تزدحم المساجد في رمضان، وتهفو النفوس إلى أداء الصلوات الخمس جماعة فيها، غير أن صلاتي الفجر والمغرب تمتلئ الجوامع بروادها من الصائمين الملازمين لهذين الفرضين على وجه خاص، كونهما تبتدآن اليوم الرمضاني للصوم وتختتمانه ويمكن القول إن صلاة الفجر يداوم عليها مايقارب السبعون في المائة وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالأشهر العادية، ويرجع السبب إلى السهر الذي اعتاد عليه المصلون، فما يحل موعد صلاة الفجر إلا والنعاس قد غشي أجفانهم، فيريدون من المؤذنين الإسراع في رفع الأذان وإقامة الصلاة، ويتبرمون من الأئمة الذين يختارون آيات من السور المطولة، ولايتورع بعضهم عن رفع صوته بالاحتجاج على الأئمة بصوت جهوري وكأنهم في الشارع أو في السوق راسمين صوراً لاتليق بالصائمين المحتسبين الأجر عندالله، ولهذا ينطبق على صلاتهم تلك وصف «صلاة الفجر». كما أن عقيرة بعض المحسوبين على رمضان ترتفع قبل خمس دقائق تزيد أو تنقص مطالبين برفع الأذان، لأن موائدهم مكتظة بالطعام، والجوع والعطش قد فرضوا كلمتهم على هؤلاء، إضافة إلى أن آخرين من ذات فصيلة «العجلين» يصرخون ويصايحون على الأئمة إن هم قرأوا سوراً من غير الجزء الأخير من القرآن الذي تمتاز سوره بأنها قصيرة.. ويجاهرون بوصف صلاة المغرب بأنها صلاة الجوع، وأن على الإمام أن يراعي ذلك.. وأمثال هؤلاء يزعمون أنهم صائمون رغم أن الصيام يعلم الصبر لكن هذه الفئة من المصلين الصائمين يريدون تفصيل الصلوات وضبطها على حسب مزاجهم وطباعهم التي لم تتهذب أو تستفد من مدرسة رمضان للصبر والانضباط والنظام من الصلوات «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً» وهؤلاء يريدون الصيام والصلاة بالتقسيط المريح!!