لا يوجد خلق يعبر عن الأمراض النفسية وانحراف النفس مثل الكذب .. وعندما ينتشر الكذب عند أناس فاعرف أن هذا الشخص أو الأشخاص مصابون بأمراض نفسية تجعل اندماجهم مع المجتمع صعباً وخيرهم قليلاً, ولا يمكن أن يثق بهم الناس ولا يمكن أن يثقوا هم بأحد, وأول ثمار الكذب هو غياب الثقة في المجتمع وانتشار الريبة والتوجس وهذا أمر يتبعه مصائب ومشاكل وخلافات وخيانات متنوعة.. عموماً فإن الكذب ينتشر أكثر عند الضعفاء والمستعبدين والمكبوتين وأصحاب العقد والعاهات النفسية. هذا العام بدأنا نسمع عن كذبة أبريل وبدأ البعض يمارسها وكأنه متحلل من كل شيء أو يقوم بواجب.. من قال إن للكذب يوماً أو عيداً سنوياً.. نحن بحاجة إلى توبيخ الكذب المنتشر يومياً، وإذا كنا بحاجة إلى يوم أو عيد نتذكر به عزيزاً غائباً، فنحن بحاجة إلى يوم ل «الصدق» الغائب في حياتنا، أما الكذب فهو منتشر مثل الفساد والفاسدين بل رديف له. كان هذا اليوم قد اختفى من التداول في اليمن وبدأ الناس يستحون من إحيائه كعلامة للتطور في الأخلاق والمروءة وخلق الحياء تحديداً لأنه «إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت» واكذب كما تشاء طالما وأنت قليل حياء و«مكسور ناموس». أكره ما يسمى بكذبة أبريل، ولي معها خصومة شديدة.. ففي الصف الرابع الابتدائي أو الثالث جاءني في الفسحة أحد المدرسين في مدرسة ناصر الابتدائية، صافحني باهتمام على غير العادة كان المدرس من القرية المجاورة لقريتنا قال لي بدون مقدمات: يا أحمد أمك ماتت.. نزل عليّ الخبر كالصاعقة وأنا الطفل الذي يعتبر أمه هي الدنيا والدنيا هي أمه.. كدت أقع على الأرض ولما رأى تأثري وفجيعتي كطفل قال لي بكل سذاجة: «لا تصدقش إلا كذبة أبريل» ومن يومها وأنا كلما رأيته أتذكر ذلك اليوم واحتقره، رغم أن الرجل مسكين ويعاملني باحترام.. بإمكانكم أن تحكموا على هذا المدرس وكذبة أبريل والكذب عموماً. كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نفى الإيمان من الكذابين «أيكون المؤمن جباناً؟، فقال: نعم، أيكون المؤمن بخيلاً؟، قال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟، قال: لا» وهذا يكفي لنرى صورة الكذب وجرمه، إنه خلق ذميم مدمر للمجتمع ولا يمارسه إلا ضعيف الإيمان ومن يتصف بالنذالة وهبوط الأخلاق ما بالك من يخصص له عيداً ويمارسه دون حياء ثم يبرر كذبته بقوله «ماتصدقش إلا كذبة أبريل».. وكأنه يقدم زهوراً وهدايا وفاء في عيد الأم. لكذبة أبريل في المجتمعات التي تمارسها مصائب.. يحكى أن امرأة في بريطانيا احترق بيتها وخرجت تصرخ وتستغيث بالناس وبالمطافي، فلم يتجاوب معها أحد حتى احترق البيت كله واشتعلت النيران وحضرت المطافي بعد فوات الأوان، ليس لأن المطافي غير جاهزة وبدون ماء ولا إطارات ولا بترول مثل ماهو في بلادنا، ولكن بسبب كذبة أبريل، ولأن احتراق البيت صادف واحد أبريل وظنوا أن المرأة تريد أن تسجل سبقاً في هذا اليوم. كذبة أبريل تقليد أوروبي سلبي التقطه العرب كعادتهم وزادوا عليه من خيبتهم. بالمناسبة لا أدري لماذا اختار النظام السابق أن تكون معظم الانتخابات في «أبريل» وأن تكون معروفة بانتخابات أبريل، هل لأنها بالأساس كانت كذبة وخدعة كبرى؟، ربما. [email protected]