ينعكس سقام الأم الشابة على صحتها وصحة أطفالها، حيث تزداد فرص إنجابها لأطفال خدج وبوزن ناقص، فإذا ما أنجبت المرأة في سن السابعة عشرة فإن احتمال وفاة طفلها خلال السنة الأولى من العمر تزيد بنسبة 60 % عن احتمال وفاة طفل لامرأة في العشرين أو أكثر. وتزداد مخاطر وفاة الطفل في السنوات الخمس الأولى من العمر كلّما كان الحمل متقارباً، أي كلّما كانت الفترة بين الولادة والتالية أقل من سنتين فإذا وضعت أم في الثامنة عشرة طفلاً بعد فترة تقل عن سنتين من ولادتها السابقة فإن احتمال وفاة هذا الطفل ستكون أكبر بنسبة 30 % من احتمال وفاة طفل لأم يتراوح عمرها بين الثامنة عشرة والرابعة والثلاثين. وعلاوة على ذلك فإن عدم النضج العاطفي للأم الشابة ونقص التعليم وزيادة عبء العمل الملقى على كاهلها لا يتيح لها وقتاً كافياً للعناية بأطفالها كما يجب. دوامة الفقر المخاطر التي تواجه النساء الشابات في البلدان النامية تتزايد نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية واعتلال الصحة وعدم القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي والنتيجة هي تركة ثقيلة الظل تتمثل في اعتلال الصحة وفقدان احترام الذات والعيش وسط دوامة الفقر. الشباب ليسوا جزءاً من المشكلة بقدر ما هم جزء من الحل، فالشبان وبخاصة الفتيات ممن يتمتعن بالأمل والثقة بالنفس سيكونون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات مصيرية من شأنها تخفيف عبء الفقر والضغوط السكانية والبيئية، إن دائرة الفقر التي تحاصر الفتاة الشابة يجب أن تستبدل بدائرة من الفرص قوامها تسليحها بالمعرفة وبالمهارات وتوفير الحماية القانونية لها وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة لها وزيادة فرص حصولها على العمل. ترويج التعليم والمهارات الوظيفية حيث أن التعليم يمنح الفتاة فرصة الاختيار ويعزز ثقتها بنفسها ويحسّن من مكانتها في نظر زوجها وأسرتها ومجتمعها فالفتيات المتعلمات وبخاصة اللواتي في المرحلة الثانوية تتوافر لهن فرص عمل أكبر وتزداد قدرتهن على اتخاذ القرار، كما يزداد وعيهن حول أنفسهن ومجتمعاتهن ويرجح أن يكن أكثر قدرة على اتباع وسائل تنظيم الأسرة فعلى سبيل المثال تنجب الفتيات المتزوجات ممن أكملن مرحلة الدراسة الابتدائية نصف عدد الأطفال الذين تنجبهم شابة غير متعلمة. إن مسؤولية إبقاء الفتيات في المدارس هي في المقام الأول مسؤولية الأبوين، ونظراً لأن الآباء والأمهات لا يدركون في أغلب الأوقات أهمية تعليم الفتيات ولعدم الاستقرار المالي فإنهم بحاجة إلى تثقيف وتوعية وتشجيع، وتستطيع المجتمعات أيضاً أن تروج لتعليم الفتيات باعتباره ضروريا ومقبولاً ثقافياً ومفيداً من الناحية الاقتصادية وأساسياً لنمو الفتيات وتطورهن، ويمكن توعية المعلمين والمعلمات بأهمية تهيئة الظروف المدرسية المناسبة لتلبية احتياجات الفتيات، وعلاوة على التعليم الابتدائي والثانوي تحتاج الفتيات والنساء الشابات إلى تدريب مهني وإلى التزود بمهارات عملية. تنفيذ برامج تعليمية حول صحة الإنجاب وخلافاً للاعتقادات الخاطئة والشائعة، فقد دلت دراسات كثيرة على أن برامج التعليم الجنسي لا تؤدي إلى زيادة النشاط الجنسي بين