مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    المهرة.. محتجون يطالبون بالإفراج الفوري عن القيادي قحطان    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن تحت حكم الإمام أحمد 1962-1948
نشر في الجمهورية يوم 03 - 09 - 2008


الحلقة 3
ب المؤسسات التجارية:
والإمام والأمراء لايحتكرون السلطة السياسية فحسب، بل إنهم يحتكرون اقتصاد البلاد أيضاً، ونموذج هذا الاحتكار يظهر بوضوح في مجال التجارة،فالإمام كما يجمع معظم المؤرخين اليمنيين وغير اليمنيين هو المالك الحقيقي لشركة الجبلي للتجارة ، وهي المؤسسة التي تقوم بمعظم عمليات التجارة الداخلية والخارجية ، شراء وبيعاً واستيراداً وتصديراً، والجبلي معتمد الحكومة في أعمال التحويل،ودفع نفقات الوقود، وشحنها وتوزيعها في أنحاء البلاد، وهو المسئول عن البعثات اليمنية وشراء كل ما يلزم من وسائل لأعمال الحكومة، وقد بدأ الجبلي حياته كمستخدم عند بائع جلود، لكنه فيما يبدو قد تمتع بقدرات خاصة جعلته يقفز على رأس قائمة أغنياء اليمن في حينها،ويتحول إلى وكيل أعمال الإمام ومؤتمنه، وثروة الجبلي لايمكن تقدير حجمها، فحجم نشاطه يغطي أنحاء اليمن ، فله فروع في المدن والقرى، يقوم من خلالها بشراء المحاصيل وبالأسعار التي يفرضها، ليقوم بعد ذلك ببيعها إلى المواطنين وتصدير الفائض منها، كالبن على سبيل المثال ، وأهم شركته الخارجية في عدن والذي يديره موظفون عرب وإنجليز على درجة عالية من الكفاءة، وهو علاوة على ذلك على علاقة خاصة بحكومة الإنجليز في عدن لكنه من المؤكد كان وفياً لسيده الإمام.
وإلى جانب مؤسسة الجبلي ، هناك مؤسسات أقل شأناً مثل مؤسسة الوجيه إخوان، وهائل سعيد أنعم، ومطهر سعيد وفي عام 1691م أصدر الإمام أحمد مرسوماً يقضي بإنشاء ثلاث شركات جديدة، الأولى للطيران، والثانية للمحروقات، والثالثة لكهرباء تعز.
سمح فقط اليمنيين بشراء أسهمها إلى جانب الحكومة،وقدرت رؤوس أموال هذه الشركات بين 053ألف ريال و005ألف ريال وقيل في حينها إن ذلك كان يجري في إطار ماسمي بإصلاحات الإمام أحمد التي لم تر النور، لكنه من المؤكد أن بعض هذه الإجراءات إنما جاءت تحت تأثير ضغط المعارضة الوطنية، وإلحاح شديد حتى من بين أشد دعاة العزلة تطرفاً في الأسرة الحاكمة.
وفي حدود ما كان يسمح به الإمام من علاقات مع الخارج، كانت هناك بعض الوكالات التجارية العاملة في الحديدة، من بينها شركة يونانية حاولت الحصول على حصة في تجارة البن التي سيطر عليها السوفيت، وفي مرحلة ما كانت الشركة السوفيتية هي الأكثر اهتماماً بهذا المحصول النقدي الهام إلى جانب شركة إيطالية شبه حكومية، علاوة على ذلك فهناك تجار هنود مسلمون وغير مسلمين ، وأتراك وعرب.
