غداً ينعقد المؤتمر العلمي الطبى الخاص بأمراض القلب، والذي تنظمه بالمكلا مؤسسة الصندوق الخيري للمتفوقين بمحافظة حضرموت، برعاية المهندس عبد الله أحمد بقشان وتحت شعار «الجديد في تشخيص وعلاج قصور عضلة القلب» على خطى التحضير والإعداد لمؤتمر علمي دولي لأمراض القلب سيعقد في عاصمة المحافظة في نوفمبر العام الجاري.. د. رفعت باصريح، المشرف العام للمؤتمر، يقول عن أهداف المؤتمر وأسباب انعقاده، معززاً أجوبته على أسئلتنا بأرقام دقيقة وحقائق وإحصائيات، حول أعداد ضحايا أمراض القلب على مستوى العالم. - إن قلب الإنسان هو ذلك العضو العضلي المعجز والذي ينبض باستمرار وانتظام كي يمد كل الجسد بالدم المحمل بالغذاء والأكسجين لكل أعضاء الجسم كي تقوم بكل الوظائف الحيوية بكفاءة، ومن ثم كانت المحافظة على القلب ووقايته من الأمراض هي في حقيقة الأمر محافظة على الجسم كله. وصدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام القائل: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».. إنّ اختيار موضوع قصور عضلة القلب شعاراً لمؤتمرنا الأول سببه تزايد معدل المرضى المصابين بقصور عضلة القلب على نحو مخيف ومرعب، فحرصنا على أن يكون أول مؤتمر يعقد بهذا الشأشن تحت شعار «الجديد في تشخيص وعلاج قصور عضلة القلب» لإعطاء معلومات جديدة في التشخيص والعلاج من المرض، ولمعرفة خطورته ومدى وكيفية الوقاية منه. أزمة عالمية وعن طبيعة هذا المرض؟ وأسباب ارتفاع معدلات وفياته؟يقول: إن قصور القلب يكون غالباً حالة مرضية مزمنة، بالرغم أنه من الممكن أن يحدث فجأة في بعض الأحيان، هذه الحالة المرضية من الممكن أن تؤثر على الشق الأيسر أو الشق الأيمن من القلب أو الشقين معاً.. ومن الملاحظ أن معدل الوفيات في اليمن في حالة تزايد مطردة بسبب الأمراض القلبية والسرطان وداء السكري، وذلك لأسباب متعددة منها اتباع أنماط غذائية غير صحية فضلاً عن الخمول البدني وانتشار التدخين، إذ تشير دراسات عالمية إلى أن نسبة الوفيات بسبب أمراض القلب تفوق بكثير مسببات الوفاة الأخرى، لذلك فإن أمراض القلب والأوعية الدموية لوحدها مسئولة حالياً عن أكثر الوفيات في العالم، ودون أية مبالغة أو تهويل تشهد البشرية اليوم «أزمة» عالمية في صحة القلب أعظم من الأزمة المالية.. وتصنيف مشكلة أمراض القلب ب «الأزمة» مبني على أمرين مهمين وهما: أن أمراض القلب هي السبب الأول للوفيات في كافة أرجاء العالم، وأن 80 في المائة من إصابات أمراض القلب يمكن الوقاية منها. الحقائق العشر حول التهديد العالمي للأمراض ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانها العام حول «الحقائق العشر حول التهديد العالمي للأمراض»، وقالت المنظمة في مطلع تقريرها: إن جمع ومقارنة المعلومات الصحية المتدفقة من مناطق العالم، هو أفضل طريقة للتعرف على المشاكل الصحية واتجاهاتها، مما يُساعد صانعي القرار على وضع الأولويات.. والدراسة الحديثة موضوع التقرير تصف الحالة الصحية العالمية عبر قياس «همّ وعبء واستنزاف» أمراض معينة من بين جميع أسباب الوفيات في كل أنحاء العالم.. وأعطت الدراسة تفاصيل عن الأسباب الرئيسة للوفيات على المستوى العالمي، وذلك من بين أكثر من مائة وثلاثين مرضاً.. وأظهر