فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    ظلام دامس يلف وادي حضرموت: خروج توربين بترومسيلة للصيانة    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجحملية.. عجينة وطن وحگاية شجن
نشر في الجمهورية يوم 04 - 04 - 2009

قبل أن يتغنى بها الفنان الكبير فرسان خليفة «ياطالعين صالة والجحملية..» وتستهوي عشرات الرموز الفنية والعلمية والسياسية والوطنية فقد استهوت يوماً ما ولي عهد المملكة المتوكلية وجعلها عاصمة لحكمه، لهذا ولأسباب أخرى أضفت على هذه الحارة الكبيرة خصوصية فريدة وشهرة واسعة على أرجاء الوطن.. فمن يسمع عن الجحملية إلى ماقبل عقد ونصف تتبادر إلى ذهنه الفتونة كما يتبادر إلى الأذهان أيضاً خصوصية العمارة واللهجة وثراء وتميز وتفرد الأكلات والحلويات الشعبية.. كل ذلك وغيره الكثير يكشفه هذا الاستطلاع لكل ما يُستفز معرفته عن أشهر حارة في اليمن.. فتعالوا معنا..
التركيب الاجتماعي
الزائر المتجول بين شوارع وحواري الجحملية أو بالأخص «حارة المطبعة وما فوقها» يخيل إليه أنه يمر على أزقة عديد مدن يمنيه بدءاً من صنعاء القديمة ...إلخ لا بسبب منازل الطوب أو الياجور فحسب، بل اللهجات الصنعانية والذمارية والتعزية والإبية وكذلك الملابس والعمائم والفوط والقمصان والأكلات الشعبية المتوارثة التي سنأتي على ذكرها، أما إذا تناولنا الحديث مثلاً عن الطابع المعماري فيمكن القول إن الدولة الإمامية كان لديها ما يشبه اليوم «وزارة الأشغال» وكان والد الدكتور الروضي هو المعني والمكلف ببناء منازل متفاوتة الحجم والمساحة والأبهة باختلاف وتدرج مناصب أصحابها من قضاة ومسئولين وضباط و..و... وكذلك أفراد الأسرة الحاكمة، ولاتزال معظم تلك المنازل إلى اليوم متماسكة البنيان، غناءة البستان، عصية أخشابها على الديدان «الأرضة» تحمل نكهة التراث الجميل وطابع العمارة اليمنية المتفردة الذي تفتقره كثير من المباني والفلل الحديثة، غير أن ما يحز في النفس هي تلك الطوابق العلوية المستحدثة مؤخراً بالأسمنت والبلوك المقرف ومثل هذا ما لاحظته الحكومة ممثلة بالثقافة والسياحة وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية من خلال منع مثل هذا الاستحداث المشوه لمدن صنعاء القديمة وشبام وزبيد مؤخراً.
سر الخصوصية
لعل ضرورات واحتياطات ما انتهجتها السياسة الإمامية في تعز أيام الإمام أحمد عندما جعل أسفل الجحملية «العرضي» مقراً وعاصمة لحكم البلاد، ولأن معظم أعوانه وقضاته ومسئوليه وضباطه قدموا معه إلى الجحملية فقد كان عليهم نقل ثقافة العمران واللباس واللهجات والطباع وصب ذلك في قالب مكاني حول المرافق الإمامية وخاصة من الأعلى هي حارة الجحملية إضافة إلى خصوصية الملبس والعمارة والفتونة تأتي أهمية خصوصية اللهجة الجحملاوية الشديدة أو «المشحوطة» كما يقال وليست الشدة أو «الشحطة» هي سر الخصوصية، بل الوضوح في مخارج الحروف فالألفاظ وإن كانت صنعانية أو ذمارية إلا أن ذوبان ألسنتها بين الألسن التعزية من صبر وشرعب والحجرية وإب أدى إلى امتزاج تلك اللهجات فغدت سلسة.