وليس هناك معلومات مؤكدة حول حجم التبادل التجاري بين اليمن والدول العربية، لكن الوثائق تشير إلى نشاط كبير بين اليمن والمملكة العربية السعودية، أساسه التبادل الزراعي والسمكي، وبعض منتجات حرفية، كالأسلحة التقليدية، والأحجار الكريمة ، فيما يحصل اليمنيون مقابل ذلك على النفط ومشتقاته «6» أما مصر، فتكاد تقتصر التجارة معها على البن، وربما على كميات قليلة من التبغ، عموماً فإن حجم التبادل التجاري مع الدول العربية، ودول شرق أفريقيا ضئيل، برغم وجود جاليات يمنية كبيرة فيها، ويكفي أن نشير إلى أحد التقارير السنوية حول العلاقات التجارية مع البلدان العربية ، فتظهراليمن في ذيل القائمة، حيث معدل التبادل التجاري بين اليمن وسوريا في الأعوام 1591 3591م يتراوح بين 82و78ألف ليرة سورية.
خامساً المالية:
«أ» العملة:
عملة التداول في اليمن هي ريال «ماريا تريزا» النمساوي، وهي عملة فضية، اكتبت شعبية واسعة في اليمن وفي مناطق أخرى من شبه الجزيرة العربية لأسباب لا تفسير لها، تقدير وقيمتها بالقياس إلى سعر الفضة في السوق الدولي، وبكميتها في الريال ذاته، وهو يزن في طبعته الأخيرة 8860.62 ملليجرام،وتبلغ نسبة الفضة في هذا الوزن 338 في الألف، لذلك فإن قيمة الريال تتحدد باستمرار في ضوء أسعار معدن الفضة، فإذا ارتفعت أسعار الفضة،ارتفعت قيمة الريال،وإذا انخفضت انخفض هو الآخر.
ويضاف إلى قيمة الفضة في الريال تكاليف الضرب التي تبلغ بين 05-06% من ثمن المعدن، وفي عام 7591م،كان سعر الريال مقارنة بالجنيه المصري 762 مليماً «3»،أو ثلاث ليرات إذا ماقورن بالليرة السورية.
لقد ظهر الريال النمساوي للمرة الأولى سنة 0871، وليس معروفاً متى تم استخدامه في اليمن تحديداً، وللريال أجزاء تعرف «بالبقشة»،وكل أربعين بقشة تساوي ريالاً، وأجزاء الريال هذه مضروبة من النحاس، ويتم ضربها في اليمن، وتنقسم البقشة إلى نصف بقشة، وربع بقشة،وثمن بقشة.
ويتعامل اليمنيون بالإضافة إلى الريال النمساوي بالجنيه الذهبي الاسترليني،وهو يساوى ثلاثة ريالات، واثنين وعشرين بقشة، إلا أنه من المهم الاشارة إلى أن حجم الريال من الفضة يختلف بحسب مصدر الإصدار،فهناك عادة ريال إنجليزي، وآخر نمساوى، وثالث ايطالي،وقد حصلت النمسا عام 2691م على قرار من محكمة العدل الدولية بلا هاى، يعطيها حق احتكار ضرب ريال ماريا تريزا دون غيرها من الدول .
وقد عرفت اليمن سك النفوذ في عهود قديمة،وكان بعض أئمة الدولة القاسمية قد ضربوا النقود بأسمائهم، وجعلوا عليها شعار دولتهم، ويحار المرء في أمر الأئمة « آل حميد الدين» فهم لم يرفضوا سك عملة ورقية طوال فترة حكمهم الأخيرة لليمن، فقد كان ذلك يتطلب غطاء ذهبياً،وماكان لهم أن يتفهموا مثل هذا الإجراء لما عرف عنهم من حب في كنز الأموال وحفظها في خزائنهم،ولكنهم رفضوا حتى سك عملة فضية شبيهة بالريال النمساوي.. وقد كان ذلك في مقدورهم طالما قاموا بسك أجزاء هذا الريال من النحاس.
«ب» البنوك:
والتخلف في اليمن حلقات يرتبط بعضها بالبعض، فكما أنه لاتوجد عملة رسمية في البلاد، لاتوجد بنوك أو مؤسسات رسمية مالية، تدير السياسة المالية للدولة، وكانت كل المحاولات التي استهدفت إنشاء بنك مركزي في اليمن قد انتهت إلى الفشل، ففي عام 5591م، وافق الإمام مبدئياً على مشروع البنك المركزي اليمني، الذي أعدت دراسته من قبل بعثة سعودية كان الملك سعود قد أوفدها إلى اليمن لمساعدة اليمن على إقامة مؤسسة مالية مركزية خاصة، وبعد عدة زيارات للبعثة، وأحاديث حول الاستغاثة بخبرات مصرية في هذا الشأن، أسدل الستار فجأة على الموضوع، كما كان يسدل على غيره من المشاريع الأخرى دون سبب.
وعندما أصبحت اليمن عضواً في اتحاد الدول العربية عام 8591م، أصدر المجلس الأعلى للاتحاد قانوناً بإنشاء المؤسسة النقدية للمملكة المتوكلية اليمينة، والتي كان من المفترض أن تتولى إقامة وتطوير النظام المالي في اليمن، وإصدار النقد، والعمل على توحيد
نظمه المالية مع بقية دول الاتحاد، وتضمن القرار شك عملة فضية جديدة تسمى «الريال اليمني» بدلاً من ريال ماريا تريزا القديم وتكوين غطاء النقد اليمني في جزء كبير منه من أذونات خزانة الجمهورية العربية المتحدة، وكالعادة فقد عطل الإمام العمل بهذا القرار، كما عطل العمل بغيره من الإجراءات التي تم الاتفاق عليها في إطار المجلس، محتفظاً بوجوده الشكلي في هيئات الاتحاد.
والبنك الوحيد الذي حقق وجوداً ملحوظاً في اليمن كان البنك الأهلى السعودي الذي قام صاحبه سالم بن محفوظ، الحضرمي الأصل، السعودي الجنسية بافتتاح فرع له في الحديدة، مع مكتبين في كل من صنعاء وتعز، ويبدو أن العلاقات التجارية السعودية وحركة المهاجرين، قد تطلبت هذا النوع من العلاقات بين البلدين، لقد اقتصر نشاط البنك على المعاملات التجارية، وخاصة عمليات منح رسائل الاعتماد وعمليتي الإيداع والصرف، قلما كان البنك يقدم قروضاً لأية أغراض إنمائية، ولكنه أحياناً كان يقوم بإقراض ذوي الامتيازات في السلطة، ولأنه البنك الوحيد في اليمن، فإنه كان يحوز على جميع المعاملات الأجنبية في البلاد، بالرغم من أن رأسماله لا يتعدى 000.051 ريال ماريا تريزا، فهو المؤسسة المالية التي تتم عبرها المعاملات المالية مع البنوك في عدن أو في السعودية، ومن المتوقع أن البنك قد حقق أرباحاً كبيرة في نشاطه المصرفي، وإن كانت موازناته السنوية قد تضمنت عجزاً سنوياً.
إلى جانب البنك السعودي كان هناك فرع صغير لبنك الهند الصينية عمل في اليمن منذ مطلع الخمسينيات، من المفترض أنه قدم خدماته للتجار الهنود، والتجار الآسيويين، بعض الأوروبيين الموجودين في الحديدة آنذاك، والذين عادة يملكون بعض الوكالات، أو يتاجرون بمنتجات تشجع اليمن على تصديرها إلى الخارج.
