تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    عاجل: هجوم صاروخي للحوثيين في خليج عدن وإعلان أمريكي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني    بن دغر يدعو للتحرك بشأن السياسي محمد قحطان.. وبن عديو: استمرار اختطافه جريمة بحق الوطن    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزكاة مورد للوفاء بالاحتياجات الإنسانية والتنموية!
في حديث مع العلامة : عبدالرحمن مكرم:
نشر في الجمهورية يوم 11 - 10 - 2007

على التجار أن يراعو الله في أوضاع الفقراء والمساكين
الحديدة تتميز بخصائص التواشيح في الخواتم المباركة الزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام الخمسة وقد جعلها الله سبحانه وتعالى أحد الفرائض والأركان، وذلك لأهميتها لتزكية قلوب المؤمنين في حب الخير كسلوك فيه من الدلالة والتمسك في قيم التكافل والرحمة بين المسلم وأخيه وبين الغني والفقير، بل تزداد أهمية كونها رافداً قوىاً للاقتصاد، ثوابته لاتتأثر بالكساد أو التضاربات كونها القيمة والضمان لبيت مال المسلمين لقضاء حاجات السواد الأعظم أكانت هذه الحاجة عوناً تنموياً أو خدمياً أو ما يعني الحياة وروافدها الاجتماعية والاقتصادية.
مقدار الزكاة ومواردها وأهميتها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية .. الخ كان حوار الجمهورية مع الشيخ العارف الداعية / عبدالرحمن عبدالله مكرم إمام وخطيب الجامع الكبير بمدينة الحديدة والذي ابتدأ حديثه عن الموارد الزكوية وأهميتها ودورها في تعزيز الرعاية الاجتماعية وتطوير تفاعلات التنمية حيث قال :
- الزكاة فريضة دينية وركن من أركان الإسلام الخمسة، لايصح إسلام المرء إلا بها ، والدليل على فرضيتها قول الله تعالى في كتابه الخالد الكريم : «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» وقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم : «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة ، وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا».
ولأهميتها جعلها فرضاً واجب الأداء تجب عليه ، وهم فئة الأغنياء والميسورين من المسلمين .. قال تعالى : «وفي أموالهم حقٌّ معلوم ، للسائل والمحروم» ولما كان من قضاء الله وحكمته أن خلق الناس طبقات ، فيهم الأغنياء الميسورون، وفيهم الفقراء والمساكين . كان من حكمته أن فرض حقاً معلوماً ، في أموال الأغنياء يرد على الفقراء من المسلمين لكي يستقيم أمر المجتمع ، فلا يستأثر الأغنياء بالأموال ، ولا يحرم الفقراء منها وبذلك يتحقق التوازن المعيشي بين الناس ، وتتعزز الرعاية الاجتماعية بين الأفراد.
ويحصل الانسجام بين الطبقات ، وتتولد بسبب ذلك تفاعلات التنمية الوطنية في كل مجالات الحياة ، وتتضافر الجهود ، ويتوفر السعي الحثيث والجاد لدفع عجلة النهضة والتطوير للمجتمع ، ومن هنا يتبين جلياً دور أداء الزكاة في النهضة والتطوير والنماء ، فسبحان المشرِّع الحكيم.
في النظام الاقتصادي الإسلامي
وإذا تحدثنا عن الزكاة في نظام الاقتصاد الإسلامي ودوره في حل المشاكل الاقتصادية لا شك أن الاقتصاد الإسلامي بمنهجه العادل المستقيم المتمثل في قوله تعالى:
«فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تظلمون» في معرض تحريم الربا ، إضافة إلى حث الإسلام على العمل ، ونهيه عن تجميد الأموال وعدم تنميتها ، وحثه على الصدقة ، والمساهمة في مجالات الإعمار ومشاريع التنمية الاجتماعية التي تحقق مصالح عامة وتعود بالنفع على الجميع ، وتستفيد طبقات المجتمع كلها من ذلك ..إضافة إلى تحريمه للاستغلال والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل والالتزام بالقيم الأخلاقية كأساس للتعامل بين الناس ، مما يعزز الثقة بين المعاملين فتقوى الروابط بين شرائح وطبقات المجتمع، مما يؤدي لطبيعة الحال إلى حل كل المشكلات الاقتصادية ، التي تؤثر سلباً على عملية التنمية الاجتماعية ، وتزال بسبب ذلك كل العوائق التي تقف في طريق التنمية والنهوض الاجتماعي والاقتصادي.
