عندما تنتهي المصداقيه بين المتحاورين، وعندما يصبح من الصعب ترتيب مكان للحوار داخل البيت اليمني، وتحت سماء الوطن، عندها تنتهي الأرضية المشتركة التي تقف عليها الأطراف لنقاش ما هم عليه مختلفون، أو تنفيذ ما سبق وأن اتفقوا عليه.. فالحوار كلمة برّاقة، وسلوك حضاري لا يدرك قيمته إلا من يحترم العقل، ويقدّس الكلمة، ويرتقي بفكره إلى مصافي المؤمنين بالرأي والرأي الآخر، والالتزام بكل ما يتم التوافق أو الاتفاق عليه، حيث لا يكون مجالاً للحوار مجدداً. لما يقارب العام تحاور اليمنيون من مختلف المكونات في فندق خمسة نجوم، وخرجوا بوثيقة تضمّنت ما نتج عن ذلك الحوار مما أطلق عليه مصطلح مخرجات الحوار الوطني الشامل. إذن هنا نقطة البداية التي يجب الانطلاق منها، لا العودة مجدّداً إلى اختراع الحوار، أو البحث عن حوار.. كل الإجابات والحلول سبق وأن تم الاتفاق بشأنها، وأية محاوله للعودة مجدداً وتحت أي ظرف إلى مناقشة ما سبق مناقشته ليس سوى شكل من أشكال العبث، أو التكتيك السياسي الذي يخفي وراءه رغبة في التلاعب بالوقت الذي لم يعد فيه متسع للجدل البيزنطي.. فلنتحاور ولم لا ولكن بعد أن ننفذ ما تحاورنا عليه في الماضي، حتى نعيد بناء الثقة فيما بيننا، ونعيد بناء جسور الثقة مع المواطن اليمني، ومع الوطن. وليكن حوارنا مزمناً، ومبرمجاً بأسلوب علمي يحترم الوقت، ويضع لكل مهمة أدوات ووسائل تنفيذها وآليات متابعتها بشكل يومي. ما لم يتم التعامل مع الحوار بشيء من الاحترام والالتزام فإن مصيره التآكل كما تآكلت الكثير من المفاهيم والقيم بفعل التعاطي السلبي معها، أو إخضاعها للعشوائية أو الاعتبارات الشخصية التي لا تنسجم مع المعنى الواسع للوطن اليمني الكبير. [email protected]