«ج» الضرائب:
كانت إيرادات الضرائب من أسرار الدولة الت يلا يحق لأحد الحديث عنها، والحكومة اليمنية لا تصدر أية بيانات إحصائية دورية أو سنوية يمكن من خلالها التعرف على حجم الضرائب ونظام تحصيلها وطرق استخدامها، والنظام الضرائبي القائم في اليمن يعود في أصوله إلى عصور ماضية، وجوهرياً كان قائماً على العقيدة الإسلامية شكلاً على أقل تقدير، وهذا النظام لا يعني وجود قوانين أو لوائح، بل إن الجهاز الضريبي يقوم بأداء واجبه استناداً إلى ما صدر ويصدر من الإمام أحمد من أوامر إدارية، وكانت لهذه الأوامر قوة القانون، هي أوامر الإمام الحاكم بأمر الله، لذلك قسمت إلى أوعية مختلفة بحسب الشرع، وحسب الحاجة التي يقتضيها واقع الدولة، ومن هذه الضرائب يمكنا أن نتبين هذه الأنواع:
«د» ضرائب الجمارك:
«أ» ضرائب الصادرات:
وهي تقدر بواقع 01% عى الأنواع التي تشجع الحكومة اليمنية على تصديرها كالبن والقطن وغيرها، أما المصنوعات والمنتجات الأخرى التي يصدرها التجار، مثل الحبوب والفواكه، فإن رسوم التصدير عليها يقدر بواقع 5.2% وهذه قلما تأتي بإيرادات كثيرة، بسبب سهولة التهريب، وخاصة عند نقل القات من جهة إلى أخرى، وكذا بسبب فساد الجمارك.
«ب» ضرائب الواردات:
وتؤخذ بواقع 01% على الضروريات، وبواقع 02% على الكماليات، وفي وقت لاحق أخذت هذه الضرائب بنسب مختلفة حسب موانئ الوصول، فالبضائع المستوردة من عدن يدفع أصحابها 51% من ثمن البضاعة، وفي الحديدة 03%.
ج ضرائب الأطيان (العشور):
(أ) زكاة أو ضريبة الأرض التي تروى بمياه الأمطار، وتجمع بواقع 01%.
(ب) زكاة الأرض التي تروى بالآبار، بواقع 5%.
زكاة الماشية، وهي لاتدفع عيناً بل نقداً بحسب القواعد التالية:
بقشتان على كل رأس ماعز.
عشر بقشات على كل بقرة.
ريال على كل رأس ابل غير مستخدم في النقل التجاري.
ريالان ونصف على كل رأس ابل مستخدم في النقل التجاري.
ضريبة الرؤوس والنفوس وهي واجبة الدفع على كل مواطن، كماهي واجبة الدفع على كل شخص دخل البلاد .
3% ضريبة خيرية (للفقراء والمدارس وعابري السبيل).
ضريبة النحل وللقات ضريبة خاصة.
وهناك نسبة يقوم المأمور بأخذها لنفسه، وللملحقين به مقابل الخدمات التي يقدمها للدولة، وفي تقدير هذه النسبة مجال واسع للحيف والظلم بطبيعة الحال.
وهناك سلسلة من الإجراءات لجمع زكاة الأراضي والحيوانات والقات وهي أن يقوم بهذه العملية موظفو الدولة (المخمنون) وفي الغالب كان الإمام هو الذي يقوم باختيارهم، ممن يطمئن إليهم، ويعتمد المخمن في تقديره للضريبة (العشور) على مجرد رؤيته للمزرعة، قبل حصاد المنتوج، وبعد ذلك يقدم تقريره إلى الإدارة المالية بتعز (الإدارة المركزية) وهذه تقوم بدورها بإخطار الأهالي بالضرائب المتوجبة عليهم، اما إذا حصل وكانت المالية غير راضية عن تقرير المخمن لأي سبب كان، رفعت الأمر إلى الإمام، الذي يقوم في حالة كهذه بإرسال موظف آخر يدعى «الكاشف» فإذا كان الوقت لايسعفه «الإمام» اتخذ قراره بالضريبة استناداً على احصائيات السنوات العشر الماضية، وهذه العملية تعرف «بالبدل» إلا أن حق الشكوى في تقديرات المخمنين كان مكفولاً للأهالي والإمام هو الذي يعيد النظر في الضريبة، أو يقررها كماهي.