آثار منع الزكاة
ماهي آثار منع الزكاة على المسلم والمجتمع ؟
} لا شك أن الله سبحانه وتعالى وهو الخبير بشئون عباده ، أنه حينما يشرع تشريعاً ، لاشك أن ذلك التشريع يكون في مصلحة البشر ، لأنه سبحانه وتعالى خبير بشئونهم ، عليم بما يصلحهم وبما يفسدهم ، كيف لا وهو الذي خلقهم فحينما فرض الزكاة إنما فرضها لحكم عالية، ولأغراض سامية ، ولأهداف إنسانية فهي رسم يدفعه الغني لاشتراكه في المجتمع الذي يعيش فيه .. فهي لسد جوعة الفقير ولقضاء حاجة المسكين ، فتمسح دمعة اليتيم ، وتدخل السرور على قلوب الأرامل والبائسين وتحمي المجتمع من القلاقل والثوارت . وتقي من انحراف السلوك ووسائل الكسب غير المشروع وتشيع السعادة والطمأنينة في نفوس المواطنين ، وتؤلف بين القلوب ، وتوحد بين الجهود ، وتسهم إسهاماً فعالاً في النهوض بالشعب ودعم اركانه .. واسعاده والترقي به في مدارج الكمال ، وليست مشروعية الزكاة للمحتاج فقط ، بل للغني والفقير استفادة مشتركة ، بل للأمة كلها ، للأخلاق والفضائل ، للرابطة والصلة ، بل لنظام الدول وسعادة الشعوب ، ولهذا فإن الممتنع عنه أداء الزكاة ، يكون آثاراً سلبية عكس ما شرعت من أجله ، وبالتالي يكون الأثر السلبي مباشراً على الأفراد والجماعات بل على الأمة كلها ، وعلى القيم والأخلاق ، وضياع المنافع ، وانتشار الفساد ، وغير ذلك من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية ، إضافة إلى شيوع الاضطراب والقلاقل وضياع أمر المجتمع بأسره ، وبسبب ذلك كان موقف خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدي ابو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، حاسماً ضد من امتنعوا عن أداء الزكاة ، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والاصرار على قتالهم رغم شهادتهم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وقال : «والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها».
ولم يلتفت إلى موقف المعارضة أبداً في هذه المسألة ، وقاتلهم رضي الله عنه حتى عادوا إلى دفع الزكاة ، لأن في ذلك استقرار المجتمع ، ونماءه وسعادته ، ويسره ورخاءه وتطوره.
الغش التجاري
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الاحتكار والغش التجاري فما موقف الإسلام عن ذلك ؟
} إن الإسلام دين عطف ومحبة ، ورسول رخاء ورحمة ، واساسه المعاملة الحسنة التي تنطوي على حب الخير للناس والتوسعة على المجتمع ، والسعي لتوفير الراحة للإنسانية ، أمر المسلم أن يكون سمحاً إذا اشترى ، سمحاً إذا باع ، ولقد أوضح الإسلام موقفه من الاحتكار ، بأنه عمل غير إنساني ، وتنافى مع سلوك المؤمن الذي يؤمن برسالة الاسلام ، ذات الطابع الانساني ، والسلوك القويم ، وبين فحش من احتكر الأقوات ، واختزن حاجيات الأنام ليأكل من السوق السوداء وليملأ بطنه وجيبه حراماً من الغلاء ، وجعل الإسلام ذلك من أكبر الإثم وعظيم الوزر ، حتى لو أراد من تعامل بالسوق السوداء ، واكتسب من الغلاء فتصدق بتجارته لم يكن ذلك كفارة لذنبه ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : «من احتكر على المسلمين أقوات اربعين يوماً ، ثم تصدق به لم يكن له كفارة ، والاحتكار هو أن يشتري الشيء في وقت الشدة والغلاء . ليبيعه في الغلاء ، وهذا لا تقره شريعة سيد الأنام ، بل هو باب السحت والحرام ، والاحتكار ظلم عظيم ، بل هو حرب داخلية ، سلاحها الغلاء ووقودها الأطفال والضعفاء ، والأرامل واليتامى ، والمساكين والفقراء ، الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، لذلك كان المحتكر في نظر الرسول الأعظم ، صلى الله عليه وآله وسلم خاطئاً ، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : «من احتكر حُكرة يريد أن يغالي بها المسلمين فهو خائن وقد برئت منه ذمة الله»، ولأن الاحتكار للحاجات سواء كانت أطعمة أم أدوية أو أي حاجة من حاجات الشعب الضرورية ، فيه تضييق على أقوات الناس ، ويلحق الضرر بعامة المواطنين ، ناهيكم عن العاجزين فيهم ، والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «لا ضرر ولا ضرار» ، أما عن الغش التجاري ، فلقد وجه الإسلام عنايته إلى المعاملة بين الناس ، فوضع لها آداباً تحقق الهدف المقصود منها ، وبالغ في تقدير المعاملة ، إلى الحد الذي جعل فيه حسن المعاملة بنفس أهداف الإسلام العليا ، وسنته الشريفة ، فقال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم «الدين المعاملة» كما بين النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، آداب البيع والشراء، فقال : «رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع واذا اشترى ولمن قضى وإذا اقتضى» لهذا الحديث الشريف يدعو الى السماحة في البيع والشراء ، وهذه السنة وسيلة لتوثيق العلاقة بين المتبادلين ، كما أنها سبيل لاثارة الراحة والطمأنينة في نفوس والسماحة التي يدعو إليها الإسلام ، ويطلب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الرحمة والرضوان لصاحبها ، تحفظ المتعاملين من الاندفاع وراء المنافع المادية في البيع والشراء ، الأمر الذي يؤثر على العلاقات الأخوية ، والروابط الإنسانية بينهم ، ومن ثم ينزلقون في المعاملات الى مزالق الغش والخداع والكذب ، والتحايل على الناس ، والاضرار بهم وأكل أموالهم بالباطل والاعتداء على حقوقهم ، وحسب هؤلاء العابثين غضب الله عليهم ، وبراءة رسول الله منهم فقد مر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يوماً على سوق المدينة ، ورأى رجلا يبيع طعاماً فسأله كيف يبيع الطعام فأخبره ، فأدخل يده فإذا هو مبتل بالماء ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم ماهذا يا صاحب الطعام ؟
فقال: أصابه ماء السماء ، فقال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ، ثم قال قولته المشهورة ، والتي مازال صداها يرن في سمع الزمان «من غشنا فليس منا» وليس هناك من دافع لذلك إلا الجشع والطمع والرغبة في المنفعة المادية على حساب الآخرين ، وإهمال العلاقات الأخوية والقيم الإنسانية ، التي من شأنها لن تحمل المتعاملين على التسامح في المعاملة والصدق فيها ، كما يفعل من يبيعون مواداً وسلعاً فاسدة ، قد انتهت صلاحيتها أو من ينقصون الكيل والوزن والعبوات التي لاتطابق مقدارها المكتوب عليها ، وغير ذلك من أساليب الغش التجاري ، والذي يكون ضحيته المستهلكون ، وقد تحدث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عن زمن يكثر فيه الغش ، ويغلب فيه الفساد فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة ، وقد قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : «لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولادين له ، ولا عهد له ، ولاصلاة ولا صيام ولا زكاة له» فليتق الله مثل هؤلاء وليتوبوا عن مثل هذا ، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
التآلف الاجتماعي
ماذا عن نظرة الإسلام للوحدة الوطنية والتآلف الاجتماعي ؟
} إن نظرة الإسلام للوحدة الوطنية نظرة ايجابية بلاشك ، ويكفي ايجاباً من الإسلام نحو الوحدة الوطنية والتآلف الاجتماعي ، أن جعل ذلك فريضة وواجباً دينياً محتماً ، فدعا في كتابه الكريم «الوحدة والاعتصام» فقال تعالى : «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» .. وجعل ذلك من نعمه على عباده ، فقال : «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم ، فأصبحتم بنعمته إخوانا» ومثل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم شأن الوحدة الوطنية والتآلف الاجتماعي بالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» ،تارة بالبنيان القوي المتماسك ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» ولزوم الجماعة أمر ..... فليس هناك أفضل من الوحدة والاعتصام ، ونبذ الفرقة والشتات ، ففي الوحدة الوطنية القوة والعزة والمجد وقهر الأعداء ، وفي التآلف الاجتماعي رفع للنماء والتطور والازدهار ورفع لشأن الوطن، وكلمة مسموعة لدى الأمم وهذه نظرة الإسلام إلى ذلك.
