في مواسم الأعياد يشن التجار حروباً شعواء على جمهور المستهلك مستفيدين من رقابة هشة للجهات المختصة. يرفع التاجر في الغالب شعار (التجارة شطارة) لكن شطارتهم تتجاوز حدود (العبقرية) قبيل أعياد الفطر والأضحى ويتفننون بجلد المواطن بأسعار مجنونة. «الجمهورية» قامت باستطلاع ميداني في بعض الأسواق وخرجت بالحصيلة التالية: خلال تجوالي بالأسواق التقيت أولاً بأم حمادة وهي تشتري ملابس العيد من أحد الباعة في شوارع المدينة – أم حمادة ربة بيت وأم لأربع بنات وولدين وهي أرملة تعيش على راتب زوجها المتوفى. قالت: نحن لا نستطيع أن نتحمل غلاء الأسعار، الراتب لا يكفي سعر المواد الغذائية في ارتفاع ومتطلبات المعيشة تزداد. للأسف لا توجد رقابة على التجار فهم يتلاعبون بالأسعار مستغلين حاجيات العيد وشراء الناس للملابس، وأنا واحدة منهم اضطر أن أشتري لأدخل الفرحة في نفوس أطفالي. لكن أم حمادة كما أخبرتنا تتجنب الشراء من المحلات الفخمة الراقية لأن أسعارها مرتفعة جداً جداً، فعادة ما تشتري ملابس أطفالها من الأسواق الشعبية والتي وصفت أسعارها بأنها رمزية نوعاً ما حتى وان كانت البضاعة ليست بالمستوى الجيد لكنها سُنة للبس الجديد. أم فهد – موظفة تعول عشرة أطفال.. رغم أنها موظفة بالإضافة إلى زوجها إلا أنها تشكو ارتفاع الأسعار تحديداً أيام المناسبات تقول أم فهد: الحال مستور لكن القدرة الشرائية لنا لا تتناسب مع الارتفاع الجنوني للأسعار، نحن الموظفين نشتكي من ذلك فكيف بمن ليس لديهم دخل كيف ومن أين سيعيشون؟!. من المؤسف أن الأمر لا يتوقف عند ذلك فقط بل عند المقارنة بين العام الفائت وهذا العام سنرى أن بعض السلع قد زادت الضعف. تضيف أم فهد: جاءت هذه السنة صعبة من حيث الصرفية بما يتعلق بمتطلبات رمضان أولاً ثم المدارس، تلاه عيد الفطر والأضحى. وتشير أم فهد إلى أن الراتب القادم ستقضي به ديونها التي عليها. وتختم حديثها: أصبحت المواسم نقطة استغلال لكن أين الرقابة؟!. أبو أحمد يقول: ترتفع الأسعار بشكل جنوني، وفي موسم الأعياد يفضل أن يشتري الناس حاجياتهم قبل العيد بشهر أو شهرين؛ لأن التجار يستغلون الأعياد. يضيف أبو أحمد: القدرة الشرائية لنا ليست قوية حتى نستطيع أن نقضي كل احتياجاتنا، عدد أسرتي 7 وأنا المعيل الوحيد والأسعار ترتفع عاماً بعد عام بمقدار الضعف، البنطلون الذي كان بألفي ريال ارتفع إلى أربعة آلاف وكذا بقية الأشياء، الأسعار ترتفع والراتب لا يعرف التقدم. أما ياسين – موظف – أب لخمسة أبناء وواحد من ضحايا ارتفاع الأسعار، أبدى رفضه وعدم قبوله بالوضع وقال: لست ضد القدر، لكن أنا ضد هذا الفساد الذي أهلكنا؛ أن يكتب الله عليّ أن أعيش فقيراً، أنا أرحب بذلك؛ لكني أعترض على أولئك الذين نهشونا دون أي رادع، نحن غير قادرين على هذا الوضع، فنحن موظفون بسطاء لا نقدر على غلاء الأسعار واستغلال التجار والأيادي الكبيرة لاسيما أيام الأعياد، والأسوأ أن كل عام يأتي تكون فيه الزيادة بشكل أكبر إلى أين سنصل، كيف سنعيش إن كنا غير قادرين الآن؟!. لا يخفينا ياسين أنه سيشتري فقط ملابس العيد لطفليه الصغيرين، أما البقية فلا ،معللاً ذلك أن أضحية العيد لا تقل عن خمسة عشر ألف ريال، والراتب لا يكفي، ومن أين لي لأن أشتري للبقية؟!. ذهبنا إلى تجار المحلات لنعكس لهم شكاوى المواطن؛ لكنهم لم يكونوا مختلفين عنهم، فكما قال محمد، وهو تاجر: نحن تجار صغار، لكن التجار الكبار هم الذين يتلاعبون بالأسعار، بالإضافة إلى ذلك ارتفاع سعر الدولار، نحن أصبحنا لا نشتري إلا بالدولار، ومن الطبيعي أن لا نبيع إلا بسعر الدولار، وبهذا نضمن ربحنا. لكن محمد بدا مستاءً من الضعف في عملية الإقبال الشرائي، فكما وصفها لنا أنها تقل عاماً بعد عام. واصلت التجوال بين أصحاب المحلات، كان الأغلب يرفض التحدث، ومنهم من كان يتهرب بحجة أن مالك المحل ليس متواجداً، ولا يستطيع التحدث خوفاً على موقعه في العمل، بينما البعض أنكر أن الأسعار مرتفعة. ومنهم من أجاب؛ لكن شريطة عدم ذكر اسمه واسم محله، حيث قال: “التجارة شطارة” الناس مضطرة للشراء أيام الأعياد، لذلك هي فرحتنا التي ننتظرها طوال السنة؛ لكن من الطبيعي أن تكون البضاعة الجيدة بسعر مرتفع بينما القيمة ستكون بسعر منخفض، ولكل زبون بضاعته “زبائننا عادة هم من الطبقة الوسطى” ويشير إلى أن الغلاء عالمي، ونحن عندما نستورد البضاعة من الخارج يكلفنا الكثير من حيث الشحن وغيره، لذلك لنا الحق أن نرفع سعر البضاعة لتحقيق الربح، وإن كان الربح يتم بشكل بطيء جداً بسبب ضعف عملية الشراء. أما البائع فهمي حسين فقد أنكر أن هناك ارتفاعاً في أسعار بضاعته، حيث أخبرنا أن الأسعار ثابتة في محله لكنه أشار إلى أن هناك بعض التجار الذين يرفعون الأسعار وذلك في محاولة للكسب مرتين، كما قال: إن البضاعة عندما يستوردونها من الصين إلى اليمن تكلفهم الكثير؛ لكنهم يحاولون أن يستغلوا الفرص بالزيادة وبعض الأحيان بزيادة في سلع تباع بمبالغ مرتفعة وهي في الأصل بضاعة تستحق أن تباع بمبالغ زهيدة!. ختاماً مازال الناس يجابهون حربهم مع غلاء الأسعار واستغلال التجار.. إلى أين سيصل المواطن وما هو القادم!؟.