مرجعية الماء والأرض
تعتلي حارة الجحملية بل ومدينة تعز بأسرها قرية ثعبات الغنية بينابيع المياه العذبة ومختلف الثمار والفواكه الموزعة على الحقول الخصبة والبساتين التي استمالت رجال الدولة الرسولية ومن بعدهم جاء الأتراك العثمانيون واستفادوا من مياه قرية ثعبات وصالة وتلك الساقية النابعة من جبل صبر من جهة نقيل «الحقر» ومازالت ريعها يروي المدينة القديمة وجامعي الأشرفية والمظفر وباقي الجوامع الأثرية.
ويمكن الجزم أن قرية ثعبات بمياهها العذبة قد فرشت أمامها وفي طريقها نحو الأسفل ودياناً وحقولاً زراعية خصبة التف حولها أعيان القوم إما من ملاك الأراضي الأصليين من أبناء ثعبات وجبل صبر أو ممن حصلوا على مساحات شاسعة إبان الحكم العثماني، واستمرت ملكيتهم وتعززت في ظل الحكم الإمامي الذي كان بحاجة إلى أمثالهم من الطبقة المتعلمة لتسير أمور المملكة هذه التي رأت في أسفل حارة الجحملية مكاناً مناسباً للحكم، كون رجال الدولة موزعين في الأعلى تدريجياً وصولاً إلى أسفل «ثعبات» وقصر صالة، ولربما كان ذلك بسبب اعتدال المناخ ووفرة المياه الواصلة من ثعبات إضافة إلى إمكانية السيطرة على باقي المدينة من الأسفل وقد تكون هناك أسباب أخرى.
الزخارف والنجمة السداسية
وأنا لا أقصد مختلف الزخارف الإسلامية المتوارثة كالهندسية والنباتية و...الخ بل تلك النجمة السداسية التي نحتتها أنامل الحاج محمد سعيد ثعبات وغيره بلا وعي لدلالتها فقد التقيته ذات مرة وأجاب بأنه تعلم نحت القمريات على يد آخر اليهود الذين غادروا حارة «المغربة» بتعز مع ذلك البساط الطائر في 1984م وإلى اليوم مازالت النجمة السداسية تتشبث متماسكة بقمريات معظم دور الجحملية.
المعالم
بعد قيام ثورة ال«62» من سبتمبر وتلاشي حكم وذكر الإمامة البائدة لم تزل حارة الجحملية تشكل موقعاً استراتيجياً يستكنه الأرض والإنسان، فكبار موظفي الدولة سواءً ممن خلعوا عباءة الملكية أو ممن ثاروا عليها توزعوا على الدور التي تحولت ملكيتها للجمهورية مع احتواء تلك المرحلة وما بعدها بسنين على مشاكل ملكية تلك المنازل والتنازع على أحقيتها فيما بينهم من جهة ومع أملاك وأوقاف الدولة من جهة أخرى.. ومايهمنا في هذا المقام أن حارة الجحملية استمرت مجمعاً لعديد من قيادات الدولة الجمهورية بحكم سالف عهدها الحاكم واندماج أبنائها ورموزها مع أسر وعائلات من جبل صبر وإب وشرعب والعدين و..و...إلخ معظمهم هاجروا من قراهم وسكنوا الجحملية.
حراك وانفتاح
ومنذ منتصف السبعينيات إلى نهاية الثمانينيات لم تعد الجحملية مجرد حارة، بل أصبحت مدينة تعج بالمحلات التجارية والمطاعم وتناثرت المنازل على الشوارع الرئيسة والأزقة والمدرجات الزراعية المتدحرجة من ثعبات.. غدت أراضي يستأجرها الفقراء ومتوسطو الحال من ملاكها سالفي الذكر، ولعل ما أضفى على هذه الحارة طابع المدنية في تلك الفترة المزدهرة هو الملعب الرياضي المسمى إلى اليوم «ميدان أو ملعب الشهداء» المقابل لقصر الإمامة الذي تحول بعد الثورة إلى متحف لتاريخ الإمامة ويعتليه ما يسمى إلى اليوم ب«العرضي»، والعرضي هو اسم المبنى الذي أزيل وبني مكانه نادي الضباط الذي تحول مؤخراً إلى مشروع لسوق تجاري يجرى الآن إنشاؤه.. ويقول الحاج أحمد الشرعي إن ساحة العرضي كانت ميداناً للعرض العسكري للحرس الإمامي فسمي الحي من حوله ب«العرضي».
