بالحديث عن الفنان والعالم الفلورنسي الكبير ليوناردو دافنشي نختتم ثلاثية اللون والحركة، فقد كان ليوناردو مثالاً ساطعاً لعلاقة اللون بالحركة، ذلك أن البحَّاثة الفنان دافنشي كان عالماً موسوعياً بكل مافي الكلمة من معنى، وقد قدَّم عشرات النماذج الابتكارية لمشاريع مستقبلية، استقامت على إدراك كبير لقوانين الفيزياء والرياضيات والموسيقى والألوان، وخير شاهد على ذلك محاولاته المبكرة في التصوير الفوتوغرافي من خلال الغرفة الداكنة، وهي ذات الفكرة التي سبقه إليها العالم العربي ابن الهيثم، غير أن دافنشي قد يكون طبَّقها في معرض نقله بعض الصور عبر ثقب إبرة الضياء الداخل لغرفة معتمة، والمنعكس كصورة على نوع من القماش الأبيض ذي الحساسية العالية. من هنا نستطيع مُلامسة التقاطع بين الرازي ودافنشي، فكلاهما اعتدَّ بالضياء كناقل حاسم للمستويات اللونية التعبيرية، وكان دافنشي أكثر استغراقاً في التجريب العملي، وقد لاحظ الدارسون لأعماله التشكيلية الزيتية أنه لم يرسم على مسطح واحد ووحيد، بل إن الدراسات الإشعاعية أثبتت أنه كان يواري صوراً أُخرى وراء تلك الصور الظاهرة في اللوحة، كما هو الحال في لوحتي «الموناليزا» و«العشاء الأخير» الأكثر شهرة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اعتقاده الجازم بأن غير المرئي قد يكون أهم من المرئي، وأن ما نراه سديماً قد يكون حاملاً للمعنى الحقيقي لرسوماته. اليوم وبعد تاريخ حافل بالتجارب والعلوم .. نستطيع القول إن اللون دالة كل شيء، وعليه فإن السُّلم الموسيقي يتناسب مع ألوان الطيف السبعة، والحروف تتناسب مع الألوان بكيفيات مختلفة، وهكذا دواليك .. لكن الأهم من هذا وذاك أن رؤية الرازي لهذه المسألة تنقلنا إلى مربع حافل بالتداعيات الذهنية والاستنتاجات المفتوحة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك