دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الأربعاء مشروع مجموعة أمريكية بإحراق مصاحف، معتبراً أن مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تحظى بدعم أية ديانة. كما دانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون خطط حرق القرآن, ووصفته بعمل غير محترم ويسبب العار. وقد دان الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس الأربعاء عزم كنيسة أمريكية معادية للإسلام إحراق مصاحف السبت لمناسبة ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر 2001، معتبراً ذلك منافياً لتعاليم الديانات السماوية. واستهجن سليمان - بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه - ما أعلنته مجموعة دينية في الولاياتالمتحدة عن نيتها إحراق نسخ من القرآن الكريم على الملأ، معتبراً ذلك منافياً بصورة صارخة لتعاليم الديانات السماوية السمحاء، ويتناقض كلياً مع منطق حوار الحضارات والأديان والثقافات. ودعا إلى التبصر ملياً في التعاليم المسيحية والمفاهيم الإنسانية التي تشدد على محبة الآخر واحترامه. وفي سوريا دان المسيحيون دعوة قس الكنيسة الأمريكية البروتستانتية إلى إحراق المصحف في كنيسته واعتبروها معادية للإسلام، معتبرين أن دعوته هذه تهدف إلى التفرقة بين المسلمين والمسيحيين، وترتبط بحملات صهيوينة، كما ذكر مصدر رسمي الأربعاء. ونقلت صحيفة تشرين الحكومية عن النائب البطريركي العام في دمشق للروم الملكيين الكاثوليك المطران جوزيف العبسي وصفه لهذا التصرف بالمخزي، معتبراً القس صاحب هذه الفكرة إنساناً ليس عاقلاً، وما يقوم به يعد عملاً شيطانياً، لأن أبسط قراءة للإنجيل ترفضه. وأشار المطران العبسي إلى أن تصرف القس تيري جونز يدل على عدم معرفته بالقرآن، موجهاً إليه دعوة لزيارة سوريا ليعرف حقيقة الإسلام. وأكد المطران أن هذه الجماعات التي تطلق دعوات كهذه، وهدفها الإيقاع بين الإسلام والمسيحية، لم تأت منفردة؛ بل يوجد رابط معها مع الحملات الأخرى التي تقودها الصهيونية. بدوره اعتبر الوكيل البطريركي لبطركية الروم الأرثوذكس المطران غطاس هزيم أن جونز لا يمثل المسيحية وإنما شخصه، معتبراً أن الذين يريدون استفزاز الناس هم أعداء المسيحية أولاً والإسلام ثانياً. وتابع: ما من مستفيد في هذه المنطقة تحديداً إلا إسرائيل التي تريدنا على خصام وتقاتل، داعياً القس إلى اختبار الروحانية الشرقية المتأثرة فيها كل الديانات الشرقية بما فيها الإسلام. من جهته اعتبر مدير الديوان البطريركي للسريان الأرثوذكس المطران جان قواق أن ليس كل شخص تحدث أية كلمة يمثل المسيحية، فالمسيحية لها مرجعيات ومجالس. وناشد قواق كل مسلم في سوريا ألا يحكم على المسيحيين من تصرفات أناس غير مسؤولين، والذي أخشاه أنهم مدفوعون من الصهيونية العالمية. بدوره اعتبر المسؤول في الطائفة المارونية في دمشق الأب طوني دورة هي دعوة لإثارة الفتن، ملبية بذلك رغبة من ابتدعوا هذه الجماعات وهي الصهيوينة العالمية لتشويه صورة المسيحية في عيون المسلمين، ودفع ذوي الحمية والبساطة من إخوتنا المسلمين وإقحامهم في ردود أفعال تشوه صورة الإسلام في نظر العالم. وعبر نائب رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان القس صموئيل حنا عن سخط واستنكار الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط للفكر الذي يطلقه هذا القس، معتبراً أنه عمل لا يمت إلى المجتمعات المتمدنة ولا حتى البدائية. ووصف تصريحات جونز بأنها غير إنسانية وغير أخلاقية، معتبراً هذا العمل يثير النعرات الطائفية والدينية في المجتمعات الإنسانية. كما دان رئيس طائفة الأرمن في سوريا ورئيس المجلس العالمي للأرمن البروتستانت القس هارونيون سليميان هذا العمل اللامسؤول، معتبراً أن مخطط جونز عمل أخرق يعبر عن حقد