جامع العرضي
ويقابل ساحة العرضي أو حوش نادي الضباط أول وأكبر جامع.. ويؤكد الوالد الشرعي أن الإمام كلف الشهيد الثلايا قبل أن ينقلب عليه ببناء الجامع وتزويده بمواسير مياه من ثعبات لاتزال صامدة إلى اليوم، لكنها جافة من المياه بسبب إهمال وانفلات سلطة مكتب أوقاف تعز لمنع كل من أوقفوا وصول الماء إلى المساجد، وأجمل ما يميز جامع «العرضي» عن سواه براعة ودقة بناء أحجاره البرتقالية من الداخل للأعمدة والعقود المتواصلة الحاملة لسطح الجامع، وكذلك جميلة هي عقوده الجبسية المعتقة بالزجاج الملون الشفاف للضوء والمتناغمة أشعته مع تراتيل كبار السن من المتقاعدين وغيرهم الذين يؤمونه من مسافات بعيدة قد يختصر خطواتهم مسجد حديث لكنه يشبع وجدانهم الروحاني والتاريخي الذي ألفوه في جامع العرضي ذي الأبواب الخشبية الستة التي لاتزال مع أخشاب نوافذه مثار إعجاب نحو أولئك الصنّاع المهرة الذين أبدعوا زخارف وحشوات الأبواب بعناية وبوسائل يدوية متواضعة.
فرن الكدم
ولاتزال الجحملية غنية بالمعالم وإن ذهبت بعضها أدراج الرياح! إنه فرن الكدم بضم الكاف لمن لا يعرف الكدم، وهو المخبز الكبير الذي ابتكر خبزه المدور السميك الترك وبنوا له فرناً ضخماً أعلى ميدان العرضي كان إلى قبل ست سنوات يمد الجيش وأفراد الأمن بالحصص اليومية الكافية من الخبز «الكدم»، بل حتى مجاميع غفيرة من عامة الناس، لكن الفرن أزيل مؤخراً كما أزيلت الورشة العسكرية لتتحول الأرضية إلى هنجر كبير لمشروع استثماري لايزال تحت التجهيز!
انتهى الفرن غير أن علاقة الجحملية بالكدم لم تنتهِ مع إصرار أفراد من الخبازين الذين تخرجوا واحتفظوا بأسرار الخلطة السحرية لمجموع حبوب الكدم والمطعمة بالبقوليات كما يقال من خلال إنشاء أفران صغيرة للكدم داخل وخارج الحارة، أما الصرف الحكومي المجاني للمستفيدين من الفرن القديم فقد تحول إلى حصص من القمح تصرف للقلة المتبقية، أما أفراد الجيش والأمن الذين عشقوا كدم الجحملية استمرت حصصهم من فرن جديد للكدم يتبع المؤسسة الاقتصادية العسكرية بالحوبان.
حمام النعيم
وعلى مقربة من فرن الكدم تغوص تحت الشارع الأسفلتي غرف متفاوتة الحرارة والبخار لحمام تراثي جميل سمي ب«حمام النعيم»، وقد أمر الإمام أحمد أيضاً ببنائه ليعود ريعه لجامع العرضي، أما هو وباقي أسرته أي الإمام فقد كان له حمام آخر لاتزال بعض غرفه وقبابه صامدة إلى اليوم يقع في الجهة الغربية من قصر البشائر «المتحف الوطني حالياً»، وبدلاً من الحفاظ عليه وإعادة ترميمه يعتقد البعض أن «كلية الآداب» المجاورة له ربما ستلتهمه قريباً!!
