كان الاتفاق على أن نقوم برحلة نتعرف فيها على معالم المدينة .. حددنا فيه المكان والزمان .. هذه المدينة الصحراوية المبنية من الذهب الأسود ,, الجو في الخارج يشوي الوجوه من شدة الحرارة والشمس لاتكاد أن ترى من شدة العاصفة التي هبت من الصحراء والتي هي جاثمة في صدر المدينة اوتتحرك من مكانها تغطيها ذرات من الرمال الصحراوية القادمة من شمال الصحراء ورياح شديدة تخنق الأنفس، السراب القادم على الطريق الإسفلتية تذيب عجلات السيارات . والأشجار تعجز عن صد تلك العاصفة . كل شيء يرى من الداخل. اتصل بي وقال: رحلتنا لن تتم ستؤجل إلى يوم آخر بسبب هذه العاصفة القادمة من الصحراء . أمامنا وقت آخر ..لانعلم هل سيظل الجو على هذه الصورة أم سيتغير ؟ نقترب من الساعة الثانية بعد الظهر والجو يتكهرب أكثر قلت في نفسي : الجلوس في المنزل ارحم . أغلقت النوافذ جميعاً , ورحت اخلع ملابسي استعداداً لتناول طعام الغداء فالرحلة أجلت .. والراحة في البيت ارحم من هذا الجو المليء بالصخب .. رياح شديدة مصحوبة بذرات رمال . الساعة تقترب من الثالثة والنصف . تحسن الجو قليلا .. هدأت الرياح وخرجت الشمس من مخبئها وزحفت الرياح شرقاً أطللت من النافذة كانت الأشجار هادئة لكن الغبار مازال عالقاً في سماء المدينة . رن جرس الهاتف السيار .. كان هو المتكلم . قال : لقد هدأ الجو قليلاً هل مازلت مستعداً للرحلة . قلت : نعم ؟. قال: ( زين ) سأكون لديك بعد عشر دقائق سنصلي العصر في اقرب مسجد يصادفنا استعددت للرحلة التي لا اعرف إلى أين ! أخذت آلة التصوير وقفزت مسرعاً إلى الخارج . بدأ الجو بالتحسن. بدأ الناس بالتنفس.. خرج الناس من منازلهم راكبين سياراتهم الفاخرة . بدأت السيارات تمرق في الشارع كما يمرق السهم من الرمية .. سيارتنا تخوض الطريق من الشرق إلى الغرب . الطريق الإسفلتية تمتد أمامنا كثعبان قادم من كثبان رملية تختفي أحياناً وتظهر أحياناً . قال : الدليل أمامنا . احد الإخوة . نؤدي صلاة العصر تم ننطلق . أوقفنا سيارتنا .. كان الجو قد بدأ يتحسن . وتحول الجو من رياح وعواصف رملية إلى سكون .. السحب بدأت تتجمع وزخات المطر تتساقط .. ذرات الرمال العالقة في الجو بدأت تهبط إلى الأرض واختفت الشمس خلف السحب الركامية . انه الربيع . خرجنا بعد أداء صلاة العصر وإذا بالمطر يتساقط بغزارة قال : سبحان المبدع .. تنفسنا الصعداء ورحنا نرشف من هذا الجو المليء بالطين المعجون برائحة الأرض المشتاقة إلى الماء . تقف سيارتنا فجأة . كان المطر يهطل بغزارة . فتح باب السيارة ويقفز شخص يسلم علينا. قال : هذا الدليل ( أبو سعود ) اماانا فمجرد سائق .. انطلقت السيارة تمسح بعجلاتها المطر الجاثم على الطريق الإسفلتي ومسّاحات السيارة تعمل على اجتثاث الماء من على الزجاج الأمامي للسيارة . قال الدليل : من أين البداية : قلنا معاً : أنت الدليل . قال : إلى الكويت القديمة , قال الدليل : نبدأ بالمعالم الأثرية ,ثم التاريخية . ثم المعالم العلمية هذه بوابة الكويت القديم . معالمها الأثرية باقية .. البوابة الثانية . ثم البوابة الثالثة ثم البوابة الرابعة . الدليل يشرح ونحن نستمع .عبارة مكتوبة في مدخل القصر الأميري ( إذا دامت لي ماعاشت لغيري ) هذه أبراج الكويت .. تعدينا المعالم الأثرية والتاريخية المطر مازال يهطل بغزارة والعاصفة التي لطخت المدينة ظلت تزحف إلى الأمام كأننا نتابعها أخيراً سقطت في بحر الخليج . وانزاحت تلك العاصفة الرملية من فوق المدينة . المطر يبلل عجلات السيارة ونحن نقترب من صرح علمي شامخ انه روعة في الجمال والعظمة البحر يمتد بعظمته يعانق زرقة السماء والسفينة التي أبحرت في يوم من الأيام من مياه الخليج منذ السنين البالية تقف شامخة في الجانب الغربي.. مازال المطر يهطل والمدينة قد تغير لونها لقد غسلها المطر . بدأت الشمس بالمغيب ونحن بين خيال وحقيقة . قال أبو أسماء : أنا محظوظ أول مرة ازور هذا المكان . طفنا بأرجاء المركز انه روعة في الجمال والعظمة.. بدأت آلة التصوير تعمل وبكل حرية . خرجنا نحمل صورة لهذا الصرح العلمي الهام . خرجنا نجر أذيالنا راسمين صورة مذهلة لما رأيناه . المطر ينهمر بغزارة، معلم أخر نتجه نحوه . البحر يمتد أمامنا بزرقته والساحل ممتد إلى مالا نهاية . العشاق يتبادلون أطراف الحديث مع حبات المطر.. وهمسات المساء تخرج دافئة من بين الأيدي المتشابكة وهواء بارد ينساق من شرفة البحر وأشجار النخيل تأخذ صمتها الأزلي تعطي للعشاق خلوتهم في هذا المساء الممطر . قال وهو يتخطى باب السيارة : لابد من زيارة معلم آخر . مكتبة البابطين .. الصرح الشامخ للكويت. مازال المطر يرافقنا بين الآونة والأخرى . هذه هي المكتبة المفتوحة بشكل كتاب مصممة بشكلها الذي يبهر العقول إنها للشعر العربي . زرنا المكتبة واطلعنا على معالمها طفنا وتعرفنا واستمعنا من المسئول الإداري عن المكتبة ونشأتها بدأ الليل يسدل رداءه . الجوع بدأ يدخدخ الأنفس هذا المسجد الكبير الذي يحتوي على صرح للمصلين وقاعات للمحاضرات لاتريد أن تخرج منه .. مكتبة ( قرطاس ) هي أيضاً رمز الفكر في هذا السوق المبارك.. إنها الكويتالمدينة الصاخبة . حططنا الرحال عند احد المطاعم . هذه الأسواق التي لاتهدأ في هذا المساء الجميل. قال أبو أسماء : لابد من تناول طعام العشاء بعد هذه الرحلة الممطرة . . أكلنا السمك من شط العرب واستمتعنا برحلة جميلة على رائحة المطر الممتد من رأس الخليج إلى الصحراء القاحلة .. كان دليلنا أبو سعود .. لم نحس فيها بالساعات الطوال . الساعة تقترب من الحادية عشرة مساء.. تركنا دليلنا عند نقطة البداية يتخطى بقية المسافة الى سيارته ,, ورحنا نبحر في سيارتنا إلى منطقة الجهراء لنخلد إلى الراحة .. ويوم جديد من رحلة .. ومساء ممطر ... الكويت ابريل 2007 م