للبرد وتقلباته تأثيرات جسيمة على الجهاز التنفسي ، إذا لم نتفاده ونقي أنفسنا وأبناءنا منه. وليست المشكلة فقط تسببه بنزلات البرد والزكام ، إنما الخوف من تبعات تحول الحالات المرضية لهذا النمط من الإصابة إلى التهابات شعبية حادة أو رئوية تشكل تهديداً خطيراً وبالأخص على الأطفال دون الخامسة من العمر. التهاب اللوز جزء من الالتهابات العلوية لجهاز التنفس ، وليس بالمشكلة الهينة لما له من تداعيات خطيرة التأثير على مواضع من الجسم كالقلب والمفاصل وكذا لتزايد معاناة الكثيرين منه هذه الأيام بسبب تبدلات الطقس والأجواء. والأمر أدعى إلى الوقوف على هذه المشكلة المرضية الشائكة ، ألا وهي التهاب اللوز ، وفي اللقاء التالي الذي جمعنا بالدكتور جميل عبدالحميد اليوسفي أخصائي أنف وأذن وحنجرة ، بيان للكثير من الحقائق والملابسات التي نجهلها عن التهاب اللوز ، مع توضيح أسبابه وأعراضه وما يلزم للعلاج والوقاية من تدابير ، وعواقب إهمال المرض وما قد يسفر عن ذلك من تدهور وتطور للإصابة. التهاب اللوز الكثيرون يجهلون وظيفة اللوزتين وأهميتها لجسم الإنسان .. فحبذا أن تطلعنا على حقيقة وخفايا هذا الداء ؟ }} اللوز حقيقة جزء من الجهاز اللمفاوي ، مهمتها المحافظة على مقاومة الجسم وزيادة مناعته ، وتتموضعان عند نهاية تجويف الفم من الحلق. هناك ثلاثة أنواع منها موجودة في الحلق (الأنفي الفمي اللساني) غير أنها عرضة للإصابة والتأثير بأسباب الالتهاب ، لاحتكاكها مباشرة بكل ما يمر بالحلق ويدخل إلى البلعوم والحنجرة من أكل وماء وهواء. والتهابها في حقيقة الأمر يصيب أساساً الأطفال بشكل أوسع ، فاللوز بعد سن البلوغ تبدأ بالضمور .. وهذا لا يعني استبعاد إصابة الإنسان بعد سن البلوغ ، إلا أنه يكون أقل شيوعاً وأقل في تأثيره ومضاعفاته في الغالب. أشهر الأسباب هل التهاب اللوز مرض معديٍ .. أم ثمة ظروف وعوامل معينة؟ }} بالتأكيد المرض معد ، وأكثر الأسباب المؤدية باللوز إلى الالتهاب فضلاً عن تلقي العدوى من حامليها المصابين هي : ? وجود بقايا الأكل عالقة في ثنايا اللوز ، ومن ثم تعفنها وتفسخها ، مؤدية إلى التهاب اللوز. ? تأثير اللوز بأمراض أخرى مجاورة ، بكتيرية أو فيروسية أياً كانت كالتهاب الفم والأسنان واللثة والحنجرة. ? انتقال الالتهاب من الأنف ، فيما يسمى بالالتهاب النازل إلى اللوز ، وسببه الإفرازات الأنفية أو النزول كحالة التهاب الجيوب الأنفية ، أو الزكام ونزلة البرد ، وينطبق هذا أيضاً على انسداد الأنف والمجرى التنفسي العلوي لوجود اللحميات الخلفية ، خاصة لدى الأطفال. ? تحسس اللوز من البرودة ، سواء من المشروبات أو المأكولات الباردة أو نتيجة التعرض للهواء البارد. لكن المشكلة في أن البعض أغفل أن أيسر السبل لتخطي المشكلة والتماثل للشفاء يكون بشيء من الرعاية المنزلية والالتزام بالإرشادات الوقائية وقت أن كان المرض طفيفاً في بدايته. الأعراض والتشخيص نظراً للتشابه الكبير في أعراض الالتهابات التنفسية العليا .. كيف بالإمكان تميز الأعراض والعلامات المصاحبة لالتهاب اللوز؟ وعلى ماذا تعتمدون أنتم الأطباء في تشخيص هذا النوع من الأمراض؟ }} ما يحصل على الشك بوجود إصابة في اللوز ، هناك أعراض وعلامات مميزة لهذا النوع من الالتهابات أهمها : ? الشعور بألم في الحلق وقد يمتد الألم إلى الأذنين. ? احتقان في الحلق وصعوبة البلع. ? حمى وشعور بالبرد وألم في المفاصل مع فتور وكسل وإرهاق عام ، وكذا الشعور بالصداع. ? تغير رائحة الفم. وبالنسبة لتشخيص التهاب اللوز فيأتي بالكشف السريري ، فقد يبدو من الواضح لدى مشاهدة تورم اللوز وتقيحها وتغير رائحة الفم وصعوبة البلع وغيرها من الأعراض التي سبق أن شرحتها .. يلي ذلك طلب فحص دم المريض في المختبر الذي نستدل به ونتعرف من خلاله على الأنواع البكتيرية المسببة للمرض ودرجته ، وعلى أساسه نحدد جرعة المضاد الحيوي المناسبة. الالتزام بالإرشادات ما النصائح التي توجهها للمرضى والتي من شأنها أن تساعدهم على الشفاء أو في الحد من زيادة حدة الالتهابات ؟ }} النصائح التي أوجهها لجميع المصابين بالتهاب اللوز .. أن يمتثلوا للممارسات الصحية والغذائية النافعة والمفيدة وأهمها : ? تجنب التعرض للهواء البارد بعد الاغتسال أو عقب المكوث في موضع دافئ أو مكان مغلق. ? تلافي الاحتكاك المباشر بالأشخاص المصابين بالبرد والزكام. ? تناول الأطعمة والسوائل الدافئة والمعتدلة في حرارتها بشكل كافٍ ، لحاجة المريض إلى تدفئة الحلق وإلى الارتواء بالسوائل لتعزيز حركة الدورة الدموية. ? عدم تناول المثلجات والأغذية شديدة البرودة أو المثلجة. ? ضرورة تصفية الحلق قبل النوم وبعد الأكل (الغرغرة) بواسطة أدوية الغرغرة أو بالماء الدافئ مع القليل من الملح. ? الاهتمام اليومي بتنظيف الفم والأسنان بواسطة السواك أو بالفرشاة والمعجون. ? الإكثار من أكل الحمضيات (البرتقال الليمون) لاحتوائها على فيتامين (c) ، وما لهذا الفيتامين من دور كبير في دعم المناعة والمقاومة الجسدية القاهرة للكثير من الأمراض والالتهابات.. فمن رحمة الله بنا أن جعل تواجد الحمضيات في موسم البرد والتغيرات المناخية. ? الراحة المنزلية مهمة جداً إذا عاود الالتهاب ، فهي تعطي فرصة لجهاز المناعة ليقاوم المرض ويحد من تفاقم الإصابة ويعمل على خفض حدتها .. بينما الخروج من المنزل والاحتكاك بالهواء والناس يزيد من مشكلة حدة الالتهاب ويسهم في انتقال العدوى. سرعة الإحالة ما تقييمك للمشكلة لدى إهمال الإصابة بالتهاب اللوز وما تشكله من تداعيات على صحة المرضى ؟ }} تأتينا حالات متأخرة مع الأسف وقد ظهرت وتفاقمت لديها الآثار الجانبية لالتهاب اللوز ، الأمر الذي يستدعي معالجة المضاعفات لفترة أطول.. ولو جاء المريض في البداية لكان الوضع العلاجي أخف وأقصر. من المرضى من يدفعه الحضور إلى الطبيب خوفه من الإصابة بروماتيزم القلب والمضاعفات الأخرى ، وهو أمر وارد ، جيدا أن يدركه الناس، ولكن ليس على سبيل الإطلاق والعموم. فليس كل شخص يصاب بالتهاب اللوز سيصاب بروماتيزم القلب ، إنما الفحوصات وحدها هي من تكشف وتحدد نوع البكتيريا المسؤولة عن هذا التحول والتطور ، وكذلك الأطباء المختصون هم من يحددون ذلك.. وشكوى المريض من آلام المفاصل اثناء التهاب اللوز لا يعني أنه يعاني من (الروماتيزم) ، لكن بقاء هذه الآلام لفترة بعد أخذ العلاج دون أن تنتهي ، مدعاة لمراجعة الطبيب. إهمال العلاج التكالب على شراء الأدوية من الصيدليات من دون وصفة طبية شائع هذه الأيام .. برأيك ما الداعي لاتخاذ الناس هذا المنحنى الخطير ؟ وبم تنصح إذا لزم الأمر للتخفيف من حدة المرض وتسكينه ؟ }} اعتاد البعض على أخذ أدوية مضادة من الصيدلية دون استشارة الطبيب ، مدعين الخبرة في الأدوية أو تحت مبرر مفاده .. دواء فعال سبق تجريبه ، وهنا تكمن المشكلة فقد تكون هذه الأدوية أساساً جرعة ناقصة أو زائدة ، أو أن المريض أخذها مسبقاً ولن يفيد تكرارها مجدداً للقضاء على المرض.. هذه من الأخطاء الشائعة التي ننصح الإخوة الصيادلة أن يتنبهوا لها ، فلا يصرفون الأدوية من دون وصفة طبية (رشدة) ، ولا يحق لهم التدخل بمسألة صرف الأدوية أو المعالجة المباشرة للمرضى ، لأن هذه العشوائية قد لا تعجل الشفاء ويمكن أن تزيد المشكلة تعقيداً ، جاعلة الالتهاب مزمناً تستمر معه شكوى المريض ومعاناته. ولا أنصح عند الشعور من الوهلة الأولى بالتهاب الحلق والألم والحمى أنصح المريض بأكثر من أخذ (البرامول) أو المسكن فقط ، والاستمرار في الأخذ بالنصائح التي ذكرتها ، فإذا لم يطرأ تحسن كان لزاماً عليه مراجعة الطبيب المختص .. فاستشارة الطبيب هنا ضرورية من أجل تقييم الحالة ومعالجتها بما يتناسب وظروفها ووضعها.. وفي حال وجود تحسس في الغشاء المخاطي للجهاز التنفسي العلوي وتعد اللوز جزءاً منه ننصح بأخذ مضاد التحسس وليس المضاد الحيوي .. فالشعور بالاحتقان أحياناً يكون تحسساً وليس التهاباً. جراحة اللوز ألا ترى أن أسلم طريقة للخلاص من الالتهاب هو إستئصال اللوز .. وهل هذا يفيد في كل الأحوال على اختلاف درجات الإصابة؟ }} هناك معايير علمية وطبية يعرفها جيداً الأطباء ذوو الاختصاص ، كعمر المريض وفترات تكرار الالتهاب وشدته ومضاعفاته .. الخ ، وعلى أساسها يقررون ما إذا وجدت ضرورة لاستئصال اللوز جراحياً أم لا.. فالجراحة ليست ضرورية في بعض الأحوال ، إنما الكثير من الحالات تحتاج للعلاج فقط دون الحاجة إلى إجراء عملية استئصال ، إلى جانب تطبيق النصائح السالفة الذكر.. ولا مانع من نصائح وقائية يجب الأخذ والالتزام بها ، أو جهها كما يلي لمرضى التهاب اللوز وأيضاً لغير المرضى :- ? احذر تناول البارد من الطعام أو الماء أو الشراب ، بل عليك بالدافئ والمعتدل. ? لا تخرج في الليل إلى الهواء الطلق بشكل مفاجئ ولا بد أن تغطي جسمك جيداً عند الخروج.. ولا تدع أجزاء من جسمك مكشوفة ، حيث برودة الأرض ليلاً تزداد. ? ركز على الأطعمة والمشروبات ذات المردود الغذائي الجيد فالطعام الجيد سبيل لصحة جيدة ومناعة قوية مثمرة ، واللوز جزء من جسم الإنسان تتأثر بالمؤثرات الخارجية كسائر أجزاء الجسم الحساسة الأخرى.. إلى ذلك التدخين والقات وسيلتان .. تزداد معهما حدة الإصابة وتفاقم المشكلة، وعلى المرضى ماضغي القات والمدخنين التخلي والانقطاع عن هاتين العادتين فهذا أسلم لصحتهم في كل الأحوال. ? إذا اضطررت للسفر ليلاً لا تمكث أمام الوافذ ، ولا تجعل البرودة تلفح جسمك مهما كان إحساسك بها جيداً وممتعاً ، حتى لا تظهر عليك أعراض نزلة البرد لاحقاً. ? لا يكفي استخدام المناديل الورقية عند الإحساس بالزكام أو ضربة البرد ، ولا بد من الإكثار من غسل الأنف بالماء (الاستنشاق والاستنفار بالماء). ? تطهير الفم والأسنان والحلق من الأشياء المأكولة وبقايا الغذاء العالق مهم للقضاء على مسببات الالتهاب.