سأعود إلى الحديث عن حمام النعيم.. إذاً فمازال مؤهلاً يستعذب بخاره مجاميع القادمين من أرجاء المدينة والريف للاستجمام والاستشفاء والتدليك والنظافة البدنية، خاصة كل يوم خميس للرجال والجمعة للنساء وهكذا تقسم أيام الأسبوع وفترتي اليوم على الرجال والنساء، لكن تذمر المستأجرين للحمام من الأوقاف لا ينقطع والإحباط لايفارقهم من شحة المياه وكلفة جلبها يومياً، والعجيب أن أحدهم قال لي ذات مرة إن أسفل الحمام من جهة الغرب بئر كان سبباً في بناء الحمام، لكنه جف مؤخراً أو أهمل.. من يدري!
بن مخسوه
منذ وعينا على هذه الحارة ونكهة بن مقهى «مخسوه» يفوح في الأرجاء، ربما هو حرص الرجل على اقتناء أجود أنواع البن اليمني وربما هو «نفسٌ» روحاني كما يقال ليس إلا، أو كلا الأمرين اجتمعا في مقهاية صغيرة لا تتسع كراسيها لأكثر من ستة أشخاص، لكن العشرات من مدمني بن «مخسوه» يتوزعون على الأرصفة المجاورة والمقابلة وفي سياراتهم وإلى منازلهم خاصة عند الفجر.
كما يعتلي المقهى مسجد صغير عمره حوالي نصف قرن، قيل بأن إحدى نساء العائلات الحاكمة أيام الإمام بنته هي ابنة عباس الوزير، فسمي إلى اليوم بمسجد عباس وكذلك شأن مسجد نصار في الحارة العلوية الذي بني بنفقة زوجة الإمام أحمد وأم الإمام البدر ابنة نصار.
حسناً فقد توسط مقهى مخسوه عفوياً ثلاثة مساجد «العرضي وعباس ونصار»، وأصبح عند الفجر وقبل المغيب قاسماً مشتركاً يستميل ويروي لوعة الفنجان الآسر بعد ارتواء لوعة الروح في صلوات المساجد الثلاثة العتيقة، إنه عبق المكان الجحملاوي يعزز الانتماء الوطيد، ونحن نقرفص على الصخور الصغيرة مقابل المقهى الأسطوري.
ومع ارتشاف فناجين البن وتصاعد سحب التبغ من حولنا يُفضي كل بهمومه وآماله وتتصاعد إلى السماء مناجاة العتالين «الحمّالين» المنتشرين هناك عند الغبش «يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم.. أصبحنا وأصبح الملك لله».. وكذلك هو شأن أفراد النادي الأهلي بتعز يستهلون تدريباتهم بفنجان مخسوه الباكر علهم يقرأون في قعر ثمالته صموداً وتحدياً للظروف التي طحنت ناديهم العريق ابن الجحملية الفتية ونظنهم صامدين في تقدمهم.. قولوا آمين!
الأكلات الشعبية
من يلج أعتاب الجحملية من أية جهة فثمة جديد وفريد ينكشف، ووحدها الجحملية غنية ومحتكرة له، فهناك وفي المقابل من مقهى «مخسوه» يربض دكان صغير من الصفيح يقدم شربة لذيذة يأكلها البعض مع خبز ال«كدم» لا يوجد لها نظير في أرجاء المدينة وحواريها بل وفي معظم المحافظات عدا صنعاء القديمة وسوق الربوع بذمار، هذه الشربة تسمى ب«البرعي» المصنوعة من البازيليا الملونة باللون الأسود لون أحجار ال«حطم» التي تطهى معه مع إضافة بهارات ونكهات سرية لاتزال حكراً لديهم.
وبالانتقال من مقهى مخسوه والبرعي اللذيذ ببضع خطوات نحو «جولة» الجحملية، خاصة في شهر رمضان تتجلى مظاهر المدنية المتقدمة والرفاهية المتجذرة حتى في المأكل الفريد وبالأخص أصناف الحلويات المعروضة للبيع على الرصيف الغربي لجولة الجحملية وهي حلويات «الكينعي» الرواني والشعوبية التي تصنع بمهارة فائقة ولخليطها أسرار لاتزال تحتكر صنعها وبيعها أسر لا تتجاوز أصابع اليد بدءاً ب«الكينعي» الذي ذاع صيته في أرجاء اليمن وكانت حلوياته تحمل هدايا إلى خارج الوطن، وانتهاءً بالبعداني والجُلب وبروق والكوكباني.