أعمى. ووجه راعي كنيسة دمشق للروم الكاثوليك الأب إلياس زحلاوي رسالة إلى القس جونز يسأله فيها عن أهداف الدعوة التي أطلقها، مخاطباً إياه : تعال إلى دمشق لأجعلك تعيش خبرة ما كانت تخطر لا ببالك ولا ببال جميع كنائس الغرب وأساقفته وكهنته وقساوسته. من جهته أعلن المجلس البابوي للحوار بين الأديان التابع للفاتيكان في بيان أن مشروع القس الأمريكي “تيري جونز” لإحراق المصحف سيشكل إهانة خطرة إزاء كتاب مقدس بنظر أتباعه. وقال المجلس البابوي إنه تلقى بقلق كبير خبر مشروع يوم إحراق القرآن في 11 سبتمبر. وأضاف: لا يمكن معالجة أعمال عنيفة تدعو إلى الأسف على غرار اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، بمشروع مماثل لمجموعة مسيحية متطرفة في فلوريدا. وشدد المجلس على أن كل ديانة مع كتبها المقدسة وأماكن عبادتها ورموزها، لها الحق في الاحترام والحماية. وتابع: إن هذا الاحترام ينبع من كرامة الأشخاص المنتمين إلى هذه الديانة وخيارهم الحر على الصعيد الديني. واعتبر المجلس البابوي أن جميع المسؤولين الدينيين وجميع المؤمنين مدعوون إلى تجديد إدانتهم الشديدة لأي من أشكال العنف وخصوصاً ذلك الذي يرتكب باسم الدين. وكانت صحيفة “أوسرفاتوري رومانو” الناطقة باسم الفاتيكان نقلت الأربعاء عن أسقف لاهور ورئيس المجمع الأسقفي الباكستاني لورانس جون سالدانها قوله: نندد بشدة بهذه النية وهذه الحملة التي تتعارض مع الاحترام الواجب لكل الديانات وتتعارض مع عقيدتنا وإيماننا. وفي ألمانيا قوبلت خطط حرق القرآن في ولاية فلوريدا الأمريكية، بانتقادات شديدة من قبل مسئولين مسيحيين ويهود. ووصفت الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا خطة حرق القرآن في الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر بأنها استفزاز لا يمكن تحمله، وأكدت أنها تنأى بنفسها عن هذا التصرف المستفز. وقال القس مارتين شنايدهوته أمس الأربعاء في هانوفر: إن حرق القرآن لا يتفق مع قيم المسيحية، ولا يساهم بأية طريقة في حل المشكلات وخلق الثقة. مشيراً إلى أن القيام بمثل هذا العمل في وقت يتزامن مع احتفالات المسلمين في العالم بعيد الفطر لن يساعد في حدوث التفاهم بل سيعطي بيئة خصبة للمتطرفين. وأكد شنايدهوته ضرورة احترام الكتب المقدسة لأصحاب الديانات الأخرى ولاسيما في دولة مثل الولاياتالمتحدة التي يستند تاريخها على حرية المعتقدات الدينية. من جهته أعرب المجلس الأعلى لليهود في ألمانيا عن صدمته من خطط حرق القرآن في الولاياتالمتحدة. وقالت رئيسة المجلس تشارلوته كنوبلوخ أمس في ميونيخ: هذا التصور مفزع ويمثل خرقاً واضحاً. ذكرت في الوقت نفسه بعملية حرق الكتب التي نفذها النازي عام 1933 . واستشهدت كنوبلوخ بكلمة للشاعر الألماني هاينريش هاينة تقول فيها: أينما تحرق الكتب، يُحرق البشر في النهاية أيضاً. وشددت كنوبلوخ على أهمية عدم السماح بسيطرة سياسة الكراهية وجعلها تنجح في النهاية معربة عن أملها أن تكون الغلبة في النهاية للعقل ولروح الحرية. وفي ذات السياق قالت متحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون الأربعاء: إن الاتحاد يدين الدعوة التي أطلقتها كنيسة أمريكية معادية للإسلام في فلوريدا لإحراق مئات المصاحف السبت. وصرحت المتحدثة للصحافيين أن الممثلة العليا (أشتون) تحترم كافة المعتقدات الدينية، وهذا العمل غير صائب، في إشارة إلى إعلان قس أمريكي خطته حرق مئات المصاحف في ذكرى هجمات 11 سبتمبر 2001. وعززت السلطات الأمريكية إجراءات الأمن في مدينة جينزفيل بولاية فلوريدا، وهي المدينة التي تشهد خطة مثيرة للجدل من جانب قس مغمور ينوي حرق نسخ من المصاحف، وذلك يوم السبت الذي يوافق الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من (سبتمبر) على الولاياتالمتحدة عام 2001.