التقرير أن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الأول للوفيات، بين الذكور وبين الإناث، على المستوى العالمي. وللأسف الشديد فإننا لا نمتلك سجلاً وطنياً للأمراض القلبية عموماً والوراثية والخلقية خصوصاً، يرصد التشوهات والتكوينات الخلقية غير الطبيعية والمتلازمات الخلقية بهدف التخطيط الوقائي وتقديم الخدمات الصحية الملائمة. تصحيح اهتمام الناس بصحة قلوبهم ما طبيعة التحديات التي يواجهها القطاع الطبي في التصدي لأسباب هذا المرض؟ يواجه القطاع الطبي تحدياً كبيراً بعد أن برزت الأمراض غير السارية «القلب والسكري وضغط الدم والسرطان» كمشكلة صحية وفق الطروانة الذي أوضح أن انتشار عوامل خطورة هذه الأمراض كالسمنة والكوليسترول والدهنيات في ارتفاع نتيجة الزيادة في استهلاك السكريات والدهنيات والزيوت. وتعتبر الهيئات الصحية في العديد من دول العالم شهر فبراير «شهر القلب»، والأمر ليس ذا علاقة مباشرة ب«فالنتاين»، والممارسات المصطنعة خلاله للاهتمام بقلوب الغير، بل هو مناسبة سنوية لتصحيح اهتمام الناس بصحة قلوبهم وقلوب غيرهم، عبر إدراك تأثيرات أمراض القلب على المجتمعات البشرية، ووسائل الوقاية منها، وعلامات إصابة المرء بها، وكيفية معالجتها ومتابعة نتائج ذلك. الإعداد لمؤتمر دولي في المكلا ما الذي حال دون تنظيمك للمؤتمر العلمي في شهر فبراير الماضي؟ نحن بالفعل كنا نعد للمؤتمر في شهر فبراير ولظروف إعدادية وحتى لا يربط موعد مؤتمرنا هذا بفالنتاين فضلنا عقده في التاسع عشر من مارس الجاري، ويهدف هذا المؤتمر إلى الإعداد والتحضير لمؤتمر القلب الدولي المنعقد بالمكلا في شهر نوفمبر 2009م, وتهيئة الظروف العلمية والتنظيمية للمؤتمر الدولي القادم. وترصد منظمة الصحة العالمية، من عام لآخر، تعداداً تقريبياً للوفيات العالمية، وأسباب حصولها.. وضمن معلومات إصداراتها حول هذا الأمر، والتي تمت مراجعتها في عام 2008، يبلغ حجم الوفيات العالمية حوالي 58 مليون شخص في العام الواحد. ضعف أعداد ضحايا السرطان وتتسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة حوالي الثلاثين في المائة من جميع أسباب الوفيات، بين الذكور والإناث، وفي كافة الأعمار، وفي كل دول العالم مجتمعة، أي أننا نتحدث عن رقم وفيات سنوي يبلغ حجمه الفعلي حوالي ثمانية عشر مليون إنسان.. وتشمل هذه الأمراض خمسة عناصر رئيسة، وهي: أمراض شرايين القلب، وأمراض شرايين الدماغ، والأمراض الروماتيزمية لصمامات القلب، وأمراض القلب الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم، والتهابات القلب.. وللمقارنة فإن أعداد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية هي ضعف أعداد الوفيات الناجمة عن أمراض السرطان، بكافة أنواعه وفي أي مكان بالجسم.. وللمقارنة أيضاً الوفيات الناجمة عن أمراض جهاز القلب والأوعية الدموية هي خمسة أضعاف عدد الوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز التنفسي، وعشرة أضعاف الوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز الهضمي، وخمسة عشر ضعف الوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز البولي، وخمسة عشر ضعف عدد الوفيات الناجمة عن قتل البشر في الجرائم المدنية وفي