وفي رمضان وقبل الفطور خاصة يكاد الشارع ينفجر بزحام الصائمين المنكبين على شراء تلك الحلويات التي لا تصنع إلا في الجحملية إضافة إلى ما يشكله ازدحام زبائن حلوى أخرى تسمى ب«الطرمبا» في ذات جولة الجحملية، غير أن هذه الأخيرة ذاعت شهرتها تدريجياً لاستعداد واستمرار البيع على مدار العام والتوزيع إلى فرع آخر في حوض الأشراف، إضافة إلى ما يباع في أوعية متجولة فوق رؤوس طاقم من الباعة المتجولين في الأحياء وأمام بعض المطاعم وإن كانت حلويات الشعوبية والرواني تتشاطر أسرارها الجحملية وحواري صنعاء القديمة إلا أن تلك ال«طرمبا» لم تظهر إلا في تعز القديمة ومن ثم في جولة الجحملية ولم نجدها في باقي المدن اليمنية على حد علمنا، فكيف ابتكرها عبده حمود؟!
الصغير.. ملك الشعير
إن التميز في الوسط الاجتماعي والمهني والتجاري لا يتأتى بمحض الصدفة والأقدار..فوحدهم من أضفوا للجحملية هذه الخصوصية أدركوا ذلك ومن بينهم شخص في الخمسينيات من عمره يدعى «محمد الصغير فرحان»، منذ نعومة أظافري وأنا أرقبه في بوفيته قرب الجولة كالنحلة منضبطاً في برنامج عمله اليومي في البوفية تماماً كعقارب الساعة لا يخطئ مقادير عصائره اليومية وكميات عصير الشعير الذي أشهره في أرجاء المدنية، الابتسامة لا تفارق شفتيه وحول مائدة الغداء في دكانه الضيق تمتد أيادي العتالين والمتقاعدين وبعض الزبائن أيضاً الذين يتجمعون حول مائدة البركة تماماً كمائدة «الفقيه»، تاجر الأخشاب والحديد في أعلى الجولة الذي كان أول تاجر أخشاب وحديد في المحافظة، بل إن زبائنه إلى ما قبل «02» عاماً كانوا يأتون من إب والعدين ما يدل أن الجحملية شهدت في تلك الأيام حراكاً تجارياً ضخماً تراجع فيما بعد وتدحرج إلى الأسفل فغدا متجر الفقيه اليوم شبه خاوٍ فيما تحولت ونمت في مداخل المدينة ووسطها.
ضمار زائل
أما جحمليتنا الأسطورية فلم يبقَ فيها سوى بركة كسرات الخبز والكدم ولقيمات العصيد في مائدتي التاجر الفقيه ومحمد الصغير وسمعة الماضي المشاكس والنزق لشباب الجحملية، هؤلاء الذائبون بهموم لقمة العيش فلم تعد الفتونة ضمارهم.
