ونحن نتتبّع أداء مؤسسات التعليم في بلادنا لا نجد المرجعية التي تجعلنا نتثبّت من مصداقية هذه المؤسسات في تحقيق أهدافها التي من أجلها أنشئت, فغياب هيئات وطنية محايدة وغير فاسدة تلتزم بمؤشرات ومعايير عالمية في مراجعة الأداء المؤسسي والأكاديمي لجميع عناصر العمليات الفنية والإدارية والتعليمية في هذه المؤسسات قد يكون هو السبب في غياب مصداقية معظم الجامعات والمدارس وغيرها من مؤسسات التعليم في بلادنا المرهون وجودها بنوعية التعليم الذي من المفترض به أن ينقلنا من غياهب التخلُّف إلى مراتب التقدم والرقي بين الدول. ما أكثر رياض الأطفال والمعاهد والكليات والجامعات ومؤسسات التدريب المهني في بلادنا, والتي جميعها تدّعي أنها تقدّم تعليماً مميزاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وتمارس عملها بمجرد نيل الترخيص الشكلي من الجهات الرسمية، ولا يستطيع أحد منا التأكد أن الإنسان الذي تدّعي هذه المؤسسات أنها تتعامل مع أغلى ما يملكه وطننا يتلقّى أفضل أنواع التعليم والتربية في غياب أية تقارير ذات مصداقية. لا شك أنه من حق المواطن الذي يدفع الرسوم والضرائب التي لا حصر لها أن يعرف ما الذي يحدث في كل مؤسسة تعليمية, ومن خلال تقارير محايدة توضّح مدى استقامة هذه المؤسسات أو انحرافها عن المعايير والمؤشرات التي تتبعها غيرنا من الدول, خاصة ونحن نعيش زمن البزنس والمتاجرة بكل شيء, واصطياد المناصب القيادية من خلال عمليات الإنزال المظلي, ونشهد الانحدار في منظومة القيم والعدالة والأخلاق لصالح الفساد وطغيان الأنانية والجهل، ونسير نحو الانقراض بسرعة الضوء بسبب تفريطنا بالإنسان وتربيته على القيم والإنسانية.