يعتبر شهر رمضان تاج الشهور في مختلف السنين والبلدان، حيث يسهم في تعزيز الاتصال الإيماني بين الناس وخالقهم ، ويدفع باتجاه تمتين أواصر المحبة والتواد بين أفراد المجتمع. وللشهر الفضيل خصوصيته الكبيرة في الوسط المجتمعي في محافظة اللواء الأخضر ، وهي الخصوصية التي عكست نفسها عبر العديد من الطقوس الرمضانية التي حرص أبناء إب على إقامتها منذ مئات السنين ، وبالرغم من المدى الزمني فإن بعض هذه الطقوس والعادات الرمضانية مازالت صامدة في وجه عوامل التعرية والتغيير التي يشهدها المجتمع. الصحيفة تجولت في أنحاء متفرقة من اللواء الأخضر ، والتقت العديد من المواطنين الذين تحدثوا عن العادات الرمضانية التي كانت منتشرة في محافظة إب. نفحات ربانية وفي البداية تحدث الأخ/ صادق الجمال حيث قال : - لقد كان لشهر رمضان المبارك فيما مضى من السنين التي عشناها نكهة خاصة في محافظة إب حيث كان يتوافد الصائمون إلى المسجد قبل أذان صلاة المغرب حاملين معهم التمور وقهوة البن وبعض الفطير واللبن ، وحين يرتفع صوت المؤذن تجدهم يشكلون عائلة واحدة في التفافهم حول مائدة الفطور، ومن ثم يؤدون صلاة المغرب ليعودوا إلى منازلهم لتناول طعام العشاء ، وما يكاد صوت المنادي يؤذن لصلاة العشاء حتى يكونوا جميعاً في المسجد فيؤدون صلاتهم ثم صلاة التراويح في جماعة. وبعد ذلك يخرج الجميع في موكب روحاني يتقدمهم الفقيه وهم يرددون المهاجل الدينية ومنها على سبيل المثال ، صلوات الله عليك يانبي ... يامجلي الهم والكرب، الله ولِيّك يا صائم. اذكر الحي الدائم .. ويستمرون في هذه المسيرة حتى يصلون إلى منتصف القرية فيودع بعضهم بعضاً ، ثم ينطلقون إلى منازلهم ومن ثم يجتمعون في مجالس خاصة يرتشفون قهوة البن ويمضغون أوراق القات ، ثم يشكلون حلقات دينية يستمعون ويشاركون فيها بمختلف الاحاديث النبوية والاذكار المأثورة .. وإذا ما انفض جمعهم فلا يكادوا يستقرون في منازلهم حتى يخرج اليهم ذلك الفقيه وقد حمل «الطار» ماشياً في أزقة القرية ينادي الناس لتناول طعام سحورهم. صلة القربي أما الأخ/ أحمد عبدالله مسعود الشامي فيقول : - في رمضان كان الآباء والأجداد يحرصون على إقامة الموالد التي يذكرون فيها الله كثيراً ، كما أن جميع أفراد الأسرة الذين يقيمون في مناطق مختلفة يجتمعون إلى بيت الأب الأكبر للأسرة ليشكل رمضان لهم موسماً للتواصل وصلة القربى في صورة فريدة ، بالإضافة إلى حرص الجميع على تقديم المساعدة والعون الغذائي للمحتاجين حيث كانت العائلات تحرص على تنمية ثروتها الحيوانية حتى إذا جاء رمضان كانت القرية على موعد يومي مع تقاسم الذبائح الذي يدفع ثمنها القادرون من السكان ومن ثم يرسلون أسهماً محددة إلى منازل الفقراء في صورة تنم عن إدراكهم العفوي لأهمية التراحم والتكافل الاجتماعي. الطفولة في رمضان الأخ/ نبيل محمد الدهمش تحدث عن العادات الرمضانية التي تميز بها أطفال مدينة إب القديمة حيث قال : - كان الأطفال في مدينة إب القديمة يمارسون عادات رمضانية رائعة يستعدون لها منذ ساعات النهار بصناعة القناديل وهي عبارة عن علبة فارغة من مخلفات المواد الغذائية يتم فيها إذابة الشمع مع «الفوح» وهو نوع من البخور ، وتوضع في وسطها شرائح قماشية فتلف المواد الشمعية على تلك الشرائح فتترك حتى تجف ثم يأخذ كل طفل علبة القنديل هذه ويشعلها ثم ينطلقون في موكب احتفالي في أزقة الحارات يلقون تحية المساء على سكان المنازل الذين يمنحونهم قطع الحلويات الشعبية. خلويات شعبية وعن الحلويات ا لشعبية التي تصنع في رمضان يقول الدهمش : - هناك الكثير من الحلويات التي كانت تصنع في اب ومنها الجنحخ ، ويتم صناعتها عبر علبة صغيرة يغلى فيها السكر ثم يصب على عيدان من الخشب لتصبح بعدها شوكلاته أبو عود. وهناك حلويات الحبشة وتتكون من حبوب الذرة الشامية اليابسة حيث تُقلى على النار ثم تطحن مع السكر فتشكل قطعاً رائعة من الحلوى. موائد الرحمن أما الأخ / أمين عبده صالح فتحدث عن العادات الرمضانية في العام الجاري بقوله : - لرمضان في إب عادات لصيقة به في أيامنا الحاضرة حيث تبرز الرحمة فنجد الشباب يتسابقون إلى الفوز بأكبر عدد من الصائمين الذين أتموا صلاة المغرب في المسجد ليدعوهم لتناول طعام العشاء على موائد منازلهم وهو مايؤكد حرصهم على اقتفاء الآثار النبوية في إطعام الطعام. عادات سيئة ويضيف قائلاً : لكن رمضان أصبح مرتبطاً بعادات سيئة ومنها ، سرعة غضب البعض بذريعة صيامهم ، وإدمان الشباب على متابعة المسلسلات التلفزيونية الهابطة طوال ليالي رمضان، إلى جانب ازدياد أعداد الفقراء الذين تتاجر بحاجاتهم بعض الجمعيات الخيرية التي تتوالد بطريقة غريبة دون توالد خيرها بنفس الصورة. موسم القراءة الأخ/ طه شرف القادري تحدث عن عادة رمضانية رائعة بقوله : نحن كشباب جامعيين نحرص على متابعة إقامة عادتنا الرمضانية المتمثلة في استغلال ساعات الليل الطويل في قراءة القرآن والكتب العلمية ،وهذه العادة أصبح لها جمهور لابأس به ، ونتمنى أن تنتشر في المجتمع.