الأريحية
من السمات المدنية والحضارية للأماكن والحواري هو الميول الاجتماعي الأريحي كما هو شأن أهالي شبام كوكبان وصنعاء القديمة ولحج.. ولما كانت الجحملية في عصرها الذهبي نهاية السبعينيات وفترة الثمانينيات تزخر بعوالم النخبة وعوامل الانفتاح الثقافي والفني خاصة مع انتشار الكاسيت والسينمائية والراديو والتلفاز، ولما كانت العملة متوفرة وفرص الكسب مربحة ومنصفة والوظائف على «قفى من يشيل» والتعليم قوياً أيضاً، بمعنى أن الانشغال المرهق والدؤوب وراء لقمة العيش لم يعد هماً والفقر لم يعد شبحاً يخيف الكثيرين، وفي مثل هكذا مجتمع تغدو الأريحية والوله مطلباً ملحاً خاصة لدى الشباب في المناسبات والأفراح.. حتى أن صديقي النجار محمد الجنداري شقيق المهندس الإذاعي عبدالكريم الجنداري لا يزال يحتفظ بجهازي سماع الاسطوانات الذي كان يسمى «صحن الطرب» «الجرامفون» وعشرات الاسطوانات الأصلية خاصة للفنان المرحوم علي السمة هذا الفنان الذي عشقه الجنداري وحدثني كثيراً عنه يوم استقر وسكن الجحملية مع الفنان المرحوم علي الآنسي وبالتحديد جوار حمام النعيم البخاري وكيف كان شباب الجحملية يحتفون بالسمة ويقلدونه وكيف تعلق الفنان السمة بالجحملية وتنقل بعوده وفرقته بين الحفلات وبعض الأعراس وكيف كان السمة لا يتردد في منح جل حصيلته في حفلة غنائية لعجوز معسرة الحال.كما أنجبت الجحملية في تلك الأثناء الفنانة نبات أحمد والكثير من الفنانين الشباب الذين انكفأوا خلف الأضواء الإعلامية أحدهم فتح أول استريو تسجيل كاستات في تعز وأيضاً في جولة الجحملية إنه الوالد عبدالله الشرعبي الذي لاتزال جدران ديوانه تعتق صوراً فوتوغرافية للحفلات والجلسات والصداقات التي جمعته بالفنانين السمة والآنسي..
سينما الجحملية
قد لايدرك البعض ذلك التأثير والتغيير الفاعل الذي أحدثته السينما على سلوك وثقافة ووعي شباب المدن اليمنية التي دخلتها دور السينما من بعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر وبالتحديد من 1967 1985، حيث كانت تصل إليها أحدث وآخر الأفلام العالمية والعربية قبل وصولها بكثير إلى دول الخليج العربي.. حول سينما تلك الفترة المزدهرة وعلاقتها بالجحملية يروي لنا أحد معاصري ومحبي تلك الفترة هو الوالد يحيى حمادي «55» عاماً قائلاً: كنا في تعز نسمع عن السينما في عدن وما أن جاء العام 1967م حتى جلب التاجر أحمد الغنامي جهاز عرض سينمائي وخصص منزله الكائن في المركزي بجوار السينما الحالية «بلقيس» وبعد أن لاحظ إقبالاً وازدحاماً شديداً على سطح منزله مبنى سينما بلقيس «الحالية» في شارع جمال «المركزي» أمضينا ثلاث سنوات إلى عام 1970م حيث بنى أحدهم سينما بلقيس أيضاً في الجحملية لكن بدون سطح وبمساحة حوالي «10*10» أمتار مربعة بعدها بثلاث سنوات بنى ذلك الرجل سينما ضخمة تتسع للمنشآت هي تلك التي تحولت قبل حوالي 10سنوات إلى قاعة أعراس.. ويضيف الوالد يحيى حمادي أن تلك الفترة شهدت انفتاحاً عجيباً في الجحملية، بحيث خصص الدور العلوي من مقاعد سينما بلقيس «الجحملية» للنساء غير أن كثيراً من الأسر المحافظة كانت ترى في ذلك عيباً.