المراهقين بل تبين أن لها أثراً إيجابياً يتمثل في ميل الشبان والشابات إلى تأخير الجماع وتجنب الأحمال غير المرغوب فيها وحماية أنفسهم من الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ولكن إذا ما أريد للشبان والشابات أن يتخذوا قرارات واعية ومدروسة حول الأمور المتعلقة بالجنس والإنجاب فلا بد من تثقيفهم وتوعيتهم في بيئة أكثر تفاعلاً وأقل ميلاً للإسراف في إلقاء المواعظ. دعم عيادات تنظيم الأسرة وبرامج توفير الخدمة الصحية إلى كافة المستفيدين أينما كانوا بما يهيئ وسيلة فاعلة وكلفة معقولة لبلوغ الشبان والشابات في كل مكان وبخاصة أولئك الذين ظلوا خارج المدرسة والذين يقطنون المناطق النائية والعاملين في المصانع أو الذين يعيشون على قوارع الطرقات. أن كثيراً من البرامج الناجحة تعتمد على الدعم القيم لشبكة العائلات والمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والموارد الحكومية إضافة إلى المشاركة الفاعلة للشبان أنفسهم. إن البرامج الأكثر فاعلية هي تلك التي تقدم معلومات صريحة وواضحة إلى الشبان إضافة إلى الدعم والمشورة لكن الخبرات والتجارب دلت على أن المعلومات والخدمات ليست كافية فالشبان والشابات بحاجة إلى تعلم واكتساب المهارات الحياتية أيضاً والفتيات بشكل خاص يتطلعن إلى تحقيق الذات وتعلم مهارات التفاوض كما يحتاج الشبان إلى أن يعرفوا ماهية احتياجات شريكاتهم (الفتيات) والتأكيد على المسؤولية المشتركة حيال الممارسات الجنسية والأمور الأخرى كالأبوة والأمومة وصحة الأسرة. اشتراك الشبان والشابات في وضع البرامج وتنفيذها: لا يستطيع أحد أن يفهم مشكلة الشبان والشابات كما يفهمونها هم أنفسهم، وقليل من الراشدين يستطيعون تقمص ذلك الدور، إن البرامج التي تعتمد على مواهب الشبان والشابات ومبادراتهم تفيد من مساهماتهم وتساعدهم على الشعور بقيمتهم وأهميتهم وتعزز ثقتهم بأنفسهم. إن إشراك الشبان والشابات في جهود تنظيم الأسرة ومبادرات التثقيف الصحي من خلال تعليم الأقران الذي يعلم فيه الأطفال زملاءهم الآخرين لهو على قد كبير من الأهمية يستطيع الأطفال الذين يهتمون بقدر من العلم والمعرفة حول صحة المراهقين بالدرجة الأولى تهيئة بيئة ملائمة للنقاش والنشاط وقد أثبت هذا النوع من التعليم فعالياته في التأثير على سلوك الشبان والشابات. لذا يترتب على الحكومات سن التشريعات وتفعيل القوانين المعمول بها لرفع سن الزواج والرشد وجعل التعليم المدرسي وتعلم المهارات الوظيفية إلزامياً وبخاصة للشبان والشابات ونشر المعلومات المتعلقة بتنظيم الأسرة وخدماتها وإزالة الحواجز التقليدية التي تحول دون تعلم المرأة وتدريبها على المهارات الأساسية والمصادقة على الاتفاقيات الدولية واحترامها وترويج حقوق الأطفال والنساء. ويترتب على المنظمات غير الحكومية حشد دعم وسائل الإعلام والأسر والشبيبة وعلماء الدين والكوادر الصحية والمنظمات الدولية والحكومية لتشكيل تحالفات عريضة من أجل إحداث التغيير المنشود. إنجاز الكثير على صعيد السياسات: على المستوى الدولي صادق أكثر من 160 بلداً على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989م، ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية عام 1979م حول إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة والأهداف التي تضمنتها استراتيجيات نيروبي في عام 1985م لتحسين مكانة المرأة والأهداف السبعة والعشرين التي أقرها مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل سنة 1990م قد ركزت الاهتمام على الحاجة إلى المساواة بين الجنسين وتزويد الفتيات بالمعرفة والمهارات اللازمة وعلى حق الفتيات المراهقات في تلقي المعلومات الملائمة حول الصحة والإنجاب. وعلى المستوى الإقليمي وضعت منظمات إقليمية مثل اتحاد جنوب آسيا للتعاون الإقليمي برامج استهدفت تأخير عمر الفتيات عند الزواج وتزويدهن بخدمات الرعاية الصحية والخدمات الأخرى، وقد تبنت شعوب أفريقيا أثناء اجتماعات مؤتمر الوحدة الأفريقية في عام 1990م الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورعايته الذي يركز بشكل خاص على الفتيات. إن عدة بلدان بمن فيها بنغلادش وتونس قد رفعت العمر القانوني عند الزواج بينما جعلت بلدان أخرى مثل تنزانيا التعليم الابتدائي إلزامياً مع التأكيد على ضرورة التحاق الفتيات بالمدرسة وقد تم تطوير عيادات خاصة لتنظيم الأسرة من قبل اتحادات تنظيم الأسرة في عدة بلدان مثل بوركينا فاسو وأندونيسيا. لم يكن الوقت مواتيا في أي وقت مضى للقيام بجهد جماعي ومتضافر لوضع مبادرات خاصة عن الزواج المبكر والحمل أكثر مما هو الآن وقد وخلق المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المنعقد لعام 1994م والمؤتمر الدولي الرابع عن المرأة والذي عقد في عام 1995م حماساً وزخماً كبيرين تمثلا في إعلان مبادرات عن الاحتياجات التنموية للشبان والشابات وتحتل مشكلات الحمل المبكر والأمومة المبكرة مكانة متقدمة على جدولي أعمال هذين المؤتمرين. إن شباب وشابات اليوم هم آباء وأمهات المستقبل وقادته لذا فإن مساهماتهم ستقرر شكل العالم في القرن الحادي والعشرين وإن الاستثمار في رفاه المراهقين هو استثمار في مستقبل الأمة. حق الشباب بالصحة الإنجابية والجنسية: لقد أوضح المؤتمر العالمي للسكان والتنمية عام 1994م أن الصحة الإنجابية والجنسية هي حق وقد نتج عن هذا المؤتمر خطة عمل أقرتها 178 دولة، وارتكزت على أن مفهوم حماية وتفعيل حقوق الإنسان يجب أن يكون المبدأ الأساسي للسياسات السكانية والتنموية. ولعل أهم الإضافات التي أدخلها مؤتمر السكان والتنمية هي مفاهيم جديدة مازالت موضوع جدل في كثير من المناطق مثل الحقوق، الإنصاف، التمكين، تأكيد الذات والمسؤولية في العلاقات الشخصية وليس فقط الاحتياجات والخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية. وقد تم التركيز على هذه المواضيع بشكل خاص للمراهقين (في الفقرات 41 – 42 – 44 – 45) من الفصل السابع، كما تم الاعتراف بالعواقب السلبية للنقص في التعليم والمعرفة، والتبعية الاقتصادية والاستغلال الجنسي والنسبة المرتفعة من الحمل غير المرغوب فيه وانعكاساته على معدل المراضة والوفيات. كذلك تم الإقرار بالضغوطات التي قد يواجهها المراهقون لممارسة النشاط الجنسي في عمر مبكر مع ما ينتج من ذلك من ارتفاع خطر في انتقال الأمراض المنقولة جنسياً بما فيها الإيدز. ممثل منظمة ماري ستوس الدولية - اليمن