الخواتم من العادات
ما يميز الحديدة بخصوص خواتم رمضان عن حضرموت ومنذ متى بدأت هذه الظاهرة ؟
} إن لكل محافظة أو كل بلد تقاليده المعتادة في استقبال الشهر الفضيل المبارك شهر رمضان وكذا في وداعه وختم القرآن العظيم ، ففي مدينة الحديدة وما عرفنا عليه أنفسنا أنه عند استقبال شهر رمضان المبارك ، وبالتحديد في الأيام العشر الأخيرة من شهر شعبان المكرم تصدح معظم مآذن المساجد ، بالتواشيح والمدائح الشعرية التي تبني وتتحدث عن فضائل هذا الشهر المبارك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وترغب في اغتنامه فرصة التوبة الى الله وبدء صفحة جديدة مع الله ومع الناس ، وحينما يعلن عن ثبوت دخول شهر رمضان المبارك ، عبر التلفزيون تفتح المساجد أبوابها فوراًِ لاحياء أول ليلة من رمضان بصلاة التراويح ، حيث تبدأ بعض المساجد بقراءة أول المصحف من أول ليلة من رمضان ، وتختمه بقراءة آخر سورة منه في صلاة التراويح في آخر ليلة منه ، وذلك في عدد عشرين ركعة للتراويح في كل ليلة ، وبعض المساجد تقتصر على قراءة قصار السور خلال عشرين ركعة من كل ليلة من رمضان المبارك ويستعد بعد الفراغ من صلاة التراويح في أول ليلة بالاستعداد للسحور ، والحرص على أداء صلاة الفجر جماعة ، ومن حين ذلك تمتلئ المساجد بالمصلين ، وقراء القرآن الكريم ، ثم تقام السهرات في المبارز والأماكن العامة في كل ليلة من ليالي رمضان لقراءة القرآن والذكر والاستماع إلى التواشيح والابتهالات الدينية، متغنية بفضائل هذا الشهر الكريم ، وما فيه من خيرات ورحمات وبركات وهكذا يظل الحال ، حتى تأتي الأيام العشر الأخيرة من رمضان ، فيزداد النشاط من الناس في هذه الليالي ، وزيادة العبادة والتقرب إلى الله لالتماس ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، وتتردد على ألسنة لهجات التبريكات والتهاني بخواتم الشهر الفضيل ، وتقام حفلات وداع الشهر الكريم في المساجد ، بعد صلاة التراويح ابتداءً من ليلة واحد وعشرين من شهر رمضان ، وهي أول ليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان وتستمر حتى ليلة التاسع والعشرين ، حيث الختام الجامع في الجامع الكبير بمدينة الحديدة وهي آخر ليلة من ليالي القدر المباركة ثم تقام سهرات توديع شهر رمضان المبارك في المبارز والأماكن العامة ، ولها مراسيم معينة ، وقد بدأت هذه الظاهرة من قديم الزمان، عند انتشار الطرق الصوفية في المدينة (الحديدة) وأعتقد أن الظاهرة تزامنت مع ظهور مدينة الحديدة في حدود السبعمائة السنة الهجرية ، حيث عملت الطرق الصوفية على تعميق مفهومها لدى الناس حتى صارت عادة مستحبة ، وتقليداً حميداً ، لازال الناس في الحديدة يحرصون عليها.
مراسيم الاختتام
ما هي مراسيم الختم ؟
} المراسيم تبدأ باجتماع الناس في المبرز أو المبارز التي تقام فيها ختم وتوديع شهر رمضان المبارك ، ثم الاستماع إلى المنشدين الذين يرددون القصائد والابتهالات الدينية ، حتى اذا اقترب منتصف الليلة تبدأ المراسيم للختم، بقراءة من القرآن الكريم ، تبدأ بسورة الضحى والانتهاء بآخر سورة من القرآن الكريم وهي سورة الناس ، ويردد الحاضرون بعد الانتهاء من كل سورة من السور المذكورة ، يرددون جهراً بصوت جماعي (لا إله إلا الله الله أكبر ولله الحمد).. وذلك اتباعاً لما ورد بأن هذه السور نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونزل عقب كل سورة منها ، الذكر السابق «لا إله الا الله الله اكبر ولله الحمد» ، ثم يقرأ بعد الفراغ من ذلك دعاء ختم القرآن الكريم ، لمولفه العلامة الكبير المعروف بأبي حربة ، وقد عرف هذا الدعاء دعاء ختم القرآن الكريم بدعاء أبي حربة نسبة إليه ، ثم يقرأ بعد ذلك ختم : «وداع رمضان» وهو يحتوي على مقاطع وعظية يختم كل مقطع منها بآية من سورة «ق» ثم تردد عبارات التسليم على شهر رمضان بالقول جماعياً «السلام عليك يا شهر رمضان» ثم يختم هذا الوداع بدعاء طيب عظيم ثم تنشد بعد ذلك قصيدة بعنوان «خليلي شوقي» وهي تتغنى بالديار المقدسة والتشوق إليها ، وتهيم في حب تلك الديار ، لاسيما المدينة المنورة ، مرقد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وتأسف على انصرام شهر رمضان المبارك ، وكأنها تقول إذا كان قد انقضى موسم من أعظم مواسم الطاعات ، فإن هناك موسماً آخر من أعظم المواسم الدينياً ألا وهو الحج الى بيت الله الحرام، وزيارة قبر الرسول عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم والتشرف برؤية الديار المقدسة ، ومنازل الوحي الإلهي ، ومآثر ذكريات الإسلام الخالدة وهذا ما تتميز به مدينة الحديدة ، عن سائر المدن اليمنية ، في استقبال وختم ووداع هذا الشهر المبارك الكريم ، شهر رمضان الذي نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامه وقيامه وأن يعيده علينا ونحن في خير وعافية ، ووطننا وأمتنا وقيادتنا السياسية في تقدم ونمو وازدهار .. وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأنصاره وذريته وأهل بيته أجمعين.
وكل عام والجميع بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.