تعلمنا من السينما
وحول تأثير السينما على الشباب الجحملاوي يقول الوالد يحيى حمادي: قبل السينما كنا ياولدي عميان عجمان مانستر نتحاكى أو نلبس.. علمتنا أفلام «عنيتر» والزير سالم والرسالة والتاريخ والشجاعة والفتونة والنزق، وعلمتنا أفلام رشدي أباظة وفريد شوقي الفتونة وكيف ندافع عن أنفسنا وكيف نلبس، وعلمتنا أفلام العندليب وفريد الأطرش كيف تغازل البنات وكيف نعبر عن الحب، حتى الغناء.. كنا ندخل الفيلم الهندي بعد العصر ونرجع نلف من الشباك وندخله فترة ليلية واليوم الثاني والثالث.. عشرين مرة.. نشتي نحفظه حفظ «نرطن» الغناء الهندي غيب بلا ما ندري معناه.. علمتنا السينما الكثير من النافع والمفسد.. كان أهالينا يصيحوا والخطباء في المساجد: ياغارتاه هذه السينما (عتضيع لنا الجهال «الأولاد») ودائماً كنا ندافع عن السينما نحن الشباب ونقول: هذا فن وهذا إلا تمثيل يسلينا ويوالهنا. .ومافهمته من الوالد يحيى حمادي أن حلاوة السينما وسحرها لم يكن بمعزل عن التأثير السلبي على مجتمع محافظ بعاداته وتقاليده ودينه.
الفتونة
إذا ما ورد اسم حارة الجحملية على مسامع شخص من الحواري المجاورة أو المدن الأخرى يتبادر إلى الأذهان مباشرة مواقف وحكاوي العصابات والفتوات والمشاكسين.. الحاج أحمد صالح هزاع الصبري يرى تفسيراً لعلاقة السمعة التي التصقت بالجحملية بأنها حارة «المشاكل والمضاربين» يقول: السينما بدأت في أسفل المدينة ببلقيس و32 يوليو في باب موسى وسينما سبأ في باب الكبير قبل الجحملية غير أن شريحة واسعة من شباب الجحملية في تلك الفترة هم أبناء عساكر وضباط وموظفين في معظم المرافق الحكومية بتعز في فترة السبعينيات والثمانينيات، أما شباب بقية الحواري من تعز فمعظمهم أبناء قضاة وتجار صغار وحرفيين وعمال ومزارعين تركوا قراهم، وهكذا شكل المناخ الأسري والاجتماعي في الجحملية تربة خصبة للإقدام والجرأة حتى تمادى بعض الشباب الجحملاوي في تلك الفترة في ذلك الإقدام إلى التحرش غير المبرر بالآخرين.. ويقول الحاج أحمد: بمجرد خروج أحد المشاكسين الجحملاويين من فيلم سينمائي فيه ضرب، حتى يدور له الطارف يبرز عضلاته عليه ويخرج الطاقة العدائية الكامنة التي ولدها الفيلم.. وإن كان كلام الحاج أحمد أو تفسيره بالأحرى مبالغاً فيه غير أن جانباً كبيراً من تفسيره يبدو معقولاً.
جحملية اليوم
فيما أغلقت سينما الجحملية قبل عشر سنوات تقريباً استمرت دور أخرى للعرض السينمائي، بلقيس في المركزي بشارع جمال والأخرى في باب موسى تسمى دار سينما «23» يوليو، ولعل مبرر ذلك الأفول السينمائي في الجحملية وتواصله في أسفل المدينة هو الفعل التجاري المنصب والمتكتل وسط المدينة والمتراجع والمتدهور في أعاليها «الجحملية»، إضافة إلى تزامن هذا كله مع انصراف الشباب بل والعامة إلى تلقي سينما مجانية في المنازل عبر القنوات الفضائية، أما الأخ محمد الجنداري الذي يعمل نجاراً في ورشة صغيرة في الدور الأرضي لسينما الجحملية فله إضافة يقول فيها: زمان كانت العيشة سهلة والشباب فارغين في الجحملية وراكنين على آبائهم مافيش عندهم حافز ودافع لاستثمار الفراغ في الكسب المادي لكن اليوم كل شيء تغير، الأولين حقنا ماتوا وتقاعدوا، وطارت مناصبهم ووجاهاتهم،وراحت الهنجمة وراح العِزّ، ومن فلح من شباب الجحملية في الدراسة توفق ومن لم يفلح ساق له متر وإلاّ قوت وإلا اشتغل في أي مهنة حرة الكثير لايزال عاطلاً يعجز عن إعالة نفسه أو أسرته أو التخطيط لمستقبله، خاصة من يستمر في الجحملية أما من يخرج منها فربما يفلح لأن الجحملية رقدت وتحولت الحركة في الأحياء الجديدة ومداخل المدينة وشوارعها الماضية في العمران والحركة التجارية والصناعية، فتلاحظ أن ذوي العقارات الضخمة الحديثة والمحلات التجارية في أسفل المدينة ووسطها التجاري هم ممن قدموا من الأرياف لا من سكان الحواري الشعبية القديمة كالجحملية على سبيل المثال.
