استكملت معاملة الزيادة التي ظللت أراهن عليها مع رتل قليل من زملائي عبدالباري طاهر، واسماعيل الوريث، وعبدالصمد القليسي نصفها يحصل عليها زملاؤنا في مركز الدراسات والبحوث اليمني بحسب قانون الهيكلة الوظيفية الجديد، المبلغ النهائي ثلاثة وتسعون ألف ريال لمدة ستة أشهر ابتداءً من يوليو 2012م إلى يناير بعد خصم الضريبة، برغم الظروف المعيشية الصعبة التي تأخذ منا الأخضر واليابس في هذه الأيام.. إلا أني حملت الشيك في جيبي بسعادة بالغة.. إذ كنت قد حملت معي وريقة سردت فيها بعض المتطلبات الغذائية وبعض المحتاجات للبيت.. من فرع بنك التسليف التعاوني الزراعي في حدة، استلمت المبلغ من فئة الألف ريال ووضعته في جيب الجاكت ربطة محزومة ، ثم ركبت أحد الباصات الصغار المتجه للتحرير تقريباً، بعد مسافة تسلق ثلاثة من الركاب الباص، أحدهم كان يحمل حديدة للاتكاء عليها، كأنما هو أعرج جلس بجانبي أحد أصحابه في الخلف، لم افطن إلى لعبة الأخير الذي ناولني مائتي ريال اسلمها لسائق الباص أجرتهم فأخذتها بحسن نية منه وناولتها سائق الباص عندما تركت الباص آمناً مطمئناً.. بعد قليل أفتش جيوبي فأجدها خاوية إلا من التليفون وبعض مفاتيح أحملها معي. أدركت مقاصد لعبة أحدهم بطلبه مني تسليم السائق مبكراً أجورهم حتى يتمكن صاحبه من لطش المبلغ من جيب مفتوح، لقد كان عليّ بعض التزامات، وحل القهر محل الفرحة الطارئة، لكن السؤال الذي ظل يناوشني بإلحاح وحزن ممض.. ماالذي جعل هؤلاء يصطادونني في الباص وبعد عبور أكثر من «اثنين كيلو» من بوابة البنك، ماالذي جعل هؤلاء يتأكدون من أنني صيد ثمين ومن على بعد دون أن يكونوا متواجدين عندما خرجت من بوابة البنك، من الذي اتصل؟ من أبلغهم؟ سؤال موجه لإدارة البنك بالدرجة الأولى كي لا يفاجأوا يوماً بعصابة نهب وقتل كما حدث لفرع البنك قبل أشهر قليلة في الحديدة.. لقد بلغ بي القهر مداه، وطار النوم إلا من حبوب المهدئات النفسية التي وقفت إلى جانبي في الأيام المضنية وساعات الحسرة. قال لي بعض الزملاء أبلغ الأقسام.. أبلغ الداخلية لكني أبلغ من؟ واشكو لمن؟ ومن يشكو من لمن في مثل هذه الظروف التي تشكو فيها الوزارة لنا، في ظل السرقات العنوة والتقطعات والنهب عيني عينك، وما خفي أعظم، فقط قلت أبث حزني لله وأكتب هذه النبذة القصيرة لتحذير الغلابى من المواطنين كي لا تتمكن منهم هذه العصابات الشريرة.. فتنتزع منهم حتى مثل هذه الفرحات الصغيرة. أيها الحقراء أيها النتانات من متشردي الشوارع، اللصوص كيف تأكلون من نقود الناس، وكيف تشعرون بالأكل حين يتوارد إلى بطونكم من نقود الفقراء والغلابى؟ التي لم تريقوا من أجلها قطرة أرق.. عدا شقا أياديكم القذرة.. كيف لو أن الذي اختلستم من جيبه مبلغاً كان راتب لقمة أولاده فانتزعتموها من أفواههم إلى أفواهكم النتنة، كيف لو أن المبلغ الذي نشلتموه من جيب أحدهم كان لشراء علاج لمريض أو لإسعاف محتاج؟ أيها الشذوذ.. أنتم تستطيعون أن تحصلوا على العمل لو أنكم بحثتم عنه لتأكلوا اللقمة الحلال بعرق جيبكم دون أن تسلكوا عادة السرقة الرذيلة، دون أن تحرقوا قلوب الضحايا من الفقراء وأصحاب الرواتب الصغيرة، ودون أن تتسببوا في وفاة من لم يغالب قهره، أو إحالة مريض منتظر إلى القبر. آه ما أحقركم ما أنذلكم في وطن يئن من جراحاته الكثيرة، ومواطن بالكاد يحصل على لقمة عيشه وقوت أولاده لتكون أياديكم القذرة الحرام في انتظاره. رابط المقال على الفيس بوك