السلامُ عليكِ مضاربَ أحبابِنا. السلامُ عليكِ طلولاً معرَّشة في انجذابات أرواحِنا للزمان الجميلْ. السلامُ عليكِ رسوماً سَفَتْها قصائدُنا لا الرياحُ وجدَّدَها شوقُنا لا السيولْ.السلامُ عليك نشيداً يجرِّحُ ذاكرةٍ طالَ عهدُ لها بالطلولْ. السلامُ السؤالُ الذي حيَّر الواقفين بأوجاعنا، والسؤالُ الذي لم تُجبْهُ الديارُ بنجدٍ وحيَّرَنا في الشمالْ السؤالُ السؤالْ أين أهلُ المضاربِ، أين النسيبُ الذي ردَّدَ العشبُ ترحالَهُ، والمحبونَ هل سلكوا صفحةَ البحر للغربِ، أم يمَّمُوا وحشةً في انسراحِ الذهولْ. والقصيدةُ جرحُ الرمالِ الحزينةِ ماذا أُعيدُ وماذا أقولْ؟ لم نزلْ يا مضاربُ كلَّ مساءٍ نشُدُّ الرحالَ إليكْ. نلتقي والطلولَ الشجيةَ نسألها قبساً مهلكاً أو رماداً يكحِّل أرواحنا كلَّما أذبلتها الدموعُ بكاءً علينا وحزناً عليكْ. هل لنا يا مضاربُ إذْ داهَمَتنا طيورٌ أبابيلُ تأكلُ منا القصائدَ والحُبَّ أن نختبئ في مواويلَ عتقها العاشقون لديكْ! يا مضاربُ: شيئاً قليلاً من الحُلْم، قعباً من الحزنِ أو خرقةً من قميصٍ لقيسٍ مشى فيهِ منجذباً في القفارْ. يا مضاربُ طالَ السَّفارُ وشاخت قصائدُنا وانحنت في فضاءِ التولُّهِ أشجانُنا، والعيونُ التي سافرت في المدى امتلأت بالشجى والغبارْ يا مضاربُ: هذي دماءُ القصيدةِ من زمنٍ غائرٍ في الحنايا، وهذي البراري التي شهدتْ نبلَ أحزاننا وتشرُّدَنا، هذهِ أدمعٌ من أريجِ تفتُّحها انبلجت سدرةُ الحزنِ، هذي العيونُ التي انضجَ الحزنُ أطيافَها، والقلوبُ التي قشَّرَتها مواجيدُها، والحروفُ التي بعثرتها السوافي وقوفاً على زمنٍ من طلولْ يا مضاربُ هذي بحورُ الخليلِ حصىً شاحبٌ، والخليلُ على شطِّها يتوسَّدُ تفعيلةً سرَّبت ماءَها في البراري، وهذي القلوبُ التي أشعلتْ ليلها لم يعُدْ في حشاها سوى حُلُمٍ باردٍ أو ترابٍ قليلْ يا مضاربُ، يا ثروةً من حنين القصائدِ العشبِ، يا فكرةً في خيالِ الغيومِ البعيدةِِ، يا رحلةً بدأتْ من سنامٍ ل”عوجاءَ” عاجتْ على دِمنتينِ معلَّقتينِ بأرواحنا وانتهت لابتداء الرحيلْ. أيُّ جرحٍ يجولُ بأحداقنا كلَّما ارقلت ناقةٌ في عراء توَلُّهِنا، أيُّ ماءٍ من الروح ينصبُّ إن ارخت البيدُ أحزانَها، أيُّ برقٍ-إذا جنَّ وجدٌ- يؤرِّقنا لديار الأحبَّةِ في “مهمهٍ” ليس فيه الدليلْ يا مضاربُ: ما أبعدَ الدربَ، جمرُ الغضا دون أدناهُ، أبعدُهُ غائرٌ في المدى، والأحبةُ قهوتهم فوق قلبي العليلْ يا مضاربُ: هذي القلوبُ التي سافرتْ في الصدى. خطفتها طيورٌ تفتَّقَ عنها المدى. أيُّ دربٍ سيُبْلغُنا عشقَنا، والبراري سباعٌ خرافيَّةٌ، والدروبُ تؤدِّي إلى نقطةٍ هيَ بدءُ المدى المستقيمُ لختمٍ محالْ يا مضاربُ: إن أقبلَ الليلُ تسري إليكِ الدروبُ، وتسري الحروفُ التي أخذتْ شكلَها، يسقطُ الطيفُ من شجرالحُلْم، يبحرُ في الماء عرشُ الخيالْ والندى في مدى الروح منسكبٌ عند أشياءَ نألفُها، بعضها عند مُنعرج القلبِ والبعضُ وهمٌ تُشدُّ إليهِ الرحالْ حدِّثينا-إذاً- يا دروبُ عن الساكنين هنالك خلف المدى، عن مضاربهم كيف أمستْ على بعد قُربينِ أو قربِ بعدين، فإننا الآن منطرحون على حُلُمٍ جفَّفتهُ البراري وسفَّتهُ ريحُ الشمالْ يا مضاربُ هذا السلامُ وهذا السؤالْ. السؤالُ الذي كان “عمتِ صباحاً” وصار صدىً في الرمالْ. والسؤالُ الذي حيَّر الواقفين وضاعت إجابتُهُ في اغترابِ الرحالْ. السلامُ السؤالْ. يا مضاربُ هذا قليلٌ من البوح لكن أكثرهُ لا يقالْ