وكثيراً ماكان المواطنون يعجزون عن الدفع، أو حتى يرفضوا تقديرات المخمنين والكاشفين فهي ضرائب، لايحكمها نظام، كما أنها مرهقة بسبب الظلم البين في تقديرها حينها يرسل الإمام جنوده ليحتلوا بيت المواطن العاجز عن الدفع أو الرافض، وينهبوا طعامه، ويناموا على فراشه حتى ولو كان غائباً، وتستمر هذه الحالة حتى يسدد المواطن ماعليه من ضريبة ويسمى ذلك «بالتنافيذ» أما إذا جاء الرفض من إحدى القبائل فإن الإمام يأمر بإرسال قبيلة أخرى لتحل ضيفاً على القبيلة المتمردة على إمام الأمة، حتى تدفع ماعليها من واجبات، وتعرف هذه العملية «بالخطاط» والتنافيذ والخطاط من أساليب العقاب الفردي والجماعي، التي استخدمها الأئمة في اخضاع المواطنين، وتأديب المتمردين، وكانت هذه محل نقد شديد حتى من علماء دين كانوا على علاقة طيبة بالإمام.
ولاشك أن نظاماً ضرائبياً كهذا، لابد أن تكون له آثاره السلبية على المواطنين، فهو نظام يأخذ منهم الكثير، ولايعطيهم شيئاً علاوة على أنه في الأساس نظام مجحف، والأصل في الزكاة أن يراعي فيها حدود الله وتلتزم النصاب وتأثير هذا النظام يظهر بوضوح أكثر على فئات الفلاحين متوسطى وفقراء الحال ممايضطرهم إلى ترك الأرض والهجرة بحثاً عن ظروف أفضل للحياة.
ثم إن هناك إشكالية أخرى هي أن حدود العلاقة بين مال الإمام ومال الدولة غير واضحة، فكل ماهو مال للدولة هو حق للإمام وكانت هذه الضرائب تذهب إلى خزينة الدولة، وكان الإمام وكذلك والده الإمام يحيى يستمتعون بالاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الأموال وخزنها في قصورهم مهما كانت حاجة البلاد إليها ماسة، وهذه حال كانت تحدث كل يوم شعوراً لدى المواطن بالإحباط بل وتدفعه للمقاومة، وقد استثمرت المعارضة هذا الوضع، واستخدمته في الإطاحة بنظام الأئمة فيما بعد.
ه ميزانية الدولة:
لقد استقلت اليمن عام 8191م، لكن وزارة المالية لم تنشأ إلا في عام 8491م في مستهل عهد الإمام أحمد أي أن الأمر قد استغرق ثلاثين عاماً حتى يقتنع الأئمة بإنشاء جهاز يعتبر واحداً من أكثر أجهزة الدولة أهمية، بل هو ركيزة من ركائزها الأساسية.
ومع ذلك ظل هذا الجهاز منذ انشائه وحتى قيام الثورة أشبه بادارة خاصة للأملاك، إن لم يكن كذلك فعلاً وعندما أنشيء هذا الجهاز ترك دون صلاحيات تذكر، أو أن صلاحياته قد حددت في اتجاه واحد، هو جباية الضرائب وحفظ خزاذن الإمام وكان موظفو هذا الجهاز هم من اليمنيين الذين حصلوا على شيء من التدريب المهني المتواضع أثناء الوجود العثماني والذين يفتقدون إلى الخبرة الكافية في أكثر مجالات الاقتصاد حيوية.
كان مقر الحكومة في تعز، لأن الإمام أحمد اختار تعز عاصمة ادارية لدولته، ومقراً لاقامته، وكانت وزارة المالية إذا جاز استخدام هذا التعبير كغيرها من وزارات الحكومة تحتفظ بمقرها المركزي هناك وكان حالها من حال الحكومة، ادارة بسيطة، غير منظمة، بدون أية لوائح أو أنظمة تحكم وتضبط عمل موظفيها ولقد وصفت«كلوديا فايان» الطبيبة الألمانية هذه الوزارة في منتصف الخمسينيات قائلة:«دخلت المالية «وزارة المالية» لاستلام بعض حقوقي المالية، وقد راعني أنني شاهدت الريالات منثورة في كل شبر منها، في أكياس، كل كيس به ألف ريال، وفيه خزانة مليئة بالنقود الأجنبية، وصفائح بترين، وعلب محفوظة، وقطع غيار السيارات لترشيح المياه وقد أخذ أحد الجنود كيساً وفتحه بخنجر، وجلس يعد لي أربعمائة ريال، وكان حولنا نحو مائة جندي يتزاحمون» هذه هي وزارة مالية اليمن، إنها صورة عاكسة لحال الحكومة، وهي نموذج لايختلف قليلاً أو كثيراً عن بقية الوزارات وبهذه الوضعية يمكنننا أيضاً أن نتصور حال ادارات المال في الألوية«المحافظات».
