يمثل الفساد السياسي وباء في جسم الأمة، يتبعه فساد اقتصادي واجتماعي وكل التوالف التي تنخر في جسم الوطن ..يبدو أن قمة الفساد أن لا تستطيع الناس اتخاذ أولويات واضحة لاجتثاث الفساد بأنواعه. محاربة الفساد الاقتصادي بمعزل عن محاربة الفساد أو الانحراف السياسي هو نوع من الغباء والحرث في البحر ..لابد من أولويات في كل مرحلة لكي تؤتي الجهود ثمارها الصحيحة ولا تنقلب أساساً لمصلحة الفساد نفسه .. الملاحظ أن الفاسدين يرفعون شعار محاربة الفساد أيضاً. أولويات محاربة الفساد هي إيجاد آلية لإنهاء الفساد السياسي المتمثل في الاستحواذ على السلطة من قبل جهة معينة، أسرة، طائفة، مجموعة شللية بالقوة والغلبة واستخدام الدولة والمال العام الذي يؤسس لأنواع الفساد للتغطية على الفساد السياسي أبو البلاء وأساس الشرور.. وأعتقد أن العالم قد وصل لحل هذا الفساد والإشكال عن طريق مؤسسة الديمقراطية واختيار الحاكم بشفافية من قبل الشعب بعيداً عن فساد القوة والعنف وحكم الغلبة. وإذا أصلحنا الفساد السياسي سنتخلص من بقية أنواع الفساد لأن الفساد هنا سيفقد الحامي الذي هو حاكم ومتحكم بأدوات القوة ينشر الخوف ويوزع أنواع الفساد وأشكاله التي تضرب المجتمع وتصيبه في مقتل . وثورات شعوب العالم جاءت لخلع الفساد السياسي، لعلمهم أن محاربة السرقة والفساد الاقتصادي والاجتماعي دون اجتثاث الفساد السياسي لاطائل منه ولافائدة ، وفي سبيل هذا ضحت الشعوب بأجيال كاملة لانتزاع حياة كريمة للأجيال ومحاربة هذا النوع من الفساد، وهي قضية الحضارة لأي أمة وشعب .. المشكلة أن مقاومة الثورات الشعبية وجهود الشعوب في اجتثاث الفساد السياسي وانحراف الحكم تقاوم بحرب شعواء ومتعددة تصاحب كل ثورة شعبية وكل إصلاح حقيقي من قبل تحالف قرون الشر والمصلحة التي تخاف من تحرر الشعب وحل إشكالية الحكم ..و حرب هذه القوى المتحكمة تتخذ أكثر من أسلوب لضرب الشعوب وحماية الانحراف السياسي والاستحواذ على الحكم عن طريق العنف والقوة العسكرية، إضافة إلى تضليل الشعوب وإرباكها عن طريق الإعلام والمال ورفع رايات وشعارات تشبه شعارات الشعوب وثورتهم وعناوين الحرية بل تتخذ محاربة الفساد عنواناً لإعادة الفساد السياسي أو تكريس نظام أكثر فساداً وانحرافاً . ليس كل من يرفع شعار محاربة الفساد هو كذلك، بل قد يكون هو أصل الفساد وجذره يستغفل الشعب وعلى قدر الوعي تفشل محاولاته التي ترفع شعارات جوفاء في الغالب على هيئة الحرية والتحرير ومحاربة الفاسدين، واعتقد أن غياب الأمن والدولة هو أصل الفساد ولايمكن أن نتحدث عن سرقة مليون ريال في ظل تغيب الأمن، والأولوية هنا تكون استعادة الدولة أولاً والحفاظ على بقاياها وبدونها تكون شعارات على غرار محاربة الفساد «حق أريد به باطل». [email protected]