باستثناء الرئيس عبدربه منصور هادي، يشاهد زعماء وقادة بلدان العالم مونديال البرازيل.. لا يعني ذلك أن الرئيس منصور ليس رياضياً أو لا يحب الرياضة.. لكنه يحكم بلداً مفخخاً.. مشكلاته لا تنتهي وأزماته مستمرة منذ أكثر من نصف قرن.. لقد ورث الرئيس عبدربه دولة هشة، مكبلة بالخلافات القبلية وبالفساد والاقتصاد الفقير.. ولذلك فلن يكون بمقدوره مشاهدة المونديال أو انتهاز فرصة أخذ بضعة أيام يرتاح فيها من عناء منصب مثقل بالهموم.. ويأخذ حقه الإنساني فيشجع المنتخب الذي يحب، ويصفق بحرارة للأهداف الجميلة.. يبدو ذلك أمراً صعباً للغاية.. غالباً في بلدان كاليمن، لا يكشف “القادة” عن هواياتهم المفضلة، ربما يعتبرون ذلك انتقاصاً من مكانتهم السياسية وقد تؤثر على هيبتهم، وعلى العكس تماماً منهم يحرص زعماء وقادة بلدان العالم «الأول» على حضور الأحداث الرياضية والفنية لمؤازرة منتخباتهم مرتدين القمصان الرسمية، ومتخلصين من البروتوكولات ومتخففين من التصرفات المتكلفة.. تاركين لأنفسهم فرصة اغتنام الحدث بصورة تظهرهم مثاليين جداً في نظر شعوبهم. للرياضة تأثير إيجابي على الشعوب وزعمائها السياسيين، لأنها تجمعهم حول حدث واحد يتصدر اهتماماتهم ويقصي أخبار الحروب والصراعات التي تصيبهم بالإرهاق. أراهن أن أحداً يكترث هذه الأيام بما تفعله أمريكا بالعالم أو داعش في سوريا والعراق والجنرال حفتر بخصومه الليبيين.. ولا بمعارك الحوثيين والإصلاح، ولا حتى ما تفعله “القاعدة” التي استقوت الخميس الفائت على مصنع تمور فدمرته وانتصرت للإسلام!! فالمونديال حدث شهي وخالٍ من شوائب السياسة. وكم كنت أتمنى أن أقرأ خبراً عن حضور الرئيس عبدربه منصور حفل افتتاح مونديال البرازيل أو حتى حفل الختام، وكنت أتمنى مشاهدته مرتدياً قميص منتخب يشجعه منذ أن كان شاباً قبل أن يصبح قائداً عسكرياً مرموقاً ثم نائب رئيس، فرئيساً يقود بلداً في أكثر مراحله خطورة. أتعاطف مع ما يواجهه عبدربه منصور من أمور معقدة، عليه معالجتها ووضع حلول حاسمة لها، وتبدو لي مسألة مغادرته البلد لأي شأن كان مغامرة تهدد كل ما أنجزه في العامين الفائتين من مؤتمر حوار وطني شامل إلى هيكلة جيش وغيرها من قضايا شائكة معقدة عمل، ومازال، على فكفكتها. ولو أن الرئيس عبدربه ورث دولة مؤسسات، وتسانده أحزاب تضع مصلحة الوطن فوق مصالحها الحزبية والشخصية، لكان منح نفسه قسطاً من الراحة وشارك قادة العالم متابعة المونديال، تماماً كالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي تتابع مباريات بلادها كطفلة غير آبهة بعدسات المصورين.. وسكرتير الأممالمتحدة بان كي مون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي حرص على أن يشاهد مباريات منتخب بلاده في قصر الاليزيه مع أبطال فرنسا الأولمبيين، وأيضاً كحسن روحاني الرئيس الإيراني الذي فضّل متابعة منتخب بلاده وحيداً في منزله. كان الرئيس عبدربه سيلتقي بكثيرين من نظرائه، حيث سيجدهم على بساطتهم، كون الحدث الرياضي يجبرهم على التنازل عن ألقاب سياسية بحتة، ووحده كأس العالم الذي يأتي كل أربع سنوات، القوة العظمى لمدة شهر فقط وهذا يكفي. سيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، عاش اليمن مهزوماً طيلة “30” عاماً، لكنه معك يجب أن يخرج منتصراً.. إنك تصنع حدثاً خاصاً باليمن الذي يبقى دائماً أكبر من أي مونديال. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك