول للخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما قال: (ياعباد الله لقد وليت عليكم ولست بخيركم، أطيعوني ماأطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، إن رأيتم فيّ خيراً فأعينوني وإن رأيتم فيّ اعوجاجاً فقوموني، الضعيف فيكم عندي قوي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه). بهذا البيان البليغ حدد الصديق خليفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مفهوم المسلم للحكم وحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم. إن الحدث واضح لدرجة أنه لا يحتاج لإيضاح... والحق والعدل هو الناظم لهذا الخطاب أو البيان، وإذا خلا العدل من أي علاقة فإن الشر هو النتيجة الوحيدة.