- بدر بن عقيل .. نعشقه بذلك السمو والشموخ.. وهو يطاول عنان السماء في عناق جميل.. نعشقه وهو يداعب بأطراف انامله «تعز» الحالمة فيبعث في وجدانها نغمة «بالة».. نعشقه وهو يحتضن الغمامة ، ويحتضن ماءها العذب الزلال لينشر الصفاء والاخضرار.. ويهدي إلينا أريج الفل والكاذي والياسمين .. نعشقه عندما يأتي المساء وتغازل قمته ضوء القمر.. وتتلألأ النجوم.. فلا يتوانى أن يرسل لنا مع ومض الشهب المتطايرة رسالة شجن.. وإشواق.. ويردد مع عاشقه الشاعر الصدى: «جبل صبر كم لي فيك قضايا» قضايا حب.. واعتزاز.. ووفاء... وكبرياء.. جبل «صبر» جبل أسمر من جبال بلادي الشماء.. شاهد وعلى مر السنوات الطويلة على الرجال العظماء الذين جاؤوا من هنا.. أو مروا من هنا.. أو سجلوا على صفحات أحجاره شيئاً من حكايات مجدهم.. ومآثر بطولاتهم وقصص عشقهم.. وروائع أشعارهم. جبل «صبر» في كل ركن.. وزاوية منه تحمل الصبايا الفاتنات «البلس» و«البرقوق» مع كثير من عبارات الود والترحاب والابتسامات الدافئة فيكتسي الجبل بالعطر والورد.. «صبر» جبل نعشقه.. ويعشقنا فنمضي عبر هذه التوأمة الحميمة في دروب الحياة بقلوب يغمروها التفاؤل والأمل.. والإرادة على اقتحام الصعب ، وتحقيق أجمل الغايات. نعشقه بتلك الأسراب من الحمام والطيور والبلابل التي تصدح بأعذب أغنيات الوصل.. واللقاء.. والبهجة وتحلق فوقه.. وفوق «الحالمة تعز» وفوق ناسها الطيبين بأجنحة المودة والحنين. «صبر».. ليس مجرد حجارة جامدة نُصبت على الأرض.. ولكنه جبل يستمد منه الإنسان القوة.. والصلابة.. والعلو.. ولسان حاله مثل جبل «ضبضب» في مدينة الشحر وجبل «شمسان» في مدينة عدن عندما يناشد الطيور اليمنية المهاجرة للعودة إلى حياض الوطن .. والوفاء له: دعوة الأوطان حين يدعوك ضبضب أو جبل شمسان استجب في الآن يافؤادي المعنّى سيبك النسيان حب في القلب راسخ للجبال الشوامخ ذي تربيت فيها وانقضى لك بها شأن حان الوفاء حان جبل «صبر» نعشقه ويعشقنا.. مثلما تعشقه أولى حبات المطر التي تساقط عليه فتجعله يطلق تلك الابتسامة الرائعة التي تتمايل معها أغصان الشجر.. وأجساد الفلاحين وتعلن بشائر الخصب والثمر والحصاد !! نعشقه ..ويعشقنا وتعشقه إطلالة الشمس فترسم على صفحاته ووجوه ناسه أجمل لوحة لأجمل بقعة.. فتضع على رأس قمته تاجاً من ذهب.. وفي أطرافه أساور من ذهب...! إن جبل «صبر» يختزل كل طبيعة بلادي.. وسحر بلادي ..وروعة بلادي.. وملامح بلادي.. وهذا الأمر سر من اسرار عشقه.. وخلوده .. ومكانته في القلب.ولهذا تتشبث القرى المتناثرة بأحضانه.. والاشجار بجذوره.. بينما يظل كما كان.. عيونه ساهرة وأمينة وحريصة على المدينة التي تتموج بين ناظريه.. فتتعطل كل لغة الكلام.إنه جبل جدير بأن نبادله الحب.. بالحب.. ونقول: ولو كنت «جازع طريق» بضعة كلمات في حقه.. ذلك لأنه في الواقع قطعة منَّا.