معروف أن اليمن بلد زراعي مترامي الأطراف ذو مناخ متنوع ، يتميز بمحاصيل زراعية متعددة .. وصالح لزراعة الحبوب بمختلف أنواعها والخضار والفواكه وقصب السكر ، إضافة إلى البن وزراعات أخرى عديدة .. بالإضافة إلى الموقع الفريد الذي وهبه الخالق العظيم لهذا البلد الطيب الذي يمكن أن يكون رابطاً مهماً بين اليمن ودول منطقة الجزيرة والخليج العربي عند استغلاله بالشكل الأمثل ، بحيث تراعى المصالح المشتركة من خلال سياسة اقتصادية حكيمة ورؤية سديدة .. تتجلى فيها الحكمة اليمانية المعهودة .. ومن المؤكد لو وجدت الزراعة الاهتمام والرعاية اللازمة لتوفر لليمن مورداً اقتصادياً مهماً ، ولأصبحت الزراعة سنداً قوياً للاقتصاد الوطني ، وأصبحت تلك الأمنية حقيقة مؤكدة .. ولتحقيق تلك التطلعات لابد أن تتوفر عدة عوامل أهمها تشجيع الدولة للمزارعين على الاهتمام بزراعة المحاصيل الأساسية الضرورية لحياة البشر على أرض العربية السعيدة .. كالحبوب المختلفة : القمح والشعير والذرة بأنواعها ، والبقول : الفول واللوبيا والفاصوليا والعدس إلى جانب ضرورة توسيع زراعة القطن والبن اليمني عالي الجودة .. وكذلك دعم المزارعين لاستخدام الميكنة الزراعية من خلال توفير الآلات الزراعية وكافة الوسائل الحديثة للزراعة والري بطرق ميسرة .. ومساعدتهم على تسويق منتجاتهم الزراعية بأسعار تشجيعية مجزية ، وعلى توفير وسائل الحفظ والتخزين المأمونة حتى لا تتعرض تلك المنتجات للتلف ، وحماية للمزارعين من التعرض لأية خسارة .. الأمر الآخر ويشكل نفس الأهمية هو ضرورة العمل بجدية وحكمة على تقليص زراعة آفة ( القات ) وفق خطط مدروسة بدقة ومهارة .. والتوعية بأضراره الصحية والاقتصادية المتزايدة عبر كافة الوسائل الإعلامية .. وعبر المنظمات الجماهيرية والجمعيات المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية .. حيث انتشرت زراعة هذه الشجرة الخبيثة بشكل كبير ، وتقلصت زراعة البن اليمني الشهير الذي كانت اليمن تصدره إلى عدد من البلدان العربية والأجنبية .. كما تقلصت زراعة القطن وتوقفت زراعة عدد من المحاصيل الأخرى التي كانت تلبي حاجة السوق المحلية .. وأصبحت اليمن تستورد الحبوب والبقول وحتى أعلاف الدواجن ، رغم أن معظم مساحة الأراضي اليمنية تتميز بتبة خصبة صالحة لزراعة العديد من المحاصيل الزراعية .. وتوفير مياه الري يمكن أن يتم من خلال مصدرين أساسيين أحدهما المياه الجوفية .. والآخر مياه الأمطار الموسمية الذي يمكن الاستفادة منه عبر إنشاء المزيد من السدود والحواجز المائية .. عند ذلك يمكن أن يتحقق الاكتفاء الذاتي دون الحاجة إلى الاستيراد على الأقل بالنسبة لمادة ( القمح ) أحد أهم المواد الغذائية الأساسية .. ولتكن تلك البداية لتليها خطوات أخرى بالنسبة لبقية المحاصيل الزراعية الضرورية .. ولليمن في هذا الشأن تجربة ناجحة بكل المقاييس عندما تقرر عدم استيراد بعض الفواكه من الخارج ، على أن يتم زراعتها على هذه الأرض الطيبة أرض الإيمان والحكمة .. ولتوفر النوايا الصادقة والإرادة القوية والتصميم على تحقيق الاكتفاء الذاتي فيما تقرر عدم استيراده من الفاكهة وتوفير العملة الصعبة التي كانت تنفق على شرائها ، حينها تحقق ما تم التخطيط له بنجاح ونتج عنه تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة .. إضافة إلى تلبية الحاجة المحلية من مختلف أصناف الفواكه ك ( التفاح ، الموز ، البرتقال ، الليمون ) وغيرها من الفواكه ذات الجودة ، بل ويتم التصدير منها إلى بعض البلدان العربية .. تلك التجربة الفريدة كان يفترض الاسترشاد بها في اليمن الميمون والبلدة الطيبة التي عرفت على مر التاريخ بالزراعة وذلك لتحقيق نهضة زراعية نموذجية .. لكن الأمر المؤسف حقاً أن يحدث تراجعاً واضحاً في هذا الشأن جراء اكتساح شجرة ( القات ) آفة هذا العصر للأراضي الزراعية لتصبح منافساً قوياً لكافة المنتجات الزراعية متسيدة عليها بصورة جلية .. والأسوأ من ذلك أن هذه الشجرة الخبيثة تسبب للإنسان العديد من الأمراض المستعصية .. كالسرطانات وأمراض الكبد لأنها مشبعة بالسموم الكيماوية .. وكما يصرح الأطباء المتخصصون بأن السبب الرئيسي للإصابة بأمراض الكبد في اليمن هو السموم وبالأخص المواد الكيماوية المضافة لشجرة ( القات ) التي يسميها البعض شجرة الزقوم ، فهلا أدرك الجميع أضرارها الكارثية ..؟ وتلك هي القضية. رابط المقال على الفيس بوك