الحروب الأهلية أو فيما بين الدول، وهي أيضاً خمسة عشر ضعف عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير.. وإذا كانت مقاصد المجتمعات البشرية هي البحث عن «أفضل طريقة لحماية أرواح الناس من الإزهاق»، وتباينت وسائلهم لتحقيق ذلك، فإن هذه الأرقام العالمية تقول لنا بصراحة إن بذل الجهود وتوفير الدعم المادي والبشري واللوجيستي لها في حماية صحة قلوب الناس هو أحد أفضل الطرق لتقليل عدد الوفيات العالمي. عبء على الاقتصاد وضغط على أنظمة الرعاية الصحية ما هي الحلول الناجعة للحد من المخاطر المترتبة على تزايد أعداد المصابين بمرض القلب؟ مع حلول يوم الصحة العالمي في الثامن والعشرين من سبتمبر العام الجاري، تتكاتف الجهود الرامية إلى مواجهة التحديات التي تفرضها الأمراض القلبية في المنطقة، والتي يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على أعداد كبيرة من السكان، بما يجعل توفير أنظمة الوقاية والعلاج أولوية قصوى وملحة في المرحلة الراهنة، وعليه يجب اتخاذ التدابير اللازمة للحد من المخاطر المترتبة لتزايد أعداد مرضى القلب والتي يمكن أن يؤدي إهمالها إلى ترك آثار سلبية كبيرة ستشكل عبئاً اقتصادياً هائلاً وضغطاً على أنظمة الرعاية الصحية في اليمن، ولذلك لا بد من نشر الوعي بأهمية اتباع أنماط حياة صحية، إضافة إلى إطلاق البرامج الوقائية للكشف المبكر عن هذه الأمراض، مع ضرورة أخذ العديد من العوامل والمتغيرات التي تشهدها المنطقة بعين الاعتبار، منها أن خمسة في المائة من التعداد السكاني في الشرق الأوسط قد تجاوزت سن الستين وهي السن التي تزيد معها أمراض القلب، في حين تبلغ نسبة هذه الفئة في أمريكا وأوروبا الغربية سبعة عشر في المائة من عدد السكان. عيوب خلقية واعتلال عضلة القلب ما أسباب الإصابة بمرض قصور القلب، وأعراضه المختلفة؟ ضيق الشرايين الناقلة للدم إلى عضلة القلب (مرض الشريان التاجي).. واحتشاء عضلة القلب مع ندب الأنسجة التي تعيق العمل المعتاد لعضلة القلب وارتفاع ضغط الدم.. وأمراض صمامات القلب نتيجة للحمى الرثوية سابقة أو نتيجة لأسباب أخرى.. والأمراض الرئيسة التي تصيب عضلة القلب ذاتها (اعتلال عضلة القلب).. وعيوب خلقية بالقلب منذ الولادة (أمراض خلقية).. والتهاب صمامات القلب أو عضلة القلب ذاتها (غشاء القلب أو التهاب عضلة القلب).. وأعراض قصور القلب قد يشكو من بعضها المريض وهي: تعب عام أكثر من المعتاد، لهاث وضيق نفس أثناء الجهد، ضيق الصدر أو النفس أثناء الاستلقاء بشكل أفقي، انتفاخ القدمين والكاحلين، زيادة الحاجة للاستيقاظ والتبول ليلاً، الشعور بأن القلب يخفق أسرع من المعتاد أو بشكل غير منتظم. قصور القلب الانبساطي ما هي وسائل تشخيص قصور عضلة القلب؟ إن تشخيص قصور القلب يعتمد على القصة المرضية والفحص السريري للمريض، إذ لابد من التأكد من وجود أي مرض عضوي في القلب أدى إلى حدوث قصور القلب.. كما تعطي أشعة الصدر فكرة هامة عن شدة المرض ووجود تضخم في القلب، ويظهر تخطيط القلب الكهربائي وجود أية جلطة في القلب أو اضطراب في نظمه وضرباته. ومن أهم الفحوصات التي تساعد في التشخيص: تصوير القلب بالأشعة الصدوية (الإيكو)، وهو إجراء مهم جداً يتم من خلاله رصد حركة جدران القلب وتشخيص