إذاً فقد أقنعني صديقي النجار محمد الجنداري بأن حارتنا «الجحملية» لم تعد حياً بل مدينة تتسع لحوارٍ عدة وفيها ثلاثة مراكز انتخابية ضمن الدائرة «33» بمعنى أن سكانها قد يزيدون عن ربع مليون، الأمر الذي يعزز تنامي اتساع حارة أو حي الجحملية إلى ما يشبه مدينة صغيرة أو بالأحرى مديرية، غير أن التقسيم المحلي احتواها ضمن مديرية صالة إحدى الثلاث المديريات المشكلة لمدينة تعز.
وبمناسبة تسمية مديرية صالة بهذا الاسم يمكن التخمين بأن المعنيين أثناء التقسيم الإداري للمديرية قد أبوا تسميتها بصالة لأن المديرية ضمت مناطق أخرى أو دائرتين انتخابيتين، الدائرة 33 والدائرة 43.
جحملاوي وافتخر
قال لي أحد الأصدقاء من أبناء حارتنا «الجحملية» يتنقل بين الفينة والأخرى بين المحافظات بأن من يسأله: من أين أنت من مدينة تعز؟ لا يجيب عليه ب:أنا من الجحملية، بل من المركزي أو من شارع جمال أو من المجلية أو... كي يسلم ويتجنب حيطة وقلق السائل نحوه ولعل صديقي يتجاهل أو يجهل أن الفتونة والبلطجة قد انتقلت خارج أسوار الجحملية في السنوات العشرين الأخيرة لتكتسح أحياء عدة في تعز كحي المستشفى الجمهوري وحي مدرسة الثورة والنسيرية والمظفر ومعظم الأحياء القديمة.. كما هو شأن حواري معظم المدن اليمنية فهناك تشابه في الأحياء الشعبية في معظم المحافظات الأخرى، أما الأحياء الراقية في جميع المدن فقد تتلاشى فيها مظاهر الفتونة على نحو ما ذكرنا لكنها ربما تغلف وتظهر بعباءة أنيقة قد يكون سمها أفتك من الفتونة الشعبية المكشوفة التي يسهل احتواؤها.
الختام
وهكذا نخلص إلى أن حارة الجحملية تحملت أكثر من وزرها بكثير إن كان هناك وزر لذا سأحث صديقي بأن يفتخر بانتمائه إلى حارتنا فلا تستحق حارتنا النكران ياصديقي وهي التي عززت فينا روح الانتماء الأخاذ إليها يوم كانت يانعة فتية.. فحري بنا فهم دلالات وشفرات وطلاسم لغة الوجوه الطيبة وعبق الجدران العتيقة فلا ننسى أنها كانت مقراً وعاصمة لحكم اليمن بأسره في عهد الإمام ومصنعاً للتجديد والانفتاح والعصرنة الشعبية ، كما كانت مدرسة ومسكناً وملتقىً لكبار قيادات الدولة ورموزها وفنانيها ومثقفيها وفي مقدمتهم فخامة رئيس الجمهورية ابن حارتنا ودائرتنا الانتخابية الأخ علي عبدالله صالح ولاتزال هذه الحارة الأسطورية تنضح بالعقول النيرة كأخينا الصحفي الحر المشاكس فكري قاسم المحيا ابن حارتنا الملونة بأطياف الثقافات والفنون والألسن والعمارة من أرجاء الوطن اليمني الكبير يوم أن اختزلت الجحملية كل ذلك وتخمرت فيها عجينة كل الأطياف حتى أخذت الجحملية بعداً آخر وصارت حكاية شجن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.