فجعت أسرة عقيل صالح أحد أبناء مديرية عتمة بمحافظة ذمار بوفاة نجلها الذي يقع على عاتقه إعالة الأسرة من خلال سيارته التي ينقل بها المسافرين من والى المدينة حينما ذهب لتقديم طعام الفطور للفقيد ومهندس السيارة الذي قام بعملية توظيبها والاشراف على تسليكها ووجد الإثنان في اللاوعي. وكان قايد عقيل صالح البحري أحد أبناء قرية القرنة بني البحري مديرية عتمة قال لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أنه قد استدعى المهندس بغرض توظيب سيارته أمام منزله في القرية.. وبدأ المهندس سنان الضبيبي عملية التوظيب والتسليك الذي لم يبدأ فيها إلا في ساعات متأخرة من الليل، وبعد استكمال عملية التوظيب قررا حينها تسليك السيارة وهي واقفة والاسترخاء من عناء التعب بداخلها وحرصا على تغطية السيارة (صالون 84) بطربال بإحكام حتى يقيا نفسيهما من البرد غير مدركين بأن هروبهما من البرد كالمستجير من الرمضاء بالنار. وروى عضو المجلس المحلي بمديرية عتمة نعمان قايد البحري أن عملية الانقاذ تمت فور معرفة الأهالي بالفاجعة الذين قاموا بإسعاف الضحايا والذي اتضح ان السائق قد فارق الحياة فيما أسعف المهندس الى مركز المديرية لإنقاذ حياته والذي استعاد وعيه بعد تزويده بالاكسجين ولايزال تحت العناية المركزة. وقال البحري : " إن المتوفى كان نائماً في الكرسي الأمامي للسيارة خلف المقود فيما استرخى المهندس في الكرسي الخلفي مما يدلل على أن سبب الوفاة ناتج عن العوادم الناتجة من السيارة خلال عملية الاحتراق في فترة التسليك التي مكثت نحو 10 ساعات وهو ما أكده الطبيب المناوب في مركز المديرية الذي أكد ان انعدام الاكسجين وانبعاث غاز أول أكسيد الكربون وعدم التهوية الجيدة داخل السيارة كان السبب في الحادثة". رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة المهندس محمود محمد شديوه أكد بدوره أن السبب في عملية الاختناق والوفاة هو تسرب العادم الناتج عن الاحتراق غير الكامل خلال فترة التسليك والتي أخذت وقتا طويلا. مشيراً الى أن غازات سامة من عوادم السيارات وعلى رأسها مادة الرصاص وغاز أول أكسيد الكربون الذي قال انه السبب في وفاة سائق السيارة ونجا المهندس منه بأعجوبه نتيجة تزويده بالاكسجين قبل أن يفارق الحياة.. وقال : " أن غازات سامة تنتج عن الاحتراق وتكون سبباً رئيسياً في التلوث البيئي وصحة الانسان حيث تؤثر على الجهاز التنفسي بشكل كبير وتتسبب في الاصابة بمرض السرطان وتؤدي أحياناً الى الموت في حال طالت فترة التعرض للعادم لفترة طويلة وبكمية كبيرة وهو ما حدث في هذه الحالة ، كما ان ذلك يؤثر على الجهاز العصبي".. وأشار الى ان تسرب العادم من تحت السيارة محمل بأول أكسيد الكربون الذي اتحد مع هيموجلوبين الدم ويكون مركباً ثابتاً ويمنع اتحاد الاكسجين مع الهيموجلوبين حينما يتعرض له الشخص، ويحدث الاختناق وحالات الوفاة عندما يكون الشخص يغط في النوم ، وهو ما حدث لسائق المركبة.. وتوقع ان يصاب الناجي بعاهة نتيجة انقطاع الاكسجين لفترة كبيرة عن الدماغ.. ولعل الاغلاق المحكم للسيارة الذي حصر كمية الاكسجين في السيارة استهلكت بسرعة لم تشعرهما بالاختناق الذي لم يبدأ إلا بعد ان سيطر عليهما النوم ليواصل الأول نومه مكرهاً ويدفع الآخر ثمن ما ستخلفه الحادثة في صحته مستقبلاً.. ودعا رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة سائقي المركبات الى ضرورة ضبط المحركات بصورة سليمة وكذلك تجنب التعرض المباشر للعادم واستبدال استخدام البنزين المحتوي على الرصاص بالبنزين الخالي من الرصاص حفاظاً على سلامتهم وصحة البيئة وإن كان أثر الرصاص تراكمياً يأخذ فترة طويلة ليقبض ثمنا باهظاً في نهاية المطاف . ويؤكد الخبراء والمختصون أن الأدخنة التي تنبعث من عوادم السيارات تسبب ضررا كبيرا على البيئة وصحة الإنسان، إذ تعد من "أخطر أنواع التلوث الهوائي لسرعة انتقاله" ، وتمثل خطراً كبيراً على صحة الجهاز التنفسي للإنسان، إذ تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة، والانسداد الرئوي المزمن التي تعد من "الأمراض الرئيسية القاتلة في العالم".. ويشير الاطباء إلى أن هذه العوادم تتسبب في أمراض الرئة والقصبات الهوائية ، حيث تؤدي هذه العوادم إلى الانسداد الرئوي وبالتالي هبوط الأكسجين في الدم، ما يسبب ارتفاعا في الضغط الرئوي، هبوطا في القلب يؤدي إلى الوفاة.. وبحسب خبراء واختصاصيين، يعد التلوث الناجم عن عوادم المركبات من "أخطر أنواع التلوث الهوائي لسرعة انتقاله، وصعوبة التحرز منه لعدم الإحساس به وحاجة الإنسان الفورية إلى الهواء وبكميات كبيرة".. وأشارت دراسات علمية صدرت مؤخراً إلى أن "أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون الناتجين عن احتراق البنزين، يُعدان من أهم مسببات الاحتباس الحراري، الذي يتوقع أن يتسبب بكارثة بيئية بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه وتناقص التواجد الثلجي وسمك الثلوج في القطبين المتجمدين، وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، مما قد يتسبب في الفيضانات والجفاف والموجات حارة.