وجود جلطة في القلب أو خلل في صماماته أو تسمك في عضلة القلب وغير ذلك.. ويستطيع فحص “الإيكو” كشف حالات من قصور القلب يكون فيها انقباض عضلة القلب طبيعياً تماماً، إلا أن الخلل يقع في عدم قدرة العضلة القلبية على الانبساط، وهذا ما نطلق عليه اسم «قصور القلب الانبساطي»، وهو مفهوم حديث نسبياً يفسر لماذا يشكو هؤلاء المرضى من ضيق النفس والأعراض الأخرى لقصور القلب رغم أن تقلص (انقباض) القلب عندهم سليم تماماً!. وهناك فحوص دم مهمة أيضاً مثل خضاب الدم، والسكر، والكولسترول، ومعايرة هرمون الغدة الدرقية، وغيرها.. وهناك اختبار للدم يدعى البيبتيد المخي المدر للصوديوم ( BNP) يؤكد وجود قصور في القلب. طرق العلاج كيف يمكن علاج قصور القلب؟ يمكن التخفيف دوماً من أعراض المرضى المصابين بقصور القلب وذلك بإحداث تغييرات في نظام حياتهم وبإعطاء الأدوية التي يختارها الطبيب للعلاج والأكثر ملاءمة لحالة المريض.. ومنها مدرات البول, لطرح السوائل الزائدة المسئولة عن تنفخ القدمين والكاحلين، كما يؤدي ذلك إلى تحسن التنفس، الموسعات الوعائية, لتحسين دوران الدم بشكل أسهل، مما يخفف من عمل القلب. تحسين نتاج المضخة القلبية, باستخدام: مثبطات الإنزيم المحول للانجيوتنسين, مضادات مستقبلات الانجيوتنسين, محفزات القدرة الانقباضية لعضلة القلب, ومثبطات مستقبلات البيتا الأدرينالين. الأدوية المنظمة لاضطراب نظم النبض القلبي، للوقاية من اضطرابات نظم القلب أو عدم انتظام ضربات القلب. يحتاج المريض إلى تناول واحد أو أكثر من هذه الأدوية كما يمكن أن يصف الطبيب أدوية تمنع تخثر الدم داخل الأوعية. زراعة القلب هل هنالك أمل جديد لمرضى قصور القلب؟ بالتأكيد وذلك عن طريق: استخلاص خلايا جذعية من نخاع عظام المرضى المصابين بقصور القلب ثم زرعها في الجزء التالف من عضلة القلب، ووجد أن المرضى الذين تلقوا هذا العلاج أصبحت عضلة القلب عندهم تؤدي وظيفتها بصورة طبيعية للغاية، ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة طفرات مذهلة في علاج أمراض القلب، من خلال خلق صمامات قلب من الخلايا الجذعية، ستخضع للتجربة. وحول بعض الحالات التي لا تتحسن رغم تناول كل الأدوية المعروفة، قد يفيد فيها تركيب «بطارية» في القلب تقوم بإحداث تناغم وانسجام في تقلص البطينين الأيسر والأيمن.. ولا بد من توفر شروط خاصة عند المريض، إذ إن حوالي الثلاثين في المائة من المرضى الذين تغرس عندهم هذه البطارية لا يستفيدون من هذا الإجراء، إضافة إلى أنها مكلفة الثمن، وتزرع هذه البطارية عادة في غرفة القسطرة القلبية في أعلى الصدر تحت عظم الترقوة.. ويدخل سلك البطارية عبر الوريد إلى البطين الأيمن وسلك آخر إلى الجدار الجانبي من البطين الأيسر تحت مراقبة جهاز الأشعة، ويغلق الجرح فوق البطارية بعد التأكد من أنها تعمل بشكل صحيح، وينبغي إجراء فحص دوري لبطارية القلب بانتظام للتأكد من سلامتها وإعادة برمجتها حسب الحاجة. إن من أهم وأفضل العلاجات الجراحية هي زراعة القلب، حيث إن فترة الحياة المتوقعة لهؤلاء المرضى أكثر من خمسين في المائة خلال عشر سنوات، أما بقية العلاجات الجراحية، مثل أجهزة دعم عضلة القلب وأجهزة القلب الصناعي فهذه كلها ما زالت لم تظهر جدوى ثابتة وواضحة..