إن الضرائب وموارد الزكاة تشكل المصدر الرئىسي لخزينة الدولة، وفي عام 1691، كانت ايرادات ومصروفات الدولة تقترب في مجملها من ايرادات ومصروفات مدينة عدن بمفردها«61مليون دولار».ميزانية اليمن لسنة 1691م «بملايين الريالات»
- المدخولات
ضرائب«العشور» 01.2
ضرائب الجمارك«4ملايين» منها:
ضرائب الاستيراد 5.2
ضرائب التصدير 1.1
مدخولات أخرى 4.0
الاجمالي: 00.52
- المصروفات
مصروفات الجيش والأمن 9.7 منها:
مصروفات عسكرية 8.3
مصروفات بوليس 1.2
مصروفات عسكرية أخرى 5.2
مصروفات مدنية 1.71
الاجمالي: 0.52
وتشير المعلومات إلى أن موارد الدولة قد تزايدت عاماً بعد آخر، ففي عام 7591م لم تتجاوز هذه الموارد الخمسة عشر مليون ريال وبالعودة إلى الجدول أعلاه فإن هناك ثمانية ملايين ريال تقريباً هي حجم الزيادة في هذه الموارد بين عامي 751691م وفي الأغلب فإن مصدر هذه الزيادة هي زيادة حجم الضرائب المفروضة على الفلاحين، خصوصاً إذا أدركنا أن هذه الفترة هي أكثر فترات عهد الإمام أحمد اضطراباً.
وكانت بعض الصحف قد نشرت أن الإمام أحمد قد قرر أخيراً استثمار خزائن وكنوز والده الإمام يحيى في مجالات التنمية المختلفة ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وبالعكس فإن التهم التي نسبت للإمام، ومن حوله، أنهم كانوا يقومون بنهب أموال الدولة وتهريب عبر عدن إلى الخارج، كلما اضطربت الأحوال، وكان الجبلي وكيل الإمام قد قام بشيء من هذا القبيل عام5591م أي أن الفترة التي أعقبت انقلاب الثلايا مباشرة.
إن انتظام الأحوال المالية يعد مقياساً لمدى التقدم الاقتصادي في البلاد، ويحمل الكثيرون من المعارضة فيقولون أنه خلال العهد العثمان كانت صنعاء تضم ادارة مالية عامة منظمة لها فروعها العديدة في مختلف الأقاليم والألوية، ويتولاها موظف يعد «بالدفتر دار» الذي يتبعه المحاسبون ومدير والمال والصيانة ومأمور والتحصيل والمحصلون.
ولاريب أن اليمنيين كانوا يوزانون بين هذه الحال، وبين ماهو كائن بالمملكة العربية السعودية مثلاً حيث فيها وزارة للمالية ومجلس شورى، أو ماهو قائم في بلد مثل مصر أوالعراق، حيث للسلطة التشريعية سلطاتها على الأموال العامة وماإلى ذلك ومثل هذا النقد لايوجه فقط إلى الإمام يحيى ولكن لخلفه الإمام أحمد، وإن كانت الأوضاع قد تحسنت في عهد قليلاً، لكن شروط التخلف لازالت قائمة حتى قيامة الثورة وأول هذه الشروط هو العقلية السياسية التي حكم بها الإمام أحمد لمدة 41عاماً تقريباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.